“المتفائل”.. كتاب جديد لباحث يهودي عن حياة توفيق زياد

حجم الخط
0

الناصرة- “القدس العربي”: صدر حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” كتاب “المتفائل.. سيرة حياة توفيق زياد الاجتماعية”، للباحث اليهودي المقيم في برلين تَمير سوريك، ترجمه عن الإنكليزية المربي الدكتور باسيليوس بواردي، وقدّم له الباحث أنطوان شلحت.

يقدّم الكتاب، الواقع في 280 صفحة، أول سيرة اجتماعية حول حياة الشاعر والمناضل والقائد الفلسطيني توفيق زيّاد (1929-1994)، منذ نشأته في فلسطين في ظل الانتداب البريطاني، وصولًا إلى نضاله داخل صفوف “الحزب الشيوعي الإسرائيلي” بعد نكبة 1948، وبداية صعوده كشاعر ثوري في ستينيات القرن العشرين، ضمن جيل شعراء شارك في تشكيل هوية الفلسطينيين الوطنية، والتعبير السياسي عنهم.

وجاء عنوان الكتاب “المتفائل” مناسباً لسيرة توفيق زياد، وهو يحيل ضمنياً لأهم روايات رفيق دربه في الحزب الشيوعي الأديب الراحل إميل حبيبي: “المتشائل”. ويشير سوريك إلى أن الخيوط التي استعملها في حياكة سردية حياة توفيق زيّاد مستمدة من مصادر عدة، فهو يقدّم طفولته من شظايا ذكريات زوّده بها زيّاد نفسه، من خلال مقابلات عديدة، تبدأ في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وكذلك من ذكريات أصدقاء طفولة ومعارف. كما حاول أن يضع هذه القصص في سياقاتها التاريخية والاجتماعية والسياسية وخلفياتها الأوسع. أما بالنسبة إلى الفترات المتأخرة، فهو يعتمد بصورة كبيرة على مقابلات وأحاديث مع أفراد العائلة، والأصدقاء، والمعارف، وكذلك مع شركاء ومنافسين سياسيين.

وقال مركز “مدار” في بيانه: “ولئن كانت الكتب التي تعالج شعر زيّاد تبدأ عادةً بعرض مختصر عن سيرته الشخصية والسياسية، لكنها تُعدّ ثانوية بالنسبة لشعره، وغير قائمة على أبحاث أولية، فإنه بحكم كون سوريك عالم اجتماع أقدم على عكس الترتيب؛ تعامل مع الشعر أولًا وقبل أي شيء كوثيقة من سيرته الذاتية، واعتبره نافذة على تجربة زيّاد الذاتية لأحداث شخصية وسياسية، كذلك اعتبره أداة استعملها زيّاد كقائد سياسي”.

ومما جاء في تقديم الكتاب يقول الباحث أنطوان شلحت إنه، وفي ما يخصّ نتاج زيّاد الشعري، “أرى من الواجب أن نعيد إلى الأذهان أنه كان من جيل الشعراء الذين جسّدوا بواكير حركة الثقافة الوطنيّة الفلسطينية في أراضي 1948 بعد النكبة، وكانوا بمنزلة وعاء حافظ للهويّة الوطنيّة، في وجهتين محدّدتين بالأساس، فرضتهما عوامل موضوعيّة: أوّلًا، في وجهة التمرّد على النسيان؛ ثانيًا، في وجهة شحن الذاكرة الجماعيّة لفلسطينيّي أراضي 48 بحقول خصبة من الدلالات التاريخيّة والثقافيّة المرتبطة بالنكبة وآثارها، والمرتبطة، أيضًا، بالهويّة الوطنيّة للفلسطينيّين”.

 وحسب شلحت “كان الشعر، من ناحية تاريخيّة، السبّاق في النتاج الأدبيّ، ولعلّ أحد عوامل ذلك، وإن كان ليس أكثرها أهمّيّة، كون الشعر يستطيع أن ينتشر من دون أن يُطبع. كما يشير إلى انتشار الشعر الشعبيّ إلى جانب الفصيح، الذي كان بمثابة المتنفّس، ومن خلاله عبّر الباقون عن أشواقهم ومعاناتهم”.

ويضيف شلحت في مقدمته: “في سبيل هذا كلّه، حرص هذا الجيل على توكيد استمراريّة الثقافة الفلسطينيّة في أراضي 48، من خلال منحيين متّصلين مبنًى ومعنًى: الأوّل، منحى إبراز الإنتاج الأدبيّ والفكريّ لأعلام الثقافة الفلسطينيّة قبيل نكبة 1948. والثاني، منحى التوكيد، في معرض ما يمكن اعتباره “تنظيرًا مبكرًا” لخلفيّات النتاج الأدبيّ الفلسطينيّ داخل “الدولة اليهوديّة”، على كون هذا النتاج بعد نكبة 1948 استمراراً طبيعيّاً للإنتاج الأدبيّ الذي شهدته فلسطين قبلها”. ويؤكد أن توفيق زيّاد كان من أوائل من أجمل ذلك بقوله في ستينيات القرن العشرين الفائت: “إنّ شعرنا الثوري هو امتداد لشعر السلف الثوري، لأن معركتنا هي امتداد لمعركتهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية