المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه مستعيداً تجربة توقيفه في مطار أمريكي: قلت للمحققين إن تل أبيب ترتكب إبادة جماعية

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: نشر المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه مقالاً في صحيفة “الغارديان” قال فيه إن مسؤولي الحدود والهجرة في أمريكا أوقفوه في المطار وحقّقوا معه لمدة ساعتين عن الحرب في غزة، لماذا؟

وأردف قائلاً: “أنا مؤرخ إسرائيلي يعيش في بريطانيا، وأُعرف بكتبي عن تاريخ فلسطين والشرق الأوسط، والتي تتحدى النسخة الرسمية الإسرائيلية للتاريخ. وتلقيت هذا الشهر دعوة من “الندوة”، المنظمة العربية- الأمريكية الجديدة لكي أشارك في أفكاري حول الوضع في غزة. كما تحدثت أمام مجموعة “أصوات يهودية من أجل السلام” في ميتشغان، وذهبت للحديث مع الطلاب في مخيم الاعتصام بجامعة ميتشغان، آن أربر”. و”بعد رحلة ثماني ساعات من مطار هيثرو، أوقفني في مطار ديترويت عميلا أمن من وزارة الأمن الداخلي. وتقدّمَ مني رجلان وأظهرا إشاراتهما الرسمية، وطلبا مني مرافقتهما إلى غرفة جانبية”.

بابيه: لماذا تريد دول ليبرالية وديمقراطية في الظاهر تصنيف وتقييد أكاديميين يحاولون المشاركة في رؤيتهم المستنيرة والمهنية حول إسرائيل وغزة؟

ويقول بابيه إن محاولاته الأولى لطلب توضيح حول سبب إيقافه تم تجاهلها، وكان من الواضح أن رجلي الأمن هما من طرحا الأسئلة، وكان عليه أن يجيب، ولم يتلق حتى اليوم أيّ توضيح عن سبب إيقافه تحديداً.

ويقول بابيه إن الجولة الأولى من التحقيقات كانت تدور حول مواقفه من “حماس”، ثم طلب العميلان معرفة موقفه وإن كان ما تفعله إسرائيل في غزة هو إبادة جماعية، وما هو رأيه بشعار “فلسطين يجب أن تكون حرة من النهر إلى البحر”، و “قلت نعم، أعتقد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية. وبالنسبة للشعار، قلت إنني أعتقد بحق الشعوب بالحرية في أي مكان بالعالم”.

ثم حقق معه العميلان حول من يعرف في المجتمعين العربي والمسلم الأمريكيين. وطلبا منه أرقام هواتف، وأخذوا هاتفه لمدة طويلة، وطلبا منه الانتظار حتى يقوما بإجراء اتصالات هاتفية قبل أن يسمحا له بالذهاب.

ويقول بابيه: “النقطة من المشاركة في هذه التجربة، ليس الحصول على تعاطف، ولا حتى تضامن، فهناك محن أسوأ في الحياة. لكن الحادث لا يزال يثير قلقي، وهو جزء من ظاهرة أكبر وأخطر.

 لماذا تريد دول ليبرالية وديمقراطية في الظاهر تصنيف وتقييد أكاديميين يحاولون المشاركة في رؤيتهم المستنيرة والمهنية حول إسرائيل وغزة مع الرأي العام في شمال أمريكا وأوروبا؟”.

وقال إن مثالاً عن هذا التصنيف هو رفض كل من ألمانيا وفرنسا السماح للطبيب غسان أبو ستة، عميد جامعة غلاسكو، مشاركته في مناسبات مشابهة كتلك التي شارك الكاتب فيها بالولايات المتحدة. فإلى جانب منصبه الأكاديمي، مارَسَ أبو ستة مهنته كطبيب في غزة، ولديه شهادة مباشرة حول ما يجري هناك على الأرض.

وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن منع أبو ستة نابعٌ من محاولة ألمانيا “منعه من مشاركة تجربته في علاج المرضى بغزة، ويهدد تعهد ألمانيا في حماية وتسهيل حرية التعبير والتجمع  وعدم التمييز”.

وبالنسبة لبابيه، فقد كتب أكثر من 20 كتاباً حول إسرائيل وفلسطين، وقال: “رغبتُ بتقديم سياق تاريخي وبحثي للوضع الحالي. وهناك الكثير من الباحثين المعروفين والمتمرّسين القادرين على تقديم تحليل معمّق ليس موجوداً عادة في الإعلام الرئيسي، وممن تأثروا بالتهديد أو احتمال حظر السفر” عليهم.

وأكد بابيه أن هذا موضوع خطير للحرية الأكاديمية وحرية التعبير. ومن المفارقة أنه، في سياقات أخرى، من المحتمل أن يواجه الأكاديميون حواجز على حرية التعبير في عالم الجنوب، وليس عالم الشمال. إلا أن الوضع ينعكس عندما يتعلق بموضوع فلسطين.

 ومع العلم بهذا، فمن المنطقي ألا تجرؤ إلا دولة من عالم الجنوب، مثل جنوب أفريقيا على الطلب من “محكمة العدل الدولية” إصدار أمر قضائي ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

بابيه: من المحتمل أن يواجه الأكاديميون حواجز على حرية التعبير في عالم الجنوب، وليس عالم الشمال. إلا أن الوضع ينعكس عندما يتعلق بموضوع فلسطين

ويعلق بابيه أن حظر السفر ضد الأكاديمين لا علاقة له بالمعرفة. فمن النادر ما استشارت الحكومة الأمريكية أو البريطانية خبيراً، ليس إسرائيلياً أو مؤيداً لإسرائيل لتقديم رؤية عن طبيعة الصراع في إسرائيل/فلسطين وسياسات إسرائيل الوحشية خلال الـ 75 عاماً الماضية.

وقال بابيه إن رئيس الوزراء البريطاني التقى اتحاد الطلبة اليهود منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولكنه رفض مقابلة الطلاب الفلسطينيين، ومنهم عددٌ كبير فقدوا عائلاتهم في غزة. وتستخدم تعريفات لمعاداة السامية، كتلك التي حددها التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست، كسلاح لإسكات أي مظهر للتضامن مع فلسطين. و”ربما تعلم ريشي سوناك أن شعار “فلسطين يجب أن تكون حرة من النهر إلى البحر” ليس أحمق أو متطرفاً، كما اقترح في فترة سابقة لو كان مستعداً للتعلم والاستماع”.

وتساءل الكاتب: “لماذا نتحدث عن هذا؟ فقد أنهيت قبل فترة كتاباً عنونته باسم “اللوبي من أجل الصهيونية على جانبي الأطلنطي”. وفي هذه العملية تعلمت أن البحث التاريخي المعمق، والذي انتهى، يا للحسرة، بكتاب طويل نوعاً ما، قادر على شرح الرد البافلوفي [الرد السلوكي] للساسة الأمريكيين والأوروبيين على محاولات الناس ممارسة حريتهم في التعبير عن النضال الفلسطيني”.

ويقول بابيه إن طول تجربة جماعات الضغط في الولايات المتحدة وبريطانيا يحول دون إجراء أي نقاش حرّ حول إسرائيل وفلسطين، وحتى في المجال الأكاديمي. ونظراً لمسؤولية بريطانيا عن كارثة الفلسطينيين وتواطئها الحالي في الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، فإن القمع الحالي لحرية التعبير يحول دون تحقق حل عادل في إسرائيل وفلسطين، ويضع بريطانيا على الجانب الخطأ من التاريخ. وقال: “آمل أن تغيّر أمريكا وبريطانيا مسارهما وتثبتان خطأ توقعاتي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية