الغارديان: انقلاب بكين الدبلوماسي في الخليج لن يوقف ويلات لبنان ولا الحرب في اليمن

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن- “القدس العربي”:

وصفت صحيفة الغارديان البريطانية، الانقلابَ الدبلوماسي الصيني في الخليج، بأنه “أول مثال دبلوماسي كبير عن مرحلة ما بعد أمريكا في  الشرق الأوسط”، في إشارة للصفقة بين إيران والسعودية بوساطة صينية، والتي تفضي لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وهو أمر أدهش المعلقين، ووصفوه بمثابة انقلاب للصين التي توسطت في الصفقة.

وتعلق “الغارديان” في افتتاحيتها، أن العلاقة المتقلبة بين السعودية وإيران كانت من أعظم خطوط الصدع الجيوسياسية منذ الثورة الإيرانية عام 1979.

ولعبت عوامل عدة دورا في التنافس بين البلدين، منها مظاهر القلق الأمني، ومزاعم كل منهما بقيادة المنطقة، والأمور المتعلقة بالتنافس الإثني- الطائفي.

وكانت تداعيات هذه الخصومة عميقة، فقد أسهمت التوترات بدعم طهران الكامل لنظام بشار الأسد، وغذّت الحرب في اليمن، وأسهمت في تفكك الدولة اللبنانية.

وقطع البلدان علاقاتهما عام 2016، عندما هاجم محتجون غاضبون البعثة الدبلوماسية السعودية في إيران احتجاجا على إعدام السعودية رجل ديني شيعيا.

وفي الوقت الذي ترحب فيه الصحيفة بالاتفاق، إلا أنها تقول إنه مجرد بداية. وعلى افتراض أن الصفقة طُبقت، فهناك شهران للتوافق وتحديد التفاصيل. ولن يقود احتواء التوترات السعودية- الإيرانية إلى تقارب عميق، علاوة على إنهاء ويلات لبنان، ولن تنهي الحرب متعددة الوجوه في اليمن.

فالمحادثات بين إيران والسعودية تجري منذ عام 2021. وفي عام 2019، تعرضت المنشآت النفطية الكبرى في السعودية لهجوم أدى لوقف نصف إنتاج المملكة من النفط، وزاد مخاوفها الأمنية.

وتقول الصحيفة إن الكلفة الضخمة والضرر الذي أصاب سمعة السعودية بسبب التدخل في اليمن، دعما للحكومة المعترف بها شرعيا، دفع الرياض للتوقف. فتحقيق رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد محمد بن سلمان لن يتم بدون استثمارات أجنبية. ووسط مخاوف من أن المملكة لا يمكنها التعويل على دعم الولايات المتحدة المنشغلة في أوكرانيا، وباتت ميالة للتركيز على منطقة إندو- باسيفيك، فقد كانت الصفقة الأخيرة تذكيرا لإدارة بايدن أن الرياض لديها أصدقاء آخرون.

وبالنسبة لإيران، فالمنافع واضحة. فهي خطوة أولى للخروج من العزلة الاقتصادية والسياسية. وحمّلت طهران الإعلام الممول من السعودية مسؤولية تشجيع الاحتجاجات الشعبية المعادية للحكومة، وتريد وقف تلك الحملات. وفي الوقت نفسه، وضعت الصين نفسها كبديل عن النظام الذابل الذي تقوده الولايات المتحدة، وقدمت نفسها بمظهر عرّاب السلام، بشكل حرف عنها النقد الذي وُجّه إليها بسبب موقفها الداعم للحرب الروسية في أوكرانيا.

وتقول الصحيفة إن إيران وعُمان هما من وضعتا الأسسس للتقارب، وما قامت به الصين هو جمع الأطراف معا، بدلا من الضغط على الطرفين للتصالح. وبكين هي من استطاعت في النهاية إقناع طهران والرياض لتوقيع الاتفاق، وذلك بسبب شراكتها مع إيران وعلاقاتها التجارية مع السعودية، فهي من أكبر شركائها التجاريين. وبالمقارنة، فعلاقة الولايات المتحدة مع إيران في أدنى مستوياتها منذ قرار دونالد ترامب الخروج من الاتفاق النووي عام 2018.

حتى هذا الوقت، ظلت الصين تتعامل مع الشرق الأوسط من خلال البعد التجاري والاقتصادي، ولكنها باتت تفكر الآن بشكل واسع حول استقرارالمنطقة. ويقال إنها تخطط لعقد قمة بين ملوك الخليج وإيران. وكلما دخلت في المعمعة، فستكتشف أن من الصعوبة الحفاظ على موقف محايد.

وحاول جو بايدن تقديم عرض عندما سلّم بيده على محمد بن سلمان بعدما هدد بتحميل السعودية مسؤولية مقتل جمال خاشقجي. في المقابل، أكدت الصين على أهمية عدم تسييس الحالة وتدويلها. والسؤال هو عن المستفيد من هذه الصفقة، أمر علينا انتظاره، ولكن الديكتاتوريين عادة ما يستفيدون من هذا أكثر من الناس العاديين الذين عانوا من نتائج الخصومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    للأسف الشديد حقيقة مرة مرة ???

إشترك في قائمتنا البريدية