العراق ينتقد الصمت الدولي أمام إبادة الفلسطينيين: إنهاء الحرب في غزة كفيل بوقف اضطرابات المنطقة

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: انتقد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الأربعاء، صمّت المجتمع الدولي أمام عملية الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، معتبراً أن انتهاء الحرب الدائرة في غزّة من شأنه إنهاء الاضطرابات في المنطقة، وفيما أكد عمل حكومته على إبعاد العراق عن ساحة الصراع، نفى انطلاق صواريخ وطائرات مسيرة من الأراضي العراقية للمشاركة في الضربة الإيرانية الأخيرة التي استهدفت إسرائيل ليلة السبت/ الأحد الماضية.
ونشر مكتبه تصريحات الأخير خلال مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأمريكية.

وقف التصعيد

وقال رئيس الحكومة العراقية أن «زيارتي لواشنطن تأتي في وقت حساس ومهمّ لعلاقاتنا الثنائية ولما يحصل في المنطقة» لافتاً إلى اتفاقه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن على أهمية «وقف التصعيد وعدم الانخراط في المزيد من أعمال الرّد المتبادلة، لأنها تؤثر على أمن وسلامة شعوب المنطقة».
وأكد أن «العراق، منذ بداية أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول، كان من أوائل المحذرين من خطورة استمرار هذا الصراع وتداعياته الخطيرة» موضحاً أن «الملاحة الدولية في البحر الأحمر تتمّ إعاقتها، وما يحصل في لبنان وسوريا والتصعيد، مؤخراً، هو من تداعيات هذا الصراع».
ورأى أن «المنطقة لا تتحمل هذه الأحداث، وعلى الجميع، الضغط لوقف هذا التصعيد» مستدركاً بالقول: «لن نتهاون في إنفاذ القانون والحفاظ على الأمن والاستقرار في العراق، واتخذنا إجراءات فورية وعملية في هذا الأمر».
وأشار إلى العمل على «إبعاد العراق عن ساحة الصراع، مع الاحتفاظ بموقفنا المبدئي تجاه ما يحصل من عدوان على غزّة والأراضي الفلسطينية؛ لأن هذا هو جذر المشكلة» منوهاً أن «لا يمكن اختزال المنطقة بردود الأفعال، بل أنّ هناك عملية إبادة يتعرّض لها الفلسطينيون أمام مرأى ومسمع العالم والمجتمع الدولي، الذي فشل هو ومنظوماته وقوانينه في الحفاظ على المدنيين الأبرياء».
وعدّ السوداني «سقوط الضحايا من النساء والأطفال أمر غير مقبول، وهو أصل المشكلة، لأنه بمجرد وقوف هذه الحرب ستشهد المنطقة انفراجة واستقراراً» معتبراً أن «التباين في المواقف بيننا وبين الولايات المتحدة، فيما يخص أحداث المنطقة ليس قليلاً في وصف الأحداث، لكننا متفقون على أن هناك قانوناً دولياً ومبادئ عامة وقانوناً إنسانياً وقوانين حرب ومبدأ حماية البعثات الدبلوماسية».
ودعا إلى «تنفيذ هذه القيم والمبادئ التي ينادي بها المجتمع الدولي». وسئل: «أين قرارات مجلس الأمن الدولي وتوصيات المؤتمرات الدولية تجاه القضية الفلسطينية؟ منذ مؤتمرات أوسلو ومدريد وشرم الشيخ، وكذلك قرار مجلس الأمن الأخير» مستدركاً بالقول: «لا أعتقد أن الرئيس بايدن يختلف معي في هذه المبادئ، ولا أي دولة تنادي بنظام دولي يحترم الإنسانية».

خرق واضح للقانون الدولي

وأوضح أن «الاعتداء الذي حصل على بعثة إيران في دمشق خرق واضح وينافي القانون الدولي وهو الذي دفع إيران للرّد، رغم أننا بذلنا جهداً لاحتواء هذا الموقف» مشدداً بقوله: «نحن أمام مشكلة حقيقية لما يحصل في غزّة، وهو الذي يؤثر على استقرار المنطقة والعالم، والتغاضي عن جذر هذه المشكلة يعني المزيد من التداعيات واتساع ساحة الصراع في منطقة حساسة للعالم».
وزاد: «لم تصل إلينا تقارير أو مؤشرات على إطلاق صواريخ أو طائرات مسيّرة من العراق أثناء الهجوم الإيراني، وموقفنا واضح من عدم السماح بزجّ العراق في ساحة الصراع ونحن ملتزمون بهذا الأمر» مشيراً إلى أنه «لا يمكن زجّ إيران في كل قضية تتعلق بالوضع العراقي، ومسألة إنهاء التحالف مطلب عراقي، وهو جزء من البرنامج الحكومي الذي صوّت عليه مجلس النواب، وهي حقائق يجب عدم التغاضي عنها».
وتحدّث عن «النقاش حول مهمة التحالف بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة منذ آب / أغسطس 2023، والعراق اليوم مختلف عما كان عليه قبل عشر سنوات حين تشكّل التحالف» مؤكداً أن «داعش لا يمثل اليوم تهديداً لأمن الدولة العراقية، ومن الطبيعي أن تبادر الحكومة لتنظيم موضوع التحالف الدولي».
وذكر أن «أجهزتنا الأمنية وصلت إلى أعلى المستويات من الكفاءة والجاهزية والسيطرة والمحافظة على الأمن والاستقرار في العراق» معلناً عن المبادرة لـ«إجراء الحوار مع الولايات المتحدة، وهو ما تحقق عبر إقرار اللجنة العسكرية العليا التي تجتمع بشكل متواصل لتقديم المقترحات حول الجدول الزمني لإنهاء مهمة التحالف الدولي».
وبيّن أن «الانتقال إلى علاقات ثنائية مع دول التحالف رغبةً وانطلاقاً من مصالح العراق الوطنية وليس من رغبات دول أو مواقف معينة» كاشفاً عن «تفاهمات ولجان للتعاون الأمني المشترك بين العراق والولايات المتحدة، تعقد اجتماعاتها بشكل مستمر وتؤسس علاقة مستدامة وشراكة ثنائية أمنية وفق ما نصّ عليه الدستور واتفاقية الإطار الإستراتيجي».
وفي السياق أيضاً، كشف المتحدث باسم الحكومة، باسم العوادي عن توقيع العراق على صفقة في قطاع التسليح لشراء 41 طائرة.
وقال لشبكة «سي إن بي سي» أمس، إنه «ستكون هناك خطة مرنة لتسديد ثمن قسم من هذه الطائرات والبعض الآخر منها هو هدية قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية» لافتاً إلى إنه «سيتم تسلّم الطائرات خلال أشهر قليلة كما سيتم فتح خط انتاج خاص للعراق».

نفى انطلاق صواريخ وطائرات مسيرة من أراضيه للمشاركة في الضربة الإيرانية ضد إسرائيل

واستقبل، السوداني، فجر أمس الأربعاء، رئيس التجمع الديمقراطي في مجلس النواب الأمريكي سيث مولتن.
وجرى «بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وتوجه الحكومة العراقية نحو الانتقال بالعلاقة مع الولايات المتحدة إلى مستوى يتجاوز الجوانب الأمنية والعسكرية إلى مجالات أرحب في القطاعات الاقتصادية والنفطية والثقافية، وفي مجالات التعليم والاستثمار، وذلك وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي» وفق بيان لمكتب السوداني. كما شهد اللقاء «الإشادة بإجراءات الحكومة ونهجها في مجال الإصلاح وتدعيم الاقتصاد، وكذلك خطواتها في تعزيز جهود الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة».
وتناول أيضا «الأحداث في غزّة» وأكد السوداني على «ضرورة إيقاف الحرب وحماية المدنيين العزّل لاسيما الأطفال والنساء، بما يسهم في استقرار المنطقة وأمنها».
ويرى السوداني، انتفاء الحاجة لوجود قوات التحالف الدولي في بلاده، وإن القوات العراقية كفيلة بحفظ أمن البلاد.
وقد شدد خلال استقباله في مقرّ إقامته في العاصمة الأمريكية واشنطن، مساء الثلاثاء (بتوقيت بغداد) وعلى مأدبة غداء عمل، عدداً من أعضاء مجلس النواب الأمريكي عن الحزبين؛ الجمهوري والديمقراطي، وبحضور عدد من أعضاء مجلس النواب العراقي ضمن الوفد المرافق له، على أهمية «الانتقال بالعلاقة بين العراق والولايات المتحدة إلى مستوى العلاقات الثنائية الشاملة في مختلف مجالات التبادل والتنمية» مبيناً أن «الأسباب التي بُني عليها التحالف الدولي لمحاربة داعش قبل عشر سنوات لم تعد موجودة، وأن قدرات القوات الأمنية العراقية تطوّرت وصولاً إلى دحر تهديد داعش الإرهابية».
وأوضح، حسب بيان أورده مكتبه الإعلامي فجر الأربعاء، أن «العراق ملتزم بمخرجات الحوار الجاري داخل اللجنة العسكرية العليا بين البلدين، مع الاستمرار بالشراكة مع المجتمع الدولي لمواجهة الإرهاب» مؤكدا أن «الشعب العراقي من أكثر شعوب العالم التي واجهت، بشجاعة، شرور الإرهاب وعصاباته».
وأشار إلى شكل العلاقة المستدامة التي يسعى لها العراق مع الولايات المتحدة، أنها «تعتمد على حجم التقارب والفهم المشترك بين الشعبين العراقي والأمريكي، بما يتجاوز حدود الحكومات والإدارات، وعلى ضوء ما يمتلك العراق من وضع فريد في المنطقة عبر التنوّع في المكونات والأطياف، والنظام الدستوري الديمقراطي الذي يشتمل التداول السلمي للسلطة، بما يعزز وحدة البلاد واحترام كل الحريات».
وبين أن «من عوامل القوة للعراق، هو الارتباط بعلاقات ومشتركات تاريخية واجتماعية مع دول الجوار، ومنها إيران، وفي الوقت نفسه، امتلاك علاقة استراتيجية مهمة مع الولايات المتحدة، فضلاً عن امتلاك الموارد والموقع المهم الذي يمكّن من تأسيس موقع اقتصادي حيوي بالنسبة لمصالح شعوب المنطقة، وفرص التنمية والمشاريع الإستراتيجية التي تعزز الأمن والاستقرار والازدهار».
ورحّب أعضاء مجلس النواب الأمريكي، حسب البيان، بزيارة السوداني، مؤكدين «التطلع إلى بناء شراكة بناءة ومستدامة تعزز الصداقة بين الشعبين العراقي والأمريكي» مجددين دعمهم «كلَّ ما يرسخ التنمية في العراق واستقرار المنطقة وجهود السلام».
وتكتسب زيارة السوداني لواشنطن بأهمية كبيرة لدى الأوساط السياسية في العراق، إذ أكد النائب علي نعمة البنداوي، في «تدوينة» له، إن «العراق قادر اليوم على لعب دور مهم في المنطقة، نظرا لما يمتلكه من مؤهلات وقدرات في مد جسور التعاون والتواصل مع الدول الاقليمية سيما بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية لتخفيف حدة التوترات في المنطقة، ومن خلال استثمار وجود السوداني في واشنطن وتفعيل مثل هكذا مبادرات دولية تعيد العراق مكانته الخارجية بين الدول».

ظروف حساسة

فيما أشار النائب مرتضى الساعدي في «تدوينة» أخرى إلى متابعته «باهتمام مجريات زيارة السوداني إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتي تأتي في ظروف حساسة وقاهرة تشهدها المنطقة» معربا عن دعمه لـ«جهود السوداني في الانفتاح على دول العالم بما يحفظ سيادة العراق ويحقق مصالح شعبه و وحدة أراضيه».
وعبر عن أمله أن «تحقق تلك الزيارة غايتها في تفعيل بعض القضايا المشتركة ومن ضمنها اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين والتوصل إلى جدول زمني لإنهاء مهمة التحالف الدولي وخروج القوات الأمريكية من العراق وفق مدة زمنية تحدد من قبل الطرفين ولا تكون طويلة الأمد» معربا عن تأييده «لرئيس الوزراء على هذه الخطوات المهمة للعراق من خلال العلاقات الدولية المتكافئة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية