العراق: البطريرك لويس روفائيل ساكو يدعو لدعم حكومة السوداني وتأمين حقوق الأقليات

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: أنهى زعيم الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم البطريرك لويس روفائيل ساكو، عزلته في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق، عائداً إلى مقرّه في العاصمة الاتحادية بغداد، بناءً على دعوة وجّهها له رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الذي أكد حرص حكومته على ترسيخ مبدأ التعايش والتآخي بين أطياف المجتمع العراقي، وتعهد بمتابعته كلّ القضايا التي تتعلق بالمكوّن المسيحي وباقي مكونات.
وقالت الكنيسة في بيان، إنه «بدعوة شخصية من رئيس مجلس وزراء العراق محمد شياع السوداني، وصل (مساء الأربعاء) غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو برفقة المطران توماس ميرم الى بغداد».
وحسب البيان فإن حازم وطن ممثل رئيس الوزراء كان في استقبال ساكو في مطار بغداد الدولي وقاعة الشرف، ليتوجه بعدها إلى مقره في الصرح البطريركي بالمنصور، على وقع ترانيم صلاة الكنيسة الكلدانية».
وفي وقتٍ لاحق أمس الخميس ، استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، زعيم الكلدان في العراق والعالم غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو والوفد المرافق له.
وجرى خلال اللقاء حسب بيان حكومي «بحث الأوضاع العامة في العراق، وأجواء الاستقرار السائدة في عموم البلد التي ساعدت الحكومة على المضي في تنفيذ أولويات برنامجها وتطبيق رؤيتها المستقبلية في عراق قوي ومزدهر».
وعبّر السوداني عن ترحيبه بعودة البطريرك إلى بغداد وأهمية وجوده ودوره، مؤكداً «حرص الحكومة على ترسيخ مبدأ التعايش والتآخي بين أطياف المجتمع العراقي للوصول إلى غاية المواطنة، التي تعد مفتاحاً للتقدم والازدهار وتحسين الواقع الاجتماعي لعموم العراقيين، وقد أكدت ذلك في منهاجها الوزاري».
كما أشار إلى «الدور التاريخي للمكوّن المسيحي العراقي، ومساهمته في بناء الدولة وتعزيز أركانها» مؤكداً أنّ «البلد قوي ومتميز بأطيافه المتنوعة التي تعيش في رحاب خيمة العراق الأكبر» منوّهاً بـ»متابعته كلّ القضايا التي تتعلق بالمكوّن المسيحي وباقي مكونات العراق».
من جانبه، هنأ البطريرك رئيس مجلس الوزراء بمناسبة عيد الفطر المبارك، وأكد أهمية «بذل المزيد من الجهود من أجل تمكين الحكومة من القيام بواجباتها تجاه أبنائها العراقيين، والارتقاء بواقعهم وتلبية كامل احتياجاتهم ومتطلباتهم، فضلاً عن متابعة قضايا الأقليات وتأمين حقوقهم».
وفي المواقف أيضا، رحب رئيس «تيار الحكمة الوطني» عمار الحكيم، بعودة البطريرك مار لويس ساكو إلى بغداد.
وقال الحكيم، في بيان «سررنا كثيرا بعودة غبطة البطريرك مار لويس ساكو إلى بغداد، ونأمل أن يتم تسوية جميع الخلافات العالقة، مؤكدين اعتزازنا الكبير بغبطته وجميع أهلنا المسيحيّين الذين يكملون باقة التنوع العراقي الناصعة».
وفي منتصف تموز/ يوليو 2023، قرر بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، ترك العاصمة الاتحادية بغداد ونقل سلطاته إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، احتجاجاً على سحب رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، المرسوم الجمهوري منه.
وفي وقت سابق من نيسان/ أبريل الجاري، انتقد البطريرك محاولات إكراه المسيحيين على اعتناق الدين الإسلامي في العراق وبعض الدول العربية، معتبراً ذلك أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت ما وصفهم «أصحاب الأرض الأصليين» الى الهجرة.
وذكر في بيان حينها، إنه «يتطلع كل مواطن الى ان يعيش حقوقه المدنية والدينية كاملة، كما تطالب به شرعةُ حقوق الانسان، اي حرية الضمير والتفكير والمعتقد. لذلك يتعين على الدولة ان تضمن حقوق وواجبات جميع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم، وان تتعامل معهم على قدم المساواة. هذا الأمر معمول به في معظم دول العالم والتي تحاسب المواطن على واجباته الوطنية، وليس على دينه عملاً بالقاعدة الذهبية (الدين لله والوطن للجميع)».
وأشار إلى أنه «في العراق وبعض الدول الاسلامية يعاني أشخاص مسيحيون إشكالية إكراههم على اعتناق الاسلام من قِبل المتطرفين كعناصر القاعدة أو داعش، ويتم تسجيلهم في دوائر الاحوال الشخصية مسلمين، ولا يحق لهم العودة الى دينهم المسيحي بسبب ما يسمى بقانون (الرِدّة) كما يشكو المسيحيون من أسلمة القاصرين في حالة اعتناق أحدِ الوالدين الاسلام».
ورأى إنه «نتيجة هذا التمييز والظلم وغياب العدل وعدم توفر النوايا للحل، توجّه المسيحيون، أصحاب الأرض الأصليين الى الهجرة، لانهم و دون منظومة العدالة والقضاء وأمن الدولة، لا يطمئنون على حياتهم وحريتهم ومعتقدهم».
وتساءل: «هل تكفي الشهادة اللفظية ليصير المرء مسلماً؟ أليس هذا التفسير تفسيراً خاطئاً؟ الدين في جوهره هو علاقة بين الله وعباده، وغايته الهِداية، وليس الفرض، كما ان الإيمان قناعة شخصية ومعرفة واختيار واع وليس إكراها تحت التهديد. أليس هذا نوع من استعباد الحرية الشخصية؟».
وأضاف: «الاحظ ان المسلم الذي يتحول الى ملحد لا يُحاسب، بينما إذا انتقل الى دين سماوي أخر يحاسَب بأشد العقوبات. كما يحق للمسلم الزواج بمسيحية، في حين لا يحق للمسيحي الزواج من مسلمة، والمسيحي يحترم بقاءها على دينها. اين العدالة؟» لافتاً إلى أنه «في هذا الإطار، اتوجَّه الى القضاء العراقي، وهو عنوان العدالة، بطلب النظر في عدة حالات وايجاد حل ملائم ومناسب لعودة هؤلاء الاشخاص الذين اجبروا على الاسلام تحت التهديد، الى دينهم المسيحي، وكذلك ترك القاصرين على دينهم الى حين بلوغهم سن النضج، حينها يتاح لهم اختيار الدين الذي يشاؤون. وينبغي إصلاح القوانين القديمة الموروثة التي تتعارض مع الواقع المعاش المتغير عن القرون الوسطى!».
وحسب ساكو فأن «يكون الاسلام دين الدولة الرسمي، لا يعني انه يُلغي التعددية. هناك بعض الدول لا يزال دينها الرسمي المسيحية، لكنها تحترم حرية الأشخاص في اختيار الدين وممارسة شعائره بحرية. اسلامية الدولة او مسيحيتها لا يعني ان يكون جميع مواطنيها مسلمين او مسيحيين بالقوة، بل ان تحافظ على حق المواطنين وحريتهم في إعلان دينهم. هذه الحرية لا بد ان تأتي عاجلاً ام آجلاً كما حصل في البلدان الاوروبية بعد الثورة الفرنسية حيث كانت المسيحية دين الدولة وتفرض بالقوة. لنتذكر صرامة محاكم التفتيش؟».
ورأى إن «الدولة كيان معنوي لا دين لها، إنما الدين للأفراد يختارونه عن معرفة ووعي وحرية. على الدولة ان تُعلِّم الناس احترام الآخر والقانون والمال العام، ومحبة الوطن» معتبراً إن «الغلو الديني الايديولوجي مشكلة كبيرة لأنه يُقصي الآخر، لذا ثمة حاجة لبناء رأي ديني منفتح ومستنير كما تفعل الكنيسة لأن العالم تغير وكذلك الثقافة وعقلية الناس. وأسأل ماذا قدم الاسلام السياسي للإسلام وللمسلمين؟».
ودعا في ختام بيانه إلى أن «ترفع خانة الدين من كافة وثائق الاحوال الشخصية كما هو معمول به في بعض الدول الاسلامية العربية».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية