الصبر مع الحب

حجم الخط
0

أويها.. وارفعي راسك يا مرفوعة الراس أويها… لا فيك عيب ولا ما قالت الناس أويها.. روحي لنزار وقوليلو أويها.. إحنا بنات حماس ذهب والناس لبّاسه أويها.. وشواربك خط القلم أويها.. و طولك طول العلم أويها.. وكأنك شريف مكة أويها.. تتفتل حولين الحرم لولوليششششششششششششش.هكذا رقصت قلوبنا وزغردت شفاهنا لأحلام ونزار عند خبر الإعلان عن تحريرهما، كنا فرحين للأسرى مرة ولهما مائة مرة، ومع فرحتنا كان هناك كسر لعروسين آخرين، كنا نود أن نشهد تمام فرحتهما أيضا القائد حسن سلامة والأسيرة المحررة غفران الزامل’نشتري لها قطعة ذهب، الذهب غال، ولكنها أغلى من الذهب، نشتري لها ملابس عروس، ابتسمنا، أحلام عروس! هي أجمل عروس وأحلى عروس، إن كان هناك امرأة تستحق لقب العروس وجمال العروس ودلال العروس فهي أحلام، إنها عروس فلسطين، إنها عروسنا، أختنا، ابنتنا، وأهلها؟ كلنا أهلها، سنزغرد ونغني ونرقص ونقيم الدنيا، عرسها يجب أن يكون سبعة أيام بليالها’ هذا كان حديثنا ونحن نترقب خروج أحلام ونزار وعلى وجه صديقاتي بسمة جميلة دافئة صادقة، المتزوجات منهن رأينا في أحلام بناتهن أو أخواتهن، وغير المتزوجات رأينا فيها حلما مشرقا ونموذجا يحتذى كنا جوعى للفرحة وأيتام في ميدان السعادة فجاءت صفقة الوفاء للأحرار ولم ترفع الرأس فقط بل وأسعدت القلب وجعلتنا نجهز للأفراح أخذنا نتخيل أول مكالمة لهما بعد التحرير، يتكلمان يصمتان؟ ماذا يقول نزار لأحلام؟ أوليس بعض الصمت كلام كما قال الشاعر: فإذا وقفت أمام حسنك صامتا فالصمت في حرم الجمال جمال كلماتنا في الحب تقتل حبنا إن الحروف تموت حين تقال كيف يا ترى يحب المجاهد؟ مثل بقية البشر أم أسمى؟ كيف ينفتح الأسير على الدنيا وعلى الجمال وعلى الحب؟ تخيلنا السيناريوهات وكلها كانت رقيقة بديعة عاطفية، فالجهاد قمة التضحية وقمة الحب، ومن يحب وطنا ويحب أمة وشعبا ستجد المرأة في قلبه وسيجد في قلبها فسحة بحجم الدنيا وما فيهاأياما معدودة وسيستطيع نزار بإذن الله أن يخرج من فلسطين لإتمام العرس، لن تكون هناك مشكلة، هي مواطنة أردنية وسيسهل لها بلدها ،بلد المكرمات والناصر الأول لفلسطين، خروج زوجها ليلتم شملهما وتنتهي قصة المعاناة وتبدأ قصة جديدة لذات البطلين ولكن كأسرة، يدا بيد، وقلب على قلب، وأحلام مع نزار هكذا كنا نظن ونتوقع ونترقب فنحن لم نخبر حقيقة على كثرة ما رأينا وعلمنا خسة وبطش وغلظة العدو الصهيوني الذي لا يعرف شرفا في الخصومة ، ولا حدا في الكراهية ، ولا أخلاقا في الحرب، العدو الذي لا ينسى ولا يقفل الدفاتر حتى وان عاقب وانتقم ظلما بل يظل يذكي في نفسه وذاكرته جذوة الحقد الى أجل غير مسمى!! العدو لم يكتف بما سرقه من سني عمر أحلام ونزار بل ظن أنه يستطيع أن يتحكم كذلك بالقدر ويأخذ مكان الرب في تدبير الأمور على هواه، فلعب لعبته القذرة بإبعاد أحلام عن فلسطين وإبقاء نزار فيها وعدم السماح له بالسفر أو المغادرة، بل بلغه ضباط الشاباك صراحة أن الشمس والحرية التي خرجا إليها لن تجمعهما سويا!! أرادوا أن يقتلوا الفرحة وينغصوا النصر عليهما وعلينا، ولم يتعلموا من الدرس الأول عندما حكموا على أحلام بالآف السنين مع عدم إمكانية الإفراج، فجاء الفرج بقدر الله الجبار رغما عن أنوف الاسرائيليين فرضخوا مكرهين صاغرين لكل ثقافة وحضارة نصيبها من قصص الحب وإن لم يجدها الناس حقيقة اصطنعوها أدبا، ففي الأوديسة ظلت بنيلوبي تنتظر زوجها اوديسيوس سنوات طوال طوال حتى أشيع أنه مات وبدأ الشيب يتسرب الى شعرها وتقدم لها الخطاب لسمعتها وجمالها ومكانتها وشدد المقربون عليها بالزواج فلبست حزام العفة وظلت تنسج وتعد الخطاب بالقبول بعد فراغها من النسيج ثم تنكث الغزل ليلا دون أن يراها أحد حتى كشفوها ولما أرادوا أن يزوجوها قصرا هددت بقتل نفسها وظلت تنتظر حتى رجع زوجها بعد معاناة وفقدان للأمل! ونحن العرب لنا نصيب وافر من حكايات العشق والحب، ولكنه عشق مجنح، عشق المجانين، من أحب ولم يكتمل له الحب، حب أنتج شعرا ولم ينتج حياة واقعية للبشر غير أن قصة أحلام ونزار تصلح أن تكون لنا جميعا: للمتزوجين السعداء، للعزاب المقبلين، لمكسوري القلب والخاطر، للمنتظرين والمنتظرات، لمن فقد حبيبا، لمن غاب حبيبه، لكل فرح بحبه يسأل الله أن يتم عليه، ولكل من ينتظر العفاف وقرة العين في الدنيا لا يحق لنا أن نحملكما فوق طاقتكما فيكفيكما ما احتملتماه داخل السجن، ولكنكما أصبحتما رمزا وقصة، قصة سأرويها لابنتي فاطمة بدل قصة الغبية سندريلا وبياض الثلج، هذه القصص التي لا تشبهنا ولا نشبهها، سأروي لها قصة أحلام ونزار وسنرويها معكما للأمة بأكملها وسنرى بأعيننا ان شاء الله اكتمال القصة وأنتم تعيشون في ثبات ونبات بين الصبيان والبنات على أرض فلسطين المحررة في قريب عاجل نرجوكم أن تصبروا مع الحب كما صبرتم أنفسكم مع الله في السجن فحياتكما تستحق بإذن الله نهاية سعيدة، اصبروا من أجلنا جميعا حتى يكون لنا تاريخ في الحب كما لنا تاريخ في الحرب أما نحن أهلكم وأسرتكم الكبيرة الممتدة بامتداد الأمة والوجع الفلسطيني فسندعو لكما كما أوصت أحلام في كل كلمة لها منذ خروجها فقالت: كثفوا الدعاء للأسرى، كثفوا الدعاء لفلسطين والقدس، كثفوا الدعاء بالنصر ومع هذا كله سنكثف الدعاء لكما كلما آوى زوجين الى كنف المودة والرحمة ستكونا في البال كلما دمعت عين زوجة تنتظر زوجها المسافر في بلاد الغربة ستكونا في البالكلما دعت فتاة بزوج صالح ستكونا في البال كلما حلم شاب بإنمام نصف دينه ستكونا في البال كلما قامت أمتدعو لأولادها في ثلث الليل الأخير بصلاح الحال ستكونا في البال و من قبل هذا ندعو الله أن تكونا في كنفه ورعايته وهو سبحانه وصى حبيبه صلى الله عليه وسلم فقال: ‘واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا’ فاصبرا إن النصر والسعادة مع الصبر.د. ديمة طارق طهبوب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية