السودان: نقابة الصحافيين تؤكد دمار 90٪ من البنية التحتية للمؤسسات الإعلامية وفقدان ألف إعلامي لوظائفهم

حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: رصدت نقابة الصحافيين السودانيين تعرض أكثر من 200 صحافية للتهجير بسبب تداعيات الحرب المندلعة في البلاد منذ أكثر من عام، في وقت ما تزال 20 صحافية أخرى عالقة في مناطق العمليات العسكرية في أوضاع إنسانية صعبة.
وأشارت سكرتيرة الحريات في نقابة الصحافيين إيمان فضل السيد إلى تدمير الحرب 90٪ من البنية التحتية للمؤسسات الإعلامية في البلاد، وفقدان نحو ألف صحافي وصحافية لوظائفهم.
وقالت خلال مخاطبتها منتدى الصحافيات السودانيات بالمهجر إن الصحافيين يعيشون أوضاعاً هي الأسوأ على الإطلاق طيلة مسيرة الصحافة في السودان.

الإعلام في دائرة الاستهداف

ومنذ الوهلة الأولى للحرب، تحولت المؤسسات الإعلامية والصحافيون الى أهداف مشروعة لطرفي الصراع، مما أدى إلى تدمير البنى التحتية للمؤسسات الإعلامية في البلاد.
وأشارت إلى تداعيات ذلك وآثاره على تراجع التغطيات الملتزمة بقواعد وأخلاقيات المهنة لصالح الاعلام الحربي والأخبار المضللة الى جانب احتكار طرفي الصراع للمعلومات وبث معلومات مفبركة خاضعة للآلة الإعلامية للحرب، إلى جانب تفشي الخطابات الضارة التي تنخر في جسد المجتمع.
ولفتت إلى ان الصحافيات بشكل خاص يعانين من تبعات الحرب وتداعياتها بشكل أكثر قتامة، مشيرة إلى مقتل الصحافية «حليمة إدريس» دهسا بسيارة عسكرية، فيما أودت قذيفة بحياة الصحافية «سماهر عبد الشافع» داخل مخيم الإيواء.
وبينت أن الصحافيات يواجهن تحديات الانتهاكات الناتجة عن العنف القائم على النوع الاجتماعي كونهن نساء وأيضاً الانتهاكات التي تستهدف الصحافيين بسبب عملهم الأمر الذي أدى إلى فقدان نحو 80٪ من الصحافيات وظائفهن بينما خسِرت المئات ممتلكاتهن وكافة الحقوق الأساسية التي تضمنها المواثيق الدولية من الحق في السكن والعمل والحياة الكريمة.
وأشارت إلى فقدان عدد من الصحافيات لذويهن خلال المعارك حيث قتل ثلاثة من أبناء الصحافية «عرفة خواجة» في الجنينة غرب دارفور قبل أن تفر مع بناتها عبر الحدود البرية إلى دولة تشاد وهي حبلى في شهرها التاسع. وتنجب طفلها أثناء رحلة هروبها.
وقتلت والدة الصحافية «اعتماد الميراوي» واثنان من إخوتها وابن أختها جراء سقوط قذفة على منزلهم في أمدرمان ،وقتل شقيق الصحافية «آمال مرحوم» في الخرطوم بعد اقتحام منزلها، وأيضا قتل والد الصحافية ماجدة ضيف الله في مدينة نيالا بعد اقتحام منزلها.
وبلغ مجمل الانتهاكات التي رصدتها سكرتارية الحريات خلال عام من الحرب (393) حالة انتهاك مباشرة ضد الصحافيين ووسائل الإعلام.

قتل واعتداء

معظم هذه الانتهاكات حدثت للصحافيين بحكم عملهم، حيث تعرض 6 صحافيين للقتل من بينهم صحافيتان وسجلت 8 حالات اعتداء جسدي وإصابة بينها 3 صحافيات، وتعرضت صحافية لاعتداء جنسي.
وتعرض 39 صحافية للاختطاف أو التوقيف والاحتجاز بينهم 5 صحافيات، بينما لا يزال 3 صحافيين قيد الاحتجاز، هم عبد الرحمن واراب ومحمد عبد الرحيم وعاصم محمد خلف الله.
ولفتت سكرتيرة الحريات في النقابة إلى صُدور قرار من النائب العام بالقبض على عشرين صحافيا بتهمة انتمائهم لقوات «الدعم السريع» ولم يتم الكشف عن أسمائهم.
وبلغ عدد الصحافيين الذين تلقوا تهديدات مباشرة عبر الاتصال الهاتفي او الرسائل النصية، أو حملات التشهير 43 بينهم 16 صحافية.
ونددت بتحويل مباني الإذاعة والتلفزيون إلى معتقلات، الأمر الذي يزيد من خطورة تدمير أو إتلاف أرشيفٍ يقارب عمره مئة عام، منتقدة استخدام السلطات للإذاعة السودانية وتلفزيون السودان لبث خطاب داعم لاستمرار الحرب، تتحكم فيه قوات الجيش.
وأكدت تعرض عدد من الصحافيين إلى إطلاق النار في الطرقات أو أماكن العمل وقصف مساكنهم ما عرّض حياتهم إلى الخطر وأودى بحياة أفراد من عائلاتهم وإلحاق اضرار بحوالي 28 إعلاميا من بينهم 10 صحافيات.
واحتجز ما لا يقل عن (100) صحافي وصحافية يعملون في مختلف المحطات الإذاعية والتلفزيونية في أماكن عملهم لفترات متفاوتة اقلها ثلاثة أيام تحت القصف وبدون مؤن غذائية، بعضهم خرج في محاولات فردية دون حماية والبعض الآخر تم إجلاؤهم بواسطة الصليب الأحمر بعد مناشدات من نقابة الصحافيين، وهنالك صحافيتان احتجزتا في مسكنيهما في ظروف سيئة هما سلافة أبو ضفيرة وحنان بلة.
ومنذ اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان من العام الماضي، توقفت 26 صحيفة ورقية عن الصدور و10 محطات إذاعية بولاية الخرطوم عن العمل بينما عاودت الإذاعة السودانية البث من مدينة بورتسودان.
وتوقفت كذلك 8 إذاعات في الولايات، بينما تعمل إذاعتان بشكل متقطع، هما إذاعتا الأبيض بولاية شمال كردفان والفاشر بشمال دارفور. وهناك إذاعات توقفت لفترة وعاودت بثها مثل إذاعة عطبرة بولاية نهر النيل وإذاعة البحر الأحمر بمدينة بورتسودان.
وعطلت المعارك 6 محطات تلفزيونية في ولاية الخرطوم، كما صدر قرار بإغلاق 3 مكاتب إخبارية خارجية هي سكاي نيوز والعربية والحدث من قبل وزير الثقافة والإعلام، وأيضا تعرضت مقار أكثر من 29 مؤسسة اعلامية ومكتب صحافي إلى الاستباحة والتدمير بالكامل والإغلاق.
واستباحت المجموعات العسكرية منازل ما لا يقل عن 100 صحافي، وقامت تلك المجموعات بالتحقيق مع عدد من جيران الصحافيين بعد اقتحام منازلهم لمعرفة المكان الذي انتقلوا إليه.

استهداف صحافيات

وأشارت مديرة مركز الألق للخدمات الصحافية صباح آدم خلال مخاطبتها منتدى الصحافيات السودانيات بالمهجر إلى تعرض النساء لعنف ممنهج من طرفي القتال حيث بلغت حالات العنف الجنسي 161 حالة اغتصاب حسب وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل. واعتبرت هذه الأرقام غير دقيقة مشيرة إلى التعقيدات المتعلقة بصعوبة الوصول إلى الضحايا.
ولفتت إلى تعرض أكثر من 40 صحافية في دور ايواء بولاية كسلا شرق السودان إلى انتهاكات واسعة وحرمانهن من ممارسة الحق في التعبير والتشكيك في انتمائهم لأطراف القتال.
واشارت الى ان الصحافيات يتحملن في بعض الأحيان الاتهام بالعمالة والارتزاق، ويوجه ضدهم خطاب إعلامي تسهم فيه مجموعات مضادة. فضلا عن عدم السماح للصحافيات بدخول دور الإيواء في مدينة عطبرة الا عبر اذن من الاستخبارات العسكرية، وتعرضهن للعنف على أساس اثني وعرقي.
وقالت إن الصحافيات والمدافعات عن حقوق الإنسان في ولاية الجزيرة وسنار والنيل الأبيض يقمن بدفن هواتفهن في الأرض خوفا من مصادرتها من جانب قوات»الدعم السريع».
من جانبها انتقدت خبيرة السلامة والصحافة الأخلاقية عبير السعدي استمرار الانتهاكات ضد الصحافيات السودانيات، مشيرة إلى أن الأرقام المعلنة من قبل المنظمات والمؤسسات الدولية ربما تكون أقل من الحقيقة.

انتهاكات

وأشارت إلى أن العديد من النساء لا يتحدثن عن الانتهاكات، لافتة إلى المخاطر التي تعرضت لها الصحافيات بسبب انتقالهن الى إلى مناطق جديدة بحثا عن الأمان بعد اغلاق مؤسسات الإعلام في الخرطوم.
ودعت الصحافيات إلى إخفاء هوياتهن مشيرة إلى أن إبراز الهوية الصحافية قد يكون خطيرا في مناطق الاستقطاب العسكري، بجانب الانتهاكات التي قد تتعرض لها الصحافيات بسبب بعض العادات والتقاليد المعادية للنساء في بعض المناطق التي انتقلوا إليها.
ونبهت الى خطورة فقدان الصحافيين وظائفهم بسبب الحرب ونهب أجهزة ومعدات العمل والتعقيدات المتعلقة بضعف وتعطيل شبكات الاتصال والانترنت.
وأشارت إلى تصنيف «منظمة مراسلون بلا حدود» للسودان في مركز 149 في قياس حريات الصحافة. وتراجعه أمنيا إلى المركز 162، واقتصاديا إلى المركز 152، معتبرة ذلك مؤشرا على أن الوضع الأمني في السودان هو من الأسوأ عالميا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية