السودان: مريض بالصحة ايضا!

حجم الخط
0

تحثت في مقال سابق نشر في هذه الجريدة بعنوان (السودان بين مطرقة السرطان وسندان الفشل الكلوي) تحدثت عن إحصاءات وآراء مختصين توضح مدى المعاناة التي تواجه الشعب السوداني جراء تفشي مرض السرطان بأنواعه والفشل الكلوي مع عدم وجود أي إسنراتيجية واضحة من الحكومة والجهات الرسمية في محاربة هذين المرضين اللذين أصبحا في السودان وبالأخص ولاية الجزيرة وسط السودان.
أصبحا كالأمراض المستوطنة ولكن سنخص بالذكر في هذا المقال مرض السرطان وسنأخذ قرية المعيلق كمثال لأن هذه القرية عانة الأمرين من هذا المرض مع العلم أنها قرية ريفية تعتمد إعتمادا كليا على الزراعة والرعي أي بعيدة عن أسباب التطور ومخلفات المصانع والنفايات النووية والمواد المسرطنة، وهذه القرية التي لايتجاوز عدد سكانها الـ 10 ألف، فقدت في العشر سنوات الأخيرة والتي ظهر فيها المرض حيث لم يكن معروفا فقدت أكثر من ثلاثين من أبنائها بسبب هذا المرض، وأنوه هنا أن قرية المعيلق عانت من السرطان بجميع أنواعه ولجميع الأعمار، ولكن في منتصف العام الماضي ظهرت أول حالة من الحمل العنبي أو العنقودي والذي لم يكن معروفا قبلها في المعيلق وتتطورت الحالة إلى سرطان وتوفيت المريضه، ثم ظهرت حاله أخرى وتطورت أيضا إلى سرطان وتوفيت، ثم ظهرت حالة ثالثه ثم تطورت إلى سرطان ولكن تم إستئصال الرحم، ثم ظهرت حالة رابعة وهي تخضع الآن لجلسات بالعلاج الكيماوي، ثم ظهرت حالة خامسة من كتابت هذا المقال، وظهور هذه الحالة هو الذي دفعني لكتابت هذا المقال، ولأن المجتمع مجتمع قروي لم أستطع ذكر أسماء المريضات ولكني أعرفهن معرفة شخصية لأني من المعيلق، ومن المعرف عن الحمل العنبي أنه في الغالب يصيب النساء فوق سن الأربعين ولكن ثلاثة من هذه الحالات في العشرين من العمر وإثنين في الثلاثينات، وتطور هذه الحالات إلى سرطان ناتج عن الإهمال الطبي وقلت الإمكانيات وتقصير الجهات المسؤولة، حيث من المفترض عند تطور أول حالة أن تجرى عليها دراسات وتتم متابعة دقيقة للحالات التي ظهرت بعدها، وهنا تدور عدة أسئله.. أين الحكومة.. أين وزارة الصحة؟ أين منظمة حماية المستهلك؟ أين الخبير الزراعي صاحب المؤلفات الدكتور نافع علي نافع مستشار رئيس الجمهورية؟ الذي يعلم تمام العلم عن مدى كمية وخطورة الأسمدة والمبيدات الحشرية المستخدمة في مشروع الجزيرة بدون أدنى رقابة من الدولة، أو مسائلة قانونية لمستخدميها أو حتى تصريح لإستخدامها، والذي يعلم أيضا مدى إنتشار الإفلاتوكسين، هذه المادة المسرطنة في محصول الفول السوداني حتى أصابت 70′ من المحصول حيث يعتمد الشعب السوداني إعتمادا كليا على زيت الفول في الأكل والطهي، علما بأن الإفلاتوكسين لا تقتله نار الطهي، لأنه لايموت إلا في 250 درجة، ولأن الدكتور نافع يعلم تمام العلم عن مدى خطورة إستخدام برومات البوتاسيوم هذه المادة التي أصبحت تضاف في مصانع الدقيق قبل الأفران، وأن 90′ من أفران السودان تستعمل هذه الأفران في رغيف الخبز، فأين الحلول ؟ مع اننا نعلم أسباب المشكلة ولكن لاتوجد أي معالجات حقيقية من قبل الدولة، فكل الذي قامة به الدولة هي توفير مراكز علاجية أو توفير بعض الأدوية، فلماذا لا تكرث هذه الجهود لحل المشكلة من جذورها .كل العالم يتجه إلى الطب الوقائي ومحارة المرض قبل وقوعه لأنه أسلم لحياة الإنسان وأقل تكلفة على الدولة، ونحن في السودان نعرف أسباب المشكلة ونعالجها معالجات مؤقتة .
عثمان محمد صديق

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية