السوداني يدعو من واشنطن لإيقاف الحرب في غزة ويحذِّر من التصعيد

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: ركّز رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على ثلاثة ملفات رئيسية خلال الزيارة التي يجريها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، شملت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة وتداعياتها على المنطقة، فضلاً عن ملف انسحاب قوات التحالف الدولي، بزعامة واشنطن من العراق، وتفعيل بنود اتفاقية الإطار الاستراتيجي المُبرمة بين البلدين.
وذكر خلال اللقاء الذي جمعه بالرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض مساء الإثنين، وكشف تفاصيله بيان حكومي عراقي في ساعة مبكّرة من فجر أمس، إنه «لا شيء يغنينا عن التزاماتنا الإنسانية تجاه مختلف القضايا، خصوصاً ما يحصل في المنطقة».

اختلاف في التقييمات

وتجنّب السوداني الحديث مباشرة عما يجري من انتهاكات إسرائيلية تطال المدنيين في غزّة، غير أنه قال: «بروح الصراحة والشراكة، قد نختلف في بعض التقييمات للقضية الموجودة حالياً في المنطقة، لكننا نتفق على مبادئ القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وقوانين الحرب، ومبدأ الحماية».
كما عبّر عن رفضه «أيّ اعتداء على المدنيين، خصوصاً النساء والأطفال» حاثّاً في الوقت عينه على «الالتزام بالقوانين والأعراف الدولية في حماية البعثات الدبلوماسية».
ووفق السوداني فإن «البشرية اليوم في حاجة إلى نظام دولي يحترم هذه المبادئ والقيم. إذا سكتنا على ما يحصل فإننا سنكون أقررنا بهذه السوابق، وسيجري العمل بها وتداولها، سواء كانت سوابق حسنة أو سيئة».
وفي إشارة أخرى لتطور الأحداث في غزّة، مضى قائلاً: «يهمنا كثيراً إيقاف هذه الحرب المدمرة، التي استمرت طيلة الشهور الستة الماضية والتي راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء من الفلسطينيين، نساءً وأطفالاً» مشجّعاً «كل الجهود التي تسهم في إيقاف تمدد ساحة الصراع، خصوصاً التطوّرات الأخيرة التي نأمل من كل الأطراف المعنية أن تلتزم بعدم التصعيد حفاظاً على الأمن والاستقرار».
في حين، أكد الرئيس الأمريكي أن «شراكة بلاده مع العراق محورية ومهمة إلى الشرق الأوسط والعالم».
وأضاف: «عازمون على تجنب تمدد الصراع في الشرق الأوسط» مشيراً إلى التزام بلاده بـ«التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار».
لكنه لفت إلى أن «الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل وتأمين وقف إطلاق النار في غزة».
وفي العاصمة بغداد، اجتمع «الإطار التنسيقي» الشيعي، لتقييم لقاء السوداني مع بايدن، معبّرين عن أملهم في أن يحقق الدور العراقي تطوراً لوقف العدوان على غزّة.
وفي بيان صحافي، أفاد قادة «الإطار» أنهم يتطلعون إلى «دور عراقي يحقق إيقاف العدوان على غزة، وعدم اتساع الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وأن تؤسس الزيارة لشراكة ثنائية استراتيجية مستدامة مع الولايات المتحدة، خصوصا بعد انتهاء مهمة التحالف الدولي، والاستعداد لجدولة الانسحاب ورغبة العراق في بناء علاقات ثنائية مع الأطراف الأساسية في التحالف وفي مقدمتها الولايات المتحدة».
وشدد البيان على أن «تكون هذه العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل، وحفظ أمن العراق وسيادته ووحدة أراضيه» مشيراً إلى أنه «في ظل التحديات الصعبة التي تشهدها المنطقة يعيش العراق استقراراً واضحاً في ظل تضافر جهود الشعب والسلطات والمؤسسات المعنية، يتطلع العراق الى بناء علاقات دولية متينة لاستكمال استراتيجية التنمية من خلال توطيد تلك العلاقات على أسس صحيحة تعتمد السيادة الكاملة للقرار العراقي والمصالح المتبادلة مع الدول».
وأوضح أن «من هنا تأتي زيارة السوداني والوفد المرافق له إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ونأمل أن تحرز الزيارة تقدما في العلاقة ما بين العراق والولايات المتحدة، على المستويات المختلفة وخصوصا الطاقة والاستثمار والاقتصاد والتكنولوجيا، ونؤكد دعمنا الكامل للحكومة والوفد العراقي برئاسة السيد السوداني».

بايدن: ملتزمون بأمن إسرائيل وتأمين وقف إطلاق النار في القطاع

ويخوض العراق والتحالف الدولي المناهض لتنظيم «الدولة الإسلامية» جولات من المفاوضات والحوارات الرامية لإنهاء مهام التحالف والانتقال بالعلاقة مع الدول المنضوية في التحالف، إلى مستويات أخرى.
وعلى هذا الأساس، بحث السوداني خلال لقاء بايدن «الأسس المستدامة والرئيسية لشراكة شاملة وطويلة مع الولايات المتحدة».
وحسب بيان مكتبه، فإن العراق يهدف إلى «الانتقال من العلاقة ذات الطبيعة الأمنية والعسكرية، بطريقة سلسة وممنهجة ومدروسة، إلى علاقة قائمة على أسس الاقتصاد والمجالات الثقافية والسياسية وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي» مبيناً أن «الحرب على داعش كانت أساس التعامل بين العراق والولايات المتحدة طيلة السنوات الماضية، قاتلنا معاً وانتصرنا على الإرهاب».
ووفق السوداني فإن «النصر كان مهماً على داعش، وقد تحقق بفعل تضحيات الشعب العراقي، وتكاتف مكوناته، ودعم المجتمع الدولي والأصدقاء من خارج التحالف الدولي» مستدركاً بالقول: «سوف نتناقش بشأن الشراكة المستدامة، على أساس اتفاقية الإطار الاستراتيجي، ووضعنا المنهجية السليمة للانتقال العسكري من خلال اللجنة العسكرية الثنائية».
وبيّن لأن «اللجنة العسكرية الثنائية سوف تقدّر الموقف العسكري والظروف العملياتية وتطوّر قدرات الأجهزة الأمنية، وسنلتزم بمخرجات هذه اللجنة» لافتاً إلى بحث «التعاونَ الأمني والشراكة الثنائية المستدامة بين العراق والولايات المتحدة في الجانب العسكري».
وفي وقت لاحق من فجر الثلاثاء، كشف مكتب السوداني عن بيان مشترك للمباحثات العراقية ـ الأمريكية التي جرت في البيت الأبيض، مؤكداً أن بايدن والسوداني ناقشا «التزامهما بعراقٍ مستقرٍ وآمن، واتفقا على أن قوات الأمن العراقية يجب أن تكون قادرة على ضمان عدم تمكن داعش من إعادة تشكيل صفوفها مرة أخرى داخل العراق؛ لتهديد الشعب العراقي أو المنطقة أو المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة».
ونقل البيان عن الرئيس الأمريكي تأكيده أن «عراقاً قوياً قادراً على الدفاع عن النفس أمر بالغ الأهمية للاستقرار الإقليمي، وتعزيز قدرات قوات الأمن في جميع أنحاء العراق لتأمين أراضي العراق وشعبه».
وناقش الرئيسان نجاحات التحالف في كل من العراق وسوريا بعد ما يقرب من عشر سنوات على تشكيله، حيث أدت قوات الأمن العراقية، بما في ذلك في كردستان، دوراً حاسماً في هزيمة التنظيم على الأرض.
وأشاد الرئيسان بـ«التضحيات التي قدمها أفراد القوات العسكرية العراقية والأمريكية وبقية الدول الصديقة، التي خدمت جنبًا إلى جنب كشركاء خلال الحملة التاريخية ضد داعش، وكذلك المدنيون الذين قتلوا على يد داعش، بما في ذلك المجازر في معسكر سبايكر، وجبل سنجار وهيت، وأكد رئيس مجلس الوزراء السوداني على الجهد الوطني المطلوب لهزيمة داعش وناقش أجندته الإيجابية لمواصلة إعادة بناء العراق واستعادة مكانته كمحرك للاستقرار والنمو في الشرق الأوسط الكبير».
فيما أشار بايدن إلى أن «الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش ستساعد في ضمان أمن العراق والمنطقة والعالم في المستقبل، بما ينعكس على تحقيق تطلعات الشعب العراقي في التطور الاقتصادي وجذب الاستثمار الأجنبي ولعب دور قيادي في المنطقة».
وذكر البيان أيضاً أن السوداني وبايدن أعربا عن التزامهما بـ«عمل اللجنة العسكرية العليا المستمر ونتائجها، ومجموعات العمل الثلاث التي ستقوم بتقييم التهديد المستمر من داعش، والمتطلبات العملياتية والبيئية، وتعزيز قدرات قوات الأمن العراقية، وأكد الرئيسان أنهما سيراجعان هذه العوامل لتحديد متى وكيف ستنتهي مهمة التحالف الدولي في العراق، والانتقال بطريقة منظمة إلى شراكات أمنية ثنائية دائمة، وفقاً للدستور العراقي واتفاقية الإطار الإستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة».
وأكد الرئيسان عزمهما عقد «اجتماع حوار التعاون الأمني المشترك في وقت لاحق من هذا العام؛ لبحث مستقبل الشراكة الأمنية الثنائية».
وما إن انتهى لقاء القمّة، توجّه السوداني إلى مبنى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» ليلتقي هناك وزير الدفاع الأمريكي لوي أوستن.
وبعد منتصف ليلة الإثنين/ الثلاثاء، ذكر بيان لمكتب السوداني أن الأخير عقد اجتماعاً مع وزير الدفاع الأمريكي لوي أوستن، أكد خلاله حرص الحكومة على إدامة العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى «مرور 10 أعوام منذ تشكيل التحالف الدولي للحرب ضد داعش، حيث قدم الشعب العراقي تضحيات غالية، كما يقدر العراق جهود المجتمع الدولي والأصدقاء في التعاون معه والتصدي للإرهاب».
وشدد رئيس مجلس الوزراء على أن «أجهزتنا الأمنية اليوم على مستوى عالٍ من الجهوزية» مؤكداً «بدء العمل نحو علاقة شراكة من خلال اللجنة التنسيقية العليا لتقييم الموقف العسكري ومخاطر داعش، وقدرات الأجهزة الأمنية للوصول إلى مقترحات تتعلق بجدول زمني لإنهاء مهمة التحالف» فيما أكد أن «اللجنة المعنية ستعقد اجتماعها الثاني في شهر تموز/ يوليو المقبل؛ من أجل التعاون الثنائي وفقاً للدستور العراقي والاتفاقية الاستراتيجية».
وأعرب السوداني عن «اهتمام العراق بالحصول على الخبرات والتسليح والتجارب والحرص على الشراكة الأمنية، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة التي يتفق الجميع على أهمية استقرارها ومنع التصعيد بما يؤدي إلى إخلال الأمن فيها» كما أكد ثقته بـ«استمرار الشراكة بين العراق والولايات المتحدة».

الشراكة الأمنية

فيما رحب أوستن برئيس مجلس الوزراء في البنتاغون، وعبر عن تقديره للشراكة المستمرة مع العراق، التي ازدادت قوة في ظل حكومة السوداني، مؤكداً «الالتزام بما يقوم به العراق في مواجهة الإرهاب» كما عبر عن تطلع بلاده إلى «إقامة علاقة أمنية مستدامة بين البلدين، وكجزء من هذا العمل الانتقالي حصل الاتفاق على التعاون الأمني المشترك في شهر آب/ أغسطس من العام الماضي، الذي قاد إلى اللجنة الأمنية العليا» مشدداً على «عمق العلاقات المشتركة بما فيها التعاون الأمني والرغبة في الحوار نحو علاقة استراتيجية في إطار الاتفاقية بين البلدين».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية