الروائي الفلسطيني ربعي المدهون… خاشقجي «يُحيلني» إلى التقاعد

حجم الخط
1

لندن ـ «القدس العربي»: لئن شغلت قضية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، يوم الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، الرأي العام الإعلامي والسياسي شرقا وغربا، فإنها ظلت من قبيل المسكوت عنه لدى المثقفين والمبدعين العرب.

حيث لم تحمل مقالاتهم ومنشوراتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، سوى عبارات حزن على الراحل مغلفة بكثير من الدبلوماسية، حتى ليجوز معها القول إن هذه الجريمة الشنعاء قد فعلت فعلها في هؤلاء المثقفين، وملأت قلوبهم خوفا وصمتا، وتخفيا وراء غموضِ الكنايات. غير أن الكاتب الفلسطيني ربعي المدهون الفائز بجائزة البوكر العربية سنة 2016 عن روايته «مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة» استجمع كل شجاعته، وخالف سرب الصامتين من المثقفين العرب، وأعلن في صفحته الفيسبوكية عن استقالته من العمل في صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، التي اشتغل فيها طيلة سنوات عديدة، وجاء في مكتوب استقالته قوله: «اليوم قدّمت استقالتي من العمل في جريدة «الشرق الأوسط»، في لندن، بعد 18 عاما، قضيت معظمها مسؤولا للملف الفلسطيني. أغادر مكتبي، أو هكذا أفترض، بعد شهر، التزاما بشروط عقد العمل، إلى فضاء آخر، منهيا 40 عاما من العمل الصحافي والبحثي والتلفزيوني، وفي حقيبتي نصفي الآخر الذي سيواصل معي المسيرة، ويضيء «وحدة» ما تبقى من العمر: القراءة والكتابة، لعلي أنتج عملا أدبيا آخر، رواية أخرى… من يدري؟ معي أيضا، بعض زملاء المهنة، «طلابي» الذين «علمتهم»، وصاروا «أساتذة» أفخر بهم وأتعلم منهم. كانوا أبناء لي وبنات، أخوة وأخوات، صديقات وأصدقاء. لم أشعر يوما معهم بأنني تجاوزت السبعين.

يستحق كل من خطط لقتل جمال أو شارك في قتله، عقوبة بحجم الجريمة وطبيعة دوره فيها. سلاما جمال».

يأخذونني إلى أعمارهم، وآخذهم إلى تجارب. كنت أتمنى أن اختتم حياتي المهنية بحفل بهيج بين زملائي وأصدقائي. خططت لأن يكون ذلك بعد ثمانية أشهر تقريبا، حين ينتهي عقد العمل، لكن ما حدث بعد ظهر 2 أكتوبر الحالي، وضع حدا لكل شيء. كل شيء. قلب حياتي التي كانت ترتب خطواتها لتقاعد هادئ «آمن». كان مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي صادما. كان مفزعا، مرعبا، موجعا، مفجعا، مؤلما، بشعا وغير مسبوق. يستحق كل من خطط لقتل جمال أو شارك في قتله، عقوبة بحجم الجريمة وطبيعة دوره فيها. سلاما جمال».
يشار إلى أن بعضا من الكتاب السعوديين قد استثمروا هذه الجريمة ليعلنوا عن إحساسهم الوطني المفاجئ من قبيل ما غرد به عبدالله الغذامي قائلا: «رحمة الله على جمال خاشقجي وخالص التعازي لأسرته الكريمة والعدالة تأخذ دورها لإحقاق الحق، وضوح نعرفه عن دولتنا، وصدق في القضاء، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وعزاؤنا هو في دولة لا تأخذها في الحق لومة لائم». وقد شذ عن جميع هؤلاء الروائي عبده خال الذي أدان الواقعة، وإن مزج إدانته لها بدفاعه عن المملكة، حيث نشر تغريدات على موقعه في تويتر قال فيها: «الخذلان الذي أحدثته مجموعة 18 شخصا قد عفر وجهي بالتراب، لأن الخيال مهما كان نشيطا جامحا لن يصل إلى تصديق ما لا يصدق. لن أجد ما أقوله سوى الاعتذار. وليبق القلم سلاح من لا سلاح له». وأضاف قوله: «سوف أكون خصيما مبينا لكل من قتل، أو شارك، أو مهد، أو أوعز بقتل جمال خاشقجي… الندم المتأخر جرح لا يلتئم».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول شفاء النعيمي:

    اللهم ارحمه رحمة واسعة يا واسع المغفرة و أسكنه فسيح جناتك !
    و حسبنا الله و نعم الوكيل !

إشترك في قائمتنا البريدية