الحرب على غزة من قتل الصحافيين إلى قطع الاتصالات والإنترنت: اكتمال أركان المجزرة بحق ناقلي الحقيقة

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

رام الله-غزة- «القدس العربي»: بدأب منقطع النظير ينشط صحافيون على توقيع عريضة موجهة إلى مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير والمقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967.

تطالب العريضة، بفتح تحقيق دولي عاجل، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، للخروج بتقرير شامل يرصد الجرائم الإسرائيلية بحق الصحافيين والإعلاميين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وحتى بداية كتابة هذه العريضة وطرحها للتوقيع، أفادت نقابة الصحافيين الفلسطينيين بأنه «ومنذ بداية العدوان على قطاع غزة بتاريخ 7/10/2023 تم رصد استشهاد 16 من الصحافيين الفلسطينيين، إضافة إلى الصحافي اللبناني عصام عبد الله بصواريخ وقذائف الاحتلال الإسرائيلي» لكن أياما قليلة كانت كفيلة بجعل الرقم الذي تضمنته العريضة يصبح أضعاف.
وجاء في الوثيقة أن الموقعين عليها يعولون «على ما تبقى في الضمير الإنساني من احترام لحرية الصحافة وحماية الصحافيين أثناء الحروب والنزاعات المسلحة».
ويؤكد الموقعون أن انتهاكات الاحتلال التي ترقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والضرب بعرض الحائط كل المواثيق والمعاهدات التي تحمي المدنيين خلال الحروب، وهم يشددون على «استمرار سياسة دولة الاحتلال التي تسحق كل يوم القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ومعاهدات جنيف وبروتوكولاتها، ما يستوجب وقفة حقيقية لإيقاظ الضمير العالمي».
وتصف العريضة ما يجري في قطاع غزة منذ 21 يوما بإنه «مشهد دولي عبثي ترتدي فيه دول الشمال العالمي نظارات إسرائيلية لا ترى في ذبح الصحافيين وتكميم صوت الحقيقة أية جريمة تستوجب العقاب».
وعلى مجموعة «واتسآب» يسعى مئات الصحافيين الفلسطينيين للعمل معا على نقل الأخبار وتبادل وجهات النظر فيما يجري من ذبح مادي للشعب الفلسطيني في القطاع وهم جزء أصيل من هذا الاستهداف والقتل، فمجموعة الصحافيين المهنية يعتبر دورها الأبرز والأكثر أهمية في ظل تغطيتهم لمعركة الحديد والنار التي يعيشها القطاع.

من أجل إقامة الحجة وإعلاء الصوت

يدرك الصحافيون أن العريضة التي ينشطون للتوقيع عليها لن توقف حفلة القتل اللحظية التي تقوم عدساتهم بتغطيتها لكنهم يرونها محاولة من أجل إقامة الحجة وإعلاء الصوت عاليا.
وقبل أن تكتمل أعداد الموقعين على العريضة تتزايد أعداد الصحافيين الشهداء بقذائف الجيش الإسرائيلي وصواريخه، فيما يكتمل المشهد العبثي في عملية قطع الاحتلال الإسرائيلي للاتصالات وخدمات الإنترنت عن كل القطاع، وهو ما يتمم مشهد إعدام غزة وقتل ناسها وهذه المرة من دون صوت أو شهود.
وحسب أبرز منظمتين دوليتين وهما منظمة «هيومن رايتس» و«العفو الدولية» فإن قطع الاتصالات بغزة قد يشكل «غطاء لفظائع جماعية» ويخفي أدلة ضرورية على انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة ضد الفلسطينيين.
وحذرت «هيومن رايتس ووتش» في بيان على لسان المسؤولة في المنظمة ديبورا براون من أن انقطاع الاتصالات والإنترنت هذا قد يكون بمثابة «غطاء لفظائع جماعية ويسهم في الإفلات من العقاب على انتهاكات لحقوق الإنسان» أما «منظمة العفو الدولية» فقالت إنها فقدت الاتصال بموظفيها في غزة، وأعربت عن أسفها لأن «انقطاع الاتصالات هذا يعني أنه سيصبح من الصعب أكثر الحصول على معلومات وأدلة ضرورية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة والاستماع مباشرة إلى أولئك الذين يتعرضون لهذه الانتهاكات».
وأكدت المنظمة أنها فقدت الاتصال بزملائها في غزة، وأن منظمات حقوق الإنسان باتت تواجه عقبات متزايدة تصعّب توثيق الانتهاكات، مضيفة أن المدنيين في غزة يتعرضون لخطر غير مسبوق، وإسرائيل تقطع كافة الاتصالات وتكثف القصف وتوسع هجماتها البرية.
وعلى ذات المجموعة التي يتفاعل الصحافيون الفلسطينيون من كل المشارب والتوجهات وتحمل اسم «صحافيون وقت الحرب» ينشطون في التفكير في كيف يتم معالجة مسألة قطع الاتصالات وخدمات الإنترنت، حيث تقترح صحافية فلسطينية أن تقوم شركات الاتصالات الفلسطينية بتقوية الشبكات في قطاع غزة التي تم قصفها وتدميرها عبر إقامة أبراج بث قوية في أقرب نقطة في الضفة الغربية من قطاع غزة وهي مناطق جنوب الضفة الغربية المحاذي للقطاع، وهو الأمر الذي يتلقفه نقيب الصحافيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر ويعد بمتابعة الأمر.
بدورها، دقت نقابة الصحافيين الفلسطينيين والأمانة العامة المنبثقة عنها، ناقوس الخطر معبرة عن قلقها الشديد على حياة الزملاء الصحافيين في غزة بعد انقطاع كافة سبل التواصل معهم نتيجة قصف آلة الدمار الصهيونية لأبراج الاتصالات وقطع كافة امكانيات الاتصال والتواصل مع غزة.
ورأت النقابة في بيان لها، أن هذه الخطوة تعتبر «تمهيدا لمجازر جديدة ترتكبها قوات الاحتلال بعيدا عن كاميرات الصحافيين وروايتهم الموثوقة والصحيحة وهو ما سعت إليه منذ بدء حربها على غزة».
وحملت النقابة سلطات الاحتلال كامل المسؤولية عن حياة الصحافيين، وحثت بشكل عاجل الأمم المتحدة ومنظماتها وكافة منظمات حقوق الإنسان على التدخل ووقف حرب الإبادة في غزة واعادة سبل التواصل معها.
واستكمالا لسياسة تهجير سكان شمال قطاع غزة كرر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي افيخاي أدرعي دعوته للسكان بالتوجه إلى جنوب وادي غزة. وهو الأمر الذي رأت فيه النقابة بأنه «تهديد رسمي بقتل الصحافيين الفلسطينيين في غزة ومحاولة لتبرير مجازر ضد الصحافيين يخطط الاحتلال لتنفيذها». وقالت: «‎نقابة الصحافيين حذرت عدة مرات من ارتكاب مجازر جديدة ضد الصحافيين في غزة، وتجدد تحذيرها مرة أخرى بعد التهديد الرسمي الذي صرح به المتحدث باسم جيش الاحتلال الليلة لعدد من وكالات الأنباء الدولية، وتعتبر النقابة أن هذا التصريح الصحافي ليس تحذيراً وإنما هو تهديد رسمي وتمهيد لتبرير المجازر التي يخطط الاحتلال لارتكابها ضد الصحافيين».
وتابع البيان: «إن النقابة تشدد على أن الاحتلال الذي قتل حتى الآن أكثر من 24 صحافياً في غزة، وقتل عشرات من عائلات الصحافيين، ودمر عشرات المؤسسات الإعلامية، وقصف عشرات منازل الصحافيين، كل ذلك تم في إطار سياسة ممنهجة، وبقرار رسمي لإرهاب الصحافيين، ومنع نقل جرائمه للعالم».
وتعتبر النقابة أن مؤشرات اقتراب الهجوم البري متزامنا مع قطع الاتصالات والإنترنت وما رافقها من تصريحات رسمية خطيرة لجيش الاحتلال، تهدف كلها لمنع تغطية أكبر حرب إبادة جماعية في القرن الحالي، تخطط لها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في غرة، وتريد تنفيذها بعيدا عن وسائل الإعلام.
وهي تناشد «كل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة لأخذ خطورة التبرير المسبق لجيش الاحتلال للمجازر ضد الصحافيين بأقصى درجات الجدية، وأن لا ينتظروا كي يرسلوا لنا التعازي بفقدان شهود الحقيقة بل أن يتحركوا فوراً ودون أي مواربة ونقول لهم كفى للمواقف الخجولة التي تكيل بمكيالين وتساوي بين الضحية والجلاد».

جرائم الاحتلال بحق صحافيي غزة

بدوره يتحدث نقيب الصحافيين ناصر أبو بكر لـ«القدس العربي» معتبرا أن ما يجري في غزة طوال ثلاثة أسابيع هو عملية استهداف ممنهج بقرار من حكومة الاحتلال الإسرائيلية، حيث يتم استهداف وقتل الصحافيين بشكل مباشر.
ويدلل على النتيجة التي توصل إليها بالعودة إلى الأرقام التي رصدتها النقابة حيث يقول: «خلال فترة 20 عاما قتل الاحتلال ما يقرب من 75 صحافيا فلسطينيا حتى الآن، بمعنى أن الاحتلال قتل كل عام أكثر من 3 صحافيين فلسطينيين، كما أن هناك أكثر من 9 آلاف اعتداء منذ 2012 حسب رصد نقابة الصحافيين الفلسطينيين، (وشمل ذلك قتل وتدمير وإصابة وإغلاق مؤسسات، واعتقال…الخ) وكلها أمور تتم بقرارات رسمية، فالإغلاق والقصف مثلا يتم بقرار رسمي واستهداف ممنهج، وبعضه يتم بقرارات مكتوبة تصل نسخ منها النقابة».
وبتابع أبو بكر: «الاستهداف يدلل على أنه، ومن خلال ترجمة الأرقام إلى مؤشرات، فإنها تشير بوضوح أن كل يوم هناك ما بين 2 -3 اعتداءات بحق الصحافيين منذ 2012».
وشدد أن الحرب وفي أقل من 24 يوما فيها استشهد فيها أكثر من 25 صحافيا، وهذا يعني أنه في كل يوم كانت هناك جريمة بحق أكثر من شهيد».
ويقيم أبو بكر موقف المنظمات الدولية ذات العمل المشترك مع نقابته بإنه «موقف رائع جدا، غالبية الاتحادات والنقابات الساحقة تقف معنا، الاتحاد الدولي للصحافيين له مواقف مشرفة، يواصل عمله معنا جنبا إلى جنب، ولحظة بلحظة في غرفة متابعة دائمة، لقد تبرعوا لنا بأكثر من ألف شنطة إسعاف و500 «بنك طاقة» للصحافيين في غزة، وهو يواصل العمل لتوفير ما يمكن توفيره في هذه الظروف الصعبة».
وارتفع عدد الصحافيين الفلسطينيين الذين استشهدوا جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر الجاري، بشكل يومي حيث وصلت الأرقام حتى كتابة مادة التقرير إلى 27 صحافيا حسب نقابة الصحافيين الفلسطينيين، أما حسب مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة فإنه ينشر قائمة بأسماء 34 صحافيًا استشهدوا خلال التغطية الإعلامية لعدوان الاحتلال.
وأسماء الشهداء الصحافيين في قطاع غزة بحسب قائمة نقابة الصحافيين تضم كل من:
1- الصحافي احمد شهاب، معد برامج في اذاعة صوت الأسرى.
2- المصور محمد الصالحي، وكالة «السلطة الرابعة».
3- المصور الحر محمد فايز أبو مطر.
4- المصور هشام النواجحة، وكالة «خبر».
5- المصور إبراهيم لافي، مؤسسة عين ميديا الإعلامية.
6- الصحافي سعيد الطويل، رئيس تحرير وكالة الأنباء الخامسة.
7- الصحافي محمد جرغون، وكالة سمارت ميديا.
8- الصحافي الحر أسعد شملخ.
9- المصور محمد أبو رزق، وكالة خبر.
10- الصحافية الحرة سلام ميمة.
11- الصحافي حسام مبارك، المذيع في قناة الأقصى.
12- الصحافي عصام بهار، قناة الأقصى.
13- الصحافي عبد الهادي حبيب، تلفزيون «الأونروا» التعليمي.
14- الصحافي محمد بعلوشة، قناة فلسطين اليوم.
15- المصور خليل أبو عاذرة، فضائية الأقصى.
16- المخرج سميح النادي، قناة الأقصى.
17- الصحافي محمد أبو علي، راديو الشباب.
18- المصور رشدي السراج، عين ميديا.
19- الصحافي محمد عماد لبد، صحيفة الرسالة.
20- الصحافي ياسر أبو ناموس.
21- الصحافية سلمى مخيمر.
22- الصحافية دعاء شرف.
23- الصحافي جمال الفقعاوي.
24- الصحافي عصام بهار.
25- الصحافي سعيد الحلبي.
26- الصحافي سميح النادي.
27- الصحافي أحمد أبو مهادي.

وإلى جانب الصحافيين الشهداء فهناك صحافيان في عداد المفقودين بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، وإلى جانب الأرقام التي قدمها المكتب وأشارت إلى وجود 34 صحافياً (منهم نشطاء) فإن العشرات من الصحافيين أصيبوا بالقصف، في حين بلغ عدد المباني التي هدمت بشكل جزئي وكلي 39، إضافة لتدمير 550 مؤسسة إعلامية.
واستعرض آخر بيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة ما يفترض أن يكون أداة حماية للصحافيين في القانون الدولي حيث جاء فيه: «أن استهداف المدنيين والصحافيين بشكل خاص بات بمثابة صفعة لأحكام القانون الدولي الإنساني، والمادة 4 من قانون جنيف الذي ينص على حماية المدنيين والصحافيين خاصة أثناء تغطيتهم الإعلامية في المناطق المتنازع عليها».
كما اعتبر استهداف الاحتلال للصحافيين بمثابة «ضربه بعرض الحائط جميع المواثيق وخاصة قرار مجلس الأمن (2222) الذي ينص على حماية الصحافيين أثناء النزاعات المسلحة».
وحسب المكتب فإن «إفلات الاحتلال من أي عقاب شجعه على مواصلة ارتكاب هذه الجرائم، داعياً المقرر الخاص لحرية التعبير في الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية الدولية بالتحقيق في جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الحريات الإعلامية في فلسطين، وتقديم مرتكبيها وجميع الضالعين فيها للعدالة كسبيل وحيد لوضع حد لها».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية