الجزائر تترافع لسد الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة وتؤكد أن اكتشافات الطاقة في موريتانيا والسنغال والنيجر ستخفف من أزمات الساحل

حجم الخط
0

الجزائر- «القدس العربي»: جدّدت الجزائر على لسان رئيسها عبد المجيد تبون، دعوة الدول الغنية للمساهمة في تنمية أفريقيا وسدّ فجوة التنمية بين الشمال والجنوب وتخفيف وطأة الديون على البلدان الفقيرة، فيما تحدث وزير الخارجية أحمد عطاف عن أهمية الاستثمار في قطاع الطاقة بعد الاكتشافات الجديدة المحققة في موريتانيا والسنغال والنيجر، لتقوية منطقة الساحل.
وقال، في كلمته التي تلاها الوزير الأول النذير العرباوي أمام قمة المؤسسة الدولية للتنمية لتعبئة الموارد لإفريقيا، المنعقدة بنيروبي، إن الجزائر تدعم كل المبادرات والآليات التي من شأنها سد فجوة التمويل وزيادة حجم المساعدات الإنمائية وتحسين كفاءتها، وكذا تفعيل أدوات مناسبة للتخفيف من وطأة الديون بما يشمل إلغاء وإعادة هيكلة الديون وتعليق خدمات الدين، لاسيما لصالح البلدان الأقل نمواً.
ودعا الرئيس إلى تحرير السياسات المتعلقة بالأمن الغذائي والصحي من المقاربات الاقتصادية البحتة، وبالأخص فيما يتعلق بالوصول إلى المواد الغذائية والأدوية، فضلاً عن أهمية رصد الموارد الكفيلة بدعم جهود هذه الدول في المجالات ذات الأولوية. كما شدد على ضرورة تسريع وتيرة إنجاز المشاريع ذات البعد الاندماجي القاري وتنفيذ أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، مذكراً بالجهود التي تبذلها الجزائر في هذا الإطار، لا سيما من خلال تصور اندماجي لمشاريعها الوطنية وفي جوارها المباشر.
وأبرز تبون التزام الجزائر الثابت بالمرافعة عن قضية التنمية في إفريقيا، مذكراً بجهود الجزائر الحثيثة من أجل العمل على تمكين البلدان الإفريقية من الحصول على التمويلات الضرورية لتحقيق أهدافها الإنمائية وتشجيع كل المبادرات الرامية إلى تحقيق التعافي الاقتصادي والنمو المستدام في القارة الأفريقية. وأكد في هذا السياق أن ما تبذله الجزائر من جهود نابعة من انتمائها الإفريقي والتزامها التاريخي بروح التضامن والوحدة في أفريقيا.
كما يأتي ذلك، وفق تبون، من منطلق قناعتها الراسخة بترابطية الأمن والتنمية، بهدف تعزيز التعاون وتنسيق السياسات الوطنية وتطوير قدرات البلدان الإفريقية الشقيقة في رفع تحدي التنمية، لاسيما عبر تجسيد مشاريع تنموية بعدة دول من الجوار المباشر، من خلال الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، التي رصدت لها الحكومة الجزائرية مبلغ مليار دولار.
وجدد بالمناسبة دعم الجزائر لجهود مختلف الأطراف المشاركة في هذا الاجتماع من أجل إعطاء الزخم المرجو للعملية 21 لتعبئة الموارد للمؤسسة المالية الدولية، بما يسمح بتوفير الإمكانيات المالية الضرورية وإدماج مجمل الأولويات الوطنية الإفريقية ضمن خطة عمل المؤسسة الدولية للتنمية والمضي قدماً نحو مستقبل أكثر إنصافاً واستدامة.
ومن منبر آخر، أكّد وزير الخارجية أحمد عطاف، أن التحولات التي تشهدها أفريقيا في مجال الطاقة، ستساهم في التنمية وفي مكافحة الإرهاب وأنواع الجريمة.
وذكر لدى مشاركته في جلسة النقاش المتعلقة بـ “الديناميكيات الجيوسياسية والانتقال الطاقوي” في إطار المنتدى الاقتصادي العالمي “منتدى دافوس”، في السعودية، على أهمية الاكتشافات النفطية والغازية الهامة التي سُجلت حديثًا في كل من النيجر والسنغال وموريتانيا، كونها “ستعطي زخمًا ودفعًا جديدين للتنمية الوطنية في هذه البلدان”.
ويعتبر هذا المعطى الاقتصادي الجديد المتمثل في الاكتشافات، وفق الوزير وسيلة “للمساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والجريمة الدولية والهجرة غير الشرعية”.
وأبرز عطاف في هذا السياق، جهود الجزائر ومساهمتها في تحقيق الأمن الطاقوي على الصعيدين الإقليمي والدولي، مشيراً إلى حرص الجزائر على البقاء شريكًا طاقويًا موثوقًا في منطقتها التي تمتلك فيها بلادنا شبكة واسعة من الشركاء”.
وفيما يتعلق بالانتقال الطاقوي في العالم، أكد المسؤول الجزائري الحاجة الملحّة لأن يحتكم مسار الانتقال الطاقوي إلى معايير العدل والإنصاف بالدرجة الأولى، خاصة تجاه الدول النامية. ولفت إلى النتائج المهمة التي توصلت إليها قمة الدول المصدرة للغاز التي استضافتها الجزائر مطلع آذار/مارس الماضي، حيث خلص الاجتماع إلى “أن الغاز يعد مكونًا أساسيًا للانتقال الطاقوي بشكل عادل للجميع”.
وفي الموازاة مع تغير العوامل الجيوسياسية التي تحكم أسواق الطاقة خلال السنتين الأخيرتين، أكد الوزير أن “بناء الجزائر لشبكة واسعة جدًا من الشركاء في مجال الطاقة لم يكن على حساب التزاماتها في مجال التخفيف من تأثير البيئة”. وتحاول الجزائر تجاوز إشكالات التنمية محلياً والانطلاق لمساعدة الدول المحاذية لها من خلال إقامة مناطق تبادل حر تسمح بمواجهة التحديات التي يخلفها الفقر وانعدام التنمية خاصة في دول الساحل. ووفق تصريحات وزير المالية الأخيرة، لعزيز فايد، فإن “الجزائر توجد حالياً في المرتبة الثالثة إفريقياً من حيث الناتج الداخلي الخام. ومع الاستثمارات الوطنية والأجنبية والمحيط الملائم للاستثمار الذي تم توفيره، سيرتفع الناتج الداخلي الخام، بل يتجاوز 400 مليار دولار، على حد قوله.
وأكد الوزير الذي شارك في اجتماعات الربيع 2024 لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والقضايا الاقتصادية ذات الصلة، أن قيمة الناتج الداخلي الخام للجزائر يبلغ حالياً 32000 مليار دينار جزائري، مبرزاً أن الحركية الاستثمارية والمؤشرات الاقتصادية الإيجابية للاقتصاد الوطني ستسمح ببلوغ، بل بتجاوز، 400 مليار دولار من الناتج الداخلي الخام في السنوات القليلة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية