البوصلة الاقتصادية الخليجية: متى ستغير اتجاهها؟

حجم الخط
0

تقريبا يُنظر عالميا الى ان الاقتصاد الخليجي هو المعافى او القوي نسبيا مقارنة بالاقتصادات الامريكية ودول منطقة اليورو، التي تشهد تذبذبات وفقا لتعبير الحد الادنى. يمكن الى درجة ما استثناء دول البريكس، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا، من عدم الاستقرار لكونها اقتصادات ناشئة وتتميز بنمو اقتصادي متسارع منافسة – كما يبدو – لامريكا ودول منطقة اليورو مستفيدة من اخطاء الاقتصادات الرأسمالية الامريكية الغربية. وكل له اسبابه فامريكا دخلت حربين او مشروعين اقتصاديين خاسرين في العراق وافغانستان تحت مظلات سياسية واخلاقية خادعة، مثل تحرير العراق وتأمين امريكا واوروبا من خطر القاعدة في افغانستان وباكستان.
ما من شك في ان ذلك اثَّر سلبا على اقتصادها، اذ كلفها تقريبا اربعة تريليونات دولار – على الاقل – حسب احدث تقرير لجامعة براون.
ويضيف التقرير ان الخسائر المالية احتمال ان تكون اكبر من ذلك الرقم بكثير نتيجة لعدم افصاح البنتاغون والحكومات الامريكية المتعاقبة منذ جورج بوش الاب، العام 1990 عن الارقام الصحيحة. وثمة من يذهب الى القول بحدوث عمليات غسيل اموال ضخمة لصالح امريكيين من امثال ديك تشيني، وعراقيين وافغان وباكستانيين موالين في المصالح لامريكيين وقد افصح حميد كرزاي مثلا عن حدوث شيء من هذا في افغانستان في مقابلة مع (الجزيرة) مؤخرا.
واما ازمة منطقة اليورو السبعَ عشرةَ دولة فيعزوا الكثيرون الى ان فرنسا والمانيا تتعمدان افقار دول منطقة اليورو اقتصاديا وماليا في الجنوب الاوروبي بالذات، كاليونان وايطاليا واسبانيا والبرتغال بغرض السيطرة عليها مستقبلا وجعل اوروبا (منطقة اليورو) تابعة لهما. ويحلل اقتصاديون غربيون ان فرنسا والمانيا وقعتا في شر اعمالهما، اذ دخلتا في ازمة مالية واشكالات مع شعبيهما نتيجة لتمويل دول منطقة اليورو، مما ترتب على ذلك المس بارزاق وامتيازات الشعبين الفرنسي والالماني. وترجح كثير من التحليلات ان احتفاظ الدول السبع عشرة بعملاتها كان يمكن ان تكون له كلفة اقتصادية ومالية اقل بكثير من وضعها المتردي حاليا.
الغريب ان حكومات منطقة الخليج العربي تدرك او نفترض انها تدرك ذلك ومع ذلك تقوم بمهمة دعم الاقتصاد المنهار لامريكا ودول منطقة اليورو، خضوعا كما يُلاحظ عند املاءاتها من غير ان تستفيد شيئا في المقابل دعك عن ان تكون هي القائدة للاقتصاد العالمي. فامريكا والغرب مثلا من خلال 5+1 تجلس مع ايران ندا لند وتتعاطى مع دول الخليج العربي على انها توابع او حساب طوارئ تلجأ اليه عند الازمات.
ببساطة لان امريكا والغرب تحترم الاقوياء وتزدري الضعفاء وتوهم بالتالي حكومات دول الخليج انها هي الحامية لهم وان ديمومتهم مرتبطة بارتباطهم بها سياسيا واقتصاديا وعسكريا وغيره كثير. تفاهمت ايران مع امريكا والغرب واخذت العراق، والان العراق دولة شيعية على الاقل رسميا. وثمة من يجادل ان ايران من خلال 5+1تفاوض من اجل ابقاء النظام السوري الموالي لها، الذي يقع ضمن شبكتها الاستراتيجية وقد تنجح في ذلك.
ويذهب البعض ومنهم ايرانيون الى ان الضغط الايراني في الخفاء على امريكا والغرب هو احد اهم الاسباب في عدم التدخل الغربي لوقف حمامات الدم اليومية في سورية، وان النظام متروك يفعل ما يشاء مثل اسرائيل تماما.
لا ادري ماذا يمكن ان يحصل لو ان دول الخليج مجتمعة توجه بوصلتها الاقتصادية نحو الصين ودول البريكس، التي يرجح الكثيرون انها ستمسك بزمام الاقتصاد العالمي مستقبلا؟ على الاقل تُشعر امريكا والغرب المتغطرس ان البدائل موجودة
وبعطاءات افضل.

‘ استاذ جامعي وكاتب قطري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية