البرلمان العراقي يبدأ دورته الجديدة بمعركة مع الإعلام

حجم الخط
0

بغداد – “القدس العربي”: بدأ رئيس البرلمان العراقي الجديد محمد الحلبوسي، فترة ممارسة مسؤوليته بفتح معركة مع وسائل الإعلام التي وجهت الاتهامات له ولبعض النواب باستخدام المال السياسي للحصول على المناصب الرفيعة في الدولة، مع انتقادات لاذعة لانشغال النواب وأحزابهم بالمناصب والامتيازات ونسيان أزمات البلد.

فبعد توليه رئاسة البرلمان رسميا، توعد الحلبوسي، بملاحقة وسائل الإعلام التي شككت في صحة انتخابه ونقلت اتهامات سياسيين له باستخدام المال لشراء أصوات نواب ساعدوه لتولي منصب رئاسة البرلمان، الأمر الذي دفع بالكثير من النواب والقوى السياسية ووسائل الإعلام، إلى المطالبة بالتحقيق في الموضوع لخطورته وأثره في فقدان المواطنين ثقتهم بالسلطة التشريعية، خاصة مع الضجة التي أثيرت حول تزوير الانتخابات الأخيرة.

وكانت وسائل إعلام عراقية من بينها قناة “الشرقية” الفضائية، أكدت وجود عمليات بيع وشراء لأصوات النواب لاختيار شخصيات محددة في بعض المناصب العليا ومنهم النائب محمد الحلبوسي الذي ترشح لمنصب رئيس البرلمان ودفع أكثر من 30 مليون دولار، للأعضاء الذين ينتخبونه، حسب تلك الوسائل الإعلامية.

وعقب انتشار هذه الأخبار الحساسة، دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي الأخير، لإجراء تحقيق في شبهات فساد أثناء اختيار رئيس مجلس النواب الجديد، من خلال قيام أشخاص بتصوير أوراق الاقتراع لبعض النواب خلال عملية انتخاب رئيس المجلس ونائبيه في منتصف الشهر الحالي، فيما أدان تصرفات نواب خلال تلك الجلسة. كما رفض العبادي تدخل الأحزاب في استقلالية القرار في مؤسسات الدولة، داعيا إلى تسريع تشكيل الحكومة الجديدة وفقاً للمواعيد الدستورية.

ورد رئيس مجلس النواب الحلبوسي، ان “رئاسة البرلمان لن تسمح مطلقاً بأي شكل من أشكال التدخل في شؤون السلطة التشريعية” مؤكدا أنّ “الدورة البرلمانية الجديدة ستختلف عن سابقاتها” وان “مجلس النواب لن يَتسلّم توجيهات أو أوامر من أي شخصية أو سلطة، ولن يستمع إلا لصوت الشعب” حسب قوله.

وحول اتهامات بالفساد في التصويت على انتخابه، أشار الحلبوسي إلى ان “رئاسة البرلمان وجهت الدوائر المعنية بإجراء تحقيق شامل وموسّع بشأن تصريحات بعض النواب، والجهة الإعلامية التي روّجت لأكاذيب لا صحة لها، خصوصاً وأنّ تلك الجهة الإعلامية المضللة كانت ولا تزال تعمل بشكل غير رسمي، وبعلم ودعم رئيس مجلس الوزراء، وخلافاً للقوانين النافذة”.

ودعا الحلبوسي في بيانه، العبادي إلى “الاهتمام بصوت المواطن ومعاناته واحتياجاته، وعدم الالتفات إلى الأصوات النشاز التي تعاني من عُقد الماضي، وأوهام المستقبل”.

وقد تم انتخاب محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان في 15 أيلول/سبتمبر الحالي، من بين ثمانية مرشحين من السنة، بعدما حصل على ترشيح كتلته (السنية) إضافة إلى دعم كتلة البناء الشيعية وبعض الأحزاب الكردية، ضمن صفقة توافقية بين القوى السياسية لاختيار الرئاسات الثلاث والحكومة المقبلة.

وكان العديد من وسائل الإعلام المحلية، نقلت كشف النائبة عن تحالف سائرون ماجدة التميمي عن حقيقة ما حدث داخل قبة البرلمان أثناء عملية انتخاب رئيس المجلس ونائبيه من قبل الأعضاء.

وقالت في تصريحات صحافية إن “عملية التصويت في البرلمان شابتها الشكوك وعلامات الاستفهام وسوء التصرف، وتحول المجلس إلى بازار بيع وشراء للأصوات” مبينة انه عندما يأتي دور النائب للتصويت يتجه الأخير لأخذ ورقة التصويت بعدها يذهب مباشرة إلى محافظ صلاح الدين والنائب الحالي احمد الجبوري، الذي وصفته بعراب الصفقة، حيث يطلع على اختيار النائب ثم يقوم بالتقاط صورة للورقة لإثبات اختياره ويذهب بعدها النائب إلى الصندوق ويضع ورقة التصويت.
وذكرت انها سألت النائب احمد الجبوري عن سبب تجمع النواب عنده قبل ذهابهم لصندوق التصويت والإدلاء باختيارهم “فأجابني بالحرف الواحد (اني شراي واكو ناس تبيع)”.

وأكد ادعاء النائبة ماجدة التميمي (من التيار الصدري) قيام قنوات عديدة بعرض لقطات للتميمي وهي تصرخ وسط قاعة البرلمان أثناء عملية التصويت، بعبارات منها “هكذا تبيعون دماء العراقيين”.

وسبق لعدة وسائل إعلام محلية ومراجع دينية واجتماعية، ان وجهت انتقادات لاذعة للقوى السياسية بعد كشف الإعلام تورط معظمها في فضيحة تزوير الانتخابات الأخيرة التي جرى لملمتها وتمرير النتائج لاحقا. بينما كشفت قناة “الشرقية” الفضائية، تورط النائب محمد الحلبوسي عندما كان محافظا للأنبار، في قضايا فساد من بينها التلاعب بمبالغ مخصصة لإقامة مدينة صناعية في المحافظة. وقد أدت تلك الاتهامات إلى قيام الحلبوسي بمنع عمل قناة “الشرقية” في الأنبار.

ولم تكن هذه الحوادث الوحيدة التي عكرت العلاقة بين البرلمان والإعلام العراقي مؤخرا، حيث انتقدت وسائل إعلام عدم سماح إدارة البرلمان لها بتغطية فعالياتها ومنها مجريات عملية انتخاب رئاسة البرلمان، بينما تلقت الدائرة الإعلامية في مجلس النواب شكوى من النائبة هيفاء الأمين على قناة “هنا بغداد” بخصوص تقديمها برنامجا انتقدت فيه تدافع النواب أثناء توزيع حقائب عليهم، حيث سخر مقدم البرنامج قائلا: “إذا كان النواب يتدافعون على توزيع الحقائب وسيم كارت الموبايل، فماذا سيفعلون ازاء الصفقات والأموال؟”.

ومؤخرا تناقلت وسائل الإعلام تصريحات متلفزة للخبير القانوني طارق حرب، أعلن فيها ان مجلس النواب شرع لنفسه قانون تقاعد جديدا منح بموجبه امتيازات مالية كبيرة للنواب دون الإعلان عنه عبر وسائل الإعلام لتجنب النقد. ونقلت وسائل الإعلام أيضا تصريح حرب بأن عدد موظفي مجلس النواب تجاوز أربعة آلاف يتقاضون رواتب ومخصصات خيالية ويتم تعيينهم من قبل الأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية وان هناك مئات المستشارين يعملون في مجلس النواب يتقاضى كل واحد منهم راتب نحو ثمانية ملايين دينار.

وللبرلمان العراقي خلال الدورات السابقة منذ 2003 تاريخ من الخلافات مع وسائل الإعلام، أدى إلى انتقاده لها وتهجمه عليها ومنع بعض القنوات الفضائية العراقية والعربية، من دخول البرلمان لتغطية فعالياته، وذلك ردا على انتقادات الإعلام وكشفه مخالفات وفضائح يرتكبها بعض النواب والكتل النيابية، إضافة إلى انتقاد تقاعس البرلمان عن تمرير قوانين مهمة جدا للمواطنين وللبلد منذ سنوات لوقوعه تحت ضغوط النخبة السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية