البرلمان العراقي صادق على تجريم الدعارة والمثلية رغم ضغوط كبيرة مارستها واشنطن وحلفاؤها

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: نجح مجلس النواب العراقي (البرلمان) بتشريع قانون يجّرم «الدعارة والشذوذ الجنسي» رغم محاولات الولايات المتحدة الأمريكية و16 دولة أوروبية عرقلة تمريره وسحبه من جدول أعمال جلسات المجلس السابقة. وفيما اعتبرت واشنطن القانون بأنه يهدد الحريات وحقوق الإنسان في العراق، كشف سياسي عراقي عن نجاح السلطة التشريعية في تمرير القانون عقب إتمام زيارة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، إلى الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق من هذا الشهر.

محتويات القانون

ويجرم القانون العراقي العلاقات المثلية والتحول الجنسي بعقوبة تصل إلى السجن 15 عاما، بعد أن كانت النسخة الأولى تنص على عقوبة الإعدام.
وتم اعتماد هذا النص الذي يمثل تعديلا لقانون مكافحة البغاء لعام 1988، خلال جلسة برلمانية عُقدت برئاسة محسن المندلاوي، وبحضور 170 نائبا من أصل 329، وفقا لبيان أصدرته الدائرة الإعلامية في البرلمان.
وتنص الأحكام الجديدة على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين 10 و15 عاما بالنسبة للعلاقات المثلية، فضلا عن تبادل الزوجات.
كما يفرض القانون عقوبة السجن «لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات على أي شخص يغير جنسه بيولوجيا أو يرتكب ممارسة مقصودة للتخنث أو يروج له». كما يحظر القانون «نشاط أي منظمة تروج للبغاء والمثلية الجنسية في العراق» ويعاقب عليه بالسجن سبع سنوات بتهمة «الترويج» للعلاقات المثلية.
وكشف عضو مجلس النواب، مصطفى سند، عما وصفها «ضغوطاً رهيبة» مورست من قبل سفارات 16 دولة أوروبية مع السفارة الأمريكية، لعرقلة تمرير ما سماه، قانون «مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي».
وذكر في «تدوينة» له، أن «الضغوط الّتي مارستها سفارات (16) دولة أوربية والسفارة الأمريكية، كانت ضغوطا رهيبة، على المشرع العراقي وعلى القيادات العراقية، لغرض عدم تشريع التعديل الأول الخاص بقانون مكافحة البغاء والشذوذ الجنسي، لدرجة تم سحب القانون من جدول الأعمال، كذلك تم تأخير التصويت من قبل البرلمان العراقي بسبب زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن، خشية تعكير جدول الزيارة». وأضاف: «تم التصويت على التعديل من قبل مجلس النواب، وهو أمر يُحسب للّوبي البرلماني الضاغط، وتُحسب للرئيس المندلاوي شجاعة القرار».

الخارجية الأمريكية قلقة ودول أوروبية اعترضت على تشريعه

وفور تشريع القانون، أكد رئيس مجلس النواب بالنيابة، محسن المندلاوي، أنه يمثّل «مصلحة عُليا» لحماية البُنية القيمية للمُجتمع.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب بالنيابة في بيان إن «تصويت المجلس على مقترح قانون التعديل الأول لقانون مكافحة البغاء رقم (8) لسنة 1988، خطوة ضرورية لحماية البنية القيمية للمجتمع، ومصلحة عُليا لحفظ أبنائنا من دعوات الانحلال الخلقي والشذوذ الجنسي التي باتت تغزو دول العالم» مشيراً إلى أن «القانون وفرّ الغطاء التشريعي لردع هذه الأفعال ومن يروج لها، وعالج النقص الحاصل في التشريعات العراقية في هذا الجانب».
وأضاف المندلاوي: «شاركنا في عدد من اجتماعات اللجنة القانونية المخصصة لمناقشة وإنضاج قانون مكافحة البغاء، وأكدنا حرص الرئاسة على استكماله لأهميته، وبدورنا نوجه شكرنا للجنة القانونية والسيدات والسادة النواب على هذا الإنجاز الذي يصب في مصلحة مجتمعنا» مؤكدا، أنه «لا مكان للمثلية في عراق الأنبياء والأئمة الطاهرين والأولياء الصالحين». وينتظرُ تعديل القانون، مصادقة رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، ثم نشره في الجريدة الرسمية، ليأخذ طريقه نحو التنفيذ.

الرفض الأمريكي

الخارجية الأمريكية ذكرت في بيان صحافي أن «قانونا أقره البرلمان العراقي، يوم السبت، لتجريم العلاقات المثلية يهدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية في البلاد» معتبرة إن القانون الجديد «سيضعف قدرة العراق على تنويع اقتصاده وجذب استثمارات أجنبية».
وحسب البيان فإن «الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق إزاء إقرار مجلس النواب العراقي تعديلا على التشريعات القائمة، والذي يُسمى رسميا بقانون مكافحة الدعارة والمثلية الجنسية، والذي يهدد حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي يحميها الدستور» مشيرة إلى أن «القانون يحظر العلاقات الجنسية المثلية مع فرض غرامات باهظة والسجن، ويعاقب أولئك الذين يروجون للمثلية الجنسية» مؤكدة أن «الحد من حقوق بعض الأفراد في مجتمع ما يقوض حقوق الجميع».
وأوضحت الوزارة أن «هذا التعديل يهدد الفئات الأكثر عرضة للخطر في المجتمع العراقي. ويمكن استخدامه لعرقلة حرية الرأي والتعبير ومنع عمليات المنظمات غير الحكومية في جميع أنحاء العراق». وأكدت أن التشريع «يضعف قدرة العراق على تنويع اقتصاده وجذب الاستثمار الأجنبي، وقد أشارت تحالفات الأعمال الدولية بالفعل إلى أن مثل هذا التمييز في العراق سيضر بالنمو التجاري والاقتصادي في البلاد».
وشددت وزارة الخارجية الأمريكية على أن «احترام حقوق الإنسان والإدماج السياسي والاقتصادي أمر ضروري لأمن العراق واستقراره وازدهاره. ويتعارض هذا التشريع مع هذه القيم ويقوض جهود الإصلاح السياسي والاقتصادي التي تبذلها الحكومة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية