البابا يدعو من البحرين إلى الحوار في مواجهة منطق “الكتل المتعارضة”

حجم الخط
1

العوالي (البحرين): ندّد البابا فرنسيس في اليوم الثاني من زيارته الى البحرين بمنطق “الكتل المتعارضة” بين الشرق والغرب والتي تجعل العالم في “توازن هشّ”، مؤكداً إصراره على خيار الحوار كبديل عن “المواجهة”.

وبعدما اقتصرت محطات زيارته منذ وصوله الخميس على لقاءات رسمية، ترأس البابا لقاء مسكونياً وصلاة من أجل السلام في كاتدرائية سيدة العرب، الكنيسة الكاثوليكية الأكبر في منطقة الخليج، حيث استقبله مئات المؤمنين من المسيحيين الكاثوليك العاملين في المملكة بالتصفيق والدموع.

والزيارة التاريخية هي الثانية للحبر الأعظم إلى شبه الجزيرة العربية منذ رحلته التاريخية إلى الإمارات عام 2019. وجاءت في إطار ملتقى البحرين للحوار “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، الذي حضره قرابة مئتي شخص من مسؤولين ورجال دين بارزين من الشرق الأوسط.

في كلمة ألقاها في ختام الملتقى خلال حفل أقيم في ميدان صرح الشهيد في قصر الصخير الملكي بحضور العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة وشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، قال البابا فرنسيس إنّ “عددا قليلا” من أصحاب النفوذ يخوضون صراعاً من أجل “المصالح الخاصة، يحيون اللغات القديمة ويعيدون رسم مناطق النفوذ والكتل المتعارضة”.

وأضاف “للأسف الشرق والغرب يشبهان بصورة متزايدة بحرين متخاصمين، لكن نحن هنا معا لأننا عازمون على الإبحار في البحر نفسه واختيارنا هو طريق اللقاء بدلا من طريق المواجهة، وطريق الحوار الذي يشير إليه هذا المنتدى”.

ونبّه البابا مما وصفه بأنه “سيناريو مأساوي”. وقال “نلعب بالنار وبالصواريخ والقذائف وبأسلحة تسبب البكاء والموت ونغطي البيت المشترك بالرماد والكراهية”.

يكرر البابا انتقاده للنزاعات التي تغزو العالم واللجوء الى لغة السلاح والتهديد باستخدام السلاح النووي، على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا الذي دخل شهره التاسع ويعارضه بشدة.

في كلمة ألقاها في مسجد القصر الملكي بعد ظهر الجمعة، شدّد البابا فرنسيس على أن “إله السلام لا يقود أبداً إلى الحرب”، مندداً بالذين “يؤمنون بأساليب القوة ويدعمون العنف والحرب وتجارة السلاح وتجارة الموت”، في إشارة ضمنية الى بطريرك الارثوذكس الروس كيريل، الداعم لغزو روسيا لأوكرانيا.

“التقاء فكرين”

والتقى البابا، الذي يستخدم كرسياً متحركاً للتنقل وعصا بسبب آلام مزمنة في الركبة، شيخ الأزهر في اجتماع مغلق بعد ظهر الجمعة. ووقع الرجلان عام 2019 في أبوظبي وثيقة تاريخية حول الأخوة الإنسانية.

وفي كلمته أمام “مجلس الحكماء المسلمين”، بسط البابا يده مجدداً للحوار. وقال “جئت إليكم مؤمناً بالله وأخاً وحاج سلام. جئت إليكم لنسير معاً”.

وبينما يحمل البابا فرنسيس راية الحوار مع الإسلام، وجّه شيخ الأزهر في ختام ملتقى البحرين نداء الى علماء الطائفة الشيعية لعقد حوار إسلامي- إسلامي، يصار خلاله إلى نبذ “الفتنة والنزاع الطائفي”، في وقت تشهد دول عدة في المنطقة وحول العالم توترات على خلفية مذهبية.

واختتم الحبر الأعظم اليوم الثاني من زيارته بترؤسه لقاء مسكونياً في كاتدرائية سيدة العرب في العوالي التي جرى افتتاحها عام 2021، بحضور المئات من المصلين، غالبيتهم من العمال الوافدين الى المملكة.

ودخل البابا على كرسيه المتحرك الى الكاتدرائية على وقع التصفيق، في أول لقاء بين رأس الكنيسة الكاثوليكية والمسيحيين المقيمين في البحرين. ولم يتمالك كثر دموعهم من شدة تأثرهم ورفع كثر هواتفهم لتوثيق الذكرى.

وشارك في الصلاة المسكونية داخل الكاتدرائية الحديثة الطراز، عدد من رجال الدين الممثلين لطوائف مسيحية عدة، شارك عدد منهم في ملتقى البحرين للحوار. وتلا رجال الدين صلوات من أجل السلام بلغات عدّة.

وهذه الزيارة التاسعة والثلاثين للبابا الى الخارج منذ انتخابه على سدّة الكرسي الرسولي عام 2013، إذ شملت جولاته أكثر من عشر دول ذات غالبية مسلمة، بينها الأردن وتركيا ومصر وبنغلادش والعراق.

“مؤسسات مساءلة”

وتأتي زيارة البابا على وقع انتقادات منظمات حقوقية للبحرين إزاء سياسة التمييز التي تطال ناشطين ومعارضين سياسيين في البلاد التي شهدت اضطرابات في أعقاب تظاهرات مطالبة بتغيير نظام الحكم في 2011.

ودعت تسع منظمات حقوقية بينها هيومن رايتس ووتش، الثلاثاء، البابا فرنسيس إلى الضغط على السلطات لـ”إلغاء عقوبة الإعدام، والتحقيق بجدية في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة”. ووجّهت عائلات 12 محكوما بالإعدام، الخميس، إليه رسالة حثّته على طلب تخفيف الأحكام بحق أبنائها.

وكان البابا شدّد في خطابه الأول، الخميس، أمام كبار المسؤولين ودبلوماسيين، على أهمية ألا يكون هناك “تمييز ولا تُنتهك حقوق الانسان الأساسية، بل يتم تعزيزها”. وأضاف “أفكر قبل كل شيء في الحق في الحياة، ضرورة ضمانه دائماً، حتى عند فرض العقوبات على البعض، حتى هؤلاء لا يمكن القضاء على حياتهم”، في إشارة ضمنية الى عقوبة الإعدام.

في 2017، نفّذت البحرين أول عملية إعدام بعد سبع سنوات من إعدام آخر شخص. ومنذ ذلك الحين، أعدمت ستة أشخاص، بعضهم على خلفية قضايا ترتبط بالاضطرابات التي شهدتها البلاد في 2011. وهناك 26 شخصا محكوم عليهم بالإعدام.

وتنفي السلطات البحرينية الانتقادات ذات الطابع الحقوقي التي تطالها.

(أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    ها ها ها، البابا يتجاهل معاناة الفلسطينيين الأبرياء العزل المساكين الصامدين في وجه ابرتهايد الصهيونية البغيضة التي تقتل أطفال فلسطين وتهدم منازلهم بغير وجه حق منذ 1948 وإلى يوم الناس هذا ???

إشترك في قائمتنا البريدية