الانتخابات المحلية: الليبرالي يائس والحريدي يتقدم.. وطابع إسرائيلي ينذر بحرب دينية

حجم الخط
0

حلقت أجواء اليأس فوق المعسكر الليبرالي بعد ظهور نتائج انتخابات السلطات المحلية. ومن جهة أخرى، أظهر مصوتو أحزاب الائتلاف الثقة المتجددة بتعزز عناوين مثل “شاس” ونجاح مرشحين مؤيدين من الكهانيين في بعض المدن.
هذه الأحاسيس يجب أخذها بضمان محدود. المعسكر الليبرالي سجل نجاحات كثيرة مثل نجاح مرشحه في “عقد جديد”، وهي الحركة المؤيدة للاحتجاج، ونجاح حزب “يوجد مستقبل” (باستثناء الخسارة في “عراد” التي بدأت تميل إلى الحريدية، وتل أبيب – يافا مع رئيس بلدية أكثر تماهياً مع الاحتجاج). إن بشرى ميل مدن ومستوطنات، مثل صفد و”متسبيه رامون”، إلى أن تصبح حريدية أو حريدية قومية هي قصة قديمة جداً، والنتائج هناك تعكس تركيبة السكان. ومأساة القدس معروفة منذ سنوات، والجمهور العلماني والليبرالي يهرب منها بشكل جماعي منذ عقود.
في المقابل، تل أبيب – يافا، التي عاشت فيها طائفة متدينة أكثر في السابق، فازت فيها القوائم العلمانية والليبرالية بأغلبية ساحقة. وكان هذا كافياً لتشكيل ائتلاف بدون المتدينين أو اليمينيين. المدينتان الكبيرتان هما القاطرتان اللتان تقودان الفصل المادي بين الأسباط في إسرائيل، طوال الطريق ووصولاً إلى التمترس القطاعي في معاقل متميزة. المدن الحريدية، التي لا يدخل إليها العلمانيون والليبراليون ولا يعرفون أي شيء عنها إلى جانب معاقل علمانية لا تتحمل أي وجود ديني.
لكن الحقيقة أن هذه الانتخابات واجهت لامبالاة كبيرة في أوساط الجمهور، ليس فقط في أوساط الجمهور الليبرالي. وفي القدس، التي بدأت تصبح أكثر حريدية ويعتبرها الليبراليون مقدمة لتسويق مخيف لعملية إضعاف ووهن متوقعة لإسرائيل، حيث وصلت نسبة التصويت إلى أكثر بقليل من 31 في المئة (مع الأخذ في الحسبان مقاطعة أصوات العرب في شرقي القدس، ما زالت نسبة منخفضة، 50 في المئة في أوساط اليهود).
كثيرون ممن كلفوا أنفسهم عناء الذهاب إلى صناديق الاقتراع في أرجاء البلاد لم يعرفوا حتى اللحظة الأخيرة لمن سيصوتون، وفي نهاية المطاف قرروا، استناداً إلى توصية مستعجلة أو شائعة قبلية. ربما هذا هو الجوهر في أساس أي صوت في صناديق الاقتراع، لكن في هذه المرة حتى إنه لم يتم تزوير الموضوع الذي رافقها. الحرب وحدها ليست هي التي تسلب كل القوى وتترك القضايا المحلية في قائمة غير المهم. الجمهور، الليبرالي بشكل خاص، لا يعتبر هذه الانتخابات معركة مهمة في الحرب على طابع إسرائيل، خلافاً لأحداث ديمقراطية مثل انتخابات نقابة المحامين مثلاً، التي شملت أهمية فعلية بخصوص مصير الانقلاب النظامي والنضال ضده.
على خلفية خيبة الأمل من نتائج الانتخابات للسلطات المحلية، بات المعسكر الديمقراطي يلاحظ التعب واليأس، بل ويخشى من خفوت الاحتجاج إلى درجة الاحتضار. ربما تتدخل رغبة الموقعة أدناه، لكن قد نرى في ذلك تجميعاً للقوى استعداداً لنضال كبير أصبح قريباً جداً، “المعركة على تبكير موعد الانتخابات العامة”. هذه معركة طويلة لم تبدأ بعد، لكن رغم التأخير فالمعنى أمر محتم. أيضاً قانون التجنيد ومسألة تهرب الحريديم قد تثير اهتماماً كبيراً، وربما تقوض استقرار الحكومة، وهذا ما قد نفهمه من تصريح دراماتيكي لوزير الدفاع يوآف غالانت أمس، الذي دعا إلى خطة تجنيد للحريديم متفق عليها.
إسرائيل تراوح الآن في المكان بانتظار سلبي جداً لشهر رمضان، وإلى جانبه صفقة تبادل، أو، لا سمح الله، حرب دينية هستيرية يدفع نحوها جميع الأصوليون في المنطقة، ومن بينهم أعضاء في حكومة إسرائيل. مواقف حماس الحالية، على رأسها إعادة سكان شمال القطاع إلى بيوتهم، وانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع، غير مقبولة حتى لممثلي المعسكر الديمقراطي في الكابينت والحكومة. “في هذه الأثناء، مواقف حماس لا تمكننا من فحص نوايا نتنياهو الحقيقية”، قال مصدر في المعسكر الرسمي. “لم نصل بعد إلى المكان الذي يمكن فيه لجهاز الأمن، أو لنا، القول بأنها صفقة معقولة، وأن نتنياهو يقوم بإفشالها لاعتبارات سياسية”.
بناء على ذلك، ليس مستغرباً أنه رغم عنف الشرطة في المظاهرات وضائقة عائلات المخطوفين، فالاحتجاج لم يرفع رأسه. بعض فيالق الصامتين الذين شكلوا الكتلة الحاسمة في أحداث مثل ليلة غالانت، لم يجدوا أنفسهم في خلاف حقيقي مع الحكومة حول طبيعة إدارة الحرب. لا يوافقون على طلبات حماس، وهم معنيون بدفع حساب الفشل بعد تهدئة ما في الوضع. ولكن هامش المماطلة هذا يحسم مصير المخطوفين وعائلاتهم. لا وقت لديهم لذلك.
رفيت هيخت
هآرتس 29/2/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية