الازمة السورية لن تنتهي برحيل الاسد.. الجهاديون حاضرون في 14 اقليما.. واصابع ايران ايضا

حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي” ـ اعداد ابراهيم درويش: حذر مسؤولون امريكيون من ان الحرب في سورية ستستمر حتى في حالة انتصار المعارضة المسلحة ونجاحها بالاطاحة بالرئيس بشار الاسد. ووصف جيمس كلابر، مدير الامن القومي الحرب بانها ستكون طائفية،
فيما اشار السفير الامريكي في دمشق، روبرت فورد إلى ان الحكومة السورية التي “تخشى من الموت ستقاتل حتى الموت”، ويمثل ما قدمه المسؤولان الامريكيان، اضافة لشهادة وزير الدفاع امام الكونغرس تقييما قاتما.

وجاءت التقييمات الامريكية في الوقت الذي فشلت فيه بريطانيا باقناع مجموعة الدول الثماني برفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية، حيث نسب وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج الامر الى الخلافات داخل المجموعة وعرقلة امكانية حل الازمة السورية التي دخلت عامها الثالث، وقال هيج عقب الاجتماع الذي استضافته لندن ان “الانقسام لا يزال مستمرا، هل قمنا بحله، لا، ولا اتوقع ذلك، ولكن العالم فشل في تحمل مسؤولياته ولا يزال”.
ولم يجد ممثلو المعارضة السورية الذين حضروا على هامش المؤتمر الا ان يطلبوا مزيدا من الدعم الانساني. وقالت اليزابيث جونز ـ القائمة باعمال المسؤول المساعد لشؤون الشرق الادنى في الخارجية الامريكية التي حضرت الى جانب فورد امام لجنة الشؤون الخارجية ان الوضع في سورية ليس جيدا. وتوقعت ان يتضاعف عدد اللاجئين السوريين، الحالي 1.3، الى ضعفين او ثلاثة اضعاف بنهاية العام الحالي.
المتطرفون في صعود
وفي تقييمهم للوضع الميداني قال المسؤولون الامريكيون ان المقاتلين حققوا تقدما وان كان بطيئا ضد قوات الاسد وسيطروا على مناطق واسعة، وفي الوقت نفسه حذروا من المخاطر النابعة من صعود المتطرفين التي قال فورد ان قوتهم تعززت بتأثير ايراني “خبيث”.

وحذر فورد قائلا ان هناك “تنافسا يتشكل بين الفصائل المتشددة والمتطرفة في سورية. وكان فورد قد التقى قادة المعارضة في لندن حيث قال: “يجب ان نضع ثقلنا نيابة عمن يدعون للحرية والتسامح”. وقال فورد ان الولايات المتحدة تقوم بحث المعارضة على مد اليد للجماعات والاقليات في سورية بمن فيهم المسيحيون والعلويون قائلا: “هناك حاجة الى التفاوض على حل سياسي لانه بدون تسوية، فاننا نعتقد ان الموالين للنظام الذي يخشون الموت سيقاتلون حتى الموت”.

فصائلية

وفي نفس السياق قال كلابر، امام لجنة الشؤون الامنية في الكونغرس ان ما ستنجلي عنه الاوضاع هي سورية مقسمة بناء على الخطوط الجغرافية والطائفية واستخدم في هذا السياق كلمة “فصائلية”، حيث سيتواصل القتال بين الميليشيات لسنة او سنة ونصف السنة بعد خروج الاسد من السلطة. وقال ان هناك “المئات من هذه الميليشيات التي تقاتل في شمال وشرق البلاد”، مضيفا انها تقوم “بتحقيق سيطرة على مناطق جديدة”، قائلا انها حاضرة في 13ـ 14 محافظة في سورية. واعترف كلابر ان الاستخبارات الامريكية لا تقوم بالتفكير او التكهن حول مصير الاسد، متى سيرحل والى اين سيرحل، خاصة ان الرئيس السوري لا يزال يؤمن بقدرته على القضاء على الثورة.

وعلق كلابر قائلا ان “الاسد يعتقد ان لديه اليد العليا وانه ينتصر”، مشيرا الى ما قاله الاسد انه ولد في سورية وسيموت فيها. وعن الخطر الكيماوي السوري وتأمين المخازن من امريكا وحلفائها في المنطقة اجاب انه غير متأكد من الكيفية لكن الامر سيكون مرهونا بالوضع. وفي سياق اخر اخبر وزير الدفاع تشاك هاجل لجنة الدفاع في الكونغرس ان الادارة لم تلاحظ اي استخدام للسلاح الكيماوي “وبالتأكيد فان تم تجاوز هذا الخط فسيكون امامنا وضع مختلف، وعندها سندخل في اتجاهات اخرى، خاصة ان وقعت الاسلحة في الايدي الخطأ”.
سترة واقية لا تحارب سكود
وفي الوقت الذي اكد فيه الرئيس باراك اوباما اهمية الدعم الانساني ووقع على مساعدات جديدة، اضافة الى تدريب سري لجماعات المعارضة في الاردن الا ان المسؤولين في الجلسة كرروا رفض الادارة تسليح المعارضة، وهو القرار التي يقول نقاد الادارة انه عرض المقاتلين لاسلحة النظام الثقيلة وسمح له كما اشار تقرير منظمة “هيومان رايتس ووتش” باستهداف التجمعات المدنية خاصة في حلب.

وانتقد جون ماكين، النائب الجمهوري عن ولاية اريزونا والداعي لتسليح المقاتلين الموقف حيث علق في الجلسة انه “يتفهم لماذا لا يشعر المقاتل السوري بالراحة لكونه يحصل على سترة واقية من الرصاص خاصة عندما يتم دكه بصواريخ سكود وقصف جوي”. وقال ماكين “لقد قابلت القيادة العسكرية للمعارضة، وزرت المخيمات، لا يشعرون بالامتنان لنا بل بالمرارة والغضب”.

وكان الرئيس باراك اوباما قد ناقش الوضع في سورية مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الذي دعا الرئيس اوباما لاظهار قيادة قوية في الازمة. وفي الوقت الذي اعترف فيه اوباما بحراجة الوضع الا انه اكد اهمية “التوصل الى عملية نقل سياسي فاعلة تحترم حقوق كل السوريين”. وعلى المدى القريب اكد اوباما اهمية ” التخلص من جزء من المذبحة”.
يجب ان نكون واقعيين

وفي تعليق على الوضع السوري قالت صحيفة “اندبندنت” ان عدم الاهتمام الاعلامي والدولي بالازمة السورية في الاونة الاخيرة لا يعني ان الوضع اقل دموية واكثر تفاؤلا ولكن لان عددا قليلا من الاشخاص قادرون على الدخول لسورية وتوثيق ما يحدث هناك، مشيرة الى زيارة مراسلها روبرت فيسك الذي وصف الحياة في العاصمة السورية بانها شبه طبيعية وسط سقوط القذائف، وقال ان الحرب وان وصلت دمشق الا انها لم تتحول بعد الى محور حرب.

وتقرير فيسك يقدم صورة قاتمة لانه وبعد عامين من الحرب واكثر من 70 الف قتيل وملايين المهجرين فالاسد لا يزال مصمما والعنف مستمرا، فيما توجد ادلة على استخدام القنابل العنقودية والاتهامات متبادلة بين الطرفين حول استخدام السلاح الكيماوي.

واضافت الصحيفة ان الرد الطبيعي على الفظائع هو الرغبة بوقفها، مشيرة الى ما قاله هيج الذي وصف سورية بأنها تتحول الى كارثة القرن الحادي والعشرين الانسانية. وقالت ان المشاعر العاطفية هذه مفيدة ولكن لو لم توقف روسيا عمليات حل الازمة في الايام الاولى فان حلولا عملية كان يمكن التوصل اليها، فالوضع على الارض غامض، وهناك مخاطر من تفكك البلاد على اسس طائفية، يضاف الى ذلك الخلافات التي تطبع المعارضة وتعدد الولاءات فيها.
وفي النهاية قالت ان ما يمكن للمجتمع الدولي عمله هو فرض العقوبات وحظر تصدير السلاح على سورية واللجوء الى محكمة جرائم الحرب الدولية، اضافة لزيادة الدعم الانساني، اما فيما يتعلق بالدعم العسكري مباشرا كان ام غير مباشر فهو متأخر.

في دمشق

وتساءل فيسك في بداية مقاله ان كانت دمشق محاصرة واجاب بنعم، وان كانت في حالة حرب والاجابة “لست متأكدا”. لكن هناك شيئا غير عادي يحدث هو القصف المستمر والقنابل التي تنهمر من جبل قاسيون الى داريا وفوق قصر العظم وقبر صلاح الدين والمسجد الاموي وو.. غيرها من المعالم التاريخية الضاربة في القدم.

ويقول ان الحياة تبدو عادية على الاقل مع ان الارض تهتز من القذائف، ففي فندقه كل شيء طازج، وحوله كل الشائعات عن الحرب، فقد اخبره شخص موثوق بان ضريح السيدة زينب دمرته قنابل هاون اطلقها سلفيون عليه. وعندما يزور المكان يرى ان ضررا بسيطا حصل على رخامه ولكن المكان لا يزال كما هو. ويرصد الكاتب وضع السوريين في دمشق والكيفية التي تتضاءل فيها امال الطبقة المتوسطة حيث تركت الحرب اثارها عليهم، ففي محطات الباصات التي كانت تعلن عن رحلاتها باللوحات الالكترونية الان اصبحت تكتب باليد. كما لم يصل الى محطة قطارات دمشق الكبيرة اي قطار منذ ستة اشهر.

ويتساءل الكاتب عن طبيعة من هم تحت الحصار، هل هم اصحاب المحلات والطبقة المتوسطة في المزة “الموالون” للرئيس ام سكان داريا الذين تركوا للعيش في الاقبية وبين بيوتهم المدمرة حيث تم محو مجتمع باكمله كما قال له احد الصحافيين في دمشق. وينقل فيسك التناقض في داخل الروايات عن الحرب في سورية، واحياء ذكرى بداية الثورة التي قال ان اول هجوم على القوات السورية بدأ في صيف عام 2011 عندما تعرضت مفرزة للجيش وقتل منها 12 جنديا على جسر بانياس.
ومع ذلك فالرواية التي تقول ان الحكومة السورية التي تريد بناء نظام ديمقراطي لحماية البلاد يتم نقضها كل ساعة بالهجمات التي تقوم بها على من تقول انهم “ارهابيون”. ويرى الكاتب ان هناك عاملا من الانتقام يدفع الحرب حيث ينقل عن احد جنود القوات الخاصة الذي تعرضت فرقته لكمين قرب حماة كيف ذهب رفاق من قتلوا في الكمين لقتل من نصبوه. وبنفس السياق نقل عن صحافي اضطر للهرب من بلدته في الشمال عبر لبنان بعد ان قتل الثوار قريبا له فيما اعتبره رسالة موجهة اليه، والاعتداء على شخصية تلفزيونية معروفة اتهم المقاتلين بمحاولة قتله حيث قال انهم كانوا يعرفون مكان سكناه.
وقال انه طلب من جنود الحاجز توفير الحماية له لكن الجنود اخبروه ان واجبهم حماية مركز الاستخبارات في المنطقة. وعلى ذكر المخابرات يبدو ان الجميع يلومونهم على الازمة الحالية في سورية فردهم المجنون على الشعارات التي كتبت على جدران درعا ادت الى اندلاع العنف، وحتى الجنود يلومون المخابرات وغطرستهم على ما يحدث الان. ويكشف فيسك عن الحالة المعقدة لسورية حيث ينقل عن احدهم قوله “حقيقة، روبرت، هذا البلد كان معقدا لكن من الصعب فهمه الان”.
خذ مثلا ما قيل عن قائد لقوات المعارضة عرض جائزة 750 الف ليرة سورية للمقاتل الذي يغنم 25 دبابة، مع ان الدبابة وحدها تصل قيمتها الى مليون دولار او اكثر. ويصف زيارته لضريح السيدة زينب ولقائه مع احد العراقيين من النجف وهو لاجئ هرب من الحرب الطائفية هناك ليجد نفسه في وسط حرب اخرى. ويختم فيسك مقاله بالقول ان دمشق ليست لينين غراد في عام 1941 ولا ستالين غراد او تروي او بيروت عام 1982 على الاقل في الوقت الحالي، والوصف الذي سمعه من صديق ان دمشق ذاهبة ولكن ليس بعد.
مأساة اللاجئين العراقيين

ومادام الحديث عن اللاجئين العراقيين، فصحيفة “واشنطن بوست” تحدثت عن مأساة اللاجئ العراقي في سورية. وقالت ان حوالي 480 الف لاجئ عراقي لا يزالون في سوريةـ وامامهم الان خياران احلاهما مر، العودة الى عراق غير مستقر او البقاء في سورية على امل ان تتحسن الاوضاع. وقد اختار البعض العودة، فيما يحاول اخرون البحث عن موطن جديد، وتقول احصائيات الامم المتحدة ان حوالي 70 الف عراقي عادوا للعراق منذ صيف العام الماضي، وبنفس الفترة دخل اكثر من 41 الف عراقي الاراضي السورية. وتظهر حركة المهاجرين وضعا وجد فيه السكان انفسهم وسط حرب طائفية انتشرت على حدود البلدين.

ونقلت عن مسؤولة في مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان الهاربين من العراقيين يتشاركون بنفس المشاكل التي يواجهها السوريون، لان هؤلاء يحصلون على دعم من عائلات ممتدة او العشيرة. ومع ان العراقيين يهاجرون لسورية منذ عقود الا ان معدلاتهم ارتفعت في الفترة ما بين 2006-2009 هربا من الحرب الطائفية، ونسبة 60 بالمئة منهم من السنة، وهناك شيعة استقروا قرب ضريح السيدة زينب فيما استقر السنة في المدن خاصة دمشق، وحسب احصائيات الامم المتحدة فلديها 63 الفا مسجلين لديها، وتقول ان احصائيات الحكومة السورية مبالغ فيها ومدفوعة بدافع الحصول على دعم دولي.

وفي الوقت الذي سمح الوضع في سورية للعراقيين بالعيش نظرا لتكلفة المعيشة الرخيصة، والسماح لهم بادخال ابنائهم للمدارس الا ان الحكومة لم تسمح لهم بالعمل مما جعلهم يعتمدون على الدعم الانساني او العمل في الاعمال اليدوية فيما دفع بالكثير من العراقيات للعمل في الدعارة. وعندما اندلعت الحرب في سورية وجدوا انفسهم عالقين في وضع لا يمكنهم مغادرته بسبب عدم توفر كلفة السفر واضطر البعض منهم الى العيش في مناطق تحولت الى محاور حرب.

ونقلت عن لاجئ عراقي هرب بعد ان اعتقلته القوات الامريكية وسجنته 4 اعوام، حيث انتقل الى سورية وعاش في دمشق مع عائلته قوله انه هرب من بؤس ليواجه بؤسا اخر. وقال ان واحدة من بناته اصيبت عام 2011 بحروق جراء انفجار في مدرسة، فيما قتل قناص امرأة تعيش في نفس البناية عندما فتحت شباك شقتها. ويتعرض الحي الذي يعيش فيه لقصف مستمر لان الحكومة تعتبره مركزا لنشاطات المعارضة. ويقول اللاجئ ان الحرب في سورية الان تتخذ نفس الطابع الطائفي الذي عايشه في العراق، ولهذا قرر ارسال ولديه الى بيلاروس للدراسة والبنات الى العراق للعيش مع اقاربه. ومع تدهور الوضع قرر السفر الى تركيا بحثا عن عمل مخلفا وراءه زوجته واطفاله الصغار.

ويقول “الحياة صعبة، ولكنني صابر”. ونفس الوضع واجهه رعد يوسف، مسيحي عراقي، حيث غادر العراق تاركا وراءه بيته ومحل تصليح السيارات الذي يملكه، وسكن في الحي المسيحي في دمشق حيث يقول ان “نفس المأساة التي واجهناها في العراق تتكرر في سورية”، نفس “القتل العشوائي، الخارجين عن القانون وقتل الابرياء”، وفي الصيف قرر مغادرة سورية وتساءل ان كان بلده العراق آمنا ولكنه قرر الرحيل الى لبنان حيث يعيش هناك الان ويعيش على مساعدات الكنائس والمنظمات غير الحكومية ويأمل بالهجرة الى امريكا ونجاح طلبه الذي تقدم به للسفارة الامريكية “وسينهي معاناتنا الطويلة والعيش في خوف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية