الأمم المتحدة: المجاعة وشيكة في شمال القطاع بحلول مايو.. وفي غزة كلها في يوليو- (فيديو)

عبد الحميد صيام
حجم الخط
0

الأمم المتحدة: حذر تقرير شامل صادر عن مجموعة من خبراء الأمن الغذائي والعديد من المنظمات الدولية، الإثنين، عن حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد في غزة،  من خطر حدوث مجاعة في غزة بحلول نهاية شهر أيار/ مايو 2024 إلا إذا تم وقف فوري للأعمال العدائية وتزويد القطاع بشكل متواصل بالإمدادات الإنسانية والخدمات الأساسية، وهي الشروط اللازمة لمنع المجاعة.

غوتيريش: يعاني الفلسطينيون في غزة من مستويات مروعة من الجوع والمعاناة

وجاء في تقرير التصنيف المتكامل للأمن الغذائي (ICP) أن الحد الأقصى لانعدام الأمن الغذائي الحاد للمجاعة قد تم تجاوزه بشكل كبير في شمال غزة، وأن سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة يتقدم بوتيرة قياسية نحو العتبة الثانية للمجاعة. وذكر أن معدلات الوفيات غير الناجمة عن إصابات الرضوح ــ وهي المؤشر النهائي للمجاعة ــ تتسارع ولكن البيانات تظل محدودة، كما هو الحال في مناطق الحروب.

وقرأ  الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمام الصحافة المعتمدة، تعليقاً على صدور التقرير قائلا: “يشكل التقرير الأخير عن انعدام الأمن الغذائي في غزة إدانة مروعة للظروف التي يعيشها المدنيون على الأرض. ويؤكد كبار خبراء العالم في مجال انعدام الأمن الغذائي بوضوح أن المجاعة في الجزء الشمالي من غزة أصبحت وشيكة. ووفقاً للتقرير، فإن أكثر من نصف الفلسطينيين في غزة – 1.1 مليون شخص – استنفدوا تماماً إمداداتهم الغذائية ويواجهون جوعاً كارثياً ويعاني الفلسطينيون في غزة من مستويات مروعة من الجوع والمعاناة”.

وحذر غوتيريش  من أن هذا هو أكبر عدد من الأشخاص الذين يواجهون جوعاً كارثياً يسجله نظام التصنيف المتكامل للأمن الغذائي على الإطلاق – في أي مكان وفي أي وقت. وقال: “إنها كارثة من صنع الإنسان بالكامل”، ويوضح التقرير أنه من الممكن وقفها. “إن تقرير اليوم هو الدليل الأول على الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية. وإنني أدعو السلطات الإسرائيلية إلى ضمان الوصول الكامل وغير المقيد للسلع الإنسانية إلى جميع أنحاء غزة، وأدعو المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم الكامل لجهودنا الإنسانية. وعلينا أن نتحرك الآن لمنع ما لا يمكن تصوره، وغير مقبول، وغير مبرر”.

غوتيريش: علينا التحرك الآن لمنع ما لا يمكن تصوره وغير مقبول وغير مبرر

وعقد السيد عارف حسين، رئيس خبراء الدائرة الاقتصادية ببرنامج الأغذية العالمي، ورين بولسين، مدير دائرة الطوارئ في منظمة الأغذية والزراعة، مؤتمرا صحافيا عن بعد من روما وبروكسيل، تباعا، حول التقرير الذي أطلق اليوم والنتائج الخطيرة التي يتضمنها.

وقال حسين إن التقرير الذي صدر اليوم يتضمن نتائج مرعبة. وقال إن هناك نحو 300000 في شمال غزة سيتعرضون للمجاعة من هنا إلى شهر أيار/ مايو بالتأكيد، لكن ما زال هناك فرصة لإنقاذ الوضع إذا سمح لنا بالوصول إلى جميع الأماكن وتم إيصال المساعدات الأساسية خاصة الغذاء والماء والدواء.

وأضاف “كي نمنع المجاعة علينا أن نتصرف الآن. بقية غزة هناك مخاطرة بالانزلاق إلى المجاعة حسب ما يحدث من الآن إلى تموز/ يوليو. فإذا نقص تزويد الغذاء فسنرى المجاعة واصلة إلى كل أنحاء غزة. نحن بحاجة إلى زيادة حجم المساعدات مع ضمان سلامة طرق الإيصال وطرق التوزيع وهذا يتطلب وقف إطلاق نار فورا”.

عارف حسين: نتائج التقرير مرعبة وهي تفيد بأن 300 ألف في شمال غزة سيتعرضون للمجاعة من الآن إلى شهر مايو

وقال رين بولسين من منظمة الأغذية والزراعة، إن القياس الأولي لمستوى المجاعة صدر في كانون الأول/ ديسمبر وحذرنا يومها من تحقق المجاعة في شباط/ فبراير. هذا التقرير يحذر من أن المجاعة قد تنفجر في شمال غزة في أي وقت إلا إذا حدث تدخل إنساني فورا وعلى مستوى واسع في الوصول وإيصال المساعدات وأن المجاعة ستنتشر في كل القطاع بحلول تموز/ يوليو.
وقال عارف حسين، الخبير الاقتصادي ببرنامج الأغذية العالمي رداً على سؤال “القدس العربي” حول ضخامة هذه الكارثة التي هي من صنع الإنسان لكن “المسؤولين الدوليين جميعهم بارعون في وصف الكارثة دون ذكر من ارتكبها ومن هو المسؤول عنها”، فقال: “كما جاء في بيان الأمين العام هذه كارثة غير مسبوقة ولم أر شبيها لها في العشرين سنة التي عملت بها مع البرنامج. هذه كارثة غير مسبوقة نشاهدها في وقت حدوثها. النتائج موجودة في التقرير والجميع بإمكانه الاطلاع عليها. حسب التوقعات في التقرير فهناك 1.1 مليون وصلوا إلى مستوى “5” . فحجم المشكلة التي نواجهها كبير جدا. وبالنسبة لنا، نحن العاملين في المجال الإنساني، ما يهمنا أن نعمل كل ما في وسعنا لننقذ من هم في حالات حرجة وليس أن نقرر على من يقع اللوم. نحن نناشد كل الناس والإنسانية: أعطونا مداخل للوصول، أعطونا الإمكانيات، أعطونا مجالا، للقيام بما يجب علينا أن نقوم به وهو تزويدهم بالغذاء والماء والحليب أينما كانوا. هذا هو عملنا”.
وأضاف بولسين ردا على نفس السؤال أن مهمتنا نحن توثيق ما يحدث وتقديم توصيات حول مجموعة الخطوات العملياتية التي يجب أن نقوم بها الآن لدرء هذه المجاعة المؤكدة في هذا الوقت.
وردا على سؤال “القدس العربي” حول علاقة برنامج الأغذية العالمي مع وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) قال عارف حسين: نحن نعمل في الميدان ونعمل مع الجميع. أونروا هي أكبر المنظمات الإنسانية في غزة. ولا بد أن نعمل معها.

بولسين: نحن نناشد الإنسانية.. أعطونا مداخل لوصول للمساعدات إلى غزة

وردا على سؤال حول وقف إطلاق النار ومدى القدرات على العمل بسرعة لوقف المجاعة قال حسين المطلوب وقف إطلاق النار الآن. وشروط درء المجاعة يجب أن تكون جاهزة في اليوم التالي لوقف إطلاق النار. بإمكاننا أن نعمل. يجب الوصول إلى شمال غزة، ويجب أن يكون لدينا المصادر لإطعام 2.2 مليون في غزة. نحن بحاجة إلى أكثر من ذلك: بحاجة إلى معابر وبحاجة إلى ميناء وأهم من ذلك نحن بحاجة إلى سلام كي نتمكن من تأمين إيصال المساعدات وتأمين توزيعها لنتمكن من وقف المجاعة، فالموت من الجوع على مسافة شهور فقط، وخاصة إذا استمر الصراع واستمر التشريد واستمر منع الدخول فالمجاعة حاصلة لا شك في وسط غزة وجنوبها. أهم شيء هو وقف إطلاق النار أولا. ثم وصول الناس. نجحنا في الماضي في وقف المجاعة و يمكننا أن ننجح مرة أخرى”.
ويؤكد التقرير المكون من 48 صفحة وعدد كبير من الجداول أن هناك أدلة على أن المجاعة وشيكة في المحافظات الشمالية ومن المتوقع أن تحدث في أي وقت بين منتصف آذار/ مارس ونهاية أيار/ مايو 2024. ووفقا للسيناريو الأكثر احتمالا، يتم تصنيف كل من محافظتي شمال غزة وغزة في المرحلة الخامسة من التصنيف الدولي لقياس المجاعة. وهناك أدلة معقولة أن نحو 70٪ أي (210.000 شخص) من السكان المصنفين في المرحلة الخامسة قد وصلوا مرحلة المجاعة مع استمرار الصراع والانعدام شبه الكامل لإمكانية وصول المنظمات الإنسانية إلى المحافظات الشمالية.
ومن المرجح أن يؤدي تعثر وصول الشاحنات التجارية إلى تفاقم نقاط الضعف المتزايدة والمحدودية الشديدة لتوافر الغذاء والوصول إليه، والاستفادة منها، فضلا عن الحصول على الرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي.
ويؤكد التقرير أن تجاوز انعدام الأمن قد حصل بشكل كبير، وبالنظر إلى أحدث البيانات التي تظهر اتجاهاً متزايداً نحو الحالات الحادة. وفي ظل سوء التغذية، فمن المحتمل جداً أن يتم أيضاً تجاوز عتبة المجاعة لسوء التغذية الحاد. وفي شمال غزة، انتقل مؤشر سوء التغذية الحاد من النسبة السابقة للتصاعد المقدرة بـ 1 في المئة إلى نسبة 6.8 في المئة. وبالنسبة للأطفال فقد ارتفعت النسبة في كانون الثاني/ يناير من 12.4 إلى 16.5 في المئة فوق السادسة. وارتفعت النسبة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهرا في نفس الفترة من 16.2 في المئة إلى 29.2 في المائة. ومن المتوقع أيضًا أن تتسارع معدلات الوفيات غير الناجمة عن الصدمات، مما يؤدي إلى احتمال تجاوز جميع عتبات المجاعة بشكل وشيك.
وجاء في التقرير أن جميع سكان قطاع غزة (2.23 مليون نسمة) سيعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي اعتبارا من منتصف آذار/ مارس إلى منتصف تموز/ يوليو، في السيناريو الأكثر ترجيحاً وفي ظل افتراض تصعيد الصراع بما في ذلك الهجوم البري على رفح.
ويذكر التقرير أن تصاعد الأعمال القتالية قد أدى إلى إلحاق أضرار واسعة النطاق بالأصول والبنية التحتية التي لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة، وتعرض نحو 50 في المئة من المباني – وأكثر من 70 في المئة في المحافظات الشمالية – للأضرار أو التدمير الشامل. وشمل ذلك المساكن والمتاجر والبنية التحتية، مثل المستشفيات والمدارس، فضلاً عن المياه والصرف الصحي وغيرها من المرافق. كما تم تدمير الأصول والبنية التحتية اللازمة لإنتاج الأغذية وتوزيعها.
ويشير التقرير إلى انخفاض متوسط وصول الشاحنات إلى قطاع غزة من 500 شاحنة يومياً، منها 150 شاحنة تحمل مواد غذائية، في الفترة قبل 7 أكتوبر 2023 إلى معدل 90 شاحنة فقط يوميًا، منها 60 شاحنة فقط تحمل مواد غذائية في 24 شباط/فبراير. وبالتالي تتخطى جميع الأسر وجباتها كل يوم ويقوم البالغون بتقليل وجباتهم حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام. في محافظات الشمال ما يقرب من ثلثي الأسر، أمضى الناس أيامًا وليالي كاملة دون تناول الطعام 10 مرات على الأقل في آخر 30 يومًا. وفي المحافظات الجنوبية ينطبق هذا على ثلث الأسر.
ويشير التقرير إلى تزايد سوء التغذية بشكل سريع في جميع أنحاء قطاع غزة، حيث كان معدل سوء التغذية الحاد أقل من 1% قبل تصاعد القتال قبل خمسة أشهر. في محافظة شمال غزة، تشير أحدث البيانات إلى أن واحداً من كل ثلاثة أطفال دون سن الثانية يعاني الآن من سوء التغذية الحاد أو “الهزال”، مما يعني أنهم نحيفون بشكل خطير بالنسبة لطولهم، مما يعرضهم لخطر الموت.
تم تصنيف المحافظات الجنوبية دير البلح وخان يونس ورفح في المرحلة الرابعة (الطوارئ) من التصنيف المرحلي المتكامل، وهي مناطق معرضة أيضًا لخطر الانزلاق إلى ظروف المجاعة بحلول يوليو/ تموز 2024؛ ويواجه 88% من سكان غزة ظروفاً طارئة أو أسوأ فيما يتعلق بالأمن الغذائي.وذكر التقرير أنه لا يزال من الممكن تجنب المجاعة – حتى في شمال غزة – إذا تم منح حق الوصول الكامل لمنظمات الإغاثة لتوفير الغذاء والمياه والمنتجات الغذائية والأدوية وخدمات الصحة والصرف الصحي، على نطاق واسع، لجميع السكان المدنيين. ولكي يكون هذا ممكنا، من الضروري وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية.
وتشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن مجرد تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية سيتطلب دخول ما لا يقل عن 300 شاحنة إلى غزة يوميًا لتوزيع الأغذية، وخاصة في الشمال. لم يتمكن برنامج الأغذية العالمي إلا من إيصال تسع قوافل إلى الشمال منذ بداية العام. حيث يحتاج إرسال المساعدات إلى شمال غزة إلى موافقات يومية من السلطات الإسرائيلية. في أثناء فترات الانتظار الطويلة عند نقطة التفتيش، تتعرض القوافل للنهب وكثيراً ما يتم إعادتها. وإذا تمكنت الشاحنات من العبور، فهناك احتمالية حدوث المزيد من عمليات النهب على طول الطريق الصعب إلى الشمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية