«اعترافات بيتهوفن» بصوت بديع أبو شقرا وموسيقاه بأنامل نيقولا شُفرو

زهرة مرعي
حجم الخط
0

بيروت – «القدس العربي»: «اعترافات بيتهوفن» عُرضت على مسرح مونو لأمسيتين متتاليتين بمقاعد ممتلئة وأخرى أضيفت في الممرات. عمل استرعى انتباه كثيرين فحضروا مستطلعين كيف سيجسد الممثل القدير بديع أبو شقرا شخصية بيتهوفن المأزومة، والإنصات إلى بيانو نيقولا شُفرو الفرنسي الجنسية.
إلى خشبة برز فيها حضور البيانو لجهة اليمين، وتوزعت في واجهتها الأمامية ثلاثة مقاعد متباعدة دخل بطلا العرض أبو شقرا وشُفرو الذي باشر بعزف الحركة الأولى من السوناتا 14. لتبدأ بعدها فصول الاعترافات السبعة بصوت بديع أبو شقرا. إلى حياة بيتهوفن وما تشكله من شغف المعرفة عن مبدع ما تزال موسيقاه طليعية وستبقى، كان لمن سبق وقرأوها بنص الكاتب الفرنكوفوني ألكسندر نجار، أن يتمتعوا بها بالعربية بصوت وشخصية بديع ابو شقرا، ومترجمة بحِرَفية لا يُعلى عليها من قبل الشاعر هنري زغيب.
بديع أبو شقرا الممثل كان أمام تحدي كبير فرض عليه أن يملأ تقشف المسرح والعرض معاً. صوته الذي قال ما كتبه بيتهوفن وفق تقنية درامية عالية النبرة، ترك لجسده على المسرح أن يبثّ ذبذبات مشاعره. كذلك طرح اسئلته، وباح بأسراره، وأفصح عن مآزم حياته المتلاحقة، مما شكّل بكليته شخصية تشعر بحركتها وانفعالاتها. وصلت تلك الانفعالات رغم وضعية الجلوس التي لازمت حضور بديع أبو شقرا على المسرح. وهكذا بثّ مجسّد شخصية بيتهوفن انطباعاً وكأن المكان يضج بكافة المؤثرين سلباً في حياة بيتهوفن، من والده وآخرين وصولاً إلى إدمانه ارتياد الحانات بعد تجارب كثيرة فاشلة في الحب. وكذلك يضج بخيباته وفشله وكرهه وغير ذلك.
الفصول السبعة من حياة بيتهوفن كان لها العناوين التالية تباعاً: في غروب حياتي. علاقتي بأبي. كراهيتي للناس. علاقتي بالنساء. أوهامي السياسية. علاقتي بإبن أخي. وأخيراً انتقامي.
موسيقياً كان يكفي أن يُنهي «بيتهوفن» فصلاً من فصول اعترافاته ويدير رأسه صوب الحيز الكبير الذي شغله البيانيست نيقولا شُفرو مع آلته وسطوتها، وما أن تلتقي نظراتهما، حتى تنطلق الأنغام. كان للسوناتا الأولى الحصة الأكبر، وتلتها السوناتا 31، بعد أن كان الافتتاح بالحركة الأولى من السوناتا 14.
في «اعترافات بيتهوفن» محطات مثيرة للاهتمام من أبرزها حالة الصمم التي اصيب بها وهو في السابعة والعشرين من عمره، نتيجة تراكم اخطاء طبية في معالجته. ويقول معبّراً عن مشاعره:
يحزنني عميقاً عجزي عن سماع ضحكات الأطفال وتراتيل الكنائس وغناء العاملات.
لكنّ هذا الحزن يهون حيال عجزي عن سماع نوتات اصدرتها أناملي على ملامس البيانو، وتعزفها أوركسترا لا أنصت إليها، ولا أسمع تصفيق الجمهور إعجاباً بي في نهاية الكونشرتو.
أن أعجز عن السماع يعني أني مُبعد خارج العالم، منفيٌّ داخل ذاتي.
مُحبطٌ أنا، خائبٌ، كما رسّام أعمى، أو كاتب مبتور الأصابع. لكن مخيلتي سليمة، وهنا الجوهر.
يذكر أنه بعد صدور «اعترافات بيتهوفن» للألكسندر نجار كتاباً باللغة الفرنسية، صدرت مؤخراً كتاباً بالعربية من صياغة الشاعر هنري زغيب، وهكذا وجدت طريقها إلى المسرح.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية