ارتفاع كبير في أسعار الأدوية يزيد غضب المرضى… وأسعار الفسيخ تصل إلى خمسمئة جنيه

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: في إجازة العيد تراجع الاهتمام بغزة عند حده الأدنى، إذ فقدت صور الشهداء وصراخ الجوعى بعض تأثيرها وبقي الدعاء في المساجد مشتعلاً ومتواصلاً لنصرة الفلسطينيين على عدوهم ومن تآمر عليهم.. ولم يخل العيد من غضب عارم ساد أوساط المرضى بسبب ارتفاع أسعار العديد من الأدوية، وفي مقدمتها التي يستخدمها أصحاب الأمراض المزمنة، فقد شهد سوق الدواء المصري ارتفاعا في أسعار الأدوية منها، دواء (سنافي) حيث ارتفع سعره إلى 51 جنيها للقرص الواحد.
ويحتوي دواء سنافي على المادة الفعالة “تادالافيل” ويستخدم هذا الدواء لعلاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي والبروستاتا والضعف عند الرجال. وكشف خبراء سوق الدواء أن هناك أزمة في تسعير الدواء بعد ارتفاع سعر الدولار من 30 جنيها إلى 47 جنيها في البنك المركزي، ما تسبب في زيادة تكاليف الإنتاج على شركات الدواء، التي تم تسعير الأدوية لديها بسعر الدولار 30 جنيها. وتساءل صناع الدواء: من يتحمل فارق سعر العملة؟ ومن يتحمل خسائر صناعة الدواء؟ وأضافوا: مع تحرير سعر الصرف أصبح إلزاميا على الشركات دفع فرق سعر الدولار بملايين الجنيهات، لإخراج المواد الخام الموجودة في الجمارك، وإذا استطاعت الشركات، ودبرت هذه المبالغ فهل ستنتج أدوية تباع بسعر لا يحقق تكاليف إنتاجه، وكيف تدبر الشركات موارد مالية جديدة لشراء مواد خام أخرى، وأوضح خبراء سوق الدواء، أن مصانع الدواء أصبحت مطالبة بالدفع للبنوك المصرية الوطنية، فرق السعر في العملة، وإذا لم يدفع المصنع تلغى المعاملة.
كما عم الاستياء أوساط المواطنين بسبب ارتفاع أسعار الأسماك المملحة التي تعد وجبة المصريين المفضلة إذ بلغ سعر كيلو الفسيخ قرابة خمسمئة جنيه في بعض المتاجر.
بايدن يحتفل

احتفل الرئيس الأمريكي جو بايدن بمرور نصف عام على دعمه غير المشروط لحرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد شعب غزة من خلال التظاهر، بأن خلافات واسعة تضعه في مواجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. تابع محمد المنشاوي في “الشروق”: عرف بايدن منذ اللحظات الأولى للهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة بالضبط كيف ستكون حرب الإبادة الإسرائيلية غير المبررة والهمجية على غزة، ومع ذلك حرص على أن يكون لدى صديقه نتنياهو، منذ أربعة عقود، أسلحة أمريكية لتنفيذها، مع توفير الدعم الكامل من قدرات أمريكا الاستخباراتية والسياسية والدبلوماسية، دون وجود أي “خطوط حمر” لما يمكن أن تقوم به إسرائيل. ولم تفوت إسرائيل فرصة الدعم الأمريكي، وقامت على مدى الأشهر الستة الماضية بقتل ما يقرب من 34 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال، أي بمعدل يتخطى 180 شخصا يوميا. ونتيجة العدوان الإسرائيلي نزح ما يقرب من 90% من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ويعيشون الآن جوعى مشردين. حرص بايدن منذ بداية العدوان على تكرار أكاذيب وادعاءات إسرائيل مهما كانت كبيرة أو فاحشة، وتم الترويج لهذه الأكاذيب من منصات وزارة الخارجية والبيت الأبيض كل يوم. ولا يبذل بايدن أي جهد حقيقي لوقف إطلاق النار. ما نشهده خلال الأيام الأخيرة من الترويج لقصص على شاكلة أن بايدن “يفقد صبره” مع نتنياهو، وكيف يشعر أنتوني بلينكن وزير خارجيته، بالقلق إزاء أعداد الضحايا الفلسطينيين المتصاعدة، لا يعكس موقف الإدارة السياسي المتمثل في دعم إسرائيل ومدها بالسلاح، وتجنب تعرضها لأي إحراج على المستوى الدولي. سخرت إدارة بايدن مما قامت به محكمة العدل الدولية تجاه قيام إسرائيل بإبادة جماعية في القطاع، وقدمت دفاعا علنيا عن سلوك إسرائيل في مواجهة أدلة واضحة على نيتها في الإبادة الجماعية المقدمة إلى المحكمة الدولية، وضغطت واشنطن على حلفائها، لوقف التمويل عن منظمة الأونروا، مع علمها بالدور المحوري لإنقاذ ملايين الفلسطينيين.

لن يفعل

يعلم بايدن أنه لا توجد دولة في العالم تتمتع بنفوذ أكبر على إسرائيل من أمريكا، وإذا كان غير راض أو نفد صبره، أو أي عبارات أخرى يتم تقديمها إلى وسائل الإعلام حول قلقه المفترض لكان بإمكانه التصرف، لكنه حسب محمد المنشاوي لم يفعل. ولا يسعى بايدن من تحركاته إلا الإفراج عن الأسرى والقضاء على حماس تماما، وأن يوفر المزيد من المساعدات كي تتحسن الصور من داخل القطاع، التي تضر بحظوظ إعادة انتخابه. لا يكترث بايدن لاستشهاد وإصابة أكثر من 100 ألف شخص بأسلحة أمريكية، ولا يكترث لتدمير قطاع غزة بقنابل أمريكية، لكنه يكترث بتأثير ذلك على الرأي العام الأمريكي الذي يتغير ميله تدريجيا للجانب الفلسطيني، خاصة بين الشباب التقدمي في الحزب الديمقراطي. وبعثت نتائج الانتخابات التمهيدية في عدة ولايات رسالة خطيرة لبايدن، إذ امتنع أكثر من ربع مليون مصوت ديمقراطى من الالتزام بالتصويت لبايدن. حاول جو بايدن إصلاح العلاقات مع الأمريكيين المسلمين، من خلال دعوة بعض أعضاء الجالية لعقد اجتماع، لكن انقلب السحر على الساحر نتيجة لتجاهل الرئيس لحياة الفلسطينيين. غادر الاجتماع بعد دقائق الدكتور ثائر أحمد، الذي عاد مؤخرا من قطاع غزة، حيث كان يقدم المساعدة الطبية، وكان الدافع وراء تصرف أحمد جزئيا هو حقيقة أن بايدن يواصل إرسال الأسلحة لإسرائيل، ومع نية الدكتور أحمد العودة إلى غزة يعلم جيدا أنه يمكن أن يُقتل بالقنابل الأمريكية. ووفقا لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب فإن 75% من الديمقراطيين يعارضون العدوان الإسرائيلي (مقابل تأييد 18% فقط). ومن بين الناخبين المستقلين، يعارض 60% العدوان، وحتى بين الجمهوريين ـ المجموعة الوحيدة الأكثر ولاء لإسرائيل ـ يتقلص الدعم للحرب بنسبة تصل حاليا إلى 64% لقد خلق جو بايدن فقاعة أيديولوجية حول نفسه، تشير إلى رسوخ إيمانه بالنظرة الصهيونية للشرق الأوسط لدرجة أنه على مدار نصف العام، لم يهزها شيء! لا احتجاجات ولا استقالات من بعض المسؤولين الحكوميين، ولا النشاط الشعبي في مختلف أنحاء أمريكا، لا أرقام استطلاعات الرأي السلبية، ولا حتى صور الأطفال القتلى والمشوهين والجائعين.

لا نهاية لأكاذيبه

المتتبع لمواقف وزير الخارجية الأمريكي بلينكن يدرك أن الرجل لا تنقضي عجائبه، وإلا بماذا يمكن تفسير تصريحه الذي أذهل الدكتور مصطفى عبد الرازق في “الوفد”، بأن الدول العربية غير حريصة على المشاركة في إعادة إعمار غزة، إذا كان القطاع الفلسطيني سيسوى بالأرض مجددا في بضعة أعوام! ومن قال إن الدول العربية مسؤولة عن تلك العملية، أو يقع عليها واجب القيام بها. أعتقد أن بلينكن يناور رغم حقيقة أن الأمر مطروح على مائدة المباحثات خلال جولاته في المنطقة، غير أن تحول فكرة تكفل الدول العربية بإعادة إعمار إلى ما يشبه المسلمة أو البديهية، أمر يجب عدم القبول به، بل إعادة النظر فيه. ما الذنب الذي اقترفته الدول العربية أيا كانت هذه الدول الخليجية، أم غير الخليجية لكي تتكفل بإعادة الإعمار أيا كانت تكلفة تلك العملية؟ السؤال البديهي، من الذي دمر غزة وسواها بالأرض؟ إنها إسرائيل، ومن هنا فإن المنطق يحتم أن تتكفل هي تكاليف تلك العملية. ولكن لأن بلينكن يهودي فإنه يبدو كمن يبعد النار عن الدولة التي ينتمي إليها دينيا! في أعراف القانون الدولي وتاريخ الصراعات والحروب بين الدول، فإن التعويض عن الخسائر التي تسببها دولة لأخرى وارد، خاصة إذا كانت تلك الخسائر الناجمة عن عدوان، طبعا المسألة مثيرة للجدل وسيطرح البعض التساؤل حول من الذي بدأ أولا وخلافه، لكن الرد على كل ذلك أن إسرائيل في عملياتها دمرت كل الأهداف المدنية في القطاع، وهو أمر كان يمكن تجنبه هذا بافتراض حقها في القيام بتلك العمليات. ليس الأمر متاح هنا لاستعراض تجارب التعويضات ولكن المثل الأبرز هنا يتعلق بالتعويضات التي فرضت على العراق بسبب غزوه للكويت، وهي تجربة من بين تجارب عديدة أعتقد أنه يمكن، إن لم يكن يجب القياس عليها.

لو كان جاداً

من الغريب حسبما انتهى إليه الدكتور مصطفى عبد الرازق بشأن عبء تكلفة إعادة الإعمار على إسرائيل – يقع في إطار المسكوت عنه على صعيد الجدل الدولي بشأن الحرب على غزة، وكأن هناك توافقا بين كل الأطراف على أن العبء بالمنطق يقع على عاتق الدول العربية. ربما كان ذلك مقبولا في حالات سابقة، غير أن الأمر هذه المرة يتجاوز المعقول، حيث كان مسؤول أممي أشار في بداية العمليات إلى أن التكلفة ربما تتطلب 20 مليار دولار، فيما أشار الرئيس السيسي منذ شهرين إلى أنها تتكلف نحو 90 مليار دولار، ما يعني أن التكلفة النهائية ربما تزيد في ضوء حجم الدمار الذي لحق بغزة، وهو أمر تتجاوز هذه السطور إمكانية التفصيل فيه. لو أن بلينكن جاد، ولو أن الدول العربية التي أقرته على موقفه لديها من المخاوف على الفلسطينيين ما يدفعها لإنفاق تلك المبالغ على إعادة الإعمار، وهو أمر عبثي إذا حدث عدوان جديد على القطاع، كما يحاول بلينكن نفسه أن يلمح وكأنه متعاطف معنا، فربما يبدو من الحماقة الوقوف في وجه إعادة الإعمار، غير أن الحماقة الأكبر أن يتم ذلك دون ربط الأمر بقيام دولة فلسطينية وسط ظروف تحول دون تكرار ذلك النوع من الدمار. لكن المشكلة أن هذا النوع من التفكير غير موجود لدى بلينكن نفسه، أو دولته، أو حتى الدولة التي تسببت بذلك الدمار الشامل، حيث إن الرجل يدعو إلى ضرورة «التطرق» -لاحظ التطرق- لقضية إقامة دولة فلسطينية وليس التطبيق على أرض الواقع، ما يعني أننا ربما لو سايرنا منطق بلينكن لكنا نجري وراء سراب في سراب!

على حافة الهاوية

ستُجْبَر إسرائيل قريباً على أن تكشف علناً مخاوفَها، التي تحاول إخفاءها الآن حتى عن الجمهور الإسرائيلي، من الدعاوى التي تُثار ضدها أمام محكمة العدل الدولية. فبينما لا يزال فريقها القانوني مشغولاً في الردود والتعقيبات المتبادَلة مع دولة جنوب افريقيا، التي كان الإسرائيليون يظنون أنها بعيدة جغرافياً وسياسياً عن جرائمهم ضد الفلسطينيين، إلا أنها حسبما يرى أحمد عبد التواب في “الأهرام” حرَّكت دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية لاستصدار حكم بإدانتها بجريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، انتهاكاً للاتفاقية الدولية لمنع الإبادة الجماعية. ثم إذا بنيكاراغوا، التي هي أبعد كثيراً من جنوب افريقيا، تحرك دعوى أخرى ضد ألمانيا تتهمها فيها بأنها تساعد إسرائيل على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. ولا تدري إسرائيل مَن ستكون الدولة الثالثة في مقاضاتها، ومَن سوف يأتس بعدها! من النتائج الكثيرة المهمة لهذه الدعاوى، القائمة والأخرى المتوقعة في الطريق، أنها تضع إسرائيل ومؤيديها في موقف الدفاع، الذي لا يجد وسيلة إلا الكذب، في أداء مفضوح أمام العالم، الذي بدأ يلعب فيه الرأي العام للشعوب دوراً مهماً إزاء الجرائم البشعة لإسرائيل، ولم تجد إسرائيل مفراً إلا إنكار الحقائق عن أفعال الإبادة التي ترتكبها، رغم مئات الأدلة المادية المرفقة ضدها، وها هي ألمانيا تكرر الموقف نفسه، في الدعوى الثانية من نيكاراغوا، التي طلبت من المحكمة إجراءات مؤقتة منها، أن تعلق ألمانيا مساعداتها إلى إسرائيل، خاصة العسكرية منها، وقالت في دعواها إن ألمانيا واحدة من أقوى حلفاء إسرائيل، وإنها قد ورَّدت إلى إسرائيل، فقط عن العام الماضي 2023، معدات عسكرية وأسلحة بأكثر من 350 مليون دولار. وتعليقاً من سفير نيكاراغوا عن ادعاء ألمانيا بأنها تدعم إسرائيل للدفاع عن نفسها، قال السفير متهكماً: (إن ألمانيا غير قادرة على ما يبدو على تحديد الفرق بين الدفاع عن النفس وارتكاب جرائم الإبادة). أما ألمانيا، فقد استنكرت تحريك هذه الدعوى ضدها، واتهمت نيكاراغوا بالانحياز بشكل صارخ ضد إسرائيل..

مشاعر غضب

خلال العيد انتابت أوساط العديد من المرضى مشاعر الغضب بسبب ارتفاع كبير شهده سوق الأدوية، خاصة بالنسبة للمصابين بالأمراض المزمنة كالقلب والسكر والضغط وشهد سعر دواء سنافي، كما أخبرنا موقع “فيتو”، الذي يستخدم على نطاق متزايد ارتفاعا كبيراً حيث سجل سعره إلى 51 جنيها للقرص الواحد وتحتوي العبوة على قرصين. ويحتوى دواء سنافي على المادة الفعالة “تادالافيل” ويستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي وعلاج تضخم البروستاتا والضعف بالنسبة للرجال. وكشف خبراء سوق الدواء أن هناك أزمة في تسعير الدواء بعد ارتفاع سعر الدولار من 30 جنيها إلى 47 جنيها في البنك المركزي، مما تسبب في زيادة تكاليف الإنتاج على شركات الدواء التي تم تسعير الأدوية لديها بسعر الدولار 30 جنيها. وتساءل صناع الدواء: من يتحمل فارق سعر العملة؟ ومن يتحمل خسائر صناعة الدواء؟ وكشفوا عن أنه مع تحرير سعر الصرف أصبح إلزاميا على الشركات دفع فرق سعر الدولار بملايين الجنيهات لإخراج المواد الخام الموجودة في الجمارك، وإذا استطاعت الشركات ودبرت هذه المبالغ فهل ستنتج أدوية تباع بسعر لا يحقق تكاليف إنتاجه، وكيف تدبر الشركات موارد مالية جديدة لشراء مواد خام أخرى، وأوضح خبراء سوق الدواء أن مصانع الدواء أصبحت مطالبة بالدفع للبنوك المصرية الوطنية فرق السعر في العملة، وإذا لم يدفع المصنع تلغى المعاملة.

تصور ساذج

واقعة جديرة بالاهتمام تابعها رفعت رشاد في “الوطن”: كنت في منتدى أكاديمي بعد أسابيع من عملية طوفان الأقصى، وقام أحد المشاركين وسأل السيدة المحاضرة: إننا نشك في أن هذه العملية (طوفان الأقصى) مدبرة باتفاق بين حماس وإسرائيل، وأن قادة حماس الذين يعيشون خارج غزة منعمين مرفهين هم من قاموا بالاتفاق لأغراض سياسية ـ هذا كلامه – وللأسف لم تعترض المحاضرة على كلامه المرسل، بل أعطت إجابة توحي بموافقتها على رأيه. وعندما طلبت الكلمة ودحضت ما قاله الرجل وما وافقت عليه السيدة، أبدت امتعاضها مما أبديته، رغم أننا في محفل علمي. هذا التصور الساذج عن عملية طوفان الأقصى وعن التخطيط والترتيب لها، واستسهال القول بأنها عملية متفق عليها بين الطرفين هو ناتج هزيمة نفسية داخل البعض، ممن يرون أن إسرائيل لا يمكن أن تُهزم.. وأن المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن تنتصر. مثل هذا التصور وغيره من التصورات الانهزامية يجعل صاحب هذا الرأي يرتاح لما أبداه على أساس أنه يشاهد عملا سينمائيا يتفق فيه الممثلون والمخرج وكل العاملين فيه على ما سيتم تصويره ولا يخرج أحد عما تم الاتفاق عليه. واستكمالا للتصورات بشأن طوفان الأقصى وعمليات المقاومة، كان تيار لا واع يتسرب بقوة إلى وسائل الإعلام العربية يقول، إن قادة المقاومة يعيشون في رغد في عواصم أخرى بعيدا عن القتل والتدمير في غزة وأنهم غير معنيين، بما يحدث على أساس أنهم يحصلون على ملايين الدولارات من دول بعينها، وقد جاءت عملية اغتيال أبناء وبعض أحفاد إسماعيل هنية أحد كبار قادة المقاومة، لكي تظهر مدى سذاجة القائلين بأنها عملية مدبرة وأن القادة وعائلاتهم يعيشون في الفنادق خارج غزة.

الدم واحد

ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك مبدأ رسخه تاريخ طويل من المقاومة وهو مبدأ “وحدة الدم” أي اللا تفرقة بين دم القائد وعائلته، ودم المواطن العادي، الكل سواء، يستشهدون وفق ما أخبرنا رفعت رشاد، بآلة الموت نفسها، ويحاربون جميعا وبطونهم خاوية في مواجهة عدو لا يعرف القوانين الدولية أو المحلية، ولا يعترف بالمنظمات الأممية ويرضع من لبن أمه أمريكا ما يؤمن له استمرار حياته وسلاحه وطعامه، بينما العالم والدول الكبرى تقف متفرجة على الإبادة التي تمارسها قوات الاحتلال بمنهجية وقسوة. إن تفاخر الجيش الصهيوني بعملية اغتيال أبناء هنية ليس جديدا في عقيدته التي تبيح الدم وحتى قتل الأطفال والشيوخ، لكن إرساء وتكريس هذا المبدأ يعني أن الآخر يمكنه ممارسة النوع نفسه من القتل، يمكنه أن يغتال قادة صهاينة وأطفالا ونساء وشيوخا، دون أن يشعر بتأنيب الضمير، الفرق أن العالم وقتها سينتفض ويتهم الفلسطينيين بأنهم إرهابيون وسيقوم قادة الدول بتعزية إسرائيل المسالمة التي يتعرض مواطنوها للقتل غيلة. إن الشعب الفلسطيني منح العالم صياغة جديدة لمعنى الصبر، فقد تعرضت شعوب وأمم ودول للاحتلال والقسوة والتدمير، لكن الشعب الفلسطيني يسطر على مدى ما يزيد على قرن ملحمة تعتبر، من ملاحم الصبر والجلد والتحمل، ندر أن يكون قد عاناها شعب آخر. لن أمل من التذكير بأن ما أخذ بالقوة.. لا يسترد بغير القوة.

عيد وحرب

ستمر أيام العيد سريعاً، ونعود إلى معترك الحياة بإيقاعها الذي كان سائداً ما قبل رمضان.. فشهر رمضان يظل “راحة إجبارية لجميع الفرق”. ربما وفق ما ترى أمينة خيري في “الوطن” ليس راحة بمعنى التوقف عن العمل و”الأنتخة” بحجة الصيام أو غيره، لكنه راحة ما تفرض على الجميع بفضل الشهر الكريم، ويفرضها البعض على نفسه بحكم العادة، حيث تحول دفة الأنشطة والتفاصيل الحياتية طيلة 30 أو 29 يوماً بعيداً عن إيقاعها المعتاد، وتتبع إيقاعاً رمضانياً فيه شيء من الهدوء، وكثير من التركيز على ساعات الصيام وانتظار انطلاق مدفع الإفطار، ثم الانتظار انطلاق مدفع السحور وهلم جرا. وجرى العرف على أن يتسم شهر رمضان بحد أدنى من المحتوى الخبري، باستثناء الجرعة الدرامية وكذلك البرامج الترفيهية التي تتحول إلى “خبر عاجل” ومادة تحليلية ونشرة أخبار الفنانين والكواليس والديكورات وغيرها. لكن هذا العام لدينا مكونان خبريان فرضا نفسيهما طيلة أيام الشهر الأول هو حرب القطاع، أو حرب غزة التي لم تخمد نيرانها ولو قليلاً على مدار الشهر.. عيون المصريين وقلوبهم وعقولهم مثبتة عليها وعلى أهل غزة. إنهم الأهل والجيران الواقعان بين شقي رحا، رحا آلة حرب ضروس لم تعد قادرة حتى على التفرقة بين أهداف عسكرية، أو ضحايا مدنيين، أو فرق إغاثة وأعمال خيرية فأصابت الجميع في مقتل وخراب. وهناك رحا اشتعال الحرب نفسها التي يرى البعض أنها كانت ضرورة لإعادة إحياء القضية، ويرى البعض الآخر أن إحياء القضية لا يعني قرارا فجائيا للقيام بعملية جنت حتى الآن نحو 34 قتيلاً وما يزيد على 76 ألف مصاب ودكت غزة حرفياً، بالإضافة إلى شبح الجوع الذي يلوح في الأفق وقسوة الحياة التي لا يتحملها بشر لمن تبقوا في الداخل. هذا الفريق الثاني، رغم إيمانه بضرورة إعادة إحياء القضية لأنها قضية حق مغتصب، قادر على رؤية ما يتم التلويح به انطلاقاً من حرب القطاع.

أصوات نشاز

بدأت أصوات منظمة ممنهجة مخطط لها جيداً انتبهت لها أمينة خيري تتعالى بشكل صريح ومباشر تطالب شعوباً عربية بعينها الخروج إلى الشوارع والغضب والثورة وعدم الاعتداد بحكوماتها وقياداتها والانطلاق نحو فلسطين لتحريرها، وهي في دعوتها تلك تعرف جيداً ما تخطط له. فوضى عارمة لا تقتصر على حرب القطاع فقط، ولا تكتفي بدول عدة حروبها الداخلية قضت عليها وعلى شعوبها، أو كادت، بل تحلم أن تمتد الفوضى الشاملة والخراب الكلي إلى الجميع، لاسيما دول الجوار، حيث أن العيد سيمر سريعاً كما أسلفت، وحيث أن الاهتمام الجماهيري بالأخبار، وعلى رأسها حرب القطاع، سيعود كما كان قبل رمضان، شهر الراحة الإجبارية الإخبارية، أرى أن الاستعداد لهذه “الرؤية” وتلك “الدعوة” التي بدأت شخصيات هنا وهناك تطلقها عبر أبواق إقليمية مكثفة ضروري. الاستعداد يكون بالمواجهة عبر المكاشفة والمصارحة وإتاحة المعلومات والعمل على فك الاشتباك بين ما يتم الدعوة له وكأنه المطلوب من كل مؤمن ومؤمنة أو من كل شريف وشريفة – حسب لغة الخطاب المستخدمة والتي تدغدغ المشاعر وتدق على أوتار الإنسانية – وأرض الواقع وحقيقة الأمور. هذا الصدد أن التضامن والتآزر والتعاطف، بل المطالبة بإنهاء الحرب الوحشية فوراً بكل السبل لا تمر من بوابة إشاعة الفوضى في دول الجوار. للأسف بيننا من هم عامرون بالإنسانية، مليئون بالإيمان، مفعمون بالخير، لكنهم غير ملمين بأبعاد الفصائل والكتائب والميليشيات، وتاريخ الفتن والمكائد، وأساليب دس السموم وإشاعة الفوضى والخراب. مد يد العون لا يعني قطع اليد وتقديمها مبتورة للمكلوم! كلام كثير يقال عن الاقتصاد استعداداً للعودة إلى معترك الحياة المعتادة بعد العيد. الأزمة الاقتصادية التي كابدناها، وما زلنا، هي المكون الخبري الثاني الذي خفت إلى حد كبير طيلة أيام الشهر الكريم، بالإضافة إلى إجازة العيد، لكن الخفوت لا يعني الانتهاء.

غوتيريش محطم القلب

هذا الرجل يستحق وزنه ذهبا.. إنه أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة الذي أثبتت الأحداث والأيام أنه واحد من أهم أمناء الأمم المتحدة بعد بطرس غالي، الذي يصدح بالحق في وجه العدوان الإسرائيلي، كما أخبرنا عبد المحسن سلامة في “الأهرام”، ولا يخشى أمريكا والغرب، ويقول ما يؤمن به، ويفعل ما يمكن أن يفعله في ظل ظروف صعبة ومعقدة تحكم نطاق عمله. أنطونيو غوتيريش بعث رسالة تهنئة للمسلمين في عيد الفطر المبارك عبر منصة «إكس» قائلا: كل عام أتقدم للمسلمين في جميع أنحاء العالم بأطيب التمنيات بمناسبة عيد الفطر، وتابع قائلا «قلبي محطم هذا العام لأن في غزة والعديد من الأماكن الأخرى بسبب الصراع والجوع ـ لن يتمكن الكثير من المسلمين من الاحتفال بالشكل الصحيح». حتى العيد لم تحترم فيه إسرائيل مشاعر المسلمين، ولم تتوقف عن حصد الأرواح، وأطلقت قذائفها العشوائية لتقتل وتدمر واستهدفت الأطفال الصغار والنساء، وقامت بنسف سيارة أبناء إسماعيل هنية وأحفاده، كما نسفت من قبل سيارة متطوعي المطبخ المركزي العالمي، ولا تزال تنسف المنازل على رؤوس قاطنيها بلا هوادة. إسرائيل أكبر دولة إرهابية في العالم رسميا، فهي دولة ترعى الإرهاب وتمارسه، بعكس الجماعات الإرهابية، لأن الأخيرة مجرد جماعات مرفوضة، وتقاومها الدول مجتمعة بما فيها الدول التي تنتمي إليها تلك الجماعات الإرهابية. إما إسرائيل فالحالة مختلفة لأنها جماعة إرهابية بثياب الدولة الرسمي، لا فرق هنا بين الجماعة الإرهابية والدولة فكلاهما واحد، فالدولة الإسرائيلية هي الجماعة الإرهابية ذاتها. أكثر من ستة أشهر وما زالت آلة القتل الإرهابية الإسرائيلية تحصد الأرواح وتدمر المنشآت، وتخطط للمزيد من سفك الدماء، كما أعلن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أنه تم تحديد موعد شن الهجوم البري على مدينة رفح الفلسطينية. صحيح وزير الحرب الإسرائيلي يواف غالانت أبلغ نظيره الأمريكي لويد أوستن أنه لا يوجد موعد بعد لشن هجوم بري على مدينة رفح في غزة رافضا ما قاله نتنياهو، لكنني أميل إلى تصديق نتنياهو، وأنه فعلا تم تحديد الموعد، أما كلام غالانت فهو «للتمويه» فقط في إطار لعب الأدوار بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية من جانب والتمهيد لشن الجريمة الجديدة المنتظرة في رفح الفلسطينية.

نشبه بعضنا

دائما ما يتوقف هاني لبيب في “المصري اليوم” عند استخدام بعض الكلمات والمفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالمواطنة كمنظومة حقوق، والمتعلقة بالجندر في تناول قضايا النوع الاجتماعي والمساواة بين الرجل والمرأة وتمكين المرأة بشكل خاص. والمتعلقة منها بالإنسانية بشكل عام. أزعجني كثيرا استخدام كلمة «الفقراء» في العديد من إعلانات شهر رمضان، التي قام بها العديد من جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني بهدف فعل الخير، ومع ملاحظة وكأن الأمر في فعل الخير يقتصر على شهر رمضان فقط، أو كأننا نلخص فعل الخير ونختزله فيه. لا أجد أي تبرير لكل تلك الجمعيات والمؤسسات التي استخدمت كلمة «الفقراء» على اعتبار أنها من المفترض أن تكون الأكثر وعيا بمضمون رسالتها ومحتواها الإنساني. أعلم جيدا أن استخدام تلك الكلمة مع توظيف الصورة المعبرة من شأنه أن يستقطب الرأي العام ويؤثر فيه، مما يزيد من إسهاماتهم في التبرع بعمل الخير، سواء كان ماديا أو عينيا، أو من خلال الصكوك. أرفض كلمة «الفقراء»، لأننا في الحقيقة جميعنا فقراء، من دون استثناء. وأميل إلى استخدام كلمة «غير المقتدرين» لحفظ كرامتهم وعدم الإساءة إليهم بعد أن تحولت كلمة «فقير» لكلمة تتجاوز أبعادها الحالة المادية إلى الاجتماعية والإنسانية. جميعنا «فقراء» إذا ما عقدنا أي شكل من أشكال المقارنة بين بعضنا بعضا على المستويات كافة، الفكرية والثقافية والاجتماعية والصحية والرياضية وأخيرا الاقتصادية.

كلنا فقراء

من يخطط ويدبر لحجز عدة أيام بسيطة مع عائلته في الإسكندرية، ولا يستطيع تحمل تكلفة الحجز في أحد منتجعات الساحل الشمالى وقراه هو فقير. والأخير وفقاً لهاني لبيب بالتبعية فقير، لأنه لا يستطيع بدوره تحمل تكلفة الذهاب لجزر المالديف أو غيرها من جزر المحيطات الطبيعية المبهرة. وهو ما يمكن تطبيقه على مجالات كثيرة، سواء في الالتحاق بنوعية محددة من المدارس والجامعات، أو بشراء ماركات محددة للسيارات، أو باقتناء المنازل والدوبلكس والفيلات في كومباوندات محددة دون غيرها. قصرنا استخدام كلمة «فقير» على الاحتياج المادي.. وطبقناه على المتسولين وعلى الغارمين وعلى من لا يستطيع الحصول على قوت يومه، ومن لم يستطع دفع مصروفات مدارس أطفاله، أو دفع إيجار شقته، بل يعتبر من ينتمي لتلك الفئة عند البعض «غير لائق اجتماعيا»، وما يترتب على ذلك الوصف، وكأنه «غير لائق إنسانيا».. مع أننا نعاني من فقر فكري وثقافي وقيمي واجتماعي وإنساني بدرجات تفوق كثيرا «الفقر المالي» وتتجاوزه. أتمنى دائما أن نراجع سياق استخدام كلماتنا.. خاصة من المثقفين والمفكرين ووسائل الإعلام، في ما يخص المفاهيم والمصطلحات التي يمكن أن تكون ضد المواطنة بشكل خاص، وضد الإنسانية بشكل عام.. حتى لا نصف فئة منا بما يهينها ويحط من كرامتها الإنسانية. جميعنا فقراء دون استثناء.. منا غير المقتدر ماليا وهو أدنى أنواع الفقر، ولكن أولهم هو الفقير معرفيا وفكريا وثقافيا. ويظل.. الفقر الحقيقي هو الفقر الإنساني.

حيتان الحكومة

من المهم أن يعلم الجميع أن دولة القانون فوق الجميع، وأن من يلعب في أقوات الناس مصيره المحكمة العسكرية، والناس سواسية أمام القانون. نحن في دولة رشيدة تحقق الشفافية في مواجهة الفساد. لهذا كان الردع المنشود ضد كل من تسول له نفسه الإضرار بحقوق الشعب في السلع ومخصصات الدعم التمويني، واللعب في الأسعار واحتكار السلع وإخفائها. لهذا لم يكن عجيبا وفق ما أخبرنا به الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار” بشأن معاقبة مستشار وزير التموين بالسجن المشدد 18 عاما، وتغريمه مليونا وخمسمئة وثمانين ألف جنيه ومبلغ 14 ألف دولار أمريكي مع عزله من منصبه. تضمن الحكم أيضا مصادرة الأموال والأصول العقارية المضبوطة والمتحصلات الناتجة عن الجريمة. لقد أعطى القانون الجديد رقم 3 لسنة 2024 بشأن تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية في الدولة، في مادته الثالثة لوزير الدفاع تحديد ضباط وأفراد القوات المسلحة وأماكنهم ومهامهم وغيرها من الإجراءات التي تقتضيها طبيعة عملهم داخل هذه المنشآت والمرافق العامة والحيوية. وأصبح من اختصاصهم وفق القانون جرائم الإضرار باحتياجات المجتمع الأساسية من سلع ومنتجات تموينية. يستهدف القانون حفظ المقومات الأساسية للدولة ومكتسبات الشعب وحقوقه، وأيضا مقتضيات الأمن القومي، التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، أو من يفوضه بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني. جاءت محاكمة مستشار وزير التموين كأول تطبيق للقانون بعد إقراره. كما صدر حكم المحكمة العسكرية بمعاقبة مدير عام مكتب رئيس إحدى شركات السكر بالسجن 7 سنوات وعزله من وظيفته. ومعاقبة أصحاب الشركات الخاصة بالسجن 10 سنوات بتهمة التربح وحجب السلع عن الأسواق. وأتفق مع النائب إيهاب الطماوي وكيل اللجنة التشريعية في مجلس النواب من أن الأحكام الصادرة في هذه القضية تحقق الردع بصورتيه العام والخاص. وأن هذه الجرائم بصفة خاصة تسيء للمجتمع، خاصة أن السلع التموينية ترتبط بالأمن القومي الاقتصادي. وأن السرعة التي تم بها نظر القضية وصدور الحكم يساهم في تحقيق الردع لمن تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية