‘الأطفال الأشباح’ في افريقيا.. مواطنون ‘مجمدون’

حجم الخط
1

ديسك: هم مغيبون عن دفاتر الإحصاء، أطفال لا تشملهم بيانات الحالة المدنية ولا وجود قانونيا لهم. يعرفون بالـ ‘الأطفال الاشباح’ وتعج بهم القارة الإفريقية في ظاهرة ترهن مستقبل القارة برمتها.
ومع حلول عام 2025، من المتوقع ولادة 130 مليون طفل إفريقي، قسم كبير منهم لن يقع تسجيله في دفاتر الحالة المدنية ولن يتحصلوا على وثيقة مضمون الولادة، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسيف.
تعددت الأسباب والنتيجة واحدة: لا وجود لهؤلاء الأطفال في دفاتر سلطات بلدانهم، ولعل أول هذه الأسباب، تواني اهلهم عن تسجيلهم عند الولادة.
وبحسب منظمة اليونيسيف، يقدر عدد هؤلاء بـ 85 مليون ‘طفل شبح’ في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء و 44 مليونا في منطقة الشرق الإفريقي و 39 مليونا في منطقة إفريقيا الوسطى والغرب الإفريقي.
من جهتها، تشير بيانات منظمة ‘هومانيوم’غير الحكومية التي تعنى بحماية الأطفال إلى أن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء تسجل أعلى نسبة لتفشي الظاهرة، حيث أن نصف الأطفال أقل من 5 سنوات لم يقع تسجيلهم عند الولادة.
ووفقا لتقرير اليونيسيف الصادر مطلع العام الجاري، فإن الدول التي تسجل أقل نسبة لتسجيل الأطفال هي كالتالي: الصومال (3 بالمئة) ليبيريا (4 بالمئة) وأثيوبيا (7 بالمئة) وزامبيا (14 بالمئة) وتشاد (16 بالمئة) وتنزانيا (16 بالمئة) واليمن (17 بالمئة) وغينيا بيساو (24 بالمئة) الكونغو الديمقراطية (28 بالمئة).
عن الموضوع، ألّف ‘لوران دوجوا’ بالاشتراك مع ‘عبدولاي هاريسو’ كتاباً سينشر في 6 ايار/مايو المقبل تحت عنوان ‘الأطفال الأشباح’. ويؤكد المؤلَّف الجديد على وجوب الانكباب على الظاهرة العالمية التي تتحمل أوزارها القارة الإفريقية على وجه الخصوص.
لوران دوجوا قال إن ‘المشكل ظل غير معروف رغم أن مستقبل قارة برمتها مثل إفريقيا يرتهن به’.
وبحسب ‘ماري مارغريت’ العاملة بمنظمة ‘ريجر’ لحماية أطفال الشوارع في الكونغو الديمقراطية (غير حكومية) فإن ’25 بالمئة فقط من الأطفال المولودين في كنشاسا يجري تسجيلهم عند الولادة فيما تعطى 15 بالمئة فقط من وثائق الولادة لأولياء الأمور.
وأضافت مارغريت: ‘تعرف شوارع كنشاسا ولادة رضيعين في اليوم على الأقل وبالتجربة على الميدان يتبين غالبا أن هذه الفئة من الأطفال أيضا لا يتم تسجيلها في الحالة المدنية’.
حقيقة يمضي ‘أيوكاسيا كابتار’ منسق جمعية ‘أصدقاء الأطفال’ الناشطة في التوغو في تأكيدها قائلاً: ‘في التوغو، نسبة الأطفال الذين يمتلكون وثائق ولادة أو الذين يقع تسجيلهم، بالكاد تبلغ طفلاً او طفلين على 10 أطفال.’
وأضاف ‘كابتار’ أن الأمر ‘أصبح يمثل مشكلا حقيقيا بالنسبة لجمعية حماية أطفال’.
في غياب التسجيل عند الولادة أو بصفة لاحقة، خصوصا قبل سن الـ 5، ترتفع احتمالات تعرض الأطفال إلى الخطر بصفة كبيرة. حيث ان هذه الفئة لا يمكنها الوصول إلى الخدمات الأساسية كالعلاج وبالتعليم والخدمات الاجتماعية.
الأنكى من ذلك تعرض هؤلاء إلى ‘مخاطر التجارة بالبشر والدعارة و العمل المبكر وسوء المعاملة و تأخر التعليم’ بحسب تصريحات ‘أيوكاسيا كباتار’.
ويلفت الكاتب النظر إلى أنه ‘من المرجح ان يتعرض الطفل إلى مصاعب شتّى إذا لم يقع إثبات جنسيته أو ولادته’. ويلقي الكتاب الضوء على معضلة الأطفال الذين ولدوا في مخيمات اللاجئين أو المهجرين خارج الدولة التي ولدوا فيها بسبب الصراعات السياسية في إشارة إلى أن المشكل هنا يتخذ ابعاداً أكثر مأساوية. ففي حالات مماثلة، لا ‘يتذكر الأطفال الصغار حتى الدولة التي لجأوا منها’، بحسب مؤلفي الكتاب.
وفي غياب دلائل تشير إلى بلدان الولادة أو إلى أي تسجيل قانوني لهم ، يقع التعامل مع هؤلاء الأطفال على أنهم عديمو الجنسية.
ويقول المفوض السامي لشؤون اللاجئين لدى الأمم المتحدة في هذا الشأن أنه آخر إحصاء يعود إلى 2011 يشير إلى وجود 12 مليون شخص في العالم لا يمتلكون اي جنسية، من بينهم 6 ملايين طفل.
من جهتها، تؤكد بيانات اليونيسيف، على المساواة القائمة بين الإناث والذكور من الاطفال أمام هذه الظاهرة حيث لا تمييز على أساس الجنس على هذا الصعيد.
انعدام التمييز امتد أيضاً إلى الديانات حيث يتساوى مسلمو القارة الإفريقية مع مسيحييها أمام ظاهرة عدم تسجيل الولادات، في التشاد على سبيل الذكر، تبلغ النسبة المؤسفة ما بين 15 و17 بالمئة بالتساوي بين الطائفتين المسيحية والمسلمة.
قتامة الصورة لا يبدد حلكتها سوى بصيص نور ترسله مبادرات بعض المنظمات غير الحكومية التي تحاول جاهداً الحد من هذه الظاهرة عبر حملات تسجيل لولادات ملايين الأطفال في إفريقيا، وتمكينهم من مضامين ولادة للتواجد في دفاتر الحالة المدنية لبلدانهم.
منظمة ‘بلان’ (مخطط) غير الحكومية على سبيل الذكر، مكنت 20 مليون طفل إفريقي من التسجيل فيما أنشأت اليونيسيف نظام تسجيل عبر الهاتف الجوال لتسهيل الأمور على الأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية.
عراقيل تسجيل الأطفال في إفريقيا أغلبها مرتبط بقدرة الدول على تأمين خدمات حالة مدنية قريبة للسكان، فالأمر مكلف. ويلفت ‘جون ليابي’ المسؤول على حماية الطفولة في السنغال أنه على الرغم من وجود أكثر من 700 مركز للتسجيل في بلاده، غير أن المراكز المذكورة غالبا ما تكون بعيدة جغرافيا عن السكان، ‘إذ يتحتم عليهم التنقل في مرة أولى للتسجيل، ثم الرجوع مرة ثانية للحصول على وثيقة مضمون الولادة’.
على المستوى السياسي، تعهد زعماء الدول الإفريقية في أيار/مايو 2013، بمناسبة الذكرى 50 لإنشاء الإتحاد الإفريقي، ببذل جميع الجهود كي يتمكن هؤلاء الأطفال من التمتع بوضع قانوني وذلك عبر دعم آليات التسجيل.
ومن المتوقع ان يفضي التنسيق بين اليونيسيف والإتحاد الأوروبي والبنك الإفريقي للتنمية واللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة في إفريقيا، إلى استنباط نظام تسجيل عالمي للمواليد يحل المشكلة من جذورها لتمكين الأطفال الأفارقة من أن يكون لهم وجود رسمي. (الأناضول)

حجم ظاهرة الـ’بدون’ دولياً… وإقليميا

الولايات المتحدة الأمريكية:

صادقت ولاية أريزونا الأمريكية، في نيسان/أبريل 2010، على قانون ينظم الهجرة في الولاية، بموجبه يصبح كل شخص لا يحمل وثائق هجرة مرتكباً لجنحة، ويخوّل الشرطة إلقاء القبض على الأشخاص الذين لا يتمكنون من إثبات أنهم في الولايات المتحدة شرعياً بشكل فوري. كما يمكّن المواطنين من محاكمة الوكالات الحكومية التي يرون أنها لا تطبق القانون، وجاء هذا القانون على خلفية وجود حوالي 460 ألف مهاجر غير شرعي في ولاية أريزونا، كما تعتبر حدودها الأكثر ازدحاماً بالمهاجرين.
وقد وصف أوباما القانون بـ’المضلل’ ودعا إلى إجراء إصلاح شامل لقانون الهجرة في الولايات المتحدة. وقال: ‘إن فشلنا في التصرف بمسؤولية على المستوى الفدرالي لن نقوم إلا بفتح الباب أمام اللا مسؤولية من قبل الآخرين’. بينما وصفه حاكم ولاية نيو مكسيكو بيل ريتشاردسون، ‘ بـ ‘الرهيب’ وقال إنه يتعارض مع ‘المثل الديمقراطية في هذه البلاد’.

سويسرا

في اذار/مارس 2010، أدى قرار اتخذته بلدية لوزان بانتداب بعض الشبان المقيمين بطريقة غير شرعية ومن عديمي الجنسية في وظائف إدارية لأغراض تأهيلية إلى تصاعد الجدل بين معسكري اليمين واليسار، وتزامن ذلك مع عقد مجلس النواب الفيدرالي جلسة طارئة يوم 3 اذار/مارس 2010، للنظر في قضايا الهجرة، ومناقشة ثلاثة مشروعات مقدمة بهذا الشأن. حيث واجه قرار بلدية لوزان اعتراضات شديدة من أحزاب اليمين، لأنه اتسم بجرأة في طرح قضية تتجنّب النخبة السياسية السويسرية الخوض فيها، لأنها تمس فئة واسعة من المقيمين في البلاد يصل عددها لنحو 200 ألف شخص.
وللخروج من هذا الوضع، ناقش البرلمان الفدرالي السويسري ثلاثة مشروعات تدعو إلى تعديل القوانين بما يفتح آفاق التدريب المهني أمام هذه الفئة من السكان، وإلى تسوية الوضع القانوني لهم ومنحهم الجنسية السويسرية في نهاية المطاف. وفي نهاية الجلسة صوت البرلمان بالأغلبية لصالح مشروعين يدعوان للسماح للشباب من هذه الفئة بالحصول على التدريب المهني المطلوب، لكن النواب رفضوا بأغلبية ايضا تقنين أوضاع المهاجرين السريين.
ويتبنى المكتب الفدرالي للهجرة واللجوء سياسة تهدف إلى تحفيز المهاجرين على العودة إلى بلدانهم الأصلية، والتفكير في مستقبلهم الشخصي والمهني هناك، ولتشجيعهم على ذلك رصد مكافأة تتراوح بين 3000 و6000 فرنك لكل أسرة تغادر البلاد طوعا، وأسندت الحكومة منحا ودعما لعدة منظمات وجمعيات أهلية نشطة في مجال مساعدة اللاجئين والمهاجرين لتنظيم برامج ليس الهدف منها تأهيل هؤلاء الأشخاص للإنخراط في سوق العمل السويسرية، بل لإعادة الاندماج بعد العودة إلى بلدانهم الأصلية. وتخشى الحكومة السويسرية من أن يبعث فتح الباب لتسوية هذا الملف إشارة خاطئة بكونها متساهلة مع المقيمين غير الشرعيين وعديمي الجنسية، أو أن يظهر ذلك كما لو أنه مكافأة لأشخاص اختاروا انتهاك قوانين البلاد.

السويد

أظهرت دراسة ميدانية (2010) أن العديد من المقيمين غير الشرعيين وعديمي الجنسية في السويد لا يسعون في كثير من الاحيان للحصول على الرعاية الطبية عند الحاجة اليها، خوفاً من الطرد والترحيل أو الاعتقال، وأفادت الدراسة أن العديد من المقيمين غير الشرعيين وعديمي الجنسية في السويد يسكنون في مساكن ضيقة، وأوضاع معيشية سيئة، بجانب المطاردات المستمرة، من الأجهزة الأمنية.

هولندا

في 18 كانون الاول/ديسمبر 2011 ذكر تقرير المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين حول المشاكل المتعلقة بـ ‘عديمي الجنسية’ أن هولندا لا تعترف بهم على انهم عديمو الجنسية، ولا يحق لهم عندها المطالبة بالرعاية الصحية أو الحصول على مأوى، رغم أن عددهم يزيد قليلا عن 2000 شخص فقط، مقارنة بعدد سكانها البالغ نحو 17 مليون نسمة، وتقوم السلطات الهولندية بوضعهم في مراكز طالبي اللجوء أو في مراكز الاحتجاز أو يحكم عليهم بالعيش بشكل غير مشروع مدى الحياة.

لبنان

يقدر عدد البدون في لبنان بنحو 100 ألف شخص يتوزعون بين أكراد وبدو، و’قيد الدرس’، و’أشخاص متحدرين من جذور لبنانية ولكنهم لم يحصلوا على الجنسية مثل ‘مكتومي القيد’، اضافة الى بعض الأيتام والأطفال الذين ولدوا خارج إطار الزواج أو من خلال زواج امرأة لبنانية من شخص أجنبي، أو من خلال زواج بين لبنانيين غير مسجلين، هذا بجانب عدد من الأسباب الأخرى التي أدت لإنعدام الجنسية وهي تنازع القوانين ونقل تبعية الاقليم والقوانين المتعلقة بالزواج، والإجراءات الإدارية، والتمييز ورابطة الدم والتجريد من الجنسية، والتنازل عنها أو الفقدان التلقائي لها بفعل القانون.

المملكة العربية السعودية

يتوزع ‘البدون’ في السعودية بين ثلاث فئات، الأولى: أبناء القبائل في الحدود الشمالية والجنوبية للمملكة، الذين كان آباؤهم يتنقلون بين دول الحدود تلك، والثانية: الجاليات الإسلامية التي فرّت بدينها من اضطهاد الشيوعية، واستوطنت الحرمين على امتداد ثمانية عقود خلت من السنوات، وربما كانت الجالية التركستانية أولها، وتبعتها الجالية البلوشية، وأخيراً الجالية البرماوية. والثالثة: الجاليات التي أتت للعمرة والحج وتخلفت منذ عشرات السنين، ونشأت في ظروف غير طبيعية، من سوء الأوضاع الصحية والتعليمية، وبات المجتمع السعودي أمام الجيل الثالث منها، وتشمل الجاليات الأفريقية والبنغالية والإندونيسية، وبعض العرب. ومن بين الاقتراحات المطروحة لمواجهة هذه القضية في المملكة: منح الجنسية لكل من وُلد في السعودية ومضى على وجوده أكثر من أربعين عاماً، أو للزوج الذي وُلد بالسعودية، وتزوج من امرأة سعودية ومضى على زواجهما أكثر من عشر سنوات، وبالنسبة لمتخلفي العمرة المقيمين في المملكة منذ سنوات، يمكن العمل على تصحيح أوضاعهم النظامية والدفع بهم لسوق العمل، مقابل الاستغناء عن جزء من العمالة الوافدة، بما يقلل من حجم التحويلات الخارجية، لأن هؤلاء موجودون في المجتمع، كالجالية البرماوية مثلاً، والجاليات الأفريقية، التي بُذلت محاولات لإعادتهم لبلادهم الأصلية، ولكنها رفضت استقبالهم بحجة أنهم لا وثائق لديهم، وأنهم وُلدوا بالسعودية.’

الامارات العربية المتحدة

في 3 كانون الاول/ديسمبر 2005، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات قرار المجلس الأعلى للاتحاد، بالموافقة على حل مشكلة عديمي الجنسية وتكليف لجان المتابعة المكلفة بالاسراع في تقديم مرئياتها في هذا الشأن في أقرب وقت ممكن والعمل به ‘اعتبارا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية. وفي 24 تشرين الاول/أكتوبر 2010 أعلن الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية الإماراتي، أن اللجنة المشتركة المكلفة بحل مشكلة ‘عديمي الجنسية’ شارفت على الانتهاء من انجاز الدفعة الأولى من كشوف المستحقين الذين لا يحملون أوراقا ثبوتية والذين ثبت وجودهم في الدولة قبل اعلان الاتحاد.’ وفي كانون الاول/ديسمبر 2011، أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، أمراً للوزارات والدوائر الحكومية بأن تتم معاملة أبناء المواطنات المتزوجات من أجانب، أسوة بالمواطنين، كما يقضي الأمر بمنح أبنائهن الحق في التقدم للحصول على جنسية الدولة حال بلوغهم سن الثامنة عشرة.
المصدر: د. عصام عبد الشافي
نشرت فى 2 يوليو 2012 بواسطة
Foreign Policy
http://kenanaonline.com/users/ForeignPolicy/posts/429185

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول غاندي حنا ناصر - كوريا الجنوبيه:

    Save The Children

إشترك في قائمتنا البريدية