احتواء حرب غزة ووقف التصعيد في المنطقة يتصدران مباحثات السوداني في أمريكا

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: يواصل رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في مباحثاته مع المسؤولين الأمريكان في العاصمة واشنطن، الدعوة لضرورة وقف الحرب الدائرة في قطاع غزّة وإنهاء حملت الإبادة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون هناك، معتبراً أن احتواء الحرب كفيل بوقف التصعيد العسكري في المنطقة، في موازاة مساعيه لتعزيز العلاقات الاستراتيجية بين بغداد وواشنطن وعدم اقتصارها على الملفات الأمنية والعسكرية.
وقد وصل الولايات المتحدة الأمريكية، الإثنين الماضي، في زيارة رسمية تستمر عدّة أيام، التقى خلالها الرئيس الأمريكي جو بايدن وعدد من المسؤولين الأمريكان.
وبتوقيت العاصمة بغداد (يسبق واشنطن بسبع ساعات) التقى السوداني مساء الأربعاء بعضو مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور ليندسي غراهام.
بيان حكومي أفاد أن اللقاء شهد «البحث في رؤية الحكومة لمستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومسار تحقيق الانتقال إلى علاقة ثنائية تتسم بالتعاون والشراكة في مختلف المجالات» فضلاً عن استعراض «أوضاع منطقة الشرق الأوسط، والحرب في قطاع غزّة، والتأكيد على ضرورة وقف التصعيد العسكري واحتواء الصراع».
وحسب البيان الذي أصدره مكتب السوداني أمس، فإن السيناتور الأمريكي أكد «تقديره خطوات العراق ومسار التعاون والشراكة والعلاقات الثنائية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية».
وقبل ذلك، اعتبر السوداني أن العلاقة التي تربط العراق مع الولايات المتحدة الأمريكية وإيران من شأنها أن تخدم الاستقرار في المنطقة.
وذكر خلال استقباله في مقر إقامته، عضو لجنتي العلاقات الخارجية والقوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، السيناتور عن الحزب الديمقراطي تيم كين والوفد المرافق له.
وشدد في بيان منفصل، على أن «العراق يمتلك علاقات متميزة مع إيران وأمريكا، وهو أمر يخدم الاستقرار في المنطقة» مشيراً إلى «ما يحصل في غزّة، وموقف العراق الثابت والمبدئي من الأحداث، الذي حذر فيه منذ البداية من التداعيات الخطيرة على استقرار المنطقة».
ولفت أيضاً إلى «عقده سلسلة اجتماعات ناجحة في هذه الزيارة مع بايدن وباقي المسؤولين، وأن توقيت الزيارة مهمّ لتعزيز العلاقات بين البلدين» مشيراً إلى «رؤية الحكومة في إيجاد علاقة مستدامة تشمل جميع المجالات، بضمنها المجال الأمني، وهو ما جرى العمل عليه عبر مجموعة أسس منهجية ابتدأت باللجنة العسكرية العليا التي ستناقش مهمة التحالف الدولي، وهو ما يخضع للتنظيم في الحوارات الجارية بين وزارة الدفاع العراقية والبنتاغون لتحديد شكل العلاقة الأمنية المستقبلية».
وأوضح رئيس مجلس الوزراء أن «اللجنة التنسيقية لاتفاقية الإطار الاستراتيجي عقدت اجتماعها الأول لبحث ملفات الطاقة والتجارة والتعليم وغيرها، بما سيعود بالنفع على البلدين وتقوية الأواصر بين الشعبين» منوهاً أن «الوفد العراقي يضمّ مجموعة من رجال الأعمال في القطاع الخاص، سيعقدون اجتماعات مع نظرائهم في واشنطن».
في حين، عبَّر السيناتور كين عن سعادته باللقاء، مؤكداً دعمه «الجهود التي تعمل على تحويل العلاقة وجعل الجوانب الاقتصادية والتجارية والثقافية هي البارزة، وليس الجانب العسكري» مُبدياً تقديره «الخطوات المشتركة والتفاهمات الجارية عبر اللجان الثنائية، التي تؤسس وتؤكد رسالة الصداقة والشراكة وتعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين».
يأتي ذلك في وقتٍ حذّر فيه اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، من استمرار العدوان الصهيوني على غزة وتسببه بتصاعد التداعيات الإقليمية.

مسؤول عسكري عراقي يحذر من تداعيات العدوان الإسرائيلي: يُنّذر بحرب شاملة

وخلال ملتقى السليمانية، ذكر رسول، إن «الكيان الصهيوني يواصل منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، والتي وقع ضحيتها أكثر من 30 ألف شهيد، وهذا أثر على الوضع الإقليمي وعلى العراق، ونحذر من تسببه بحرب شاملة في ظل التداعيات المستمرة للعدوان» لافتاً، إلى أن «الحكومة عملت بجهد واضح بالدبلوماسية والحوار لتصل إلى التهدئة الحالية التي يشهدها العراق والتي تم فيها الالتزام بوقف الهجمات انطلاقاً من الأراضي العراقية».
وبيّن أن «التحالف الدولي أسس بطلب من الحكومة العراقية لمساندتها في الحرب على عصابات داعش الإرهابية، وحالياً انتقت الحاجة لوجود التحالف؛ لأن العراق حقق النصر على داعش بدماء عراقية ومساندة ودعم دولي، خاصة وأن خطورة التنظيم كان يمكن أن تمتد للعديد من الدول».
وأضاف أن «العراق يمتلك منظومة دفاع وطني تشمل قطعات الجيش والشرطة والحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب وجهاز الأمن الوطني وباقي الصنوف الأمنية، وهي جميعا ملتزمة وتنصاع لأوامر القائد العام، وهنالك استقرار أمني واضح وتراجع بنسبة الجريمة يؤكد نجاح الحكومة بإدارة الملف الأمني».
في حين، جدد زعيم تحالف «قوى الدولة الوطنية» المنضوي في «الإطار التنسيقي» الشيعي، عمار الحكيم، موقف العراق الداعم للقضية الفلسطينية، مؤكداً في الوقت ذاته قدرة إيران على اختراق «الجدران الأمنية» لسلطات الاحتلال، في إشارة إلى الهجوم الأخير الذي استهدف إسرائيل.
وقال في الملتقى، إن «العراق له موقف متقدم في نصرة الشعب الفلسطيني والتضامن مع فلسطين، ولكن الموقف الحكومي والسياسي الرسمي ليس مع استخدام الأراضي العراقية للقيام بعمليات عسكرية» داعياً في الوقت عينه المجتمع الدولي إلى «إيقاف الحرب في غزة وتطبيق قرار مجلس الأمن في إيقاف الحرب وإدخال المساعدات».
ورأى أن «الهدف من الرد الإيراني لم يكن التصعيد واتساع دائرة المعركة بقدر ما هو تثبيت حقها في الرد، وأن إسرائيل لم تُهاجَم بهذا الشكل من بلد آخر بشكل رسمي منذ عقود طويلة، وهذا بحد ذاته يعتبر متغيرا نوعيا يثبت قدرة إيران على اختراق الجدران الأمنية الإسرائيلية بالرغم من تعاون العديد من الدول معها».
وأشار الحكيم أيضاً إلى أن «الفصائل العراقية لم تدع يوما أنها تقوم بعملياتها العسكرية بأوامر خارجية وإنما بدافع الحفاظ على سيادة البلاد حسب وجهة نظرها، ونحن مع سياسة احتواء هذه المجاميع والفصائل وليس سياسة الكسر لاسيما ونحن في طور البناء وترتيب أوضاعنا الداخلية، وقد لاحظنا أن هذه الفصائل تعاطت بمسؤولية كبيرة حينما أعلنت إيقاف عملياتها العسكرية ودخلت في هدنة لعدم إحراج الحكومة».
وعلى الرغم من قرار الفصائل العراقية المسلحة المنضوية في «المقاومة الإسلامية» إيقاف عملياتها العسكرية ضد المصالح الأمريكية في العراق، منذ نحو ثلاثة أشهر، غير أنها لا تزال تواصل ضرب أهداف إسرائيلية داخل العمق الإسرائيلي، حسبما تتبناه رسمياً في بياناتها الصحافية.
وزاد الحكيم قائلاً: «نحن حريصون كل الحرص على أمن وسيادة واستقلال العراق، ونتمنى أن نصل إلى اللحظة التي تكون فيها الدولة العراقية قادرة على مسك الملف الأمني والسيطرة على السلاح بشكل كامل».
وتحدث أيضاً عن جدية العراق في «إنهاء مهام التحالف الدولي، لاسيما مع انتهاء داعش كتحد وجودي، ولكن لابد أولا من إنهاء مهام التحالف الدولي بحوار مع الأطراف الدولية وبالتفاهم وليس بطرق أخرى، والأمر الثاني نحن حريصون في الانتقال إلى علاقات ثنائية بين العراق والعديد من دول هذا التحالف وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وهناك مصلحة عراقية في العلاقة الثنائية بين العراق وبعض دول التحالف».
ووفق الحكيم فإنه «ليس هناك ما يمنع من إقامة علاقات ثنائية مع الولايات المتحدة حتى من قبل القوى المتحفظة على الحضور العسكري الأمني الأمريكي في العراق، وما هو واضح أن الولايات المتحدة ودول التحالف الدولي عموما لديها تفهم للموقف العراقي وأعلنت بشكل صريح موافقتها، ولذلك تشكلت لجان فنية للبحث في تفاصيل إنهاء مهام التحالف الدولي والانتقال إلى العلاقة الثنائية». واعتبر أن «علاقة العراق مع الولايات المتحدة منتظمة باتفاقية إطار استراتيجي تم التصويت عليها في مجلس النواب العراقي (عام 2008) وهي اتفاقية مهمة ومقرة وشاملة في كل المجالات» منوهاً أن «الهدف من زيارة رئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتفعيل هذه الاتفاقية وبناء علاقة ثنائية، فقد أصبح واضحا أنه كلما انتظمت العلاقة الثنائية بين الطرفين أمكن تسريع إنهاء مهام التحالف الدولي».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية