«إن بقينا أحياء»… أية حرية للصّحافة في زمن الإبادة الجماعية؟

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

رام الله ـ غزة ـ «القدس العربي»: «إن بقينا عايشين» هي الجملة الأكثر استخداما من الصحافيين الفلسطينيين العاملين في قطاع غزة خلال فترة الحرب الوحشية التي استشهد خلالها عشرات الصحافيين في الميدان، أما على موقع «اليونسكو» (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) فهناك حملة بعنوان «هذه القصة يجب أن تُروى» وفيها تقول المؤسسة التي منحت جائزة «غييرمو-كانو» لحرية الصحافة لهذا العام للصحافيين الفلسطينيين الذين غطوا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أن «جميع القصص تستحق أن تُروى، ولكن قد تكون هذه القصة حاسمة أكثر من غيرها».

لا تقصد اليونسكو بهذه الحملة الصحافيين الفلسطينيين الشهداء أو حتى الأحياء إنما تقصد «الأزمة المناخية التي تسارعت وتيرتها في السنوات الأخيرة في حدوث اضطرابات تتجاوز البيئة والنظم الإيكولوجية لتؤثر في حياة مليارات البشر حول العالم؛ على اعتبار أن هذه القصص تستحق أن تُروى وتُشارَك».
لكن السؤال ماذا عن قصة قتل الجهة التي يمكنها أن تروي الحقيقة؟ ماذا عن قصة إعدام الصحافيين وتجويعهم ونسف منازلهم وتشريد عائلاتهم؟ من يروي قصة هؤلاء؟ من يروي قصة الصحافي الميت بفعل الصواريخ التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية وجعلت جسده الهش أشلاء ممزقة؟
سيبدو السؤال إشكاليا وتحديدا في زمن ولحظة الاحتفال في اليوم العالمي لحرية الصحافة، فعن أي حرية للصحافة يتحدث العالم ويحتفل ويوزع الجوائز فيما شهدت أصغر بقعة جغرافية محاصرة أكبر عدد ممكن من الشهداء الصحافيين في أوسع بث مباشر لعملية القتل الوحشي.

قائمة تطول ولا تقصر

تخبرنا الأرقام كل ما هو مثير، تخبرنا الكثير مما يجعل الحديث عن مطلب الحرية مثيرا للسخرية والتعجب، فبحسب الأرقام التي وفرتها نقابة الصحافيين الفلسطينيين قبل أيام، فإن 135 من العاملين في القطاع الإعلامي استُشهدوا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين الفلسطينيين، محمد اللحام، قال إن 33 عاملا في القطاع الإعلامي استُشهدوا منذ بداية العام الجاري، يضاف إليهم 102 استُشهدوا نهايات العام المنصرم، فيما استُشهد زميل واحد في مدينة طولكرم.
وتابع اللحام: «لقد استُشهدت 33 عائلة من عوائل الصحافيين نتيجة قصف بيوتهم».
وحسب الأرقام التي وفرها اللحام، فأن 100 صحافي وصحافية اعتُقلوا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تبقى منهم رهن الاعتقال 45 صحافيا، حُوّل معظمهم إلى الاعتقال الإداري، فيما لا يزال 4 صحافيين في عداد المفقودين، فيما استهدف الاحتلال 77 منزلا للصحافيين في قطاع غزة بصواريخ الطائرات وقذائف المدفعية، فيما دمر الاحتلال 86 مكتبا ومؤسسة إعلامية تدميرا كليا أو جزئيا، فيما شهد العام الحالي، إصابة 18 من الصحافيين والصحافيات بالرصاص، و19 بشظايا الصواريخ، و19 باعتداء بالضرب والتنكيل، و26 إصابة بقنابل الغاز والصوت، ووقعت 5 حالات إطلاق نار تهديدي باتجاه الصحافيين، و4 حالات اعتداء لمستعمرين.
وتبدو قائمة اللحام تطول ولا تقصر حيث أكمل: «هناك 5 حالات استدعاء للتحقيق، و3 حالات فرض كفالات وغرامة مالية، و39 حالة احتجاز ومنع من التغطية والتصوير، و36 حالة مصادرة وتحطيم معدات العمل، و18 حالة اقتحام ومداهمة لمنازل الصحافيين، واقتحام وتدمير وإغلاق 16 مكتبا صحافيا».
ويكمل حديثه عن غزة: «لقد توقفت حوالي 25 إذاعة محلية في غزة عن العمل، وتضررت الحالة الصحافية بسبب الانقطاع المتواصل والمكثف للاتصالات والإنترنت، وهو أساس العمل الصحافي ونقل الخبر والصورة».
ويبدو أن فلسطين من أكثر الأماكن في العالم التي يصبح فيها اليوم العالمي لحرية الصحافة فرصة مناسبة للتذكير والمطالبة بالعمل على توفير حق عدم الموت، حق الحماية للصحافيين من بطش الاحتلال وليس بحثا عن «صحافة حرة ومستقلة وتعددية» كما طمحت منظمة «اليونسكو» عندما اختارت الثالث من أيار للاحتفال بهذه المناسبة.
وحسب الأرقام أيضا، فقد شهد الربع الأول من العام الجاري 220 جريمة وانتهاكا ارتكبتها منظومة الاحتلال بحق الصحافيين ومؤسساتهم، إضافة إلى 60 جريمة أخرى شهدها شهر نيسان/ابريل الماضي.
وحسب نقابة الصحافيين الفلسطينيين، فإن قائمة استهداف الصحافيين طويلة جدا، فهناك إلى جانب القتل المادي بالرصاص والقنابل والصواريخ، الإصابات الخطرة بالرصاص، وقنابل الغاز، والاعتقال، والاحتجاز، والمنع من العمل، والمنع من السفر، وحتى التنقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، والاستيلاء على المعدات، وتحطيمها، والغرامات المالية والتهديدات بغرض ترهيبهم.
يفعل ذلك أمام مرأى العالم كله دولة تصنفها دول العالم الغربي «واحة الديمقراطية».
على الجانب الآخر، شكّلت عمليات الاعتقال أبرز السّياسات الممنهجة التي استخدمتها منظومة الاحتلال على مدار عقود طويلة بحقّ الصحافيين الفلسطينيين، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي اعتقال 53 صحافيا، في سجونه ومعسكراته، منهم 43 اُعتقلوا بعد تاريخ السّابع من أكتوبر 2023 وهم من أصل 70 صحافيا تعرضوا لعمليات اعتقال بعد هذا التاريخ، تحديدًا في مناطق الضّفة بما فيها القدس، وكل ذلك إلى جانب التهديدات والاعتداءات الميدانية والاحتجاز والملاحقة المستمرة لهم خلال تغطياتهم الصحافية الميدانية.
وقالت مؤسسات حقوقية تعنى بقضايا الأسرى إنّ أربعة صحافيين من غزة ما زالوا رهن الإخفاء القسري، ويرفض الاحتلال الكشف عن مصيرهم أو توضيح أي معطيات بشأنهم، منهم اثنان جرى اعتقالهم في بداية العدوان وهما: نضال الوحيدي، وهيثم عبد الواحد، بالإضافة إلى صحافيين اثنين جرى اعتقالهما من مستشفى الشفاء في غزة خلال العدوان الواسع الذي تعرض له المشفى، وهما: محمود زياد عليوة، ومحمد صابر عرب.

وأربع صحافيات معتقلات

ومن بين الصحافيين المعتقلين، أربع صحافيات، من بينهن أمّ مرضعة، وهن: إخلاص صوالحة، ورولا حسنين وهي أم مرضعة، وبشرى الطويل، وأسماء هريش. إضافة إلى الصحافية سُمية جوابرة التي ما تزال رهن الحبس المنزلي إلى جانب شروط مشددة فرضت عليها.
ومن بين الصحافيات المعتقلات تعتبر حكاية رولا حسنين والتي اعتقلت من منزلها في بيت لحم قبل أشهر، هي الأكثر إيلاما، فهي أم مرضعة لطفلة كانت تبلغ من العمر حين اعتقلت تسعة شهور.
وحسب عائلة الأسيرة فقد تعرضت طفلتها لتراجع في وضعها الصحي بعد اعتقال والدتها.
ووجه الاحتلال بحقّ الصحافية حسنين لائحة اتهام حول ما يسميه بالتحريض، وقد عقدت لها عدة جلسات محاكمة، وكانت محكمة الاحتلال قد أصدرت قرارًا بالإفراج عنها بكفالة مالية، إلا أن نيابة الاحتلال أصدرت استئنافًا على القرار، وعقدت جلسة للنظر في الاستئناف في شهر نيسان/ابريل المنصرم وحتى اليوم لم يصدر قرار من المحكمة، وما تزال موقوفة، ويحتجز الاحتلال الصحافية حسنين في سجن الدامون إلى جانب العشرات من الأسيرات في ظروف عزل مضاعفة وقاسية ومأساوية.
إلى جانب كل ذلك استخدم الاحتلال الاعتقال على خلفية ما يسمى بالتحريض عبر وسائل الإعلام التي عملوا فيها، ومنصات التواصل الاجتماعي التي تحوّلت من أداة لحرية الرأي والتعبير إلى أداة لاستهداف الصحافيين والفلسطينيين عمومًا، حيث تُظهر لوائح الاتهام المقدمة بحقّ الصحافيين على خلفية التّحريض إصرار الاحتلال على ملاحقة الصحافيين بناء على عملهم الصحافي من دون وجود مبرّر قانونيّ لهذه الاعتقالات، حيث تعمّد الاحتلال في صياغته لبنود ما يدعيه «بالتحريض والتعاطف» جعلها فضفاضة، بدون محدّدات واضحة، ليتمكّن من استخدامها سلاحاً في وجه الصحافيين على وجه الخصوص، وباقي الفلسطينيّين على وجه العموم، وزجّهم في السّجون.
في ورقة حقائق بمناسبة اليوم العالمي للصحافة اعتبر «مركز شمس» استهداف «جيش الاحتلال للصحافيين والصحافيات الفلسطينيين محاولة يائسة لاغتيال الحقيقة» ونسي المركز أن يشير إلى أن محاولات الاحتلال كانت قاتلة ودموية.
وقال المركز في ورقة حقائق أنه في الوقت الذي تحتفل فيه دول العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة يتعرض الصحافيون والصحافيات لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، وما زالت الصحافة الفلسطينية في عين العاصفة والاستهداف من قبل الاحتلال وما زال الصحافيون والصحافيات والمؤسسات الإعلامية والمدونون يتعرضون إلى استهداف مباشر من قبل آلة القتل والإجرام الإسرائيلية سواء كان هذا الاستهداف بالقتل أو بالاعتقالات أو الاعتداء عليهم وإصابتهم بجروح أو الاختناق أو الضرب المبرح ومنعهم من الوصول إلى أماكن عملهم، إلى جانب حظر عمل بعض الفضائيات ووسائل الإعلام وإغلاق مكاتبها، أو تدمير المؤسسات الإعلامية أو تقييد المحتوى الإعلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني.
ويشدد المركز: «أصبح الجسم الصحافي والإعلامي الفلسطيني هدفاً لآلة الحرب الإسرائيلية من أجل إخفاء الحقيقة عن العالم، وأصبحت الحقيقة أولى ضحايا الحرب لحجبها وإخفائها عن الرأي العام الدولي وإخفاء الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ترتكبها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين المدنيين في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة لا سيما في قطاع غزة».
وتحلل ورقة مركز «شمس» سلوك الاحتلال حيث تقول: «يتعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي باستهداف الصحافيين والصحافيات بشكل مباشر ومنظم منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مستغلاً بذلك (البروباغندا) الإعلامية التي أطلقها منذ السابع من أكتوبر وكسب تعاطف قوي من الرأي العام الدولي وحكومات بعض الدول الغربية في بداية العدوان، واعتمد منهجية استهداف الصحافيين والصحافيات لإخفاء الحقيقة عن العالم لأن الحرب على الرواية والصورة هي الوسيلة الأساسية للتأثير في الرأي العام الدولي، لذلك كانت عمليات استهداف الصحافيين والمؤسسات الإعلامية سياسة منظمة وممنهجة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي».
ويرى المركز أن العدد الكبير من الصحافيين والصحافيات الذين تم استهدافهم بالقتل من جيش الاحتلال مؤشر على مدى الوحشية والإجرام الذي يمارسه الاحتلال بحق الصحافيين والصحافيات الفلسطينيين، علماً بأن عدد الصحافيين الذي قتلوا في الحرب العالمية الثانية والتي استمرت من العام 1939م وحتى العام 1945م بلغ 69 صحافيا فقط، وهذا مؤشر واضح على حرب الإبادة الجماعية والاستهداف المنظم للصحافيين والصحافيات من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، فعدد الضحايا من الصحافيين خلال أقل من سبعة أشهر في قطاع غزة تجاوز عدد الضحايا في الحرب العالمية الثانية خلال خمس سنوات.

قتل من دون ضجة

وحسب الباحث الإعلامي صلاح أبو الحسن فإن استهداف الاحتلال الممنهج للصحافيين يدلل بأن نية مبيتة لديه لارتكاب الفظائع بدون ضجة كبيرة، بحيث تمضي هذه المحرقة كما مرت النكبة بدون تغطية إعلامية تثير الرأي العام العربي والدولي.
ويتابع: «الاستعمار الإحلالي مارس مثل هذه الأمور، فقتل الشعوب الأصلية في كل بقاع الأرض ودمر ممتلكاتها ودفعها إما لقبول وجوده على الأرض التي استلبها، أو الهجرة عنها للنجاة بالأرواح. وحين سأل الجيل الجديد الذي ينادي بالحريات وحقوق الإنسان عن هذه الجرائم، أجاب: لم نكن نعلم».
بهذه الطريقة يستطيع المستعمر أن يرتكب كل الموبقات ويدعي الإنسانية وأخلاقية الفعل الإجرامي.
ويرى أبو الحسن الذي يدير إذاعة «علم» المحلية التي اعتقل أحد صحافييها في مدينة الخليل، أن الصحافيين الفلسطينيين ضحوا بسلامتهم وبأرواحهم، كما لم يفعل أحد من قبل في سبيل أن تصل الحقيقة لكل العالم، لعل وعسى أن يدرك هذا العالم حجم المحرقة التي ترتكب.
ويرجح أنه، ربما، لم يشهد العالم في أي حرب سابقة أن قتل فيها كل هذا العدد من الصحافيين، أو سجن خلالها هذا العدد الكبير من الأسرى من دون جريرة. ويكمل: «لكن أثر ذلك السلبي على الصحافيين لم يكن كبيرا لجهة الإحجام عن متابعة التغطية، لكنه في الوقت ذاته غيب صحافيين شجعانا وأقلاما جريئة ومؤسسات فاعلة في التغطية الإعلامية».
ويشدد أبو الحسن أن الأشهر الأولى للحرب على فلسطين تظهر كم هو التواطؤ الصحافي الغربي مع المحتل الإسرائيلي في تبرير أفعاله الإجرامية، واكسابها طابعا قانونيا وأخلاقيا.
يكمل: «انعكس ذلك بشكل واضح في تغطية أحداث السابع من أكتوبر كأنها بداية الصراع، وتبني الرواية الإسرائيلية التي تكشفت لاحقا عن زيف وأكاذيب كبيرة ما زال بعض أبواق الإعلام الغربي يرددونها رغم انكشافها».
يضيف الباحث أبو الحسن: «لقد مارست بعض وسائل الإعلام تحريضا مباشرا على قتل الفلسطينيين، مثل مجلة (الإيكومينست) التي عنونت مقالتها الشهير (لماذا يجب أن تستمر اسرائيل في حربها على غزة)».
وعلى الرغم من محاولة بعض تلك المؤسسات استدراك هذه الكوارث الأخلاقية، والحديث لأبو الحسن، إلا أن رأس المال والميول العنصرية ما زالت تعمل في تغطيتها لهذه الحرب، فقد كشفت الصحافة الغربية نفسها عن سياسات تحريرية تم إملاؤها على العاملين تقضي بتأطير التغطية بطريقة تبرر العدوان الإسرائيلي، وتقبل رواية الاحتلال بدون تساؤل.
وعن العمل في ظل معطيات الواقع الصعبة يقول أبو الحسن: «في الحقيقة دائما هناك ما يمكن فعله، لكن كم هي الجدوى؟ هذا محل شك وتساؤل، فالعالم الذي لم تحركه صور الأطفال المقطعة أطرافهم، ومشاهد حرق وتدمير المستشفيات والمقابر الجماعية والدمار الهائل هل يمكن أن يحرك ضميره شيء؟».
ويكمل: «لعل الفعل الجماعي يجدي أحيانا، كمبادرات دولية لافتة تسلط الضوء على معاناة الصحافيين، مثل: التوقف عن التغطية لساعتين أو أن تجوب نقابتنا على مؤسسات دولية كالأمم المتحدة حاملة دروع الصحافيين الملطخة بالدماء، وتحكي قصص هؤلاء الصحافيين من خلالها، أو العمل على مأسسة الدفاع عن الصحافيين الفلسطينيين بعمل جماعي دولي، أو التوجه بملفات قتل الصحافيين للقضاء الدولي أو الدول التي تسمح بمقاضاة أشخاص من غير جنسياتها».

الصحافي الفدائي

ويعلق الإعلامي والباحث عمر نزال، نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين على الدور الذي قامت به نقابات وجمعيات الصحافيين الدولية وكل المؤسسات المهنية التي تعنى بمتابعة الانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون بالجيد.
ويكمل: «لقد كان هناك انحياز كامل للحق الفلسطيني وللصحافي الفلسطيني حيث كانت هناك متابعة يومية لما يجري في القطاع، وكان موقف هذه الاتحادات النقابية مع موقف الصحافيين الفلسطينيين، كما انعكس ذلك على حملات دعم ومساعدة الصحافيين الفلسطينيين حيث وفرنا للصحافيين في القطاع الطعام والخيم والشواحن والدروع إلى جانب مبالغ مالية. وهي أمور ضرورية لاستمرار عمل الصحافيين».
لكنه يرى أن المخزي والمثير هو مستوى تعامل وسائل الإعلام الغربية (جانب كبير منها) مع حجم ما تعرض له الصحافيون، «لقد عكس عدم تقدير لما يجري بشكل كبير جدا».
ورأى أن هذا الموقف يعكس انحيازا وقحا لرواية الاحتلال الإسرائيلي ومنظومته، التي تدور في فلك الاستعمار، وهو بدأ في بداية الحرب على غزة بطريقة فجة ومباشرة وعكس انحيازا لرواية الاحتلال المليئة بالكذب والتلفيق.
وحول مدى فعالية المواقف النقابية واتحادات الصحافيين يرى نزال انه لا يوجد حل سحري للجرائم الإسرائيلية، فكل ما يجري يرتبط بطبيعة الاحتلال الإجرامية وعجز المنظومة الغربية الدولية بشكل كامل عن توفير الحماية للمواطنين والصحافيين أيضا.
ويرى نزال أن الصحافيين في القطاع على وجه الخصوص يستحقون ان يطلق عليهم «لقب فدائيين» حيث استمر أغلب الصحافيين بالعمل رغم احتمالات الموت الحاضرة دوما.
ويكمل: «رغم كل هذا الموت فإن الصحافي الذي بقي يعمل في القطاع هو بمرتبة الفدائي أو المقاوم الذي يعمل على مواصلة التغطية… في القطاع هناك إصرار على المهنة والقضية ومؤشر ذلك هو النجاح الذي تلاقيه الرواية الفلسطينية عالميا».
كل الصحافيين في القطاع يعملون بين الحياة والموت كما يقول نزال، هناك موت لحظي وهناك محاولة أن نبقى معهم على اتصال دائم.
ويرى أن الجملة التي لا تغيب عن حديث الصحافيين الفلسطينيين في القطاع هي «إن بقينا احياء.. إن بقينا عايشين» وهي تؤشر على احتمالات الموت الحاضرة دوما. فالموت قادم في أي لحظة… ومن لا يخاف على نفسه يخاف على عائلته.
ويتابع: «100 في المئة من الصحافيين في القطاع تضرروا بشكل أو بآخر، فقدوا بيوتهم ومكاتبهم ومعداتهم وقصفت مؤسساتهم..».
ويشدد أن غالبية الصحافيين ما زالوا يعملون رغم ما حل بهم، «ومن خرج من الصحافيين هو رقم لا يتجاوز 2 في المئة من الصحافيين ولهؤلاء أسبابهم الخاصة مثل وضع أسرهم أو أن يكونوا قد أصيبوا».
ويرى نزال: «الملفت في القطاع هو تلك الأفواج التي انضمت للعمل الصحافي من صحافيين شباب، هؤلاء عوضوا الفراغات التي أحدثتها جرائم الاحتلال».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية