إلى نتنياهو: ما شأني بك و”لاهاي” بعد أن قتلت الأبرياء وجوعتهم؟

حجم الخط
0

مصالح نتنياهو واضحة، صرح بها في رده على قرار المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية إصدار مذكرات اعتقال ضده وضد وزير الدفاع يوآف غالانت. لكنه درج على تحويل لائحة الاتهام ضد سياسته إلى لائحة اتهام ضد دولة إسرائيل وضد الجمهور الإسرائيلي. “الأمر السخيف والكاذب للمدعي العام في لاهاي غير موجه فقط ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الدفاع، بل ضد إسرائيل كلها… وضد جنود الجيش الإسرائيلي الذين يحاربون قتلة حماس الحقيرين الذين اعتدوا علينا بوحشية في 7 أكتوبر”، كما قال.

لكن ما العمل؟ إجراءات محكمة العدل الدولية شخصية بالتحديد، وليست ضد الدول. نتنياهو يريد بيعنا، بروحية المقولة الفرنسية التي يحبها “أنا الدولة”، وأننا جميعاً، جميع الإسرائيليين، وبالأساس كل جندي ومجندة، قد نكون في القريب إلى جانبه على كرسي الاتهام في هولندا. في حين أن الأوامر المطلوبة والمحاكمة التي ستعقبها، إذا تم إصدارها أصلاً، تتناول مسؤوليته الشخصية ومسؤولية غالانت في وضع وتنفيذ السياسة العسكرية في قطاع غزة.

صحيح أن الملف الإسرائيلي – الفلسطيني ليس دكتاتوراً متهماً بارتكاب جرائم ضد أبناء شعبه، وأن دعم إسرائيل للحرب في غزة، سواء من المؤسسات أو من الشعب، كبير جداً، ومطلق تقريباً. وحتى الآن، يريد المدعي العام تقديم نتنياهو وغالانت للمحاكمة بشكل محدد، وليس الجندي الإسرائيلي العادي الذي يقف أسفل السلسلة، وليس كل دولة إسرائيل. لذا، لا سبب لتصديق هذا الكذب. هذه الإجراءات ليست “ضدنا جميعنا”، بالضبط مثلما هي المحاكمة التي تجري هنا في إسرائيل ضد نتنياهو ليست لائحة اتهام ضد كل مؤيديه، كما يحاول الادعاء حتى في هذه الحالة.

نسخة مخففة للكذب، الذي يكتسب الآن جاذبية واسعة، هي أن نتنياهو قاد دولة إسرائيل إلى لاهاي. عدنا وحذرنا، يقولون الآن في الوسط السياسي ومروراً باليسار، بأن سياسته السيئة ستقودنا إلى هناك، وها هو الكابوس قد تحقق. إضافة إلى أنها مقاربة تستنسخ بشكل أكثر دقة لائحة دفاع نتنياهو، فهي تتضمن ادعاء بأن المشكلة مجرد إجراءات، وليست سياسة سيئة أدت إليها، وكأن التداعيات هي المشكلة، وليست الأفعال.

حملة نتنياهو هذه تسقط على أرض خصبة عاطفياً، الكثير من الإسرائيليين غاضبون من المقارنة التي أجراها المدعي العام كريم خان بين زعماء حماس وزعماء إسرائيل. هذه المقارنة هي التي أدت إلى الانتقاد في العالم. ولكن على فرض أن البيان لم يدمج كل طلبات الأوامر في ملف إسرائيل – فلسطين، فإن معظم الإسرائيليين كانوا سيغضبون لأنهم يؤمنون بأن حربهم مبررة، وإذا تم اتهام نتنياهو، أو حتى أدين بجرائم حرب، فهذا دليل على أننا “جميعاً” قد ارتكبناها، سواء من خلال المشاركة في القتال أو تأييده.

يجب العودة والتذكير حول ذلك: هدف القانون الدولي تنظيم الحروب وليس أوقات السلام. تنظيم ما هو مسموح وما هو ممنوع حتى في الحروب الأكثر عدالة. ليس القتال هو الذي سيقدم للمحاكمة، بل الطريقة التي أدير بها، وليس على يد الجندي العادي، بل على يد القادة.

يجب أن نذكر أيضاً بأن ارتكاب حماس جرائم فظيعة لا تعطي الضوء الأخضر لكل رد إسرائيلي. وفوق ذلك، يبدو أنه يجب التذكير بأن سياسة القتل الجماعي وتجويع المدنيين الأبرياء، ومن بينهم آلاف الأطفال، من الجدير مبدئياً التحقيق فيها، إذا لم يكن في إسرائيل، ففي لاهاي. إذا جلس نتنياهو هناك على كرسي الاتهام، فلن أشعر بأنها محاكمة ضدي.

بقلم: نوعا لنداو

 هآرتس 22/5/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية