إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ترفض الانضمام إلى المطالب العالمية بإجراء تحقيق في المقابر الجماعية بغزة

رائد صالحة
حجم الخط
0

واشنطن ـ «القدس العربي»: بينما تواصل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن منح إسرائيل مليارات الدولارات لدعم شن حرب دموية على قطاع غزة، رفض البيت الأبيض الأسبوع الماضي الانضمام إلى المطالب العالمية المتزايدة بإجراء تحقيق دولي في المقابر الجماعية التي تم اكتشافها في مستشفيات القطاع الفلسطيني المحاصر.

واستجوب صحافيان يوم الثلاثاء فيدانت باتيل، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، حول رد الإدارة على مئات الجثث التي تم العثور عليها في مستشفى الشفاء بمدينة غزة ومستشفى ناصر في خان يونس، ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى إجراء تحقيق مستقل.
وأجاب باتيل رداً على سؤال ما إذا كان يؤيد إجراء تحقيق مستقل «في الوقت الحالي، نطلب المزيد من المعلومات، وهذا هو المكان الذي نوقف فيه المحادثة».
وأضاف: «ليس لدي أي تفاصيل لمطابقتها أو تأكيدها أو عرضها فيما يتعلق بذلك. نحن على علم بهذه التقارير، وطلبنا من حكومة إسرائيل مزيدًا من الوضوح والمعلومات».
وعندما طُلب منه ثانية الإجابة على سؤال بشأن الدعم الأمريكي المحتمل للتحقيق، أكد باتيل أن الإدارة تنتظر معلومات من الحكومة الإسرائيلية، وفقاً لمنصة «كومن دريمز». في وقت لاحق، طلب مراسل آخر من باتيل شرح «مقاومة» الولايات المتحدة لدعم التحقيق، وأصر المتحدث على أن «الأمر لا يتعلق بمقاومة بالذات، بل أنا لا أريد التحدث بالتفصيل عن شيء تم طرحه كسؤال افتراضي، ومن وجهة نظر الولايات المتحدة ليس لدينا أي معلومات إضافية حول هذا الأمر بخلاف التقارير العامة».
وبعد أن أكد باتيل مرة أخرى أن الإدارة طلبت من إسرائيل المزيد من المعلومات، تساءل المراسل «وهل تعتقد أن حكومة إسرائيل هي مصدر موثوق به لتنويركم؟».
وقاطع المتحدث ستاناج ليقول: «نحن نفعل».
وعندما تم الضغط عليه بشأن المساءلة الفعلية، أو العواقب، أو التحقيقات، سرعان ما تحول باتيل إلى سلسلة الإجراءات البيروقراطية.
وقال للصحافيين: «عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الأمنية التي لدينا مع دول في جميع أنحاء العالم، سواء كانت إسرائيل، أو أي دولة أخرى، فإن تطبيقات ومعايير القوانين التي هي توجه العلاقة الأمنية، بما في ذلك القوانين والإجراءات التي توجه تدابير المساءلة المعمول بها داخل نظامنا لضمان عدم انتهاك حقوق الإنسان، ولضمان استخدام المساعدة الأمريكية بشكل صحيح، وتطبيق القوانين والمبادئ التوجيهية والمعايير الخاصة بها بشكل متسق عبر المجلس.»

التمويل العسكري من بايدن

ومن الواضح أن إدارة بايدن لن تفعل شيئا بشأن المجازر الإسرائيلية الجديدة في غزة، وعلى النقيض من ذلك، ستستمر إسرائيل في تلقي التمويل العسكري من بايدن بغض النظر عما تفعله بالفلسطينيين. لقد وقع الرئيس للتو على مشروع قانون مساعدات بقيمة 95.3 مليار دولار، يتضمن 17 مليار دولار أخرى على شكل أسلحة لإسرائيل.
وانتهى الأمر بعدد كبير من الديمقراطيين في مجلس النواب بالتصويت ضد مشروع القانون، ما يشير إلى تحول تدريجي في هذه القضية، وما زال يمر عبر الكونغرس بدون أي عوائق. وكان التصويت النهائي في مجلس النواب بأغلبية 366 صوتًا مقابل 58 وحصل على 79 صوتًا مقابل 18 في مجلس الشيوخ. وفي حين تدعم إدارة بايدن الحرب الإسرائيلية الدموية على غزة منذ 7 أشهر، وهي الحرب التي وجدت محكمة العدل الدولية أنها إبادة جماعية، فإنها تعمل أيضاً على تسليح مقاومة الأوكرانيين للغزو الروسي. وأشار بريان فينوكين، أحد كبار مستشاري البرنامج الأمريكي التابع لمجموعة الأزمات والمستشار القانوني السابق في وزارة الخارجية، إلى الأمر.
وقال فينوكين على وسائل التواصل الاجتماعي ردا على استجواب ستاناج: «بطريقة أو بأخرى، لا أعتقد أن وزارة الخارجية الأمريكية ستلجأ إلى روسيا كمصدر موثوق للتحقيق إذا تم اكتشاف مقبرة جماعية في الأراضي الأوكرانية التي احتلتها».
وفي الوقت نفسه، أوضح المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو يوم الثلاثاء أن الاتحاد الأوروبي يدعم إجراء تحقيق مستقل.
وقال ستانو: «هذا أمر يدفعنا إلى الدعوة إلى إجراء تحقيق مستقل في كل الشكوك وكل الظروف، لأنه في الواقع يخلق الانطباع بأنه ربما كانت هناك انتهاكات لحقوق الإنسان الدولية. لهذا السبب من المهم إجراء تحقيق مستقل وضمان المساءلة.»
وانضمت جماعات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم إلى الدعوة لإجراء تحقيق مستقل يوم الأربعاء، حيث بلغ العدد الرسمي للشهداء في غزة 34262 شخصًا، بالإضافة إلى 77229 جريحًا والآلاف في عداد المفقودين ويفترض أنهم ماتوا تحت الأنقاض.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان إن عدد الجثث التي تم العثور عليها في المقابر الجماعية «مثير للقلق، ويتطلب تحركا دوليا عاجلا، بما في ذلك تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة».
وأضافت المجموعة أن بعض الشهداء تعرضوا «للقتل العمد والإعدام التعسفي خارج نطاق القانون أثناء احتجازهم».
وقالت مديرة الأبحاث والمناصرة والسياسات والحملات في منظمة العفو الدولية، إريكا جيفارا روساس، في بيان لها، إن «الاكتشاف المروع لهذه المقابر الجماعية يؤكد الحاجة الملحة لضمان الوصول الفوري للمحققين في مجال حقوق الإنسان، بمن فيهم خبراء الطب الشرعي، إلى قطاع غزة المحتل. لضمان الحفاظ على الأدلة وإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة بهدف ضمان المساءلة عن أي انتهاكات للقانون الدولي».
وقالت «إن عدم وصول المحققين في مجال حقوق الإنسان إلى غزة أعاق إجراء تحقيقات فعالة في النطاق الكامل لانتهاكات حقوق الإنسان والجرائم بموجب القانون الدولي التي ارتكبت خلال الأشهر الستة الماضية، ما سمح بتوثيق جزء صغير فقط من هذه الانتهاكات».
وأكدت أنه «وبدون إجراء تحقيقات مناسبة لتحديد كيفية حدوث هذه الوفيات أو الانتهاكات التي ربما تكون قد ارتكبت، فقد لا نكتشف أبدًا حقيقة الفظائع التي تكمن وراء هذه المقابر الجماعية».
وأضافت «مواقع المقابر الجماعية هي مواقع جريمة محتملة تقدم أدلة جنائية حيوية وحساسة في نفس الوقت؛ ويجب حماية المنطقة حتى يتمكن خبراء الطب الشرعي المحترفون، الذين يتمتعون بالمهارات والأدوات اللازمة، من إجراء عمليات استخراج الجثث بشكل آمن والتعرف الدقيق على الرفات».
وقالت إن «غياب خبراء الطب الشرعي وتدمير القطاع الطبي في غزة نتيجة للحرب والحصار الإسرائيلي القاسي، إلى جانب عدم توفر الأدوات اللازمة للتعرف على الجثث مثل اختبار الحمض النووي، يشكل عقبات كبيرة أمام التعرف على هوية بقايا الجثث، وهذا يحرم أولئك الذين قُتلوا من فرصة الحصول على دفن كريم، ويحرم العائلات التي لديها أقارب من مفقودين أو مختفين قسراً من الحق في المعرفة والحصول على العدالة، ما يتركهم في حالة من عدم اليقين والألم».
وفي إشارة إلى أن محكمة العدل الدولية أمرت إسرائيل بالحفاظ على الأدلة في أمرها الأولي بشأن قضية الإبادة الجماعية، قال جيفارا روساس إنه «وسط الفراغ التام للمساءلة والأدلة المتزايدة على جرائم الحرب في غزة، يجب على السلطات الإسرائيلية ضمان امتثالها لحكم محكمة العدل الدولية من خلال منح حق الوصول الفوري إلى محققين مستقلين في مجال حقوق الإنسان وضمان الحفاظ على جميع الأدلة على الانتهاكات».
وأضاف: «يجب الضغط على إسرائيل للامتثال لأوامر محكمة العدل الدولية من خلال السماح بالدخول الفوري إلى قطاع غزة لمحققين مستقلين في مجال حقوق الإنسان وخبراء الطب الشرعي، بما في ذلك لجنة التحقيق المعينة من قبل الأمم المتحدة ومحققي المحكمة الجنائية الدولية. لا يمكن أن تكون هناك حقيقة وعدالة من دون إجراء تحقيقات مستقلة سليمة وشفافة في هذه الوفيات.»

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية