أوبزيرفر: على الغرب إعادة النظر في سياسته تجاه إيران وتفادي الأخطاء السابقة قبل فوات الأوان

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “أوبزيرفر” افتتاحية دعت فيها بريطانيا والدول الحليفة، بشكل ملحّ لإعادة التفكير في الموقف من إيران.

ففي مناسبة نُظمت في الأسبوع الماضي لإحياء الذكرى الثالثة لاغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، قدم الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي، رسالة تحد للغرب “لن ننسى دم الشهيد سليماني. ويجب على الأمريكيين معرفة أن الانتقام محتوم ولن ينام القتلة بسلام”.

وحاولت إيران في الماضي الانتقام لسليماني مما قال المسؤولون الأمريكيون بأنه التآمر لقتل مستشار الأمن القومي السابق، جون بولتون. وتطالب إيران باعتقال أكثر من 150 “مشتبها” بريطانياً وأمريكياً بمن فيهم دونالد ترامب الذي أمر بإطلاق الطائرة المسيرة التي اغتالت سليماني وأبو مهدي المهندس، قائد الحشد الشعبي، قرب مطار بغداد. وفرضت طهران عقوبات غريبة على عدد من المسؤولين الغربيين وقاعدة سلاح الجو الملكي “مينويذ هيل”، في شمال يوركشاير، والتي تزعم أنها ساعدت في الغارة.

ومن المتوقع أن تحذو بريطانيا حذو الولايات المتحدة في تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية.

وترى الصحيفة أن مدى وعمق العداء داخل النظام الإيراني حول مقتل سليماني إلى جانب المظالم الأخرى المتقرحة ليست مثيرة للغرابة، ولكن على الحكومات الغربية التفكير مليا. فهي تغذي الكثير من التهديدات على المصالح الغربية. وهي تعكس هزيمة غربية استراتيجية: فشل السياسة التي قادتها الولايات المتحدة والدول الغربية على مدى العقود الماضية تجاه إيرانن وظهور الجمهورية الإسلامية كعدو عنيد.

وتضيف الصحيفة أنه يمكن رد الدم الفاسد إلى عام 1979 والإطاحة بالشاه، الحليف المهم للولايات المتحدة، وبدرجة أقل للسعودية التي تتعامل مع إيران كتهديد وجودي. وإيران داعمة لديكتاتور سوريا، والميليشيا المعادية للغرب في لبنان، حزب الله، وكذا اليمن والعراق. وتضيف الصحيفة أن المخاطر من مواجهة مفتوحة مع الغرب، زادت من خلال ثلاثة موضوعات متفجرة. الأول، هو الانهيار المتوقع للمحادثات النووية. ولو فشلت الدبلوماسية، فمنظور العمل العسكري من إسرائيل يصبح  أمرا محتوما. أما الموضوع الثاني، فهو التوتر الزائد بسبب “المسيرات الانتحارية” التي قدمتها إيران لروسيا لكي تقوم بإدارة حربها في أوكرانيا. وفي يوم الجمعة، قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات أخرى على طهران في محاولة منها للحد من التصعيد الإيراني. الأمر الثالث وهو الأكثر تهديدا من الموضوعين السابقين، الدعم الغربي للحركة الاحتجاجية التي باتت تمثل تهديدا لنظام الملالي، والتي تقودها المرأة الإيرانية وتطالب بنهاية النظام. وتجمّع آلاف المتظاهرين  في لندن نهاية الأسبوع للمطالبة بإيران حرة وجديدة. وبدأ النظام القديم بالارتعاش.

وتتساءل الصحيفة إن كان ان انزلاق إيران نحو طغيان محلي ودولة منبوذة دوليا أمرا لا مفر منه. فقد حاول الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي (1997- 2005) وحسن روحاني (2013- 2021) تبني سياسات تهدف  للتقارب مع الغرب، وبرامج إصلاحية وتقدمية في الداخل. ولكنها فشلت بسبب عدوانية المتشددين والمحافظين الذين يسيطرون على البرلمان.

وما خشي دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو من حدوثهن أدى لتقريب إيران إلى هدفها بسبب سياساتهما. ولم يستطع الإصلاحيون تحقيق أهدافهم بسبب الحرس الثوري الفاسد والحضور الطاغي  للمرشد الأعلى آية الله خامنئي. وكان هو الشخص الذي ركّز عليه المحتجون غضبهم بعد مقتل مهسا أميني، فلو أرادت إيران أن تتغير، فعليه الرحيل. وسيكون إرثه هو انزلاق النظام إلى شرعية فوضوية. وكذا سلسلة من الخيارات المتعاقبة في مجال السياسة الخارجية، والتي علمتها استراتيجيته “التوجه نحو الشرق” حيث فضّل التعامل مع روسيا والصين على حساب الغرب.

ولا ننسى أن الأخطاء التي ارتكبها الغرب وسياسة الرضا عن النفس أسهمت في هذه الأزمة. وحاول باراك أوباما التعامل مع إيران، وكانت النتيجة هي اتفاقية عام 2015، لكن الحزب الجمهوري في الكونغرس منع عملية رفع العقوبات عن طهران. وأدى هذا إلى منع روحاني والإصلاحيين من تنفيذ الوعود الاقتصادية التي وعدت بها الاتفاقية. وزاد الوضع سوءا مع وصول ترامب إلى السلطة، حيث قام وبدفع من بنيامين نتنياهو، بالتخلي عن التزامات أمريكا في الاتفاقية، بشكل أسهم في زيادة نشاطات إيران النووية.

وكان قرار أوباما بعدم الرد على تجاوز النظام السوري الخط الأحمر باستخدامه الأسلحة الكيماوية، مدعاة للتخلي عن سوريا كساحة لإيران وروسيا. وفتح الفشل في التوصل لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، باباً لمنح إيران الفرصة للتأثير على حماس في غزة، وتمويل حزب الله. وفي تعاونها مع روسيا، وضعت إيران نفسها كحليف مهم، مما يعني أن ملامح عدة من النزاع قد تندمج مع بعضها البعض وتتحول إلى مواجهة أوسع.

والغريب أنه لا يوجد أي نقاش في الغرب حول ما يجب عمله. فهل تبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها عن طرق لمساعدة المحتجين الإيرانيين بشكل نشط. وإن لم يكن هذا، فهناك حاجة ماسة لإعادة النظر حول بناء عملية حوار مع غالبية الإيرانيين الذين يرفضون نظام بلدهم وقيادتهم التي تفقد شرعيتها بشكل  متزايد، ويحلمون بغد أكثر ازدهارا وديمقراطيا. فما هي السياسة الغربية تجاه إيران؟ بداية جديدة يجب القيام بها قبل أن تأتي بشكل متأخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Sana:

    هم الحكومة الاميركية سرقة الشعوب كل الشعوب مسلمة وغير مسلمة

إشترك في قائمتنا البريدية