«أطباء المستقبل» في المغرب غاضبون… ومئات طلبة الطب والصيدلة يحتجون في قلب الرباط

حجم الخط
0

الرباط- «القدس العربي»: قاد طلبة الطب والصيدلة بالمغرب، أمس الإثنين، مسيرة احتجاجية من ساحة “باب الحَد” في اتجاه بناية البرلمان في العاصمة الرباط، وسط حضور أمني مكثف، في خطوة تصعيدية جديدة بين طلبة الطب والصيدلة ووزارة “التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار” مطالبين بحل ملفهم وفتح باب الحوار الموصد. ويأتي استئناف طلبة الطب للاحتجاج رداً على “إغلاق وزارتي الصحة والتعليم العالي لباب الحوار”، في ظل استمرار أزمة التكوين الطبي والصيدلي بالمغرب التي تتواصل الاحتجاجات بسببها منذ قرابة 5 أشهر، والقاضية بتخفيض مدة التكوين إلى ست سنوات عوض سبعة.
طلبة الطب المحتجون قدموا من 11 كلية طب وصيدلية عبر محافظات البلاد، رفعوا مطلب “اِرحل” في وجه مسؤولين ممن يعتبرون أنهم “يدفعون بالملف إلى مزيد من التأزم”، وصدحت حناجرهم بشعارات من قبيل “الطبيب في خطر.. هذا عيب وهذا عار”، و”يا طالب صوتك مسموع”.
وكان طلبة الطب والصيدلة قد أجَّلوا مسيرة وطنية كان من المقرر تنظيمها الخميس 25 نيسان/أبريل، باقتراح من وسيط بين الطلبة المحتجين ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي، كتعبير عن “حسن نية” وذلك من أجل “إعادة بناء جسور الحوار والتواصل وفسح المجال للحوار من أجل إيجاد الحل للوضع المحتقن الذي تعيش على وقعه كليات الطب والصيدلة منذ أشهر”، لكن الحكومة “تتمسك بموقفها الرافض للحوار، داعية الطلبة للعودة إلى مقاعد الدراسة تفادياً لسنة بيضاء”. الطلبة المشاركون في المسيرة احتجاجية نددوا بما سمّوه “التطويق الأمني الكبير” لمسيرتهم.
وأكد عضو في “اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة”، في تصريح لـ “القدس العربي”، أنهم أبانوا عن حسن نيتهم حين عمدوا إلى تأجيل مسيرة الأسبوع المنصرم، إلا أن لا شيء تغير، ولا يزال الوضع على ما هو عليه في وقت يتم إهدار الزمن الجامعي. ودعا المتحدث إلى “فتح حوار جدي ومسؤول من طرف الوزارة الوصية والالتزام بالوعود المقدمة من أجل عودة سلسة للطلبة إلى مدرجاتهم وتكويناتهم”. وتابع: “يجب فتح باب الحوار، نطالب بأمر واحد منذ شهور، لماذا تطول هذه الأزمة وقد بلغت شهرها الخامس؟”.
وأكدت سميرة. ع، طالبة طب في السنة الخامسة، أن مكان كل هؤلاء المحتجين “ليس شوارع الرباط وساحاته، إنما مكاننا في المدرجات وفي المستشفيات”، وفق تعبيرها مطالبة بـ “التعامل مع ملف طلبة الطب بجدية ومسؤولية.
وأشارت خلال حديثها مع “القدس العربي” أن الطلبة “في جميع الندوات والبلاغات الصحافية أكدوا مراراً وتكراراً الرغبة في الحوار والوصول إلى حل، وعلى رأسها جودة التكوين ومدته الكافية والتي تعني بالضرورة صحة المواطن المغربي”.
وعن التهديدات بالسنة البيضاء وبنقطة الصفر، أكدت المتحدثة أنه من غير اللائق ولا الصواب التعامل مع أزمة في شهرها الخامس بعقلية تهديدية، “لا نرغب بسنة بيضاء، لكن إغلاق الأبواب الحوار أمامنا سيدفعنا دفعاً لها ولا أحد من الأطراف سيكون رابحاً”.
ويرى علي لطفي، الكاتب العام لنقابة “المنظمة الديمقراطية للشغل”، ورئيس “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة”، أن إضراب طلبة الطب والصيدلة وطب السنان بالمغرب منذ شهور، يثير أكثر من تساؤل حول المسؤولية الأخلاقية والسياسي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
واعتبر لطفي ضمن تصريح لـ “القدس العربي”، أن ” تأجيج الصراع ما بين الطلبة وعدم عودتهم إلى مقاعد الدراسة والتكوين، كان بسبب غياب المسؤولية، حيث توقف طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان في كل المغرب منذ أزيد من أربعة أشهر، دون أن يجدوا من يحاورهم حواراً مسؤولاً يفضي إلى نتائج ملموسة، ويعودوا إلى مدرجاتهم” وفق تعبير لطفي، لافتاً إلى أن المغرب يعاني خصاصاً مهولاً جداً من الأطباء والممرضين، وفق المنظمة الصحة العالمية.
“المفروض أن المغرب يقوم بإصلاحات كبرى بالمنظومة الصحية ويقوم باستثمارات ضخمة لبناء أكبر مستشفى في إفريقيا. وبالمقابل، هؤلاء الأطباء المفروض أن يعملوا في المستشفيات ويقوموا بتغطية كافة التراب المغربي وكل المحافظات، نحن في حاجة إليهم لتغطية العجز وأن يؤدوا رسالتهم المهنية لعلاج المواطنين”، وفق تعبير النقابي المغربي.
وقال علي لطفي: “لا يجد طلبة الطب والصيدلة من يحاورونه، ووزير التعليم العالي يدبر الملف والخلاف بشكل متحجر، كان عليه أن يفتح الأبواب للحوار مع هؤلاء الطلبة وإيجاد حل لائق، لأنهم لا يطالبون بأمر خارق، ويجب إقناعهم بأسباب تقليص التكوين من 7 سنوات إلى 6، أما ما تبقى من المطالب فهي عادية تتعلق بالزيادة في قيمة المنح المالية ومسائل تتعلق بالجانب البيداغوجي”.
إلى ذلك، كشف بلاغ لـ “اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة”، أنه في ظل الاحتقان الطلابي الذي تعيشه البلاد بسبب السياسة التي تنهجها الوزارتان الوصيتان منذ بداية هذا الحراك، نظمت اللجنة الوطنية “مسيرة الصمود‏” من أجل تأكيد أن موقف الطلبة ما زال ثابتاً وأن لهم الثقة الكاملة في المسؤولين في إيجاد حلول فعالة وملموسة من أجل استكمال السير الطبيعي لكليات الطب والصيدلة العمومية. وجددت اللجنة التأكيد على أن باب الحوار كان ولا يزال وسيظل مفتوحاً من جهتها، مطالبة الجهات الوصية بالتَّحلي بالجدية والليونة اللازمتين ومحاولة الاستجابة لمطالبها التي وصفتها بالعادلة والمشروعة بهدف تحسين جودة التكوين والنهوض بالقطاع الصحي العمومي من أجل خدمة المواطنين المغاربة على أكمل وجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية