أسئلة الوجود والإرادة والحرية تتدافع في «فيزيا وعسل» للمخرجة اللبنانية لينا خوري

زهرة مرعي
حجم الخط
0

بيروت: «القدس العربي»: «فيزيا وعسل» اجتمعا فكانا عنواناً لعرض مسرحي اختارته المخرجة لينا خوري لعملها الجديد بعد انكفاء لسبع سنوات. هو عنوان جمع بين جمود الفيزياء، وكافة الأوصاف والجماليات والفوائد التي كسبها العسل على مرّ التاريخ. اختارت خوري لبطولة عرضها الممثلة ريتا حايك، والممثل آلان سعادة… وانطلقت العروض على خشبة مسرح المدينة في 26 نيسان.
في تعريف لمسرحية «فيزيا وعسل» أنها مُلبننة عن نص Constellations للكاتب الإنكليزي «نيك باين» والذي حصد – بعد عروض كثيرة على خشبة المسرح – العديد من الجوائز.
النص كُتب فيه الكثير من النقد الإيجابي لحداثة طرحه، حيث انطلق من سؤال: هل الإرادة حرّة، أم مقيدة؟ وهل تخضع للسيطرة عليها ذاتياً أم هي موجهة بمحرك كبير ولا سلطة لنا عليه.
بنت لينا خوري «فيزيا وعسل»وهي تأمل أن تكون قد وجدت إجابات. مع العلم بأن الأسئلة المتعلقة بالوجود والحرية لا تجد إجابات مُطمئنة في الغالب، خاصة في حاضرنا.
إلى مسرح تشغله سينوغرافيا برؤية حديثة وراقية، ولعبة ضوء تتيح الانتقال السلس من مشهد إلى آخر، بدأ بطلا العرض ريتا حايك الباحثة في علوم الفيزياء «ماريان»، وألان سعادة «رولان» المنشغل بتربية النحل واستخراج العسل. فمن المشهد الأول من «فيزيا وعسل» حمل المتلقّي إلى السؤال الصعب، والجواب الأصعب: هل يستطيع الإنسان أن يلحس كوعه؟ وإن حدث فما هو مصير البشرية؟
إذاً كيف ستؤول الأمور بين إنسان غارق في النظريات والأبحاث، وآخر يتناغم مع روح وحياة، مع ملكة نحل وذكورها، ويعيش بين ربيع وشتاء، ورحيق وعسل وحب؟ بين استاذة الفيزياء ومربي النحل نجد المسرح غارقاً في الإحتمالات، وإذا كانت أستاذة الفيزياء لا تعرف سلفاً نتائج ما نعيشه في حياتنا، فكيف لمربي النحل أن يستنتج أمراً ما من سؤال أزمة الوجود، ويخلص إلى جوابٍ شافٍ؟
معتمدة رؤية إخراجية متنورة سعت لينا خوري من خلالها للوصول إلى إجابات تشغلها كما غيرها، وفي الوقت عينه وضعتنا وجهاً لوجه أمام فرجة عاطفية متناقضة، ومنسجمة في آن. فكيف للفيزيا والعسل أن يتناغما في قبلة حميمة؟ إن كان تعبير العسل من بين التشبيهات الأجمل فيما يتبادله العشّاق، فبماذا سيصفون الفيزياء، وهو علم خال من المشاعر؟
الأسلوب الذي اعتمدته لينا خوري في مسرحة «فيزيا وعسل» جعلها جذّابة للغاية. جمعت بين الحب، والعمل، والكوميديا، والخيانة والأسئلة التي إن وجدت جواباً ستعود لطرح سؤال آخر يحمل في طياته أكثر من احتمال. إلى السؤال غير المفيد، لا بل القاتل عن أمر مضى «ماذا لو»؟
ريتا حايك وألان سعادة ظهرا على المسرح بحالة انصهار كلّي، وتناغم مُطلق، وحركة رشيقة، وغرام صدقناه رغم كونه بين فيزياء وعسل. شخصيتان تخلتا تدريجياً عن لحظة الإرباك الأولى التي جمعتهما، إذ بديا كائنين قد هبطا من عالم آخر للتو. ومن ثمّ راحت نظرية النسبية والجزئيات تتسلل إلينا، إلى جانب مسلمات مسلكية طبيعية في نظام تعيشه قفران النحل.
لينا خوري تضع الحياة في ختام عرضها المسرحي «فيزيا وعسل» في مهب حجر الزهر. إنه تبسيط مطلق تقودنا إليه لنرضى بالحصيلة التي وصلت هي إليها. فهل الحياة حقاً رمية من حجر زهر؟ وهل هو رد على سؤال طرحتـــه المسرحية «لماذا نحن هنا وماذا نعمل»؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية