وخزات حادة..!

حجم الخط
0

القذافي لم يمت.. لأنه مخبوء في عشرات الالاف ممن ثاروا عليه وقتلوه، ولكن مأساتنا بدأت منذ عقود.. حينما أسس عبدالسلام جلود اللجان الثورية وحول الانقلاب العسكري الى ايديولوجيا فاسدة تكتسح العقول والقلوب وتحتل الاجيال.. ونال نصيبه باكراً من سنته السيئة التي افسد بها البلاد والعباد.. التي لازالت تؤرق حياتنا بعد عامين من موت القذافي ورحيل عائلته وسجن أو فرار مناصريه.
اربعون سنة خبأت في كل ليبي منا ‘قذافي’ مملوءا بالحقد والكراهية لابناء وطنه، محشوا بالانتقام والثأر ومجردا من الرحمة والتسامح.. تسكنه خيالات القوة وطقوس التأله والرفعة، ويقوده البطش والوحشية لارتكاب اشنع الجرائم، ليدوس بتكبر رهيب على كل القيم والمبادئ ويئد الانسانية.. ويعفر حقوق الانسان وكرامته في التراب.
ما زرعه جلود نجني ثماره السامة ويغطي صدأه واقعنا اليوم بعنجهية جهنمية.. والايديولوجيا التي جندت لها العقول والاموال وطوقت بها اعناق المثقفين، ودفعت المليارات لتوطينها هي ما يحركنا اليوم بطريقة لاارادية، وهي ما يدفعنا للغرق الطوعي في المناطقية والعشائرية والتخوين، وهي ما يدفع الدماء الى الرؤوس لتشريع الانتقام وتعطيل القانون، لنعود راجلين الى تقاليد الجهل والجاهلية، وندفن بايدينا وطننا ومستقبل اجيالنا، ونهدر الملايين في مدائن الغرب لنعبر عن عنطزتنا البدوية البائسة، ونعلم الجميع اننا كوبونات ‘قذافي’ .. تحتل الخيام ومواقد الحطب طبائعنا وتفكيرنا وطموحاتنا حينما نتجول بارقى شوارع باريس ونغفو باعرق فنادق لندن.
الثورة انتهت.. فالتغيير الحتمي حدث في 20 اكتوبر، وكان يجب ان تبدأ مسيرة التغيير الحقيقي وتوضع أسس دولة العدالة والقانون.. ولكن تخاذل مصطفى عبدالجليل وتقاعسه عن اصدار قرار عفو مشروط باستثناءات معلنة، والفراغ الايديولوجي الذي سيطر على نخبة السياسيين، وقصور المعارضين الراديكاليين ‘ العائدين من امريكا واوروبا ‘ وعجزهم .. أدى الي تشتيت الثورة وتمزقها، وتحولها الى مشروع تعويضات واستحقاقات ثورجية، وساهمت سيطرة السلاح في نكوص نخبة المثقفين وتواريهم، وظهور مجموعات جديدة قليلة الخبرة لتقود تسويق فكر واعلام فئوي مناطقي منفتح وبعيد عن أي رقابة، وبعيد أيضاً عن أي التزام قانوني أو مهني.. فاصبح الوطن عارياً امام جموع موعودة بالرقي والنزاهة والشفافية والعدالة الاجتماعية والسلام..! أمام جسد الوطن العاري المتخم بندبات وعلامات عذابات أسر فكري طويل اشتعلت الخيبات.. واشتعلت ثأرات وامجاد قديمة، وتهاوت النوايا في السواد وانتصر النحيب.
عبدالواحد حركات

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية