من مهنة المتاعب الى ‘مهنة الموت’: مذبحة الصحفيين في العالم العربي

حجم الخط
0

نصف الصحفيين الذين قتلوا في العالم، لقوا حتفهم في العالم العربي.. هذه الخلاصة التي وصلت اليها بعد تحليلي لإحصائيات مجموعة من المنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن الصحافة والصحفيين، وهي خلاصة دامية ومفزعة ومرعبة بكل المقاييس، هذا الوضع مع الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة.
وقبل ان اغوص في الارقام المرعبة المتعلقة بكل بلد عربي بشكل منفرد، فان منظمة ‘حملة الشارة الدولية لحماية الصحفي’ ومقرها جنيف تقول أن 139 صحفياً قتلوا في 29 دولة في العام الحالي، وهو يعد رقماً قياسياً.
ويمثل زيادة 30 بالمائة في عدد الصحفيين الذين قتلوا بالمقارنة لعام 2011، من بين هؤلاء قتل في العالم العربي 60 صحفيا، اي اكثر من 46 ‘، منهم 36 صحفيا قتلوا في سوريا و19 في الصومال و3 في العراق وصحفي في البحرين ومصور صحفي في مصر، وهي نسبة مرعبة تكشف خطورة مهنة المتاعب في الوطن العربي التي يمكن ان نطلق عليها ‘مهنة الموت’ وليس المتاعب فقط. وبالطبع فان هذا العدد يمكن ان يكون اكبر من ذلك في حال تم التاكد من هوية صحفيين اخرين مفقودين او غير ذلك.
هذه هي احصائيات العام الماضي، اما اذا عدنا 10 سنوات للوراء، وتحديدا منذ عام 1992 فقد قتل 403 صحفيين في العالم العربي من أصل 914 صحفيا قتلوا في كل أنحاء العالم، يشكلون 44 في المائة حسب إحصائيات اللجنة الدولية لحماية الصحفيين ومقرها نيويورك، مما يصنف العالم العربي على انه منطقة أزمات وكوارث من منظور إعلامي.
وهذا ما يظهره التقرير السنوي لمنظمة ‘مراسلون بلا حدود’ الذي يشير إلى ان ثلاث دول عربية تذيلت قائمة المنظمة كأسوأ مكان لممارسة العمل الصحفي وهي سوريا والبحرين واليمن والسودان والتي احتلت المراتب 176 و173 و171
و170 على التوالي من بين 178 دولة، فيما تعتبر كل الدول العربية من الدول المعتمة إعلاميا فجميعها تحتل المراتب الاخيرة من تصنيف منظمة مراسلون بلا حدود للحريات الصحفية.
وحسب منظمة ‘الشعار الصحفي’ للعام 12011 فقد قتل 7′ صحفيين’ في ليبيا ، و5 في اليمن، و3 في مصر، و2 في البحرين ( في ظروف غامضة أثناء الاعتقال)، و 1 في الجزائر و 1 في تونس. ، وهي الدول التي تم تصنيفها على أنها ‘ليس من السهل العمل كصحفي فيها.
هذا يظهر أن الصحفيين العرب يدفعون ثمنا غاليا لتأدية مهمتهم بنقل الوقائع وكشف الحقائق، وهذا’ الثمن في ارتفاع مستمر يظهره بوضوح ارتفاع عدد القتلى الصحفيين من 6 صحفيين عام 2010 إلى 19 صحفيا عام 2011، وللأسف الشديد فان الصحفيين العرب يتعرضون لاعتداءات كثيرة تتراوح بين الإهانات والاعتقالات وحجز الحرية والضرب والاختطاف والاغتيال والقتل من قبل قوى مختلفة حكومية وأمنية واجتماعية ومن أصحاب النفوذ ورجال الأعمال والبلطجية،
كما يحدث في مناطق كثيرة من العالم الأمر الذي دفع الأمين العام’ للأمم المتحدة بان كي مون إلى القول: إن ‘عددا لا يحصى’ من الصحفيين ‘يواجهون المضايقات والترهيب والرقابة من قبل الحكومات والشركات وأفراد متنفذين يسعون إلى الاحتفاظ بالسلطة وإخفاء أخطائهم وأعمالهم السيئة’.
ويمكن القول ان التغطية الإعلامية في سوريا تمثل أكثر المناطق دموية للصحفيين خلال القرن الحالي، بعد العراق في الفترة ما بين 2003 و2006، بحسب منظمة ‘حملة الشارة الدولية لحماية الصحفي’ فيما اكدت منظمات تدافع عن الصحفيين ان عدد الصحفيين الذين ‘قتلوا في العراق الان يماثل اجمالي عدد الصحفيين الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية، ويزداد عدد الصحفيين الذين يقتلون في الصومال باضطراد، بينما تلجأ كل الدول العربية تقريبا إلى اصدار قوانين وتشريعات تحد من حرية الصحافة وتستهدف الصحفيين.
العالم العربي يحتاج إلى الخروج من المأزق بوصفه اكثر المناطق خطورة واظلاما بالنسبة للعمل الصحفي عبر اتخاذ جملة من لإجراءات المطلوبة لحماية الصحفيين منها: إعداد بنية قانونية وتشريعية تحمى الصحافة والصحفيين وتسمح للصحفي بالولوج إلى مصادر المعلومات، وإلغاء محاكم الصحافة والمطبوعات الاستثنائية، وإلغاء عقوبة السجن بحق الصحفيين فيما يتعلق بالمخالفات الصحفية، وعدم محاكمة الصحفيين بموجب قوانين الطوارئ والمحاكم العسكرية والاستثنائية، وعدم اللجوء لخطف الصحفيين أو توقيفهم أو حجز حريتهم، وإلغاء الغرامات الباهظة والمرهقة بحق الصحفيين، والتعامل بجدية مع حالات الاعتداء على الصحفيين والكشف عن المعتدين ومعاقبتهم.
للاسف الشديد فان وضع الغالبية العظمى من الصحفيين العرب سيء، ماديا ومعنويا، فهم محاربون في رزقهم ومحاربون في حرياتهم ولدي من الاحصائيات ما يرسم صورة سوداوية ..ففي العالم العربي فقط ان يتهم رئيس تحرير صحيفة والصحفيون العاملون على انهم ‘عصابة مسلحة’.. وفي العالم العربي فقط يصدر قرار بمنع صحفي من ممارسة العمل الصحفي طيلة حياته.. وفي العالم العربي فقط يمكن ان يبعد الصحفي ويقاد مخفورا إلى المطار .. في العالم العربي فقط ..وهي معلومات كتبتها في دراسة موسعة بعنوان ‘حماية الصحفيين .. مسؤولية من؟’ صدمتني شخصيا قبل ان تصدم اي قارئ آخر.
كاتب من فلسطين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية