حركة اسلامية متشددة تذكي التوترات في بنجلادش

حجم الخط
0

داكا ـ رويترز ـ من جون تشالمرز: في ليلة ليلاء في فبراير شباط انقض خمسة شبان بالمدى على رجب حيدر قرب منزله في داكا عاصمة بنجلادش. كان وجهه ممزقا بدرجة حالت دون تعرف أحد أقاربه على الجثة بعد ان وجدها إلى أن اتصل بالهاتف المحمول الخاص بحيدر فانطلق جرس الهاتف من أحد جيوب الضحية.
كان حيدر واحدا من مئات المدونين في بنجلادش الذين يطالبون باعدام زعماء إسلاميين متهمين بارتكاب أعمال وحشية خلال الحرب. وتسببت جريمة قتله البشعة في مظاهرات حاشدة قادها طلبة وصفت ‘بربيع بنجلادش’.
لكن ظهرت الآن حركة راديكالية إسلامية للتصدي للطلبة تصفهم ‘بالمدونين الملحدين’.
وتعرف الحركة باسم حفظة الاسلام ومنحت الحكومة مهلة حتى الخامس من مايو آيار لسن قانون جديد ضد التجديف وحظر الاختلاط بين النساء والرجال وجعل التعليم الاسلامي اجباريا وهو جدول أعمال يقول منتقدون إنه سيكون بمثابة ‘طلبنة’ لبنجلادش نسبة إلى حركة طالبان في أفغانستان.
وتصادم الأيديولوجيات قد يغرق بنجلادش في دائرة من العنف مع استغلال الحزبين السياسيين الرئيسيين في البلاد -وقد انعدمت الثقة بينهما منذ عقود- للتوتر بين العلمانيين والإسلاميين قبل الانتخابات المقررة في يناير كانون الثاني المقبل.
وقال محمد زامير وهو دبلوماسي سابق والآن كاتب صحفي ‘هذه مواجهة بين التفسيرات العلمانية والمحافظة المتشددة للدين.’
وألقى باللوم على حزب بنجلادش الوطني المعارض لتشجيعه حفظة الاسلام على مواجهة الطلبة قائلا ‘يدركون الآن انهم فتحوا أبواب جهنم.’
وقتل العشرات بالفعل في اشتباكات هذا العام على الأخص بين نشطاء إسلاميين وقوات الأمن وبدأت سلسلة من الاضرابات العامة التي دعت إليها أحزاب المعارضة تؤثر على الاقتصاد الهش للبلاد التي تقطنها أغلبية مسلمة.
وما يعرف الآن ببنجلادش كان جزءا من باكستان لدى انتهاء الحكم الاستعماري البريطاني للهند عام 1947. وكانت تعرف آنذاك بباكستان الشرقية وحصلت على استقلالها بمساعدة الهند في ديسمبر كانون الأول عام 1971 في أعقاب حرب استمرت تسعة شهور ضد باقي انحاء باكستان.
واندلعت توترات هذا العام في فبراير شباط عندما أصدرت محكمة شكلتها الحكومة للتحقيق في انتهاكات الحرب حكما بالسجن مدى الحياة على زعيم بالجماعة الإسلامية ولم تصدر عليه حكم بالاعدام.
وتنفي الجماعة الإسلامية وهي حليف إسلامي لحزب بنجلادش الوطني الذي عارض الاستقلال عن باكستان الاتهامات بأن بعضا من زعمائها ارتكبوا جرائم قتل واغتصاب وتعذيب خلال الحرب.
والخلاف بشأن حرب انتهت منذ 42 عاما قد يثير حيرة من هم من غير سكان البلاد إلا أنه يوضح الانقسام الذي لم يحل بعد داخل بنجلادش البالغ تعداد سكانها 160 مليونا بين القومية العلمانية والاعتقاد بأن الإسلام هو الصبغة الأساسية للدولة.
وأثار عدم صدور حكم بالاعدام على عبد القادر ملا أحد زعماء الجماعة الإسلامية غضبا عاما أججه نشطاء علمانيون استخدموا مدونات ومواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت للدعوة لاحتجاجات حاشدة.
وتدفق عشرات الآلاف على منطقة شاهباج بوسط داكا ونظموا تجمعات حاشدة ووقفات احتجاجية. ويشار إلى حركتهم على انها حركة ‘ميدان التحرير’ في إشارة إلى الميدان الواقع بوسط القاهرة في مصر الذي كان مركزا للانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011 .
وتخلى عمران ه. ساركر عن وظيفته الدائمة كطبيب ليقود الحركة ويقول إن نحو 60 ألف نشط على الانترنت توحدوا الآن تحت لواء ‘شاهباج’ ضد جرائم الحرب والأصولية الإسلامية.
وتريد مجموعته الآن من الحكومة أن تحظر الجماعة الإسلامية التي أمر جناحها الطلابي بقتل المدون حيدر وفقا لاعترافات خمسة طلبة اعترفوا انهم نفذوا الجريمة.
وقال ساركر (29 عاما) لرويترز في كلية الطب في داكا منتقدا الحزب الإسلامي ‘انهم لا يحبون هذه البلاد… عندما نلعب كريكيت ضد باكستان… يرفعون علم باكستان.’
ونفى المزاعم بأن حركة شاهباج تحظى بدعم من حزب رابطة عوامي بزعامة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة الذي يقول منتقدون إنه يستغل محكمة انتهاكات الحرب لكسب اصوات.
إلا أن قرار حركته باستهداف الجماعة الإسلامية أقنع كثيرين بأن ساركر يعمل لصالح الحكومة. وحول ذلك الحديث من جرائم الحرب إلى الدين وأثار رد فعل عنيف من القوى الإسلامية.
وأريقت دماء في أنحاء البلاد بنهاية فبراير عندما أدانت محكمة جرائم الحرب زعيما كبيرا بالجماعة الإسلامية وأصدرت عليه حكما بالاعدام شنقا.
ونشرت قوات الجيش بعد أن هاجم نشطاء من الجماعة الإسلامية الشرطة بقنابل بدائية الصنع وسيوف وهراوات وحرقوا منازل لزعماء بحزب رابطة عوامي ومنازل سكان هندوس وداهموا معابد للهندوس. وقتل 30 شخصا على الأقل فقط في نفس اليوم الذي صدر فيه الحكم وارتفع العدد خلال الأيام القليلة اللاحقة.
كان ظهور حفظة الإسلام منذ ذلك الوقت الرد الإسلامي على حركة شاهباج التي تراجع زخمها على ما يبدو. وتجمع أكثر من مئة ألف في وسط داكا في السادس من إبريل نيسان لدعم الحركة الجديدة.
ومن بين من تحدثوا في هذا التجمع الحاشد حبيب الرحمن مدير مدرسة دينية كان قال لوسائل اعلام محلية بعد زيارته لأفغانستان عام 1998 إنه التقى بزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن وأشاد ‘بالانتصار الشامل لحركة طالبان وقيام دولة إسلامية في أفغانستان.’
ومن بين زعماء حفظة الاسلام المفتي فيض الله الذي تحدث مع رويترز من مسجد يقع وسط شوارع داكا القديمة الضيقة المزدحمة كانت تتردد بين جنباته أصوات غلمان يتلون القرآن.
وقال ‘يصفوننا بأننا طالبان ولكن هذا كذب وعار تماما عن الصحة وليس سوى دعاية ضدنا… ولكن أعضاء شاهباج ضد الإسلام. إنهم يقومون باذلال الرجال الملتحين والذين يرتدون عمامة. هذا أمر لا يمكن تحمله.’
وأضاف أن أنصار حفظة الاسلام سيصيبون داكا بالشلل في الخامس من مايو إذا لم تنفذ الحكومة قائمة من 13 مطلبا بينها الدعوة لسن قانون جديد ضد التجديف.
ومن المرجح أن تصدر محكمة جرائم الحرب المزيد من الأحكام خلال الشهور المقبلة لتبقى التوترات التي يقول محللون إن الحكومة ومنافسيها حزب بنجلادش الوطني والجماعة الإسلامية يحاولون استغلالها مع اقتراب الانتخابات.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية