اللبنانيون أحيوا ذكرى الحرب وأقاموا حواجز محبة من الجنوب الى الجبل فالشمال وأطلقوا دعاء سلام مطالبين بالكف عن ألعاب الموت والتدمير

حجم الخط
0

بيروت ـ ‘القدس العربي’: إكتسبت ذكرى اندلاع الحرب اللبنانية هذا العام في لبنان معان مختلفة مع عودة التهديد بتجدّد هذه الحرب نتيجة الفتنة السنية الشيعية وارتدادات الازمة السورية على لبنان.
وقد أحيا اللبنانيون هذه الذكرى من خلال أكثر من نشاط حيث تجمّع رجال الدين من كل الطوائف المسيحية والاسلامية على درج المتحف الوطني الذي كان الفاصل بين المنطقتين الشرقية والغربية وتلوا دعاء السلام، كما توجّه وفد مسيحي اسلامي من قوى 14 آذار الى إحدى مناطق بيروت التي شكلت خط تماس بين الاشرفية ورأس النبع في خلال الحرب، وأعلنوا تمسكهم بالسلم الاهلي ورفض العودة الى الماضي.
وتحت عنوان ‘لن تكون’، نظّمت مدينة طرابلس مجموعة من الأنشطة والفعاليات في الذكرى أهمها الإعتصام وإضاءة الشموع في ساحة النور بين الساعة الثامنة والتاسعة مساء السبت. كما تنظّم المدينة مسيرة في 21 الجاري للتأكيد على التمسك بالسلم الأهلي والدفاع عنه، ‘لأن هناك، لسبب أو لآخر، من يهدّد هذا السلم’. وشددت بلدية الميناء في هذه المناسبة على أن أبناء طرابلس ‘لن يسمحوا لهذا البعض بإحداث الفتنة وتعكير الأجواء في المدينة وفي كل لبنان’.وقد إنتشرت الدعوة للمشاركة في هذه المبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي هذه المناسبة، جالت المنظمات والحركات الشبابية، تحت عنوان ‘تذكر… سامح…غيّر’، على الطريق الساحلية من الجنوب إلى الشمال، وأقامت حواجز محبة عند جسر الأولي وفي شارع رياض الصلح وعند جسر الزهراني، وفي ضهور الشوير ومناطق الجبل والشمال على امتداد 30 نقطة على مساحة الارض اللبنانية احياء لذكرى الحرب الأهلية.
ووزعت مئات الورود البيضاء التي ترمز الى السلم الأهلي على السيارات والمارة، كما وزعوا ملصقات تدعو الى تذكر مآسي الحرب الأهلية واستخلاص العبر منها.
وفي اقليم الخروب، نظمت مسيرة طلابية حاشدة بالتعاون مع وزارتي المهجرين والتربية، ارتدى فيها المشاركون قمصاناً بيضاء كتب عليها ‘تذكر.. سامح.. غيّر’. ورفعوا شعارات مناهضة للحرب على أنغام المعزوفات الوطنية والكشفية.
وعشية 13 نيسان، أحيت الفنانة تانيا قسيس أمسية خاصة، جمعت في الفوروم دو بيروت وجوهاً سياسية واجتماعية وديبلوماسية وثقافية، حضروا بكثافة، بينهم اللبنانية الاولى وفاء ميشال سليمان والنواب عاطف مجدلاني وهادي حبيش ونديم الجميل.
وللمناسبة، إعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ‘ان وضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار هو النقطة المشتركة التي يجب ان يلتقي حولها المسؤولون والقيادات’.
ودعا الى ‘اخذ العبر مما حصل عندنا والتبصر في ما يحصل حولنا على مستوى المنطقة لادراك الحاجة الملحة الى التعاون بين الجميع وتقديم التضحيات كي يبقى لبنان في منأى عن ارتدادات ما يحصل في جواره، وكي ينعم اللبنانيون بالاستقرار والازدهار، فلا يدفع وطننا مرة جديدة ثمن صراع الاخرين ليس على ارضه بل على ارضهم ايضاً’.
كما دعا رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي ‘في ذكرى اندلاع الحرب اللبنانية الأليمة جيل الشباب الذين نعوّل عليهم في بناء المستقبل، الى الاتعاظ من دروس غيرهم وأن يرفضوا استخدامهم وقوداً في أي معارك عبثية لا تؤدي الا الى المزيد من اليأس والهجرة، وأن يمسكوا أقدارهم بأيديهم ويعملوا على بناء لبنان المستقبل قولاً وفعلاً، برؤى مستقبلية رائدة’.وشدد على ‘الإتعاظ من تجارب الماضي الأليم التي علمتنا أن لا أحد في لبنان قادر على إلغاء أحد، والإبتعاد عن لغة التصعيد التي تباعد بين الناس وتزيد الشحن في النفوس، في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى ما يقرّب بين اللبنانيين ويحقق المصالحة الشاملة التي لا بديل عنها مهما باعدت الخلافات بين أبناء الوطن الواحد’.
وكان ميقاتي استقبل وفداً من ‘جمعية فرح العطاء’ في إطار التحرك الذي تقوم به الجمعية ‘دعماً لتحصين السلم الأهلي وتجديداً لميثاق العيش المشترك في الذكرى الثامنة والثلاثين لإندلاع الحرب في 13 نيسان 1975’.
وقدم الطفل شربل باز الى ميقاتي غرسة زيتون ملفوفة بالعلم اللبناني رمزاً للسلام في لبنان.
كما زار وفد ‘فرح العطاء’ رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الامير طلال ارسلان في خلده، والتقى في معراب رئيس حزب ‘القوات اللبنانية’ سمير جعجع حيث تلت إحدى الشابات خلال اللقاء نداء شباب فرح العطاء في 13 نيسان 2013، فقالت ‘ايها الزعماء في زمن الانقسامات والتحريض الطائفي والفتن المتنقلة، لمرة واحدة اسمعوا نداء شباب أشقاهم الانفلات الامني والتشنجات السياسية والاصطفافات الطائفية، نناديكم من عمق الاوجاع التي رميتمونا بها، من خلف شبابيك منعتم ان نفتحها لنتحدث الى جيراننا بعد ان تركتم احياءنا للمسلحين، نناديكم من زوايا خبايانا التي نحتمي بها من تبادل نار تدفئ مخططاتكم على احيائنا ووطننا، نناديكم من بيوت تهدمت ومقاعد مدرسية خالية وساحات تسلية مقفرة’.
اضافت ‘الا كفوا عن العاب الموت والتدمير، توقفوا عن الاستهتار بوطننا وبشعبنا وبأهالينا، اتركوا اسلحتكم لمحاربة اعداء الوطن وحفظ الحدود، ابعدوها عن الاولاد والمدارس والاحياء والقرى والمدن، كفّوا عن اعتبار الناس حطب مواقدكم، وحلوى تتقاسمونها على موائدكم، اعيدوا لنا ما اخذتموه منا بالتحريض والفتن والخلافات، اعيدوا لنا الامان والاستقرار واللحمة اعيدوا لنا ملاعبنا ومقاعد دراستنا، اعيدوا لنا بيوتنا واقاربنا ورفاقنا وزهو الحياة معاً، اعيدوا لنا وطننا الذي هو على صورتنا، وطن التلاقي والتنوع في الوحدة والحضارة والقيم والتطور’.’وختمت ‘عودوا الينا لنذكركم ان لا فرق بيننا في المذاهب والطوائف والمناطق لأننا ابناء وطن واحد، عودوا الينا لنذكركم اننا مواطنون تجمعنا الالفة والتضامن والغد الواحد، ولنذكركم ان احياء بيروت كما المناطق لا تُقّسم بين المذاهب بل هي حاضنة لمواطنين لبنانيين تجمعهم الارض والسماء، نسألكم عن دماء الاطفال والامهات والآباء والاخوة الذين سقطوا او جرحوا بسبب حروبكم ونسألكم عن الاعاقات التي نتجت عن استعمال السلاح وعن المخطوفين ونحملكم مسؤولية الاحياء من المواطنين’.
بدوره، قال جعجع للشباب ‘انا افهم هواجسكم، فلا احد يُحب الحرب، جميعنا نكره الحرب والدمار، وانا مثلكم حين كنتُ شاباً وفي سنكم تقريباً كنت خائفاً على مصيري ومصير عائلتي واقربائي واصدقائي، ولكننا انخرطنا في الحرب مرغمين للدفاع عن انفسنا ووطننا وعن وجودنا وبقائنا في هذا البلد’.اضاف ‘نحن اليوم اكثر من اي وقت مضى، ندرك ان الحرب ليست لصالح احد وان نتائجها ستكون كارثية على الجميع، لذلك نحن نسعى الى بناء دولة قوية، قادرة وفعلية، يكون قرارها الاستراتيجي بيدها وحدها وتستطيع ان تبسط سيادتها الكاملة على الأراضي اللبنانية كافة، نريد دولة على قدر طموحاتكم تؤمّن الأمن والاستقرار والعدالة للجميع على حدّ سواء، كي لا يشعر اي مواطن فيها ان حقه ضائع او مغبون’.
وختم جعجع ‘ نضع امآلنا فيكم يا شباب لبنان، انتم المستقبل الواعد لهذا الوطن ويجب ان تثقوا ببلدكم وان تستمروا في نضالكم وتضحياتكم من اجل بناء الدولة التي تؤمّن للمواطن اللبناني حريته وكرامته وحياة مزدهرة من اجل غد مشرق ومستقبل واعد لأبنائه واستعادة الدولة والمؤسسات، استمروا في النضال والمثابرة، فلبنان مرّ بأزمات اكبر من الأزمات الحالية ولم يخضع او يستسلم’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية