الاحتفال بيوم الحقيقة بدل أكذوبة أبريل!

حجم الخط
0

كثيرة هي الجرائد والمواقع الإخبارية التي نشرت مقالات وأخبار وعناوين كانت جد مغرية للقراءة في الأول من هذا الشهر، ليتفاجأ بعدها القارئ بأنه ضحية كذبة أبريل، وأن كل ما اطلع عليه مجرد كذبة ومزحة، وذاك احتفاءا بمناسبة اليوم العالمي للكذب، هذه العادة السيئة التي انطلقت من أوروبا وخاصة فرنسا حسب بعض الباحثين عن أصل الكذب، اتخذتها الدول التابعة للغرب بجدية أكبر وأصبحت تحتفل بالمناسبة من خلال إشاعة أخبار كاذبة في الأول من أبريل، من أجل البسط، وتناسي الهموم وتحقيق المتوخى ولو بالكذب، وكأن ما ينقصنا سوى الكذب.
احتفال الغرب ولو بشكل غير رسمي وغير قانوني بهذه العادة السيئة، له ما يبرره وذاك أن الشعوب الغربية ربما ‘ملت’ من كثرة الوعود الصادقة، والمشاريع الحقيقية، والجدية واحترام المواعيد وما تم الاتفاق بشأنه، وتحمل المسؤولية بمسئولية، ومحاسبة المسئولين، وتقديم الاستقالة من طرف من ثبت تورطهم في قضايا فساد أو عدم قدرتهم على تحمل المسؤولية، وغيرها من الخصال المحمودة والنبيلة، فلا بأس أن يخصصوا يوما للكذب والمزاح .
أما نحن، فالكذب والبهتان صم أذاننا من كثرة تداوله، حتى أصبح سلوك عادي جدا، ومقبول، فما يزال المسئول عندنا يعدنا بإجراءات ومبادرات تنموية، وخطط إصلاحية، حتى يكذبها الزمان، ولا يستحي هذا المسئول أو ذاك عن كذبه، ولا يتوانى أن يظهر وجهه مرة أخرى لكن مع احمرار وانتفاخ على مستوى الأوداج من خيرات المسئولية، لكي يبشرنا بمشاريع إصلاحية أخرى، وهكذا دواليك. الكذب نعيشه يوميا، في الإدارة المغربية، الوعود والوعود ثم الوعود ولا شيء سوى الكذب والكذب في كذب، فلماذا نذكر المغاربة بالكذب. المقالات التي كتبت بالمناسبة، وأوردت أخبار’سارة’ نظير إجراءات سياسية قوية سيقبل عليها السيد بنكران مثلا، وغيرها من القصاصات الكاذبة ، وحتى ولو لم تختم بعبارة ـ إنها كذبة أبريل ـ كان القارئ سيكذبها تلقائيا وربما يضحك حتى تظهر نواجذه ، من غرابة الخبر. فرئيس الحكومة، رغم أنه على رأس الجهاز التنفيذي، ويمثل اختيار من صوت من الشعب، والصلاحيات التي خولها إياه الدستور ومنصبه الحالي، لا يجرأ أن يتحدث إلى المغاربة بصراحة، ويحدثنا عن من يعرقل عمله، ومن هم العفاريت والتماسيح والقردة والبلابل.. وغيرهم من الحيوانات التي كشرت عن أنيابها في وجه وهو لا زال يداعبها ويلاطفها بكلام جميل وغير جارح ويتحدث عنها بصفة الغائب احتراما لها. من الأمثلة الكثيرة للكذب نذكر منها قصة الوزير الذي أشرك الرأي العام معه من خلال قراره بمنع أطباء القطاع العام من الاشتغال في القطاع الخاص، لكن سرعان ما اتضح أنها مجرد أكذوبة، وأخر أصدر قرار بمنع أساتذة القطاع العام بالاشتغال بالقطاع الخاص، لكن سرعان ما اتضح أنها فقط أكذوبة، وذاك هللت له كل الألسن وصفقت له الأيادي من خلال إعلانه عن كشف ومحاسبة من يمتصون دم المغاربة وينهبون أمواله باسم أنهم قدموا خدمات للمغرب، لكن سرعان ما تبين أنها مجرد أكذوبة، والأمثلة كثيرة.. وما أكثر الكذب.
المغاربة لايحتاجون للكذب، فكيف التفكير بالاحتفال به، بالعكس من ذالك تماما نود أن يتم الاحتفال بيوم يخصص للمساءلة والمحاسبة والمكاشفة والاعتراف بكل الأخطاء، والتصريح العلني لكل المغاربة عن منهم هؤلاء الذين نتحدث عنهم بصفة الغائب. نريد يوم نسمع فيه الحقيقة، نريد مسئولون يتحدثون بمسؤولية ومن خلال المنصب الذي هم به متواجدون، لا أن يتحدثوا إلينا كمواطنين لا حول لهم ولا قوة.
الأجدر الاحتفال بيوم الحقيقة بدل أكذوبة أبريل.
رشيد أيت الطاهر
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية