رئيس الجمهورية في السينما المصرية «بطلا قوميا» بأمر الرقابة

حجم الخط
0

القاهرة- من مروة جمال:  «تولوا المهمة في ظروف صعبة، كما أن الرقابة تحظر نقدهم».. هكذا لسان حال نقاد فنيين مصريين وهم يتحدثون عن شخصية الرئيس في الأعمال السينمائية، فباتت شخصية «الرئيس» شديدة الحساسية في التناول السينمائي، ليصبح الرئيس بطلا قوميا بأمر الرقابة.
ماجدة خير الله الناقدة الفنية، قالت إن «الأجواء السياسية والرقابية التي تردد نغمات الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، لم تكن تتحمل انتقاد شخص الرئيس في أي عمل فني، وهو ما سيستمر خلال الفترة المقبلة، لاستمرار الظروف ونغمة التصعيد».
وأضافت خير الله: «نحن بحاجة لفترة زمنية ليست بالبسيطة، كي نتخلص من المحاذير والمخاوف الرقابية المسيطرة على المشهد السينمائي في مصر منذ عقود طويلة، وهو ما يتطلب تغيير منهج وزارة الثقافة بالكامل بشكل يشمل القائمين عليها وإعادة صياغة مفهوم الرقابة على السينما ووضع تصور سليم له».
الناقد الفني مجدي الطيب رغم تفاؤله بالمستقبل، وبمزيد من الحرية المستقبلية، إلا أنه قال «لا أعول على الفنانين الذين يحتفون بمرشحي الرئاسة، والذين قد يعرض عليهم أعمالا فنية مستقبلا تصور شخصية هذا المرشح او الرئيس في حال فوزه».
وأرجع الطيب الصورة المثالية للرئيس في الأفلام إلى الخوف الذي كان يعتري صناعها ويدفعهم لإيثار السلامة واجتثاث أي مشهد ينتقد الرئيس، فضلا عن تحريم القانون على صناع السينما الاقتراب من ثالوث السياسة والدين والجنس، وتدخل هيئة الرقابة على المصنفات الفنية في أي عمل يوجه إلى شخص الرئيس.
ودعا إلى إعادة النظر في شأن جهاز الرقابة، حتى ننهي معركة محتملة بين المبدع الذي سيحاول استثمار جو الحرية بالتحايل على القوانين وإسقاط عمله الفني على شخص الرئيس، في الوقت الذي ستبحث الرقابة عن هذه الإسقاطات في كل مشهد وسطر من سطور السيناريو.
سينمائيا، فشخصية الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر (1956-1970) كانت محور أحداث فيلم «ناصر 1956» الذي ركز على أكثر القرارات الشعبية التي اتخذها ناصر بتأميم قناة السويس وما تلاها من عدوان ثلاثي على مصر؛ مقتطعا عدة شهور من حكم عبدالناصر فقط، دون باقي فترة حكمه.
وكانت الجنسية المصرية هي المسيطرة على طاقم العمل، الذي قام ببطولته الممثل الراحل أحمد زكي، بالإضافة إلى 32 ممثل آخر لقصة الكاتب محفوظ عبدالرحمن والمخرج محمد فاضل.
الفيلم الثاني الذي تناول شخصية عبد الناصر، حمل اسمه «جمال عبدالناصر» وتناول سيرته الذاتية من فصول الدراسة إلى اللحد وتم إنتاجه عام 1998 بميزانية ضخمة لممثلين من جنسيات مختلفة أبرزها مصر وإنكلترا.
وفي الأحداث جسد الممثل خالد الصاوي شخصية الرئيس وجسدت الممثلة عبلة كامل شخصية زوجته تحية؛ ومن الممثلين البريطانيين الذين شاركوا في العمل كيت هاردي وبريان جونز، وأخرجه السوري أنور قوادري.
بينما اكتفى عدد لا بأس به من صناع السينما المصرية بالرمز لحقبة عبد الناصر في أفلامهم من خلال خطاب التنحي الشهير الذي تلاه على الشعب المصري عقب احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء في 5 يونيو/ حزيران 1967 أو ما يعرف محليا بـ»النكسة»، قبل ان يتراجع عنه، ومن أبرز هذه الأفلام «أبناء وقتلة» و»العصفور» و»ملف سامية شعراوي» و»أحلام صغيرة» و»السادات».
الرئيس الأسبق محمد أنور السادات (1970-1981)، فكان أول رئيس يختار ممثلا لتجسيد شخصيته في عمل سينمائي؛ فاختار شكري سرحان ليقوم بدوره في فيلم مأخوذ عن كتابه «البحث عن الذات.. قصة حياتي» والذي تم طباعته فى إبريل/ نيسان 1978، وترجم ونشر في أكثر من 13 لغة أهمها.
وكان من المنتظر أن يعرض الفيلم وثائق سرية هامة كالرسائل التي أرسلها السادات لليونيد بريجنيف الرئيس الأسبق للاتحاد السوفيتي، والرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد ، ونص خطابه في الكنيست الإسرائيلي، إلا أن العمل لم ينفذ لأسباب غير معلومة، وهو ما جعل المخرج منير راضي، مصرا على تقديم فيلم بعنوان «اغتيال السادات» وكان يعد بتقديم وثائق أرشيفية هامة بالفيلم لكنه اصطدم بالجهات الرقابية، بحسب قوله في تصريحات سابقة.
السادات كان اول رئيس تجسده السينما المصرية بشكل ساخر عقب وفاته، من خلال المخرج منير راضي في فيلم «موعد مع الرئيس» الذي تناول زيارة ريتشارد نيكسون الشهيرة إلى مصر عام 1974، حيث أدى دور السادات الممثل الكوميدي نجاح الموجي، حيث انتظر أهل قرية الرئيس اعتقادا منهم أنه سيمر مع ضيفه عليهم إلا أن القطار لم يتوقف في القرية.
كما ظهر السادات عقب وفاته في فيلمين للممثلة نادية الجندي «امرأة هزت عرش مصر» و»الجاسوسة حكمت فهمي» والذي تناول شخصية السادات قبل ثورة 1952.
وفي 2001، أول فيلم عن حكم السادات بعنوان «أيام السادات»، حيث جسد بطولته أحمد زكي لسيناريو وحوار أحمد بهجت عن كتاب «البحث عن الذات.. قصة حياتي» للسادات، و»سيدة من مصر» لزوجته جيهان السادات، وأخرجه محمد خان.
يبدأ الفيلم بتولي السادات الرئاسة، وينتهي بعد 168 دقيقة باغتياله في عرض عسكري بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973؛ في فيلم وصفه النقاد بأنه سياسي بدرجة امتياز، ووصفه الراحل أحمد زكي بأنه أصعب أدواره السينمائية وأكثرها تعقيدا.
فيلم «السادات» لم تتجاوز تكلفته الإنتاجية 6 مليون جنيه (860 ألف دولار تقريبا)، إلا ان إيراداته نجحت في تخطي رقم 11 مليون جنيه (1.6 مليون دولار تقريبا)؛ كما تم ترشيحه للمشاركة في مهرجان فينسيا السينمائي.
أما الرئيس الأسبق حسني مبارك (1981-2011) فلم يكن له تناول مباشر في السينما، وكثيرا ما اكتفى المخرجون بالإشارة لشخصه من خلال مكالمة هاتفية تأتي لمسؤول كبير فينتفض من على كرسيه قائلا «اللي (الذي) تؤمر به يا فندم»، ليفهم المشاهد ضمنيا أن الرئيس هاتفه لحل مشكلة بطل الفيلم، كما هو الحال في أفلام «النوم في العسل»، و»الإرهاب والكباب»، و»أمير الظلام» للممثل عادل إمام المعروف بولائه الشديد لمبارك.
وكثيرا ما اكتفى المخرجون باستخدام تقنية «زووم» على صورة مبارك المعلقة في كافة المصالح الحكومية؛ لتصل إلى المشاهد رسالة ضمنية مفادها أن الرئيس تدخل لحل المشكلة كما حدث في فيلمي «بطل من ورق»، و»كراكون في الشارع».
وفي 2001، تم تجسيد مبارك لأول مرة حيث ظهر بظهره في فيلم «جواز بقرار جمهوري»، ملوحا للعريس والعروس الذي دعوه إلى حفل زواجهم بالحي الشعبي، وهو ما لباه الرئيس، قبل ان يظهر مرة أخرى بظهره في فيلم «أمير الظلام» عام 2002، وهو يسلم البطل عادل إمام نوط الشجاعة.
وعقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عهد مبارك، ظهرت أفلام تتطرق لشخص الرئيس بشكل ساخر دون أن تحدد ماهية هذا الرئيس، وهو ما حدث في فيلم «ظاظا رئيس جمهورية» عام 2006، الذي ظهر فيه رئيس الجمهورية «عجوزًا» يحاول خطب ود أمريكا للبقاء في الحكم، وفيلم «طباخ الريس» عام 2008 الذي كان يظهر فيه الرئيس محاط بحاشية تعزله عن نبض الشعب فيستعين بطباخه لمعرفة حقيقة ما يجري حوله، وفيلم «الديكتاتور» عام 2009 الذي كان فيه إسقاط على محاولات مبارك توريث حكمه لنجله الأصغر جمال.
أما الرئيس السابق محمد مرسي الذى لم يستمر في حكم مصر لأكثر من عام (2012-2013)؛ فلم يتم تناوله في أي عمل سينمائي، إلا أن مقطع فيديو لشبيه له يعمل بائعا متجولا، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتحدث عن أمنيته في تجسيد شخصية مرسي في عمل سينمائي. (الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية