السعودية مجتمع هش مفكك

حجم الخط
0

تلقي وسائط التواصل الاجتماعي ضوءا كاشفا على فشل قرن من حكم آل سعود في خلق مجتمع متماسك، بقناعة من مكوناته التي يبدو جليا انه لا يمسكها الا سلطانا المال والبطش. فسقف الحرية المرتفع الذي اكتشفه السعوديون في مواقع التواصل هذه جعلهم يعبرون عن مشاعرهم ومكنونات انفسهم الحقيقية تجاه النظام ومكونات المجتمع الاخرى وهي الحقائق كانت تحجبها وتزيفها وسائل الاعلام الرسمية.
وقد كشف تقرير صادر عن برنامج الحوكمة والابتكار في كلية دبي للإدارة الحكومية أن العاصمة السعودية الرياض هي المدينة العاشرة في العالم الأكثر نشراً للتغريدات على موقع تويتر، وأن السعودية تتصدَّر قائمة المستخدمين النشطين في العالم العربي بنسبة 30′. وأن السعوديين هم الأكثر تواجداً، وشهرة في ‘تويتر’،
ويحتلون المراكز الخمسة الأولى لمشايخ وإعلاميين، ومتابعوهم يُقدرون بالملايين. كما أظهر مسح إلكتروني أجري أخيراً أن السعوديين أكثر استخداماً لموقع التواصل الاجتماعي ‘تويتر’ بالمقارنة مع الشبكات الأخرى.
ووفقاً لتقرير وكالة الوسائط الاجتماعية ‘ذا سوشيال كلينيك’ فإن في السعودية أكثر من 3 ملايين مستخدم ‘نشط’ لـ ‘تويتر’ يغردون بـ 50 مليون تغريدة في الشهر الواحد، كما سجَّل مستخدمو ‘تويتر’ السعودية نمواً يقدر بـ 3000′ وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي، ويقال إن بعض القنوات الإعلامية الغربية تستغل ‘تويتر’ لرصد الرأي العام السعودي وتوجهاته.
الكثرة الكاثرة من التغريدات المتشنِّجة جعلت الكاتب السعودي الدكتور زهير الكتبي يطالب بقفل موقع ‘تويتر’ وحجبه في السعودية حتى يأتي الوقت المناسب لكي نستطيع أن نحسن التعامل ونستخدمه لمصالحنا الحقيقية. وأضاف أن مغالاة المتشددين، وتهديداتهم لكثير من المثقفين إضافة إلى إمكانية استغلال ما ينشره
بعض المغردين من أسلوب مبتذل في النيْل من سمعة السعودية، وفقدان هيبة مسؤوليها، وأن كثيراً مما يُكتب يعيد زمن الطائفية، والقبلية، والمذهبية، وإقصاء الآخر وهو ما يفرض غلقه للمصلحة العامة كما قال.
فالكثير جدا من التغريدات تتضمن تجاوزات أخلاقية وفضائح وأفكار محرضة تصل لشتم بعض المثقفين، والإعلاميين، والمسؤولين، والملتزمين لمجرد الاختلاف في التوجه
الفكري بدلاً من المناقشة الهادئة العقلانية، وهناك تغريدات لشخصيات معروفة في المجتمع مليئة بالأخطاء اللغوية، والأفكار الاجتماعية الشاطحة، وتغريدات من مشايخ يخطئون في الآيات والأحاديث، وتغريدات من شباب خاوٍ فكرياً يناقش قضايا فلسفية غير مؤهل لها، وتغريدات من سيدات يطالبن بتجاوز أنظمة مؤسسات الدولة، وتغريدات فيها بُعد طائفي، ومناطقي، وقبلي تثير النعرات، وتدعو للتطرف؛ وغير ذلك من تغريدات الشتائم، وتشويه السمعة، وبث الشائعات تحت أسماء مستعارة. وغيرها كثير من تغريدات التسول، والطرائف، والمفارقات العجيبة.
وأكد عضو منظمة العفو الدولية وخبير القانون أحمد الناقي أن المهاترات والتراشق في مواقع التواصل الاجتماعي تصنف إلى عدة أقسام منها التراشق الديني والذي يخدم أحياناً طائفة على حساب أخرى بالإضافة إلى التراشق الرياضي الذي زرع التعصب الرياضي وأفسد الروح الرياضية وحرية التعبير في الرياضة، وكذلك التراشق السياسي وهو أخطر وأشد وله انعكاس على أفكار المجتمع وتولد أفكار دخيلة ومحرضة، وتفل نسيج المجتمع والتراشق القبلي وكذلك ما نراه مؤخراً بين الرجل والمرأة في محاولة لإقصاء الآخر.
احمد صالح الفقيه

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية