ولادة ثلاثة واخري تنتظر.. السماء تمطر أحزابا بالمغرب
ولادة ثلاثة واخري تنتظر.. السماء تمطر أحزابا بالمغربالرباط ـ القدس العربي من محمد البقالي:وكأن السماء تمطر أحزابا! فجأة خرجت الي الوجود ثلاثة أحزاب مغربية جديدة، مع ارهاصات بخروج أخري كثيرة خلال السنة الجارية والأشهر التي تسبق الانتخابات من السنة المقبلة.الأحزاب السياسية من مظاهر الديمقراطية وحرية انشاء التنظيمات السياسية. هكذا يتحدث الواقفون وراء انشاء هذه الأحزاب. لكن في الحالة المغربية هل يتعلق الأمر فعلا بظاهرة صحية، أم أن الأمر لا يعدو كونه اسهالا يشير الي سقم أصاب الحياة السياسية في البلد.بالنسبة لأصحاب هذه الأحزاب فالأمر يتعلق بحاجة مجتمعية حقيقية فرضت خروج أحزابهم الي أرض الواقع.فعبد الكريم بنعتيق العضو السابق اللجنة الادارية في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك بالحكومة) والوزير السابق باسم نفس الحزب أعلن عن انشاء الحزب العمالي المغربي، وعبد الله أزماني القيادي السابق في حزب الاتحاد الدستوري معارضة بعد مدة طويلة في الحكومة أعلن عن انشاء حزب الاتحاد المغربي للديمقراطية، أما محمد الخليدي العضو السابق الأمانة العامة في حزب العدالة والتنمية الاصولي المعارض فقد أعلن الطلاق مع الحزب الاسلامي، لينشئ حزب النهضة والفضيلة.في تصريحاتهم للصحافة المحلية عاب زعماء الأحزاب الوليدة انتقاد البعض لانشائهم أحزابا، بل ان عبد الله أزماني ذهب الي أن معارضة الحق في تأسيس الأحزاب هو ارهاب فكري ، و محاكمة للنوايا . أما عبد الكريم بنعتيق فانشاء حزب بالنسبة اليه هو بمثابة صراع ضد اليأس خاصة مع سيادة اللامبالاة وضعف التأطير السياسي وتراجع شعبية الأحزاب .وبرر محمد خليدي خروجه عن العدالة والتنمية وانشائه حزب النهضة والفضيلة بما اسماه الاختلاف مع رؤي وخطاب العدالة والتنمية، وما اعتبره اقصاء مورس في حقه عندما لم يتم انتخابه للأمانة العامة للحزب، حيث دخلها عن طريق 10 بالمئة المعينة.ويري المعارضون لتأسيس هذه الأحزاب، أن هذه التعددية لا تعكس تعددية سياسية حقيقية، وان الدوافع معظمها ذاتية وانتخابية، في غياب الأسس الفكرية والايديولوجية التي تؤطر الأحزاب الجديدة.ويري عدد من المتتبعين للحقل السياسي المغربي أن تفريخ الأحزاب قبيل الانتخابات ليس جديدا، فقبيل انتخابات سنة 1977 كان واضحا أن الفائزين تحت يافطة المستقلين والمدعومين من الاجهزة سيشكلون حزب التجمع الوطني للأحرار الذي هدد وزير حقوق الانسان السابق، محمد أوجار بانشاء حزب جديد في خضم معركة شرسة مع قيادة الحزب. وفي سنة 1983 شهدت مرحلة الانتخابات انشاء حزب الاتحاد الدستوري، الذي انشق الآن عنه أزماني. والمثير أن الحزبين الوليدين آنذاك فازا بأغلبية مفبركة، وكان زعيماهما أحمد عصمان وبوعبيد في رئاسة الحكومة.وأنشأ الحزب الوطني الديمقراطي المهدد بدوره بالانشقاق، وقبل انتخابات سنة 1993 خرج الي الوجود حزب الحركة الاجتماعية الديمقراطية بقيادة ضابط أمن سابق تتهمه الجمعيات الحقوقية بتعذيب المناضلين هو محمود أعرشان، وفاز بعدد كبير من المقاعد، بمساعدة الدولة واسس المحجوبي احرضان الحركة الوطنية الشعبية بعد ان فقد الامل باعادة السلطة الحركة الشعبية له.وبرأي المحللين فان ظروف ولادة هذه الأحزاب تختلف عن مثيلاتها سنوات السبيعينيات والثمانينيات وأوائل التسعينيات، ففي الوقت الذي كانت بصمات الدولة واضحة في انشاء تلك الأحزاب، بدا أن هذه الأحزاب جاءت بمبادرات شخصية تروم تحقيق مصالح أكثر من تقديم برامج سياسية واضحة.ويعزي هذا التناسل المخيف للأحزاب السياسية الي حالة الاحتقان التي تعرفها الحياة الحزبية في المغرب، فقيادة مجمل الأحزاب شاخت، والجيل الثاني يجد نفسه لا أمل له في الاستفادة من مواقع قيادية في الحزب الا بموت الصف الأول، علاوة علي غياب الديمقراطية الداخلية، والأموال الكبيرة التي تتصرف فيها الأحزاب دون أن يعرف مصيرها، باستثناء ما يظهر علي قادتها من ثراء وغني.ويراهن الكثيرون علي قانون الأحزاب الجديد الذي سنته الدولة في الحد من هذه الفوضي الحزبية، وخاصة منها التمثيلية الحقيقية لكل حزب، وضبط تدبير الموارد المالية.الا أن الممارسات الاجتماعية تبدو عصية علي الضبط خاصة منها شراء الألوان، والمقاعد، بل وحتي التزكيات. حيث أن نظام اللائحة المعمول به حتي الان علي المستوي الانتخابي يعطي امكانية نجاح معظم وكلاء اللوائح، وهو ما يجعل منصب وكيل اللائحة موضوع مساومات مالية تصل الي عشرات الآلاف من الدولارات أحيانا.