وضع كديما واولمرت لم يعد كما كان عليه في بداية انطلاقه وأصبح الآن علي المحك مثل باقي الاحزاب بعد زوال هالة شارون
وضع كديما واولمرت لم يعد كما كان عليه في بداية انطلاقه وأصبح الآن علي المحك مثل باقي الاحزاب بعد زوال هالة شارون في مطلع عام 1970 قام محرر صحيفة دافار ، دانيال بلوخ، باجراء مقابلة في صوت اسرائيل مع بعض المُنجمين حول توقعاتهم للسنة القادمة. أوري غيلد الذي كان في حينه من المنجمين، قطب جبينه وقال: الملك حسين سيختفي عن مسرح التاريخ في هذه السنة. أما الرئيس المصري جمال عبد الناصر فسيبقي في الحكم لفترة طويلة. إلا أن ناصر مات بسكتة قلبية خلال اشهر قلائل بينما بقي الملك علي سدة الحكم مدة ثلاثين عاما اخري.اليوم ايضا قبل الانتخابات للكنيست السابعة عشرة بشهر، لا يوجد مُنجم يستطيع أن يتوقع بصورة مؤكدة ما الذي ستُسفر عنه. اغلبية الاستطلاعات تتوقع، كما نعلم، انتصارا ساحقا لكديما، ولكن نظريا علي الأقل، يمكن القول أن النصر الساحق ليس في جيب أحد. هذا الحزب قد لا يصل الي أي مكان باعتباره جسما سياسيا قادما من اللامكان محمولا علي أكتاف شخص واحد يغط في غيبوبته الآن.هناك صدفية كثيرة جدا ترافق الظروف التي أدت الي قيام حزب كديما. لولا المتمردون في الليكود الذين نغصوا حياة شارون، ولولا المحاولات الانقلابية عليه، ولولا قيام حزبه بمنعه من تعيين زئيف بويم وروني بار ـ أون وزراء في حكومته ـ لربما لم يكن حزب كديما ليظهر. أضف الي ذلك: انه لو لم يستقل نتنياهو الذي كان قد صوت مع فك الارتباط من الأصل، لكان من المحتمل أن يُعين كقائم بأعمال رئيس الوزراء عندما دخل في مرحلة المرض، وليس اولمرت.كديما سحرت الناس بسبب جاذبية شارون وإصراره اللذين منحا المواطنين الشعور بولادة الزعيم الأمثل سواء للتوصل الي التسوية مع الفلسطينيين أو من اجل شجاعته السياسية في سحب حلم ارض اسرائيل الكاملة. شارون برهن علي أنه يمتلك العزيمة لتنفيذ ما أسماه تنازلات مؤلمة. اخلاء غزة ومستوطناتها من دون سفك قطرة دم خلال ستة ايام أحدث انقلابا هائلا في نظرة العالم لاسرائيل. أخيرا، ولاول مرة، ظهر قائد يضع حدا للالتواءات بخطوة صغيرة في غزة وخطوة محتملة كبيرة للتسوية في الشرق الاوسط. إلا أن الجلطة الدماغية والغيبوبة الطويلة التي أصابت شارون ألحقت بكديما ضررا شديدا. مثلما لم يكن الانسحاب من الجزائر ممكنا من دون ديغول وإصراره، وجد حزب كديما نفسه كجسم بلا رأس دون أن يصل الي النضج الكافي.كديما عبر عن القوة، وكان من المفترض بسبب شخصية شارون وتطلعات اغلبية الجمهور أن يتحول الي حزب وسط ـ يمين كبير ليقود الدولة نحو انقلاب سلطوي. ليس صدفة أن كديما قد وصل في الاستطلاعات الي الذروة (44 مقعدا) عندما دخل شارون في حالة الغيبوبة تحديدا. ولكن، كلما اتضح أن الغيبوبة مزمنة ونهائية بدأت الاستطلاعات تُظهر تراجعا في التأييد (من 44 الي 39) اختيار اولمرت كقائم بأعمال شارون في الحزب الجديد كان صدفة. صحيح أنه انزلق بحذر الي داخل حذاء شارون بفضل مواهبه السياسية المخضرمة والحاذقة بانيا خطواته علي ما كان شارون يفعله، إلا انه ليس شارون. وإثر ذلك ارتفع عدد المترددين في الاصوات العائمة. في الوسط الروسي يوجد انزلاق نحو الاتحاد الوطني، وفي اوساط الخارجين من الليكود والعمل يوجد ميل وإن كان قليلا الآن للعودة الي البيت السياسي.اغلبية الجمهور الذي تشبث بالخيار الموجود، ما زالت تؤيد كديما. القول أن كديما هو نهج وليس حزبا، وأن قضية من سيترأسه ليست مهمة، هيمنت علي القمة. إلا أن سلوك اولمرت تجاه أبو مازن وانتصار حماس وخصوصا حكايات هذه هي حياتك في قسم الفساد والملذات التي سقطت علي رأسه، أثارت الشكوك، بل ووضعته في وضع يستوجب تقديم التوضيحات. رغم أنه من المعتقد أن يقوم حزب كديما بتركيب الحكومة القادمة، إلا أن السؤال حول عظمة اولمرت قد يُطرح. من هنا يمكن القول إن تهربه من اجراء ندوات تلفزيونية مع نتنياهو وبيرتس هو خطأ جسيم لانه يشير الي خوفه من إظهار نفسه. صحيح أنه خليفة شارون، إلا أنه ليس شارون مع أكتافه الواسعة والثقة في قدرته علي تنفيذ ما وعد به. الحياة الجيدة التي عاشها كخليفة طبيعي تقترب من نهايتها. بقي له شهر لاقناع الناخبين باستقامته الشخصية وبقدرته علي قيادة الدولة الي الأمام مع حزب كديما.يوئيل ماركوسمعلق دائم في الصحيفة(هآرتس) 28/2/2006