وزير فرنسي من اصل جزائري يطلق قافلة المساواة باتجاه ابناء المهاجرين المحرومين والمهمّشين
وزير فرنسي من اصل جزائري يطلق قافلة المساواة باتجاه ابناء المهاجرين المحرومين والمهمّشينباريس ـ القدس العربي من شوقي أمين:منذ أن هدأت عاصفة ضواحي المدن الفرنسية الخريف الماضي، لا يمر يوم واحد دون ان تعلن الحكومة الفرنسية عن ترسانة من القوانين والشعارات تتحدث عن تكافؤ الفرص والحظوظ لاحتواء المرض الخطير الذي تغلغل الي الجسم الفرنسي، المتمثل في العنصرية والتمييز بحق المهاجرين المتحدرين من اصول مغاربية وافريقية.ويبدو أن السلطات الفرنسية عازمة علي التعاطي مع هذا المرض الذي أصاب بنيتها الاجتماعية والاقتصادية وفكك قوامها الانساني والجمهوري المؤسس علي ثالوث الحرية والعدل والاخاء. وللتدليل علي نيتها الصادقة في تجاوز محنة التمييز والتأسيس لنظرة استشرافية تتطلع الي خصم الأعداد الهائلة من أبناء المهاجرين من سجلات البطالة والمعاناة، عينت باريس وزيرا من أصل جزائري هو الروائي المعروف عزوز بغاغ، وهو نفسه عاني من مناطق الصفيح والعزلة في بلدة ليون (جنوب)، ولولا حبه للدراسة والقراءة والكتابة لالتهمته آلة الظلم المنهجي، ولكان مصيره مثل باقي زملائه ممن داستهم عجلة الالغاء.وفي هذا السياق نظم الوزير بغاغ يوم الجمعة مؤتمرا صحافيا عرض فيه الخطوط العريضة لخطته في ادماج شباب الضواحي نساء ورجالا، وكشف لأول مرة عن مشروع الحكومة التي جعلت من سنة 2006 سنة المساواة وتكافؤ الفرص ورهانا وطنيا. وقال بغاغ انه متفائل بقانون تكافؤ الفرص الذي صوت عليه البرلمان الفرنسي، لكنه أكد أن القانون وحده لا يكفي ما لم يكن متبوعا بنشاط ميداني من شأنه أنسنة الضواحي وجيوب الفقر والعزلة واعادة أهلها الي الحظيرة الوطنية.ووصف بغاغ العنصرية بـ السم الذي يجب محاربته واقتلاعه من الجذور لأنه داء العصر ، وقال لن يتحقق ذلك الا من خلال انخراط المجتمع المدني في نضال يومي لاعادة السلم المدني والاستقرار . وفي خطوة عملية أعلن وزير المساواة وتكافؤ الفرص عن انشاء تجمع لتحقيق المساواة في العمل والدراسة والترقية الاجتماعية يرأسه صديقه الكاتب والأديب دانيال بيكولي. ويضم التجمع لفيفا من الجمعيات التي لها باع طويل في العمل الميداني مع المهمشين من أبناء المهاجرين مثل جمعية باريس القرية التي يرأسها عدنان عزام وهو فرنسي من أصل سوري، اذ ركزت عملها منذ أكثر من عشرين سنة علي خلق روابط ثقافية واقتصادية ورياضية في الأحياء الشعبية الباريسية مع امتدادات الي مختلف الضواحي وحتي داخل فرنسا وأوروبا لنشر قيم الجمهورية ومحاربة أشكال التمييز والدفاع عن مبدأ الاختلاف والتنوع الثقافي.ويحدو عزام الأمل من خلال هذا العمل المشترك تحت مظلة وزارة تكافؤ الفرص وترقية المساواة في تحقيق قاعدة للتآلف الاجتماعي تقضي علي كل العراقيل الاثنية والثقافية التي قد تنسف في أي لحظة الوحدة الوطنية. ولكن عزام يري أن الادماج يتم عن طريق التمثيل السياسي. وفي هذا المنحي لا يستبعد أن يدخل المغامرة الانتخابية في الاستحقاقات التشريعية المقبلة دون أي عقدة، لكي يثبت لنفسه أولا بأن ذلك ممكن، كما ستكون رسالة الي الرأي العام الفرنسي كي يعترف بوجود فرنسيين حقيقيين حتي وان اختلفت أسماؤهم وأصولهم، حسب قوله.كما انضمت جمعية ابن رشد الي ائتلاف تكافؤ الفرص ، وهي تعمل منذ سنين من أجل ادماج الصحافيين ورجال الاعلام من أصول أجنبية الي المشهد الاعلامي العام والبصري علي وجه التحديد. وتقوم الجمعية بدور ميداني يهتم أصلا بمرافقة الصحافي في بحثه عن العمل وارشاده وتمكينه من أدوات الحصول علي العمل واجراء تكوين اضافي في احدي القنوات التلفزيونية ان لزم الأمر. والهدف من ذلك هو أن يعكس التلفزيون الفرنسي صورة المجتمع الفرنسي المتعدد والمتنوع.وحول الطريقة التي سيؤدي الائتلاف الجمعوي هذا عمله، أكد الوزير بغاغ لـ القدس العربي أن عمل الائتلاف سيكون مستقلا تماما وسيتمتع بحرية مطلقة في سياسته الاعلامية وفي طريقته في التعامل مع وسائل الاعلام ، مضيفا لا توجد هناك خطوط حمراء تفرض عليهم من الوزارة التي يرأسها أو الحكومة .وتجنب الوزير الرد علي سؤال القدس العربي حول مشروع الهجرة الجديد الذي اقترحه وزير الداخلية ساركوزي، معتبرا أن ذلك لا يدخل في نطاق مهامه. وشدد علي اهتمامه الأول بأبناء المهاجرين الذين يعيشون بؤسا اجتماعيا رهيبا والذين، كما قال، ان لم تنقذهم السلطات في القريب العاجل سيكونون وبالا علي المجتمع ، في اشارة الي خطورة ما يحدث في مناطق واسعة من التراب الفرنسي باتت شبه معزولة بسبب شح الموارد المالية واقصاء الادارة لسكانها من مشاريع تنموية دائمة.. بل ان بعض المناطق والأحياء شبيهة بأحياء الدول الافريقية الفقيرة.