هل رفعت امريكا الفيتو عن الحركات الاسلامية في الدول العربية؟

حجم الخط
0

هل رفعت امريكا الفيتو عن الحركات الاسلامية في الدول العربية؟

د. محمد عجلانيهل رفعت امريكا الفيتو عن الحركات الاسلامية في الدول العربية؟ عندما زار كرومير روزفيللت مدير المخابرات المركزية الامريكية الشرق الاوسط ودرس طبيعة المجتمعات في تلك المنطقة، وصل الي نتيجة حتمية وهي ان الولايات المتحدة تستطيع ان تعتمد علي المؤسسة العسكرية في هذه البلدان لحماية مصالحها ولاستمرارية نفوذها، وذلك لأن افراد المؤسسة العسكرية هم الأكثر قربا ثقافيا من الغرب بحسب طبيعة دراستهم في الكليات البريطانية والغربية، وابناؤهم يسيرون علي نهجهم، وهذا ما يقربهم من طبيعة التفكير الغربية، ورغم قوة التيار الديني والمؤسسات الدينية في مصر الا ان الامريكيين فضلوا التعامل مع تنظيم ضباط الاحرار بقيادة الضابط محمد نجيب، رغم ان هذا الاخير كان مقربا من تنظيم الاخوان المسلمين. وهكذا رأينا الانقلابات تتواصل الواحدة تلو الاخري في العراق وفي سورية بدعم وتغطية امريكية واضحة.ولكن بعد احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) وقبلها دار حوار ساخن داخل الادارة الامريكية مفاده الي متي سنبقي نعتمد علي القوي العسكرية في هذه المنطقة لحماية مصالحنا وخاصة بعد ان افقرت وجهلت شعوبها مما انعكس سلبا علي الغرب من خلال حوادث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001، وعلي حوادث التفجيرات الاخيرة في لندن، اي بمعني آخر الغرب لم يعد يرغب برؤية هذه الانظمة التي بدلا من ان تحمي مصالحه اصبحت تفرخ له ارهابيين يضربونه في عقر داره، ولن يبقي السؤال المطروح من له مصلحة في الحوار مع التيارات الاسلامية التي اصبحت اقوي تنظيما من غيرها في المجتمعات العربية، وخاصة بعد اندثار القوي العلمانية والطبقة المثقفة.لقد وجدت امريكا بعد ان قامت بدراسة للمجتمعات العربية وتعرضت علي اتجاهاتها الاسلامية المتعددة، ان تنظيم الاخوان المسلمين ما زال له نفوذ قوي داخل هذه المجتمعات، وان الحوار مع قادته بعد ان يغيروا لهجة خطابهم السياسي والجهادي ممكن. ويستخدم هذا الحوار كمرحلة اولي بمثابة فزاعة لهذه الانظمة. وما الغزل الامريكي الحاصل مع تيار الاخوان المسلمين في مصر الا بداية لتعميمه علي جميع المجتمعات العربية، وما زيارة نادية ياسين ابنة الزعيم الديني المغربي الشيخ عبد السلام ياسين الي امريكا وتصريحها من هناك بأن نظام الملكية لم يعد يناسب المغرب! الا كمؤشر وكدليل علي هذا التوجه الامريكي الجديد.يبقي بالطبع هناك تيار قوي صهيوني داخل الادارة الامريكية سيعرقل وسيمنع تقدم مثل هذا الحوار لأن اسرائيل تري في الحركات الاسلامية ووصولها الي الحكم في الدول العربية بمثابة اعتداء صارخ علي امنها مهما كانت درجة الاعتدال لهذه الحركات، وهي لا تنسي ان اول الجحافل المقاتلة في فلسطين 1948 كانت من المسلمين. وان الشيخ عز الدين القسام من جبلة هو اول من ادخل التنظيم الجهادي المسلح الي فلسطين.لكن الادارة الامريكية تنظر قبل كل شيء اولا واخيرا الي مصالحها، واصبحت معتقدة انه يمكن ايجاد نموذج اسلامي سني في البلاد العربية شبيه بالمثال التركي، الامر سيستغرق بعض الوقت، لكن امريكيا لم يعد يهم واشنطن المدافعة عن انظمة لم تعد تتأقلم مع التوجهات الامريكية الجديدة.النظام في دمشق، اصبح يعي هذه المعادلة، وهناك اتجاه داخل الفريق الحاكم اجراء حوار ولو بشكل غير مباشر مع تيار الاخوان المسلمين وهم يصورون تماما بان النموذج المصري قابل للتطبيق في سورية، وحتي يقطعوا الطريق علي واشنطن وافهامها بانهم ادركوا طبيعة التوجه الامريكي الجديد ستسمع عن حوار ربما يحصل بين اطراف النظام وجماعة الشيخ البيانوني رغم هذه الحملات الاعلامية المستمرة، ورغم قانون الـ49، وهناك في الادارة الحاكمة السورية من يفضل ان يتم تغطية لهذا التيار سوريا بدلا من انتظار قدومهم بقطار امريكي.لقد وصلت امريكا الي قناعة انه مهما دارت ولفت، فالتيار الاسلامي قوي ومترسخ داخل المجتمعات العربية رغم كل الضربات التي تعرض لها، حتي داخل الاحزاب العلمانية هناك اشخاص لهم ميول دينية كعبد العزيز بلخادم الرجل الثاني في حزب جبهة التحرير الجزائرية وأحد المؤيدين وبشدة لولاية ثالثة للرئيس بوتفليقة ويقال انه احد الذين يستمع اليهم الرئيس بوتفليقة فيما يخص الشأن الاسلامي الجزائري. وينسق معه كثيرا في هذا المجال.اذن لقد شهدنا في الخمسينات وصول العسكريين الي الحكم، فلا نستغرب اذا شهدنا في مطلع الالفية الثالثة تبوؤ اسلاميين مراكز قيادية عليا في الدول العربية.ہ كاتب من سورية يقيم في باريس8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية