صحيفة عبرية: هكذا أدار السنوار لعبة الشطرنج بنجاح فائق وجر إسرائيل لخطته

حجم الخط
0

لا يوجد مقترح لحماس، بل رد. لا يوجد مقترح لبايدن، بل هو لنتنياهو. وهو الأساس. وهذا جدير بالإشارة إلى أن إسرائيل هي التي بادرت إلى المقترح. عرضه بايدن قبل نحو خمسة أسابيع. ربما ليس بكامله. لكن بصورة مخلصة للمصدر. السؤال الذي يتبقى على حاله هو: هل يؤيد نتنياهو مبادرة رئيس الوزراء؟

الأحد مساء، بالضبط في الدقائق التي اجتمع فيها كبار رجالات جهاز الأمن وطاقم المفاوضات، نشر نتنياهو بياناً عرض فيه المبادئ الخمسة التي يعتزم الإصرار عليها. يخيل أن البند الأول هو الأهم: “أي صفقة تتيح لإسرائيل العودة إلى القتال حتى تحقيق كل أهداف الحرب”. يدور الحديث عن تناقض مطلق مع منحى نتنياهو الذي عرضه بايدن في 31 أيار، وبموجبه بعد تنفيذ مراحل الصفقة الثلاث، “تأتي نهاية الأعمال العدائية بشكل دائم”.

فما هو الصحيح؟ في حديث أجريته مع مصدر رفيع المستوى اطلع على المقترح، ادعى بأن بايدن لم يبتكر أي شيء. بمعنى أن وقف القتال مشمول في المقترح الأصلي، رغم نفي نتنياهو. تعزيزاً للأمر، ورغم مطالب متكررة من جانب بن غفير مثلاً، يرفض نتنياهو أن يكشف المقترح أمامه. فممَ يخشى؟ إذا كان المقترح يتضمن استمرار القتال، فلماذا يخفيه؟ وإذا كان يصر على إخفائه، فيبدو أنه مقترح لا يمكن لليمين المتطرف أن يقبله. أعلن سموتريتش منذ أمس بأن الحديث يدور عن “صورة نصر للسنوار”. وهو لن يؤيد المقترح.

 فنحن نقف مع نتنياهو رئيس الوزراء، الذي عرض المقترح على الولايات المتحدة والأطراف، وهناك نتنياهو آخر، السياسي الذي يعارض نتنياهو الأول. بيان مساء الأحد هو في واقع الأمر بيان إفشال، هو لا يريد الصفقة، وهذه بالفعل صفقة سيئة. إذا ما خرج إلى حيز التنفيذ في نهاية المطاف فستعلن حماس عن النصر. في هذا الموضوع، سموتريتش محق. آلاف المخربين سيتحررون. كثير منهم سيتسببون بوجع رأس هائل لإسرائيل. البعض على الأقل سيعودون إلى المهنة الوحيدة التي يعرفونها – الإرهاب. مسألة “اليوم التالي” تبقى غامضة. وهذا يعني أن حماس ستبقى مسيطرة في القطاع، وهذه صفقة متعذرة لمن طور الوهم بـ “النصر المطلق”. وكما هو معروف، من يتخذ القرارات يؤمن بهذا الخيال. وهكذا نأمل حدوث معجزة، لكن ينبغي تخفيض مستوى التفاؤل.

 مع ذلك، هل ينبغي الكفاح من أجل الصفقة السيئة؟ نعم. لأن البديل أسوأ بكثير. لن يكون في هذه الحرب نصر عادي ولا “نصر مطلق”. قرابة 1200 قتلوا في 7 أكتوبر. ومئات آخرون قتلوا حتى اليوم. كل يوم تقريباً يضاف جنود إلى قائمة المصابين. بلدات في غلاف غزة أصبحت مدناً خربة، ومئات البيوت دمرت ولا تزال تدمر في الشمال، ومئات الآلاف أخلوا من بيوتهم، وعشرات الآلاف لا يزالون لاجئين في بلادهم، وأعمال تجارية تدمر، ومكانة إسرائيل في الدرك الأسفل منذ قيامها، وكل يوم تتسع قائمة الضربات. توجد إنجازات عسكرية هنا وهناك، لكن يكاد يكون كل إنجاز تكتيكي لإسرائيل إنجازاً استراتيجياً لحماس. ما الذي ينبغي أن يحصل أكثر كي يوقف نتنياهو هذا السقوط؟

 قد يكون السنوار مجنوناً، لكنه أدار لعبة شطرنج بنجاح مذهل ضد إسرائيل. كل شيء أراده تقريباً، حققه. أراد طرح المسألة الفلسطينية على الطاولة، والنتيجة نجاح هائل. أراد رفع مستوى نزع الشرعية عن وجود إسرائيل، ونجح. أراد جر حزب الله إلى الحرب، وفعل. أراد إفشال الصفقة العظمى بين الولايات المتحدة والسعودية والتطبيع مع إسرائيل، فأفشلها. حتى العلاقات مع الصديقة الأهم نجح في ضعضعتها. من كان يحلم في أن يكون تأخير في توريد الذخائر؟ وقد حصل.

إذن، لا معنى للمواصلة في الأمر ذاته أكثر لتعميق الفشل، بل ثمة حاجة لوقفه منذ زمن بعيد. كانت الجدوى أكبر لو بادرت إسرائيل من طرف واحد لوقف النار، مع مطالبة بتجريد القطاع من السلاح وإعادة المخطوفين. ما كانت هناك حاجة لانتظار تسعة أشهر، وما كانت حاجة لضغط أمريكي كي يوافق نتنياهو على المقترح الإسرائيلي، وما كانت حاجة لمزيد من العناوين في أن إسرائيل ترفض وقف النار، وما كانت حاجة لهذا القدر من الضرر الذاتي. فلئن قالت حماس نعم فهذا إنجاز مذهل يمنع ضرراً هائلاً، ولئن قالت حماس لا –كما كان متوقعاً- لحظيت إسرائيل بملء صندوق الائتمان السياسي. لكن إسرائيل أصرت على “استراتيجية المطرقة”، التي كان فشلها معروفاً مسبقاً.

السنوار هو الذي أفشل كل صفقة، فقد استمتع بكل بحظة يتدهور فيها وضع إسرائيل، لكن الاهتمام العالمي في خبو، فحقق ما يريد. إذن نعم، هي صفقة سيئة، لكن البديل أسوأ بكثير.

 بن – درور يميني

 يديعوت أحرونوت 9/7/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية