هذا الفوز الافتراضي لحماس!

حجم الخط
0

هذا الفوز الافتراضي لحماس!

جواد البشيتيهذا الفوز الافتراضي لحماس!الانقلاب السياسي ـ التاريخي قد يقع اليوم، ولكنه لن يقع في معناه هذا إلا إذا فازت حركة حماس بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، فيصبح من حقها تأليف حكومة ائتلافية فلسطينية بقيادتها، أو يصبح في مقدورها منع تأليف حكومة لا ترضي عنها. هذا الانقلاب، في معناه هذا، سيظل افتراضاً واحتمالاً حتي انتهاء التصويت، وظهور نتائج فرز الأصوات.علي أنَّ المؤكَّد، حتي قبل بدء التصويت وانتهاء فرز الأصوات، هو أنَّ الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة سيملك، بدءاً من اليوم، مجلساً تشريعياً هو الأقوي مذ قامت السلطة الفلسطينية، والأقرب، في صفته التمثيلية، إلي ميوله واتجاهاته وإرادته. وهذا في حد ذاته يُعَدُّ إنجازاً تاريخياً، ينبغي للفلسطينيين جميعاً الحفاظ عليه وتعزيزه، أكان خيارهم، بعد ذلك، الحل عبر التفاوض السياسي مع إسرائيل، أم بدء مرحلة جديدة من المقاومة القومية، بصرف النظر عن أدواتها وأساليبها ووسائلها. والمؤكَّد، أيضاً، هو أنَّ ناخبي هذا المجلس، الذي يمثِّل جزءاً من الشعب الفلسطيني، أي أهل الضفة الغربية وقطاع غزة، يمكن النظر إليهم علي أنَّهم يمثِّلون إرادة الشعب الفلسطيني في خارج الضفة والقطاع، فالفَرْق، علي وجوده، بين هؤلاء الناخبين والناخبين الفلسطينيين في الخارج، والذين لم يصبحوا بعد ناخبين، لن يكون جوهرياً أو كبيراً، ففي الجزء يمكن ويجب أن نري الخواص الجوهرية والأساسية للكل.وقد يُتَّخَذُ ذلك مبرِّراً للدعوة إلي إعادة بناء التمثيل في داخل منظمة التحرير الفلسطينية، التي ما زالت هي الممثِّل الشرعي للشعب الفلسطيني والمعترف به دولياً، بما يتَّفق والخريطة الجديدة للقوي الفلسطينية التي رسمتها انتخابات المجلس التشريعي.إذا فازت حماس ذلك الفوز فإنَّ نزاعاً داخلياً جديداً قد ينشأ ويتطوَّر. وهذا النزاع سيبدأ مع سعي رئاسة السلطة الفلسطينية إلي تأكيد أنَّها هي مركز السلطة في داخل النظام السياسي الفلسطيني. وقد يمتد النزاع إلي المنظمة، فحركة حماس، ولعلمها أنَّ منظمة التحرير الفلسطينية هي مَصْدَر الشرعية الفلسطينية، ستدعو إلي إعادة بناء المنظمة بما يتَّفق ونتائج الانتخابات، في معناها التمثيلي أوَّلاً، ثمَّ في معناها السياسي. حماس الفائزة هذا الفوز الافتراضي حتي كتابة هذه السطور قد تجنح لإظهار نفسها علي أنَّها مستعدة للتغيُّر سياسياً بما يلبِّي الحاجة إلي جعل خيار الحل عبر التفاوض السياسي مع إسرائيل ممكناً عملياً وواقعياً. ولكنَّني أعتقد أنَّ حماس لا تستطيع الآن، ولا في المستقبل القريب، أن تتغيَّر سياسياً بما يلبِّي الجوهري من شروط ومطالب إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمعاملتها علي أنَّها شريك فلسطيني في مفاوضات السلام.إسرائيل ستقول، في هذه الحال، إنَّ فوز حماس لا يعني، بالنسبة إليها، بروز شريك فلسطيني جديد، وإنَّما دفن متأخِّر للشريك الفلسطيني القديم، والذي أعلنت حكومة شارون موته منذ زمن بعيد. وستقول، أيضاً، إنَّها التزمت إجراء مفاوضات السلام مع منظمة التحرير الفلسطينية، وإنَّ هذه المنظمة ما عادت هي التي تقود الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة عبر المجلس التشريعي والحكومة المنبثقة عنه، وإنَّ هؤلاء الفلسطينيين قد اختاروا نبذ خيار الحل عبر التفاوض السياسي إذ منحوا حماس هذا التأييد الانتخابي ـ السياسي الواسع.هذا سيفضي إلي مزيدٍ من الحلول الإسرائيلية الأحادية الجانب. أمَّا النتيجة النهائية لهذه الحلول فهي فرض الدولة ذات الحدود المؤقتة علي الفلسطينيين الذين لن يأخذوا من تلك الحلول إلا ما يسمح بتعريضهم لمزيدٍ من الضغوط الإسرائيلية وغير الإسرائيلية، وبتشديد حصارهم، عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، حتي يستوفي الفلسطينيون، ومعهم حماس، شروط الحل النهائي التي تضمنتها رسالة الضمانات التي تسلَّمها شارون من الرئيس بوش.إنَّ اللعبة السياسية الصحيحة التي يحتاج إليها الشعب الفلسطيني بدءاً من هذا اليوم هي التي تسمح بقيام معارضة فلسطينية برلمانية قوية تقودها حماس مع امتناع هذه الحركة عن دخول الحكومة من أوسع أبوابها.ہ كاتب ومحلل سياسي فلسطيني ـ الاردن8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية