نعم للدولة المدنية

حجم الخط
0

الدولة المدنية هي نتاج فكر انساني تراكمي بذل فيه – الفلاسفة والعلماء والمفكرون- على مدى مسيرتهم التاريخية الطويلة جهودا عظيمة من اجل الخروج بهذا الشكل من اشكال الحكم السلمي المدني التوافقي بين الحاكم والمحكوم وبين المواطنين انفسهم – تؤمن بالمواطنة – اساسا لبناء الدولة المدنية اي ان الشخص لا يعرف بدينه او طائفته او مهنته او سلطته، انما يعرف كمواطن له سلسلة من الحقوق وعلية مجموعة من الواجبات – حرية العبادة مفتوحة للجميع ولا يغلف الدين بالسياسة – فالسياسة واقع حال مواقفها في حالة تغير تبعا للمنافع والمصالح العامة والعلاقات الدولية، اما الدين فهو ثابت لا يقبل التلون او التلوث او التمثيل لهذه الاسباب وغيرها – يحمل الدين هالة القداسة والقدسية- لهذا فالدولة الديمقراطية هي دولة تمثل الافراد بغض النظر عن دينه وطائفته او عرقه وهي في نفس الوقت دولة قانون، وليست دولة طوائف وايديولوجيات وفي نفس الوقت ترفض خلط الدين بالسياسة حتى لو ان الاتجاه او الحزب الحاكم قائم على اساس ديني – و من قيم الدولة المدنية – المساواة والعدالة الاجتماعية والسلام والتسامح وقبل هذا وذاك الحوار السلمي وقبول الاخر- والاخر هنا- ان الفرد يتعامل مع الفرد الاخر داخل الدولة على اساس قيم المواطنة المرتكز الرئيسي الجامع لمكونات المجتمع.
لقد نهضت اوروبا عندما مارست المواطنة اساسا لدولها المدنية وكذلك بقية دول العالم المتقدم، فالمواطن هو مصدر الشرعية ومصدر السلطة وهو حجر الاساس في العملية الديمقراطية وهو العنصر المهم في برامج التنمية، فهو اساس العملية التنموية وهو هدفها وهو مصدر الهامها وهو الفاعل الرئيسي فيها، لهذا فالمطلوب من الدول التي تنشد الديمقراطية كمنهج حياة ونطام حكم ان تعمل على تعزيز مفهوم المواطنة لدى النشء قولا وفعلا، وان تكرس هذا المفهوم في المناهج المدرسية وان توضع القوانين الناظمة لتعزيز قيم المواطنة، وان يفعل القانون ازاء كل من يحاول المساس بهذه المفاهيم الانسانية النبيلة من اجل خلق مجتمع مدني ديمقراطي يؤمن بالعمل السياسي السلمي وبمخرجات صناديق الاقتراع شعارا وعملا ايجابيا، وليس تنظيرا، فالمواطنة – هي الاساس وهي المقام- في العملية الديمقراطية وهي الضأمن الوحيد للحياة السلمية وتجنب النزاعات الايدلوجية داخل المجتمعات البشرية – التي مع الايام ثبت عدميتها في الواقع العملي التطبيقي.

الدكتور زيد احمد المحيسن

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية