نصف عالم في مواجهة نصف عالم

حجم الخط
0

يسكن في ارض اسرائيل اليوم يهود يهزون رؤوسهم قليلا وربما يحكون فروات رؤوسهم ويقولون في أنفسهم أو ربما لأبناء عائلاتهم وربما للاصدقاء ايضا إن الامريكيين أصيبوا بالجنون بسبب ثلاثة قتلى في بوسطن فحولوا مدينة الجامعات مع الملايين من سكانها الى سجن كبير، وجعلوا الحياة العادية فوضى عارمة. وكل ذلك بسبب ثلاثة قتلى. فماذا نقول نحن الذين رأينا 35 40 قتيلا في عملية تفجيرية واحدة في يوم بعد يوم احيانا وعشرات ومئات الجرحى؟.
ونهز رؤوسنا مرة اخرى ونقول: إن الامريكيين قد أصيبوا بالجنون وإن كانوا قد نجحوا بعد المطاردة ايضا. فقد تم اعتقال الارهابيين فمات أحدهما والآخر في الطريق الى الجحيم. ما صلتنا بهذا؟ إن بوسطن بعيدة عنا آلاف الأميال والارهاب هناك ‘شأن داخلي’ فما علاقتنا بهم؟.
يمكن ان نقول ان الارهاب والمطاردة في بوسطن ذوا صلة بنا ايضا في دولة اسرائيل. فماذا يمكن ان نتعلم منه اذا أردنا التعلم؟ أنه لا يوجد تذاكٍ عند الامريكيين، وأنهم حينما يريدون الحصول على شيء ما وإقرار حقائق فليست عندهم مشكلة في تخصيص آلاف وعشرات الآلاف الناس لهذه المهمة وفي أن يُعطلوا حياة مدينة فيها ملايين ويقلبوا العالم رأسا على عقب.
واليكم مثالا من الماضي: استقر رأي الامريكيين على اعتقال حاكم بنما نورييغا الذي كان في نظرهم من كبار تجار المخدرات. ويقولون إن ثلاثة آلاف مواطن بنمي بريء غافل قُتلوا في طريق الامريكيين الى اعتقال الحاكم المُخدر.
واليكم مثالا صغيرا من الماضي القريب يمكن ان نتعلم منه ايضا شيئا ما: فقد أعلن الامريكيون في حينه أنهم لا يعترفون ياريئيل ولا بجامعتها بيقين. وأعلنوا ان طلاب الجامعة من اريئيل لن يشاركوا في خطبة اوباما في القدس. وارتفع صراخ كبير يقول من هم كي يقرروا من أجلنا؟ سنريهم! فهل وجد طلاب من اريئيل في خطبة اوباما؟.
واليكم مثالا أصغر من الماضي القريب: وقع 200 ألف انسان على عريضة للافراج عن جونثان بولارد. وكان 200 ألف توقيع! لو أردنا ان نستعمل الفظاظة لكتبنا هنا والآن أنه في نطاق خطوات التوفير في البيت الابيض يستعملون ورقة التوقيعات هذه لحاجات اخرى. ويستطيع رئيس الكنيست الجديد يولي ادلشتاين من جهتهم أن يهذر في هذا الموضوع المؤلم بخطبه الاحتفالية ما شاء. أما من وجهة النظر الامريكية فان كل ذكر لبولارد باعتباره بطلا قوميا هو مسمار آخر في نعشه. سيتبين انه حينما تقول امريكا ‘لا’ يعني ذلك ‘لا’ ولا تساعد المحكمة.
يجب على العالم كله ولا سيما امريكا العظيمة ان ينظر في الجدية المناسبة للحرب العالمية القادمة وهي كون نصف العالم الاسلامي المتطرف والغالي في مواجهة نصف العالم الغربي الحر الذي يريد حياة مريحة ايضا. انها حرب بين مئات ملايين المسلمين الذين يحتلون بلدانا ولا سيما في اوروبا ويحاولون تغليب نهج حياتهم واعتقاداتهم الهاذية على ملايين آخرين. وهم مسلمون تدفعهم روح القاعدة لا اطارها التنظيمي خاصة في مواجهة مئات الملايين وفيهم اسرائيل الذين يريدون السلام والهدوء ويبحثون عنهما.
إن الحرب بين نصف العالم ونصف العالم الآخر أصبحت في ذروتها، لكن نصف العالم الغربي كما هي الحال دائما ما زال يرقد رقدته الجميلة ويتأخر عن الاستيقاظ. فهم يطلقون النار في شوارعه ويقتلون مواطنيه ويعتقد هو أنها حرب عصابات أو قطعة من فيلم هوليوودي.
سيكون تبجحا كبيرا منا ان نقترح ان ينشيئ العالم الحر ما يشبه قيادة حلف شمال الاطلسي المشتركة للجميع من اجل محاربة الارهاب وان ينشيئ شبكة استخبارية تدخل بقوة الى نصف العالم الآخر فتُفشل وتمنع وتُصيب. وهذه بالنسبة إلينا حرب حياة أو موت لا باعتبارنا اسرائيليين فقط بل باعتبارنا ايضا مواطنين غربيين أحرارا. ونحن نرى أن الحادثة القاسية في بوسطن هي البداية فقط: وقد برهن الامريكيون هنا مرة اخرى على أنهم لا يحسبون حسابا لشيء حينما يتعلق الامر بهم، فهم يمضون الى النهاية. فمتى يستيقظون ويصحون ويستعملون القوة والعقل لخفض لهب الارهاب في نصف العالم الثاني المعادي والمدمر؟.

يديعوت 21/4/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية