نساء نوبل لخالد غازي: المرأة العربية ليست علي خارطة الجائزة

حجم الخط
0

نساء نوبل لخالد غازي: المرأة العربية ليست علي خارطة الجائزة

د. أسـامة فتـحي نساء نوبل لخالد غازي: المرأة العربية ليست علي خارطة الجائزةلماذا يخصص الكاتب خالد غازي كتابه نساء نوبل عن النساء اللواتي فزن بجائزة نوبل في الآداب فقط؟ وهل هناك سمات وخصائص بعينها تستوجب تجميع نساء نوبل تحت مظلة واحدة…؟يقول المؤلف في مقدمة كتابه: لم يكن الهدف من هذا التخصيص هو مجرد التفرقة بين الرجال والنساء الذين فازوا بالجائزة، أو نوعًا من التقسيم حسب الجنوسة، بل إن هناك مبررات وفقًا لمعطيات وضرورات جامعة، تتجلي من خلال استقراء السيرة الذاتية لكل النساء المبدعات، شاعرات وروائيات، ممن كان لهن نصيب مع نوبل .إن التجارب المريرة والاستلاب الفكري والاجتماعي والتمييز العنصري هي العوامل المشتركة التي تجمع بين المبدعات الحاصلات علي نوبل، مع أن معظمهن عشن ببلدان شهدت جوانب أساسية في الثورات الصناعية والفكرية، وحيث غابت المرأة المبدعة الاسيوية تماما، عن نيل جائزة نوبل.. ولم تكن نساء القارة الأفريقية أفضل حالاً، ماعدا الأديبة نادين غورديمر التي تعتبر مواطنة من جنوب أفريقيا، غير أنها في واقع الأمر أوروبية الأصل، إذ نزح والداها من القارة الأوروبية إلي أفريقيا حيث ولدت.. وغابت كذلك المبدعة العربية، ولم تحظ بالجائزة امرأة من أمريكا اللاتينية إلا الشاعرة الشيلية غابريلا ميسترال وكان هذا عام 1945، وفيما عدا ذلك فإن نساء نوبل توزعن بين أمريكا والدول الأوروبية، فكانت أول فائزة بها من السويد، موطن الجائزة، حيث حصلت عليها الأديبة السويدية سلمي لاجيرلوف عام 1909 وكانت تلك الكاتبة ــ وهي يهودية ــ في قمة شهرتها.. وكان لها تأثيرها علي توازنات ثقافية وسياسية وفكرية كثيرة، فيكفي أن نعلم أن لاجيرلوف أصبحت بعد فوزها بالجائزة بخمس سنوات واحدة من أعضاء الأكاديمية السويدية التي تتولي الترشح لجائزة نوبل.. ومن السويد لم تخرج الجائزة نحو قارة أخري غير أوروبا، فقد ذهبت نحو ايطاليا لتكسبها الروائية غراتسيا ديليدا في عام 1926.. وعادت الجائزة ثانية بعد عامين إلي دولة اسكندنافية أخري غير السويد، وهي النرويج حيث حصلت عليها الروائية سيغريد آندسيت عام 1928 لتبقي الجائزة محصورة في نطاق القارة الأوروبية.. وبعد عشرة أعوام انتقلت من أوروبا إلي أمريكا، لتحصل عليها الروائية الأمريكية بيرل بك بعد انقطاع الجائزة عن إبداع المرأة لمدة عشرة أعوام متتالية.الجائزة مناصفةوقبل أن تعود الجائزة ثانية إلي السويد عام 1966،حيث فازت بها مناصفة الكاتبة اليهودية نيلي ساخس مع الإسرائيلي صموئيل آنيون .. توقفت عام 1945 عند أمريكا اللاتينية لتحصل عليها الشاعرة الشيلية غابريلا ميسترال .. ومنذ عام 1966 وحتي 1991، غابت المرأة المبدعة مرة ثانية عن جائزة نوبل.. وهو غياب قارب الربع قرن، حيث احتكر الفوز بها الرجال المبدعون من الأدباء.. وفي عام 1991 تكون نوبل النسائية.. ولأول مرة قد انتقلت من أوروبا إلي جنوب أفريقيا.. غير أن الفائزة بها لا تنتمي في الأصل إلي هذه القارة فهي ـ كما ذكرنا ـ من أصول أخري فوالدها من ليتوانيا وأمها من بريطانيا.. وهذا يعني أن أوروبا ما زالت حاضرة، وتشترك الكاتبة الأفريقية البيضاء نادين غورد يمر الفائزة بالجائزة مع بيرل بك في سمة أساسية، إذ أن كلا الكاتبتين عبرتا عن حياة ومعاناة شعوب لا تنتميان إليها، فالأمريكية بيرل بك كانت كل رواياتها عن الصين.. و نادين غورديمر تناولت في رواياتها الزنوج والاضطهاد الذي يعاني منه الإنسان الأسود في موطنه وعلي أرضه.. إلا أن جائزة نوبل يعاودها الحنين إلي المرأة لتتوجه إلي أمريكا بعد عامين فقط لتفوز بها توني موريسون سنة 1993.. ويتكرر المشهد للمرة الثالثة في عبور الجائزة المحيط الأطلسي نحو أوروبا.. وعند بولندا تحديدا، حيث كانت الكاتبة البولندية فيسلافا شيمبورسكا تتناول طعام غدائها وقت إعلان الأكاديمية السويدية فوزها بالجائزة.. حدث هذا يوم 3 تشرين الاول (أكتوبر) من عام 1996.. ولم يكن بمقدور أحد أن يبلغها الخبر علي الفور، إذ كانت تلك الأديبة توصي الجميع بعدم إزعاجها…!معاناة واضطهادتسع نساء مقابل عدد كبير من الرجال، إنما تعد نسبة قليلة، فهل يمكن القول أن هناك شبهة تعمد في إبعاد الجائزة عن المرأة، فيما تلاشي تماما كل اسم عربي أو آسيوي من المبدعات من أفق الجائزة.! هذا إذا افترضنا جدلا أن ثمة أسماء منها قد استدعتها ذاكرة الأكاديمية السويدية المانحة للجائزة.. وسواء هذا أم ذاك، فإن عودة تلك الجائزة إلي النساء اللواتي فزن بها سيكشف عن سمات وروابط تجمع بينهن.. وتتمثل إحدي هذه الروابط في الاضطهاد الذي كان هو البوتقة التي انصهرت فيها إبداعات الكاتبات الحاصلات علي نوبل.وإذا كانت المبدعات قد واجهن ألوانا متباينة من صور الاضطهاد.. أليس لنا أن نتساءل: كيف هو إذن حال المرأة العادية. إنه موضوع آخر دون شك!! إن أول كاتبة حصلت علي نوبل هي سلمي لاجيرلوف ، وقد كانت تشكو كامرأة من معاناة تشبه معاناة النساء الأخريات، فقد أصيبت وهي في التاسعة من عمرها بشلل في الساقين أقعدها عن مزاولة أي حركة مما أثر بالتالي علي تركيبتها النفسية، حيث ابتعدت عن اللعب واللهو وحرمت من المدرسة.. وحينما بدأت تكتب كانت تعيش حياة خاصة فيها شعور مضن بالوحدة والاغتراب، حيث قالت في يوم: حينما أكتب أعيش في وحدة كبيرة، وعليّ أن أختار بين عيشي لوحدي ووحدتي، وبين أن أكون مع الآخرين، فلا أقدر أن أكتب شيئا.. .أما الكاتبة الإيطالية غراتسيا داليدا ، فقد عاشت الوحدة هي الأخري، لكنها وحدة جغرافية، إذ أنها ولدت وعاشت في جزيرة إيطالية هي سردينيا التي كانت تعشعش فيها الكثير من التقاليد البالية المجحفة بحق المرأة، فكل شيء مغلق.. والناس يعيشون في الجزيرة علي وتيرة واحدة وأسلوب مكرر، يؤمنون بالشعائر والطقوس المنقرضة كالسحر والأساطير، التي استمدت منها الكاتبة جل أعمالها والتي رشحتها فيما بعد لنيل نوبل.. وفي شباب هذه الكاتبة، كانت الطموحات تدفعها إلي الخروج من قمقم الجزيرة، فهي لم تتزوج إلا بالرجل الذي استطاع أن ينقلها إلي روما.. ومن هناك بدأ حقا تحررها الفكري والإبداعي.. كما أن ظروف معيشتها الصعبة في الجزيرة كانت سببا في حرمانها من إكمال دراستها، وهذا ما جعلها تثأر لحريتها المكبوتة والمصادرة في الماضي كامرأة.. وبقيت وهي في الستين من عمرها تتأمل ما مضي وتتطلع نحو تحقيق مزيد من النجاحات لتعويض ما فات ببذل أقصي ما تستطيع.ولم تكن سيغريد آندسيت الفائزة الثالثة بأفضل حظًا من سابقاتها، فقد توفي والدها وهي في الحادية عشرة من عمرها، وعانت أسرتها من صعوبات مالية بالغة.. وكان لسنوات الفقر والحاجة تأثير عميق لدي هذه الكاتبة.. حيث دونت كل ذلك فيما بعد في إحدي أهم رواياتها وهي السنوات الطوال التي صدرت عام 1934.وفي بداية شبابها، رغبت في دراسة الرسم، غير أن طموحها هذا تلاشي تحت إلحاح الحاجة للمال، فاضطرت لترك دراستها والتوجه نحو العمل في إحدي المؤسسات التجارية..ولم تكن الكتابة بالنسبة لها ولسنوات عديدة، عبارة عن مهنة تتكسب منها رزقها، ولم تهنأ بحياتها حتي بعد أن تزوجت من فنان تشكيلي كان قد طلق زوجته وله ابنة مختلة عقليًا، حيث لم يستمر زواجهما نتيجة مشاكل عديدة.وإذا كانت تلك الفتاة، ابنة زوجها المختلة عقليًا هي السبب في فشل زواج سيغريد آندسيت لتعيش بعد ذلك حياة مضطربة، فإن الكاتبة الأمريكية بيرل بك الفائزة الرابعة عانت من مشكلة مشابهة، إذ أثمر زواجها الفاشل بنتًا واحدة مصابة هي الأخري بالقصور العقلي، وعاشت تلك الابنة بعيدًا عن أمها بين مؤسسات الرعاية العقلية الخاصة بالأطفال، مما كان يؤثر سلبيا علي هذه المبدعة ــ الأم ــ خاصة بعد أن ساءت للغاية الحالة الصحية لهذه الابنة.. وبعد طلاقها، عانت من وحشة كبري في حياتها.. ثم وافقت علي الزواج من ناشر كان يهتم بترويج رواياتها.. وقد أصاب الحزن نفسه الذي أصيبت به بيرل بك الشاعرة الشيلية غابريلا ميسترال .. وخاصة بعدما حازت جائزة نوبل عام 1945.. إذ ألم بهذه الشاعرة مرض خطير لم يرحمها حتي قضي عليها.. اضطرت، في بداية حياتها أن تعمل مدرسة لكي تساعد أسرتها الفقيرة.. ولم يكن راتبها من التدريس يكفي لرعاية تلك الأسرة.. فتوجهت لتعمل في الصحافة أيضا، وخلال تلك الفترة، تعرفت علي شاب أحبته حبًا عاصفًا.. لكنه ما لبث أن انتحر مسببًا لها صدمة جنونية، كانت تعاودها من حين لآخر.. وقد امتزجت مأساة تلك الحادثة بعد ذلك مع نسيج حياتها كامرأة، ثم جاءت حادثة أشد قسوة، وهي انتحار آخر قرره ابنها بالتبني، ثم صُدمت بانتحار الأديب النمساوي ستيفان زيفايج المقيم في البرازيل، الذي كان يعد من أهم أصدقائها.الهروب من السلطةوننتقل من مآسي غابريلا ميسترال إلي بكائيات الكاتبة نيلي ساخس ، الفائزة السادسة بجائزة نوبل، فعلي الرغم من تمرد ساخس إلا أن الحزن والانهزام هما الصفتان المتلازمتان لكل قصائدها. لقد تأثرت هذه الشاعرة بموت خطيبها عام 1934.. فنظمت قصائد مشحونة بالألم.. وقبل هذا كانت قد تعرفت علي شاب، غير أن والدها رفضه أن يكون زوجا لها.. وهذا ما دفعها للهروب من سلطة الأب لتترك المنزل نحو حياة أكثر تحررًا، وبقيت مع ذلك الشاب الذي سبق أن رفض والدها زواجها منه، طيلة ثلاثين عاما، وتعرضت فيما بعد لاستجوابات من قبل النازية في ألمانيا، فهربت إلي السويد، حيث قدمت لها صديقتها الروائية سلمي لاجيرلوف مساعدات جمة، وإذا كانت هذه الشاعرة قد عانت شكلا من قسوة التمييز العنصري وملاحقة النازية الألمانية، فإن الروائية نادين غورديمر عانت فكرياً من هذه القضية، فكانت كل مؤلفاتها تندد بالفصل العنصري في جنوب أفريقيا، حيث قالت مرة عن هذه المأساة الإنسانية: حتي الآن لم أنس مجيء الشرطة للبحث عن مربيتي السوداء.. متهمين إياها باحتساء الخمور التي كانت ممنوعة علي الزنوج، ولن تغيب عن ذاكرتي صورة المكتبة العامة وهي ترفض دخول الزنوج إليها، فقد رأيت إحدي السيدات وهي تمنع بالقوة من دخول المكتبة.. لا لشيء، إلا لأنها سوداء، فكيف إذن لا تصبح قضية التفرقة العنصرية هي قضيتي الأساسية.! .ومع الفائزة الثامنة توني موريسون ، تبقي قضية التمييز العنصري قائمة في روايات هذه الكاتبة الزنجية، فنحن دائما إزاء امرأة سوداء مضطهدة في كل شخصيات روايتها، فنساء توني موريسون من اللواتي يعانين من افتقار لعلاقة إنسانية متوازنة مع الآخر، ويعشن في ظل أزمات نفسية وعنف حقيقي.وها نحن نصل إلي الفائزة التاسعة، الشاعرة فيسلافا شيمبورسكا التي بقيت دون زواج طوال عمرها، حتي غلب علي كل كتاباتها التأمل في المصير الإنساني والاغتراب النفسي للمرأة.. والتوحد الوجداني، حيث تقول في إحدي تأملاتها، وهي تتحدث عن وحشة المرأة وسط تيارات ودوامات تعصف بكينونتها، إن المنفي يتخطي حدود الوطن جغرافيًا.. فالمنفي يتوالد بداخلنا ونحن بالوطن.. إنه نفي يومي يكبر فينا بطريقة مفجعة . لقد كانت تلك الشاعرة، مثل مثيلاتها الحاصلات علي نوبل، تهتم بالإنسان الضائع في غربته، وبالمرأة التي تعاني استلابًا روحيًا.. أو فكريًا أو اجتماعيًا، من أجل تضميد الجراح الإنسانية، التي كانت المرأة أول من يتعرض لها.. في كل زمان.. ومكان.أسباب ومؤثراتويري الكاتب خالد غازي أن لتأخر ترجمة الأدب العربي أكبر الأثر في تأخر وصوله إلي العالمية، حتي يتم ترشيح أحد الكتاب العرب للجائزة في وقت مبكر، ويكفي أن نعلم أنه حتي عام 1985 لم يكن لنجيب محفوظ روايات مترجمة سوي روايتين فقط، ورغم أن رواية أولاد حارتنا التي ذكرت في حيثيات منحه الجائزة، كتبها في عام 1959، إلا أنه لم يحصل علي الجائزة إلا في عام 1988، وليس العرب وحدهم من ابتعدت عنهم الجائزة فيكفي، أن نعلم أن كاتبًا بحجم ميلان كونديرا المهاجر إلي باريس ، والتركي ياشار كمال الذي يعيش في جنيف ورفائيل ألبرتي أكبر شعراء إسبانيا، والمجري أشتقان أوركين أكبر قاص مجري، لم ينالوا الجائزة ولا تم ترشيحهم إليها.ومن جانب آخر، فإن لطبيعة الجائزة الأكاديمية، والتي يحافظ علي قواعدها الكلاسيكية شيوخ لجنة التحكيم سبباً كبيراً في عدم مقدرتهم علي المغامرة وتقبل التجريب، لأنهم مهمومون بالدرجة الأولي من التأكد من شروط منح الجائزة الأساسية، والتي تأتي في المقدمة قبل الموهبة الحقيقية، ولعل أهم هذه الجوانب هي الجانب السياسي، والذي لا بد وأن يتفق مع مبدأ السلام التي منحت من أجله الجائزة.ويتفق رأي ستوري آلين السكرتير الدائم للأكاديمية السويدية مع الرأي السابق، معللاً تأخر وصول العرب لجائزة نوبل بسبب الترجمة، والتي ستظل- في رأيه- العائق الأساسي في وصول أدي الدول النامية والعربية إلي القائمين علي الجائزة، ويضيف ألين إلي سبب الترجمة سبباً آخر وهو الترشيحات فلا فوز بلا ترشيح، لأن الأكاديمية من شروطها أن يتم منح الجائزة بناء علي الترشيحات من رؤساء اتحاد الكتاب وأساتذة الأدب في بلد كل كاتب، وهي أحد الأسباب الهامة التي يغفلها العرب ولا يعطونها الأهمية اللازمة.وعلي الرغم من انحياز سكرتير الأكاديمية السويدية لهذا الرأي، إلا أن هناك اتجاها آخر يري العكس.. ولا يعتبر الترجمة سببًا أساسيًا في ابتعاد الجائزة عن الكتاب العرب، فالكثير من الأدباء والشعراء غير العرب الذين ترجمت أعمالهم للغات العالمية، لم تشفع لهم الترجمة بالحصول علي الجائزة، بدليل حصول البعض علي الجائزة غالبًا ما يتم عن رواية بعينها، والتي تكون سبب الحصول علي الجائزة. إن الأدب العربي كان أساس النهضة الأوروبية الحديثة، التي قامت علي ما تمت ترجمته من التراث العربي، ولم يصل- هذا الادب – إلي العالمية بنجيب محفوظ، بل وصل لها من قبل محفوظ بسنوات طويلة.. هذا إلي جانب أن حصول محفوظ علي نوبل هو ما سيمنع عربيًا آخر من الوصول إليها ليس قبل أقل من عقد من الزمان، والدليل علي ذلك.. الهند بكل تاريخها الثقافي والإنساني لم يحصل هندي علي الجائزة بعد شاعرها الكبير طاغور .ومن جانب آخر يري أنصار هذا الرأي أن الوصول للعالمية ولجائزة نوبل لن يكون إلا بعد وصول الكتاب لقراء بلادهم بالدرجة الأولي، وهي الحقيقة الغائبة عن الغالبية العظمي من الكتاب العرب، ولعل حجم مبيعات الكتب في البلاد العربية هي خير دليل علي ذلك، فلو أن الأدب العربي نجح في الوصول للإنسان العادي بالشكل اللائق، لاستطاع تخطي العالمية وبالتالي الحصول علي نوبل، مثلما نجح كتاب أمريكا اللاتينية، والذين يعتبرون من دول العالم النامية، إلا أن أدبهم استطاع السيطرة علي القراء في العالمين العربي والغربي،خاصة في السنوات الأخيرة الماضية.. ومن جهة أخري، في حالة التسليم أن الترجمة هي السبب الأول في ابتعاد العرب عن جائزة نوبل، ورغم فطنة الكتاب العرب لهذا السبب والذي ساعد علي تنشيط حركة الترجمة، والتي تحولت إلي ما يشبه الهوس للبحث عن العالمية كخطوة للوصول لنوبل، إلا أن حركة الترجمة للأدب العربي ما زالت قاصرة رغم الجهود المبذولة فيها، خاصة وأن الترجمة العربية ما زالت لا تتعدي المجال الأكاديمي، أو المهتمين بالأدب لأسباب سياسية واقتصادية، وارتباط الترجمة في أغلب الأمور يعتمد علي العلاقات الشخصية من المبدع ذاته، ولا تترجم بهدف الذيوع والتوزيع الجماهيري، هذا إلي رداءة الترجمة المقدمة، والتي في أغلب الأحوال تنتقص من قيمة الأعمال المترجمة.. وبالتالي تحد من انطلاقها وتخطيها لحاجز المحلية.توازنات مؤثرةولا يختلف المتابع للأسماء التي منحت الجائزة ، أنها منحازة لعدة فعاليات سياسية وعلمية وأدبية، واختيار شخص بعينه فيه ظلم للآخر، أو للآخرين، لا فرق في هذا بين العرب أو غيرهم، الجائزة في حد ذاتها هامة، ولكن أهميتها كانت ستكون أكثر لو طبعها نوع من العدل في التوزيع، ولهذا لا ينبغي أن يبحث العربي اليوم عن نوبل، لأن العدل في التوزيع غير متوفر، ومعظم الجوائز التي تمنحها جهات أجنبية تسير في هذا الاتجاه الذي يسعي إلي سلب الإبداع العربي وتفريغه من محتواه الإنساني العربي.. إن المعيار الأساسي لمنح الجائزة لا يستند إلي القيمة الأدبية ، بدليل أنها منحت لمن لا يستحقونها، لكن نجيب محفوظ نالها بجدارة. ثمة تقاطع لظروف سياسية وتوازنات تؤثر علي قرارات اللجنة، أما الجهات والمؤسسات العربية التي تتولي أمر ترشيح المبدعين العرب فإنني أتساءل عن معرفتها التامة بالإبداع العربي.. أم هي الأخري تسير وفق معايير محددة تهدف لخدمة أغراض معينة بعيدة كل البعد عن الأهداف الإبداعية؟ كما أتساءل : هل يمكن للعرب أن يرشحوا مبدعا لنيل جائزة كبيرة وهم بعد عاجزون عن ترشيح زعيم سياسي وفق أسس ومبادي ديمقراطية؟لكن رغم كل هذه الحقائق.. هل سيكف العرب عن انتظار نوبل جديدة؟ وهل ستكف الأقلام عن التنبؤات بمرشحين جدد؟ وهل سيأتي أكتوبر أو نوفمبر كل عام، دون ان نصاب بالدهشه في أديب نوبل الجديد؟ہ كاتب من مصر0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية