ميديابارت: المجازر في غزة.. لكن أين الدول العربية؟

حجم الخط
0

باريس- “القدس العربي”:

تحت عنوان: “المجازر في غزة.. لكن أين الدول العربية؟”، قال موقع “ميديابارت” الفرنسي إنه منذ عام على هجمات حماس في إسرائيل، تقوم الدولة العبرية بعملية تدمير واسعة النطاق في قطاع غزة الفلسطيني. وعلى الرغم من خطابات “الواجهة”، سمحت الدول العربية بحدوث ذلك، ورفضت الترحيب بالفلسطينيين، بالتواطؤ مع الدول الغربية. وبات الكثير من الفلسطينيين اليوم يدور في أذهانهم السؤال “أين الدول العربية؟

“ميديابارت “، أشار إلى أنه منذ بداية هذه المرحلة الجديدة من الصراع في الشرق الأوسط، حرصت مصر على الإعلان عن أنها لن ترحب بأي لاجئ من غزة على أراضيها، إلا ربما في معسكر مغلق يقع في سيناء، في حالة حدوث نزوح جماعي.

ونقل الموقع عن مواطن فلسطيني من غزة ( إبراهيم) مقيم في مصر قوله: “فقط أولئك الذين لديهم المال تمكنوا من مغادرة غزة. كان علينا أن ندفع 7 آلاف دولار للشخص الواحد للوالدين، و5 آلاف دولار لكل طفل، من خلال شركة هلا” المصرية.

 

فالدولة المصرية ترفض رسمياً استقبال الفلسطينيين، يقول “ميديابارت”، ولكنها تقوم “بلفتة” بشكل غير رسمي عندما يتعلق الأمر بمبالغ كبيرة من المال. وتذهب القسوة إلى أبعد من ذلك: فبمجرد أن يتمكن المنفيون من عبور الحدود للجوء إلى مصر، لا يحق لهم الحصول على أي شيء. لا تصريح إقامة، لا عمل، لا تعليم للأطفال… ومنذ شهرين، لم يعد الفلسطينيون من غزة قادرين على سحب الأموال من البنوك أو من وكالات ويسترن يونيون، إلا عن طريق شخص مصري، يؤكد “ميديابارت”.

ويقول محمد، وهو لاجئ من غزة في مصر: “الحق الوحيد الذي يُمنح لنا هو الذهاب إلى المستشفى العام لتلقي العلاج. لا يُسمح لنا بالعمل ولا يمكننا سحب الأموال. ماذا يتوقعون منا؟ أن نبقى محصورين بين أربعة جدران حتى نهاية الحرب؟”.

وينقل “ميديابارت” عن حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف، قوله: “لا يقتصر الأمر على أن الدول العربية لا تساعد الفلسطينيين، سواء في غزة أو الضفة الغربية أو في مخيمات اللاجئين في الخارج، ولكنها لا تفعل حتى الحد الأدنى لإظهار معارضتها للسياسات التي تنتهجها إسرائيل وتدعمها الولايات المتحدة”.

وتابع الموقع الفرنسي القول إنه باستثناء ضغط قطر عبر المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، ومساعدتها الإنسانية هي ودول أخرى، لم يجرؤ أحد على رفع صوته ضد إسرائيل، ولا على قطع العلاقات الدبلوماسية معها. قام الأردن ببساطة باستدعاء سفيره، مثل دول أخرى في جميع أنحاء العالم بما في ذلك بوليفيا وكولومبيا وتشيلي والبرازيل. ولم يجرؤ أحد على قطع علاقاته التجارية، باستثناء البحرين، للضغط على الدولة العبرية لمطالبتها بوقف قصف وتجويع غزة، وأيضا ضم الضفة الغربية تدريجيا.

ويُشير حسني عبيدي إلى أنه “حتى الآن لم تكن هناك دعوة استثنائية للتنديد الجماعي بما يحدث في غزة ولبنان”، في حين تعقد قمة وزراء خارجية جامعة الدول العربية بانتظام في القاهرة. وعلى الرغم من بعض تصريحات “الواجهة”، مثل تلك التي أصدرها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخراً، والتي أدان فيها القصف الإسرائيلي في لبنان، أو تلك التي أطلقها الأردن خلال قمة السلام في أكتوبر عام 2023، إلا أن الإجراءات لم تتبع ذلك.

ويتابع عبيدي القول: “مصر لها جزء من المسؤولية عن الحصار المفروض على غزة. وكلٌ من الدول الأخرى لها مصالحها الخاصة. اللقاءات المخصصة لغزة كانت خجولة للغاية. فالجامعة العربية أصبحت ملحقة بوزارة الخارجية المصرية. وأمينها العام مصري. ولذلك لا يمكن أن يتعارض مع مصالح مصر، ولم تعد تمثل رغبات العالم العربي”.

وينقل “ميديابارت” عن مواطنة من غزة منفية في القاهرة، قولها: “إنهم يقفون ضدنا. أغلقوا جميعاً حدودهم لمنع سكان غزة من الذهاب إلى منازلهم. والأسوأ من ذلك، يمنعونهم من الوصول إلى أراضيهم عندما يطلب منهم الغزاويون الحصول على تأشيرة دخول. كنت أرغب في الذهاب إلى المملكة العربية السعودية أو الأردن، ولكن على الرغم من جميع المستندات الداعمة التي تمكنت من تقديمها، تم رفض طلباتي المتعددة أو حتى تجاهلها”.

وهي مثل الفلسطينيين الآخرين المنفيين في مصر، تدرك أن السكان المحليين ”يدعمونهم” ويساعدونهم بكل ما يستطيعون؛ مثل صاحب منزل إبراهيم الذي خفض الإيجار إلى النصف عندما علم أنه من غزة. وهذا ما يؤكده حسني عبيدي أيضا للموقع الفرنسي، قائلاً: “المواطنون ملتزمون بالقضية الفلسطينية أو اللبنانية، لكن مجال المناورة لديهم يكاد يكون معدوما في مواجهة الأنظمة القائمة، والتي غالبا ما تكون استبدادية”.

فالدول العربية بشكل خاص لا تريد الالتزام باستقبال طويل الأمد للفلسطينيين، حيث ترى أن المسار الإنساني يتحول في نهاية المطاف إلى إقامة أبدية، يوضح “ميديابارت”.

ويتابع الموقع أنه في مواجهة ما تصفه بعض الأصوات بالفعل بالإبادة الجماعية أو “حملة إبادة جماعية” مثل المؤرخ الإسرائيلي الأمريكي عمر بارتوف، بدأ صبر شيماء، وهي فلسطينية أخرى من غزة، ينفد: “العالم يظل صامتا. لكن ما يصدمني أكثر هو أن أرى العالم العربي لا يفعل شيئا”.

وفي إشارة إلى أن إسرائيل تقصف بالفعل دولة مجاورة أخرى، لبنان، تعلق شيماء قائلة: “سيأتي دورهم واحدا تلو الآخر. وسيختبرون في مرحلة أو أخرى ما عانى منه الفلسطينيون. لقد سرقت إسرائيل أراضينا وستفعل ذلك في أماكن أخرى. وطالما لم يوقفهم أحد، فسيفعلون دائما ما هو أسوأ”.

هذا “الشلل الذي يعاني منه العالم العربي” الذي وصفته شيماء، يُستخدم أخيرا “كحجة رئيسية” من قبل الدول الغربية، كما يقول حسني عبيدي: “إنها تسمح لهم بالقول إنهم لا يستطيعون القيام بعمل أفضل. ولكن في الأساس، الغربيون هم الذين شجعوا استقالة الدول العربية، بما في ذلك مصر، التي ما تزال تعتمد على مساعدات اقتصادية وعسكرية خارجية كبيرة للغاية”.

ويضيف الباحث: “في مارس/ آذار الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن مساعدات بقيمة 7.4 مليار يورو لمصر، منها 200 مليون لمساعدتها في السيطرة على حدودها. هذه طريقة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، للترحيب بدورها كمثبت استقرار في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وشرطي لإسرائيل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية