موسم المحاكمات والغرامات الباهظة يحل علي الصحافة المغربية مسرعا

حجم الخط
0

موسم المحاكمات والغرامات الباهظة يحل علي الصحافة المغربية مسرعا

بين سلطة تتعنت في الابقاء علي خطوط حمراء ومطبوعات تصر علي تجاوزهاموسم المحاكمات والغرامات الباهظة يحل علي الصحافة المغربية مسرعاالرباط ـ القدس العربي ـ من محمود معروف: يعيش المغرب في هذه الايام علي ايقاع محاكمات الصحف والصحافيين، وسلطت السلطات المعنية سيف الغرامات الباهظة علي المشاغبين في هذا الميدان الذي يعرف، خاصة في مجال الاسبوعيات نقلة حقيقية استطاعت بالممارسة المهنية ان تحدث تغييرا حقيقيا في مهنة كانت دائما حكرا علي الاحزاب.وادي توسيع الهامش الذي تتحرك به الصحف منذ تولي الملك محمد السادس حكم البلاد صيف 1999 الي اقتراب الصحافة كثيرا من ما كان يصنف بالمغرب في باب المقدسات وتجاوزت الصحف كثيرا من الخطوط التي كانت مصبوغة بالاحمر الفاقع، ليس فقط في ميدان الحريات وحقوق الانسان وما كانت تعرفه من انتهاكات جسيمة منذ الاستقلال منتصف الخمسينات حتي منتصف التسعينات، لكن الاقتراب واحيانا التجاوز وصل الي المؤسسات.واستطاعت الصحف الاسبوعية ان ترفع التابو عن الاجهزة الامنية وخروقاتها وانتهاكاتها لحقوق المواطنين والصراعات بينها والفساد الذي يعشعش بداخلها وايضا عن مؤسسة الجيش وتتحدث عن فساد في تدبيرها ومصالح واستثمارات لكبار الجنرالات وتناولت بطريقة معاكسة تماما قضية الصحراء الغربية، محور الخطاب السياسي المغربي، كونها قضية وحدة تراب البلاد لتنتقد سلوكيات وتعامل السلطة مع سكان المنطقة وتعالج طريقة نقدية تفرد السلطات العليا بالملف ثم دخلت الصحف الي القصر الملكي، بدأت بمحيط الملك ورجاله وصراعاتهم ثم وصلت الي افراد الاسرة المالكة والخلافات داخلها لتصل الي الملك وعقيلته. والدخول الصحافي للقصر الملكي، ليس شرطا ان يكون سلبيا او نقديا، كان دخولا محرما الا بإذن من القائمين عليه، وحسب القوانين التي كشف عنها في هذه الايام فإنه لا يجوز نشر اية صورة للملك او الامراء او الاميرات، قديمة او حديثة، الا بإذن مسبق من القصر.هذه المحرمات والخطوط الحمراء تزعزعت واصبحت فرصة لاقتحامها لرفع المبيعات من جهة ومن جهة اخري بالنسبة لبعض الصحف فرصتها لالقاء الضوء عليها كضحايا وكسب تعاطف او دعم محلي واحيانا بحثا عن تعاطف دولي.وقد يكون اجحافا بحق الصحافة الحزبية، خاصة صحافة الاحزاب الديمقراطية حرمانها من شرف العمل الدؤوب من اجل صحافة مغربية ديمقراطية وحرة، لكن اكراهات المشاركة في الحكومة وارباكات هذه المشاركة في تدبير شأنها الداخلي ومؤسساتها والاعلامية منها بالتحديد، ادي الي تراجع مهنيتها واهتمامها بقضايا المواطنين الاساسية واليومية الملحة وبالتالي مبيعاتها.والقائمون علي تدبير الشأن الاعلامي والصحافي في الدولة المغربية وجدوا انفسهم في حيرة التعاطي مع المؤسسات الاعلامية المستقلة المشاغبة، فالمغرب الجديد يمحور انجازاته في الحريات الاعلامية والديمقراطية التي يسعي لانجازها وحقوق الانسان التي يحاول ضمانها في عالم اصبحت هذه القضايا شعاره الاساسي. وفي الوقت نفسه، ولان التجربة في بداياتها، فإن الكثير من الصحف ارتكبت الكثير من الاخطاء المهنية والحقوقية، فعندما تتحدث صحف عن وزير اختلس ملايين الدولارات حين كان سفيرا في عاصمة دولة كبري دون ان تملك ادلة او وثائق رسمية تؤكد ذلك، فإن من الطبيعي ان تتحرك آلة الدولة للحفاظ علي مصداقية ليس فقط رجالاتها بل ايضا مصداقية الصحافة نفسها لكن بدل القمع بدون أي حكم الذي كانت تواجه به الدولة سابقا الاخطاء الصحافية بات القضاء هو ميدان هذه الحركة، وان كانت بعض الاوساط الصحافية تشير الي خلل في استقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية التي تحاول التضييق علي الصحف المستقلة من خلال الاعلانات من جهة ومن خلال التلويح برفع الغرامات المالية من جهة ثانية.وحركة القضاء للنظر في قضايا الصحافة كانت خلال الاسابيع الماضية وستكون خلال الاسابيع القادمة حركة مكثفة وخلال شهر كانون الثاني الجاري سيقف اكثر من صحيفة واكثر من صحافي امام قضاة يسألون والصحافيون يجيبون.فبعد تأكيد الحكم علي اسبوعية تل كيل المستقلة الصادرة بالفرنسية ومؤاخذتها لتهم القذف والسب بحق النائبة البرلمانية حليمة العسالي بالحبس الموقوف التنفيذ وغرامة مالية تقارب المئة الف دولار نظر قاضي محكمة الاستئناف بالدار البيضاء امس الثلاثاء بملف اخر ضد تيل كيل يتضمن حكما بإدانتها بتهمة القذف بحق ثريا الجعيدي رئيسة جمعية خيرية قالت تيل كيل في احد اعدادها ان الشرطة استدعت الجعيدي للتحقيق معها في قضية تحويل موارد مالية وقضت المحكمة الابتدائية بالحكم علي مدير الاسبوعية بغرامة مالية تقدر بحوالي مئة الف دولار.وحددت المحكمة الابتدائية بالرباط 23 كانون الثاني/يناير الجاري موعدا لوقوف نور الدين مفتاح مدير اسبوعية الايام ومرية مكريم ابرز محرريها اللذين تتابعهما النيابة العامة بتهمة الاساءة للملك ونشر ما يمكن ان يشكل تهديدا للامن العام علي خلفية نشرها لتحقيق حول الحريم في القصر الملكي المغربي في عهد ثلاثة ملوك هم الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني والملك الحالي محمد السادس، فيما لم يحدد بعد موعد محاكمة ادريس شحتان مدير اسبوعية المشعل لنشره خبرا عن منع اسبوعية وصورا للاميرات دون اذن من القصر الملكي. وتشرع المحكمة الابتدائية بالرباط في الاسبوع الاخير من الشهر الجاري بالنظر في دعوي رفعها مركز دراسات اوروبي ضــد اسبوعية مغربية بتهمة القذف والسب بعد نشر الصحيفة لتقرير يقول ان مركز الدراسات الاوروبي تلقي رشاوي من السلطات المغرية لنشر تقرير حول الصحراء الغربية.ونسبت وكالة الانباء المغريية الي مصدر قضائي أن المحكمة الابتدائية بالرباط ستشرع يوم 26 كانون الثاني/يناير الجاري في النظر في الدعوي القضائية التي رفعها المركز الأوروبي للبحث والتحليل والإستشارات في المجال الاستراتيجي ضد أسبوعية لوجورنال بتهمة السب والقذف علي إثر نشرها لمقال في عددها الصادر بتاريخ 3 كانون الاول/ديسمبر الماضي بخصوص تقرير صدر عن المركز بعنوان جبهة البوليزاريو هل هي شريك ذو مصداقية في المفاوضات أم هي من مخلفات الحرب الباردة وعائق أمام حل سياسي لقضية الصحراء الغربية .وقالت اسبوعية لوجورنال ان هذا التقرير موجه وممول من قبل الرباط، وهو ما اعتبره المركز مسا خطيرا بطرق عمل وأخلاقيات واستقلالية المركز الأوروبي للبحث والتحليل والإستشارات في المجال الاستراتيجي.وقالت الوكالة ان كلود مونيكي رئيس المركز اعرب عن صدمته لـ الهجوم المهين والجارح الصادر عن الاسبوعية المغربية وأوضح أن الصحيفة لم تكلف نفسها في أي وقت عناء الاتصال بنا سواء قبل أو حتي بعد نشرها للمقال، بالرغم من عدة محاولات غير مثمرة لربط الاتصال .وأشار الي أن المركز يعتبر أن هناك فعلا خطأ مهنيا لذلك فنحن متمسكون بالتعويض مسجلا أن التقرير يرتكز علي أسس ومعطيات علمية معززة بشهادات أعضاء ومسؤولين سابقين بـالبوليزاريو ومصادر محايدة ولاسيما وزارة الخارجية الامريكية والذين تحدثوا عن اختلاس أموال وأشغال شاقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية