من الفوضوية السورية الي فقه الممكن
من الفوضوية السورية الي فقه الممكن حاولت خلال السنوات الماضية ادراك اسس التعامل القائم بين السياسة العربية والادارة الامريكية، وما يهمني بهذه المرحلة هو مدي ادراك العرب لآلية القرار السياسي الامريكي. والقدرة علي ادراك هذه الآليات امر يكاد ان يكون مصيريا بالنسبة للعربي، ولا سيما بالنسبة للسوري. فالسوري منذ نكبة بغداد اصبح موضع التهديد الاكبر للسياسة الامريكية الخارجية. واهم ما يلزمه في هذه المرحلة ان يمتلك ادراكا حقيقيا ليتمكن من بناء استراتيجيته علي معرفة قيمة تقارب للصواب وتزيد صموده. ورأينا خلال السنوات القليلة الماضيات معارك تعكس هذا الادراك، فتعددت المعارك الاعلامية الجانبية التي دخلت فيها القيادات السياسية الحاكمة والمعارضة علي السواء، فكم سمعنا من وزير عربي يجيب علي مقال صحافي امريكي، وكم مسؤول يعلن الحرب علي تقرير اخباري، الي ما هنالك من قنابل دخانية لا تتعلق بحقيقة قائمة. وخلال الاسبوع المنصرم تأكدت الصورة المشوهة هذه لكل من تابع ردات الفعل السورية علي قانون المنحة الامريكية لمساعدة الديمقراطية. فقد نقلت لنا وسائل الاعلام العربية ردات فعل الحكومة السورية وبعض شخصيات المعارضة علي مشروع مساعدة الديمقراطية في سورية الذي قدمه مكتب الشرق الادني في وزارة الخارجية الامريكية. وقد توالي الجانبان المزاودة علي مواقف وطنية لا تنتمي للواقع بشيء. فالحكومة السورية اعتبرت ان القرار شيء مضحك واعتبرته تدخلا في الشؤون الداخلية السورية . اما جهات من المعارضة فقد عسكت تصريحاتها وكان هذا المشروع هو دفعة علي الحساب لاسقاط النظام في سورية. فترددت اجابتها بين الرافض له وبين الهامس المؤكد بانه لا يمكن ان يتم اسقاط النظام الا بمساعدة امريكا . وهاتان الرؤيتان، الرسمية والمعارضة، تعكسان قصر نظر سياسي واضح لدي اصحابها مما يؤكد عجزا لدي اصحابها عن ادراك آليات صناعة القرار السياسي في الادارة الامريكية. ولكي نتمكن من ادراك هذا لا بد من تثبيت بعض الامور التي اتت بقرار المشروع مساعدة الديمقراطية في سورية. محي الدين قصاراقتصادي واكاديمي مقيم في شيكاغو[email protected]