مصير الرئاسة اللبنانية في المرحلة المقبلة
علي حسين باكيرمصير الرئاسة اللبنانية في المرحلة المقبلة يدور الجدل الآن في الساحة اللبنانية حول منصب رئاسة الجمهورية وموقعه، خاصّة انّ الرئيس اللبناني اميل لحود يقع تحت ضغوط كبيرة حاليا قد تدفعه الي تقديم استقالته او ارغامه علي ترك المنصب الرئاسي.لقد كان وليد جنبلاط من اوائل الذين هاجموا الرئيس اللبناني بعد عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وقد دفع باتّجاه المطالبة باقالته وقد ترافق ذلك بحملات اعلاميّة وحزبيّة عنيفة علي الرئيس اللبناني معتبرا انّ كل الاشكال الواقع في البلد اليوم كان نتيجة للتمديد غير الشرعي له الذي جري وأدّي الي تمديد ولايته حتي عام 2007 (مع انّه وغيره ممّن يزعمون معارضته كانوا طرفا اساسيا في اعادة التمديد له!!)، لكنّ طلبه هذا آنذاك قد تمّ تأجيل البت فيه. الآن وبعد سيطرة فريق الأكثرية ـ التي افرزتها الانتخابات النيابية الاخيرة ـ علي السلطات في البلاد، تمت اعادة طرح موضوع الرئاسة من جديد.خطط الاطاحة بلحّودتشير جميع المعطيات الحاليّة الي انّ المطالبين باستقالة الرئيس لحّود يحضّرون لعدّة اعمال بعد تظاهرة 14 شباط (فبراير) والتي انذروا فيها الرئيس حتي 14 آذار (مارس) للتنحي عن الحكم، وذلك من أجل دفعه واجباره علي تقديم استقالته رغما عنه وتحت الضغوط، ومن الوسائل التي قد يلجأون اليها:1 ـ القيام بتظاهرات واضرابات واعتصامات ومسيرات سيّارة باتّجاه قصر الرئاسة للمطالبة بالاستقالة ويترافق ذلك بحملات اعلاميّة مرئية ومكتوبة للضغط عليه ومحاصرته بحيث يبقي معزولا الي ان يصبح الخيار الوحيد امامه تقديم استقالته منعا لتفاقم الامور وحفاظا علي الوحدة الوطنيّة.2 ـ في حال فشل العمل الأول، قد تلجأ الاغلبية البرلمانية الي حلول اخري خاصّة أنّها تملك اغلبية برلمانية ملحوظة، حيث من المتوقع ان يتم استغلال هذه الأغلبية باستصدار عريضة برلمانية تطالب باستقالة الرئيس متّهمة ايّاه بالمسؤولية عمّا جري وبأنّه جاء نتيجة تمديد غير شرعي. أو وضع مشروع قانون في مجلس النواب يقضي بتعديل المادة 49 من الدستور واعادتها الي اصلها وهو تستمر ولاية الرئيس اميل لحود، لمرة واحدة استثنائية حتي 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 .إلا ان هذا التعديل الدستوري يستلزم موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب الذين يتألف منهم قانونا، وهذا يعني موافقة 86 نائبا من اصل 128، ولكن مشروع التعديل هذا قد يعاني صعوبات قانونية كبيرة منها انّه يجب ان يطرح من قبل رئاسة الجمهورية بداية وصولا الي البرلمان وهو امر مستبعد.خيارات لحود في المرحلة المقبلةبالنسبة للرئيس اللبناني فهو لن يخرج عن خيارين متاحين امامه فامّا الاستقالة وامّا التحدّي:الخيار الأوّل: وهو خيار تقديم الاستقالة طوعا ودون أي ضغوط. فهذا الخيار يقتضي باعتراف الرئيس اميل لحّود انّ البرلمان معارض لتوجهاته العامة وعقبة كبيرة يصعب التعامل معها خاصّة انّ الحكومة علي شاكلته، وبما أنّ طبيعة النظام الدستوري اللبناني تفرض ان تكون الرئاسات الثلاث (الجمهورية، البرلمان والوزراء) متفاهمة في أي موضوع حتي يتم تمريره دستوريا بسبب توزيع الصلاحيات والمحاصصة، فانّ ذلك سيحول دون تمرير معظم المشاريع نتيجة الخلافات الكبيرة في التوجهات ونظرا للاستحقاقات القادمة والتي قد تتطلب استكمال تطبيق القرار الدولي 1559 وسحب سلاح حزب الله والمنظمات الفلسطينية.الخيار الثاني: وينص علي تحدّي الضغوط التي يتعرّض لها والبقاء في منصبه الي حين انتهاء ولايته في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، وهو ما اكّد عليه الرئيس لحّود في مناسبات عديدة. لكنّ هذا الخيار صعب جدّا ويحتاج الي سند في مواجهة برلمان له حكومة مواليه ومعارضة للرئاسة ممّا سيعيق الأمور ويعقّدها ولكن لا شيء يمنع الرئيس من الاستمرار بمنصبه طالما انّه لا يوجد بند دستوري ينص علي امكانية اقالته طالما انّه لم يخرق الدستور، فإقالة الرئيس يجب ان تستند الي مواد دستوريّة، والدستور لا ينص في اي من مواده علي امكان اقالة رئيس الجمهورية إلا استنادا الي المواد 60 و61. امّا المادة 60 فهي تنص علي ما حرفيته: لا تبعة علي رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته إلا عند خرقه الدستور او في حال الخيانة العظمي. اما التبعة في ما يختص بالجرائم العادية فهي خاضعة للقوانين العامة، ولا يمكن اتهامه بسبب هذه الجرائم او بعلّتي خرق الدستور والخيانة العظمي إلا من قبل مجلس النواب بموجب قرار يصدره بغالبية ثلثي مجموع اعضائه، ويحاكم امام المجلس الاعلي، ويعهد في وظيفة النيابة العامة لدي المجلس الاعلي الي قاض تعينه المحكمة العليا المؤلفة من جميع غرفها .اما المادة 61 من الدستور فتقول في هذا المجال: يكف رئيس الجمهورية عن العمل عندما يتهم وتبقي سدة الرئاسة خالية الي ان تفصل القضية من قبل المجلس الاعلي. وفي حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء .ولكن حتي الآن ليس لدي مجلس النواب، اي اثباتات موثقة تتهم الرئيس اميل لحود بالخيانة العظمي او بخرق الدستور، لذلك لا يمكن اقالته وفقا للمادتين 60 و61، وهذا ما قد يدعو مجلس النواب الي البحث عن مخرج دستوري آخر، او علي الاقل الي اعتماد اجتهادات قانونية تشكل روحية الدستور، لأن المطالبة الجماعية باستقالته قد لا تجبره علي التنحي. وبين هذا وذاك فانّ الوضع العام للبلد مقلق ولا يتحمّل أي خضّات فهل سيمر موضوع الرئاسة دون أي اضطرابات قد تشعل فتيل الفتنة الداخلية؟! هذا ما سيكون سؤال المرحلة المقبلة.ہكاتب من الاردن8