مسلمو الهامش في آسيا الامريكية

حجم الخط
0

مسلمو الهامش في آسيا الامريكية

د. عبدالوهاب الافنديمسلمو الهامش في آسيا الامريكية(1)اصبح في غاية الصعوبة القاء اللوم علي امريكا في المحنة التي يعاني منها العرب والمسلمون في هذه الحقبة بعد ما كشفت عنه زيارة الرئيس الامريكي الاخيرة لمنطقة جنوب آسيا من تواطؤ المسلمين فيما يتعرضون له من اذلال.فقد كشفت تلك الزيارة عن مفارقات مبكية في طريقة التعامل مع فئة تعامل كبشر كاملي الاهلية، واخري تعامل كقطعان من البهائم، او علي افضل الاحوال كتلاميذ مدارس.(2)في افغانستان التي يحكمها رجل تسنده جيوش اجنبية ولا يمتد سلطانه بعيدا عن محيط قصره، تحدث بوش طويلا عن الديمقراطية للشعب الافغاني الغائب، ووجه تحذيرا لايران بانه لن يسمح لها ابدا بامتلاك القدرة او المعرفة النووية. نعم، حتي المعرفة ممنوعة. اما في الهند التي تتمتع بديمقراطية فقد عرض عليها اقصي درجات التعاون النووي مع انها تملك السلاح النووي فعلا لا تخيلا، ولم توقع علي معاهدة منع الانتشار النووي ولا تسمح باي تفتيش لمواقعها النووية.(3)في باكستان التي استقبل بوش فيها بتفجيرات استهدفت قنصلية امريكية، وبمظاهرات واضرابات تحدث بوش عن تحدي مقارعة الارهاب، وبمظاهرات واضرابات.ووصف الحاكم العسكري الاوحد هناك بأنه حليف قوي في هذه المعركة لان الارهابيين حاولوا قتله اربع مرات. ولم يعرض هنا تعاون نووي او دعم للشعب الباكستاني، وانما مزيد من الدعم للدكتاتور.(4)من الواضح لكل ذي عينين ان هذا التمايز في التعامل يعكس الاحترام للهند وحكومتها ومواطنيها، والاحتقار لباكستان وافغانستان وايران ومواطني تلك البلدان. الهند تعتبر أهلا للصداقة والعون، وحكومتها تعتبر مؤتمنة علي التكنولوجيا النووية والوقوف كتفا الي كتف مع الكبار. اما الدول الاسلامية فشعوبها غير ناضجة تحتاج الي التطويع بالسيف والسوط، والمعونات التي تقدم هي لتحقيق هذه الغاية.(5)الامر لا علاقة له بكون حكومات الدول الاسلامية دكتاتورية في الاغلب، لان الصين دكتاتورية ومع ذلك تعامل باحترام. ولا علاقة للامر بفقر الدول الاسلامية، وكون بعضها تتسول المعونات، لان هناك دولا اسلامية تقدم المعونات لامريكا، بل وتمول القواعد العسكرية التي تستخدم لاحتلالها.(6)لماذا اذن يجد المسلمون انفسهم علي هامش الهامش مع آسيا التي يعاد صياغتها امريكيا؟ ولماذا يكون هذا حالهم في كل مكان آخر؟ والاجابة بسيطة غاية البساطة لانهم يستحقون ذلك.(7) يمكن وضع السؤال بصيغة اخري: لماذا في العالم الاسلامي وحده توجد الحكومات التي تعامل شعوبها باحتقار، وتستخدم موارد البلاد لاخضاع سكانها لا لخدمتهم؟ ولماذا تسارع هذه الحكومات بالتطوع لاخضاع سيادة البلاد للاجنبي علي حساب مصالح الشعوب وكرامتها؟ واهم من ذلك، لماذا تخضع الشعوب لهذه الحكومات وتعجز عن ازاحتها وتقديم البديل الافضل لها؟(8)الشعوب التي ترتضي لنفسها الذل والهوان والمعاملة علي انها من دون جنس البشر، تستحق ان يهمشها الآخرون وان يحتقروها. واذا كان شاعرنا القديم يفتخر زورا بأننا قوم لنا الصدر دون العالمين او القبر، فان من المعلوم ان الانسان قد يحمل ليوضع في قبره، ولكن لا احد يحمل شخصا ليضعه في صدر المجالس، وانما المرء يضع نفسه هناك بجهده وانجازه. اما من يجد نفسه في الذيل وراء العالمين فانما يكون لانه فعلا استحق ذلك. ومن المضحك ان يتباكي البعض (مثل تلاميذ المدارس) علي هذه المعاملة غير المنصفة، لان هذا التباكي هو ابلغ دليل علي ان هذه هي فعلا المعاملة الصحيحة!9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية